( قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ (41) غيروه بزيادة ونقص، ونحو ذلك نَنْظُرْ مختبرين لعقلها أَتَهْتَدِي للصواب ويكون عندها ذكاء وفطنة تليق بملكها أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ .
*** ( فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَٰكَذَا عَرْشُكِ ۖ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ ۚ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (42) * فَلَمَّا جَاءَتْ قادمة على سليمان عرض عليها عرشها وكان عهدها به قد خلفته في بلدها، و قِيلَ لها أَهَكَذَا عَرْشُكِ أي: أنه استقر عندنا أن لك عرشا عظيما فهل هو كهذا العرش الذي أحضرناه لك؟
قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وهذا من ذكائها وفطنتها لم تقل " هو "لوجود التغيير فيه والتنكير ولم تنف أنه هو، لأنها عرفته، فأتت بلفظ محتمل للأمرين صادق على الحالين،
* فقال سليمان متعجبا من هدايتها وعقلها وشاكرا لله أن أعطاه أعظم منها وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا ) أي: الهداية والعقل والحزم من قبل هذه الملكة،( وَكُنَّا مُسْلِمِينَ ) وهي الهداية النافعة الأصلية.
* ويحتمل أن هذا من قول ملكة سبأ: " وأوتينا العلم عن ملك سليمان وسلطانه وزيادة اقتداره من قبل هذه الحالة التي رأينا فيها قدرته على إحضار العرش من المسافة البعيدة فأذعنا له وجئنا مسلمين له خاضعين لسلطانه "
*** ( وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ (43) * ( وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ) أي: عن الإسلام، وإلا فلها من الذكاء والفطنة ما به تعرف الحق من الباطل ولكن العقائد الباطلة تذهب بصيرة القلب * ( إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ ) فاستمرت على دينهم، وانفراد الواحد عن أهل الدين والعادة المستمرة بأمر يراه بعقله من ضلالهم وخطئهم من أندر ما يكون فلهذا لا يستغرب بقاؤها على الكفر،
*** ( قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ ۖ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ ۗ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (44) ( قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً ) ثم إن سليمان أراد أن ترى من سلطانه ما يبهر العقول فأمرها أن تدخل الصرح وهي المجلس المرتفع المتسع وكان مجلسا من قوارير تجري تحته الأنهار. وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا للخياضة وهذا أيضا من عقلها وأدبها، فإنها لم تمتنع من الدخول وأن ملك سليمان قد بناه على الحكمة
فلما استعدت للخوض قيل لها: إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ أي: مملس مِنْ قَوَارِيرَ فلا حاجة منك لكشف الساقين. فحينئذ لما وصلت إلى سليمان وشاهدت ما شاهدت وعلمت نبوته ورسالته تابت ورجعت عن كفرها و قَالَتْ ( رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )
*** نكمل بعون الله
في سورة النمل ::
هناك واجبات مشتركة على النساء وعلى الرجال مثل :
* القران هدى وبشرى للمؤمنين
* إن الذين لا يؤمنون بالأخرة زينا لهم أعمالهم فهم يعمهون
* إنى لا يخاف لدى المرسلون
*إلا من ظلم ثم بدل حسناً بعد سوء فإنى غفور رحيم
*رب أوزعنى أن اشكر نعمتك التى انعمت على وعلى والدى وأن أعمل صالحاً ترضه وأدخلنى برحمتك فى عبادك الصالحين
*وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون
*الله يعلم ما تخفون وما تعلنون
*هذا من فضل ربى ليبلونى أأشكر أم أكفر ومن يشكر فأنما يشكر لنفسه .ومن كفر فإن ربى غنى كريم
* قال ياقوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون
*ومكروا مكراً ومكرنا مكراًوهم لا يشعرون
*أمن يجيب المضطرإذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أءله مع الله قليلاًما تذكرون
*ولا تحزن عليهم ولا يكن فى ضيق مما يمكرون
*وإن ربك لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون
*وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون .وما من غائبة فى السماء والأرض إلا فى كتاب مبين
* القران هدى ورحمة للمؤمنين
*إن ربك يقضى بينهم بحكمه وهو العزيز العليم ..فتوكل على الله إنك على الحق المبين
*صنع الله الذى أتقن كل شىء إنه خبير بما تفعلون
*من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ امنون
* ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم فى النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون
الله كل شىء وأمرت أن أكون من المسلمين
*وأن أتلوا القران فمن اهتدى فإنما يهتدى لنفسه
* وقل الحمد لله سيريكم اياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون
*ذكروا أن فرعون لما أكثر من قتل ذكور بني إسرائيل ، خافت القبط أن يفني بني إسرائيل فيلون هم من الأعمال الشاقة .
* فقالوا لفرعون : فأمر بقتل الولدان عاما وتركهم عاما ، فولد هارون ، عليه السلام ، في السنة التي يتركون فيها الولدان ، وولد موسى ، عليه السلام ، في السنة التي يقتلون فيها الولدان ، وكان لفرعون أناس موكلون بذلك ، وقوابل يدرن على النساء ، فمن رأينها قد حملت أحصوا اسمها ، فإذا كان وقت ولادتها لا يقبلها إلا نساء القبط ،
فإذا ولدت المرأة جارية تركنها وذهبن ، وإن ولدت غلاما دخل أولئك الذباحون ، بأيديهم الشفار المرهفة ، فقتلوه .
* فلما حملت أم موسى به ، عليه السلام ، لم يظهر عليها مخايل الحمل كغيرها ، ولم تفطن لها الدايات ، ولكن لما وضعته ذكرا ضاقت به ذرعا ، وخافت عليه خوفا شديدا وأحبته ،( وألقيت عليك محبة مني ) [ طه : 39 ] .
* فلما ضاقت ذرعا به ألهمت في سرها ، ( وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين ) فاتخذت تابوتا ، ومهدت فيه مهدا ، وجعلت ترضع ولدها ، فإذا دخل عليها أحد ممن تخاف جعلته في ذلك التابوت ، وسيرته في البحر ، وربطته بحبل عندها . فلما كان ذات يوم دخل عليها من تخافه ، فذهبت فوضعته في ذلك التابوت ، وأرسلته في البحر وذهلت عن أن تربطه ، فذهب مع الماء واحتمله ، حتى مر به على دار فرعون ،
فالتقطه الجواري فاحتملنه ، فذهبن به إلى امرأة فرعون ، ولا يدرين ما فيه ،إذا هو غلام من أحسن الخلق ، فأوقع الله محبته في قلبها حين نظرت إليه ، وذلك لسعادتها وما أراد الله من كرامتها وشقاوة بعلها ( فالتقطه آل فرعون ) والالتقاط هو وجود الشيء من غير طلب ، ( ليكون لهم عدوا وحزنا ) لأنهم لم يلتقطوه ليكون لهم عدوا وحزنا ولكن صار عاقبة أمرهم إلى ذلك .
قرأ حمزة والكسائي : " حزنا " بضم الحاء وسكون الزاي ، وقرأ الآخرون بفتح الحاء والزاي ، وهما لغتان ، ( إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين ) عاصين .
فلما التقطه آل فرعون، حنَّن اللّه عليه امرأة فرعون المؤمنة " آسية " بنت مزاحم " وَقَالَتِ " هذا الولد قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ أي: أبقه لنا، لِتقرَّ به أعيننا، ( عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ) أي: إما أن يكون بمنزلة الخدم، الذين يسعون في نفعنا وخدمتنا، أو نرقيه منزلة أعلى من ذلك، نجعله ولدا لنا، ونكرمه، ونجله.
فقدَّر اللّه تعالى، أنه نفع امرأة فرعون، فلم يزل لها بمنزلة الولد الشفيق حتى كبر ونبأه اللّه وأرسله، فبادرت إلى الإسلام والإيمان به، رضي اللّه عنها وأرضاها. ***
( وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغًا ۖ إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (10) * يقول تعالى مخبرا عن فؤاد أم موسى ، حين ذهب ولدها في البحر ، إنه أصبح فارغا ، أي : من كل شيء من أمور الدنيا إلا من موسى . * ( إن كادت لتبدي به ) أي : إن كادت من شدة وجدها وحزنها وأسفها لتظهر أنه ذهب لها ولد ، وتخبر بحالها ، لولا أن الله ثبتها وصبرها ، ( لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين)
*** ( وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ ۖ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (11) * أمرت ابنتها - فقالت لها : ( قصيه ) أي : اتبعي أثره ، وخذي خبره ، من نواحي البلد . * ( فبصرت به عن جنب ) : عن بعيد .
جعلت تنظر إليه وكأنها لا تريده .ولم يشعروا بها
* لما استقر موسى ، عليه السلام ، بدار فرعون ، عرضوا عليه المراضع التي في دارهم ، فلم يقبل منها ثديا ،
*** ( وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ (12) * ( وحرمنا عليه المراضع من قبل ) أي : تحريما قدريا ، وذلك لكرامة الله له صانه عن أن يرتضع غير ثدي أمه ; ولأن الله - سبحانه - جعل ذلك سببا إلى رجوعه إلى أمه ، لترضعه وهي آمنة ،
* فلما رأتهم [ أخته ] حائرين فيمن يرضعه قالت : ( هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه ) لكم وهم له ناصحون .
ذهبوا معها إلى منزلهم ، فدخلوا به على أمه ، فأعطته ثديها فالتقمه ، وذهب البشير إلى امرأة الملك ، فاستدعت أم موسى ، وأحسنت إليها ،
ثم سألتها آسية أن تقيم عندها فترضعه ، فأبت عليها وقالت : إن لي بعلا وأولادا ، ولا أقدر على المقام عندك . ولكن إن أحببت أن أرضعه في بيتي فعلت . فأجابتها امرأة فرعون إلى ذلك ،
فرجعت أم موسى بولدها راضية مرضية ، قد أبدلها الله من بعد خوفها أمنا ،
* ولهذا جاء في الحديث : " مثل الذي يعمل ويحتسب في صنعته الخير ، كمثل أم موسى ترضع ولدها وتأخذ أجرها " ولم يكن بين الشدة والفرج إلا القليل : يوم وليلة ، فسبحان من بيديه الأمر! ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ،
*** ( فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (13) ( فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ) أي : به ، ( ولا تحزن ) أي : عليه : ( ولتعلم أن وعد الله حق ) أي : فيما وعدها من رده إليها ،
* ( ولكن أكثرهم لا يعلمون ) أي : حكم الله في أفعاله وعواقبها المحمودة ، فربما يقع الأمر كريها إلى النفوس ، وعاقبته محمودة في نفس الأمر ، كما قال تعالى : ( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ) [ البقرة : 216 ] وقال تعالى : ( فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا ) [ النساء : 19 ] .
( وَلَمَّا وَرَدَ مَاۤءَ مَدۡیَنَ وَجَدَ عَلَیۡهِ أُمَّةࣰ مِّنَ ٱلنَّاسِ یَسۡقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ٱمۡرَأَتَیۡنِ تَذُودَانِۖ قَالَ مَا خَطۡبُكُمَاۖ قَالَتَا لَا نَسۡقِی حَتَّىٰ یُصۡدِرَ ٱلرِّعَاۤءُۖ وَأَبُونَا شَیۡخࣱ كَبِیرࣱ ﴿٢٣﴾ * {ولمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وجدَ عليه أمَّةً من الناس يسقونَ}:كانوا أهل ماشيةٍ كثيرةٍ، {ووجد من دونهم}؛ أي: دون تلك الأمة {امرأتينِ تذودانِ}: غَنَمَهما عن حياض الناس؛
* لعجْزِهما عن مزاحمة الرجال، وبخلِهِم وعدم مروءتهم عن السقي لهما، * {قال}: لهما موسى: {ما خَطْبُكُما}؛ أي: ما شأنُكما بهذه الحالة؟{قالتا لا نسقي حتى يُصْدِرَ الرِّعاءُ}؛ أي: قد جرتِ العادةُ أنَّه لا يحصُلُ لنا سقي حتى يُصْدِرَ الرعاءُ مواشِيَهم؛ فإذا خلا لنا الجوُّ؛ سقينا، * {وأبونا شيخٌ كبيرٌ}؛ أي: لا قوَّة له على السقي، فليس فينا قوَّةٌ نقتدِرُ بها، ولا لنا رجالٌ يزاحِمون الرعاء.
* فرقَّ لهما موسى عليه السلام ورحِمَهما،{فسقى لهما}: غير طالبٍ منهما الأجرَ، ولا له قصدٌ غيرَ وجه الله تعالى، فلما سقى لهما، * وكان ذلك وقت شدة حرِّ وسط النهار؛ بدليل قوله: {ثمَّ تولَّى إلى الظِّلِّ}؛ مستريحاً لتلك الظلال بعد التعب،* {فقال} في تلك الحالة مسترزقاً ربَّه: {ربِّ إنِّي لما أنزلتَ إليَّ من خيرٍ فقيرٌ}؛ أي: إنِّي مفتقرٌ للخير الذي تسوقُهُ إليَّ وتيسِّرُه لي، وهذا سؤالٌ منه بحالِهِ، (( والسؤال بالحال أبلغُ من السؤال بلسان المقال ))
*** ( فَجَاۤءَتۡهُ إِحۡدَىٰهُمَا تَمۡشِی عَلَى ٱسۡتِحۡیَاۤءࣲ قَالَتۡ إِنَّ أَبِی یَدۡعُوكَ لِیَجۡزِیَكَ أَجۡرَ مَا سَقَیۡتَ لَنَاۚ فَلَمَّا جَاۤءَهُۥ وَقَصَّ عَلَیۡهِ ٱلۡقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفۡۖ نَجَوۡتَ مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِینَ ﴿٢٥﴾ * المرأتان؛ فذهبتا إلى أبيهما وأخبرتاه بما جرى، فأرسل أبوهما إحداهما إلى موسى،
* فجاءته {تمشي على استحياءٍ}، وهذا يدلُّ على خُلُقها الحسن؛
* ويدلُّ على أنَّ موسى عليه السلام لم يكنْ فيما فعله من السقي لهما بمنزلة الأجير والخادم الذي لا يستحى منه عادة،*
وإنَّما رأتْ من حسنِ خُلُقِهِ ما أوجبَ لها الحياء منه، * {قالتْ}: له: {إنَّ أبي يدعوكَ لِيَجْزِيَكَ أجرَ ما سَقَيْتَ لنا}؛ أي: لا لمنٍّ عليك، بل أنت الذي ابتدأتنا بالإحسان، وأن يكافِئَك على إحسانِك، * {فلمَّا جاءه وقصَّ عليه القَصَصَ}: من ابتداء السبب الموجب لهربِهِ إلى أن وَصَلَ إليه، * {قال}: له مسكِّناً رَوْعَهُ جابراً قَلْبَهُ: {لا تَخَفْ نجوتَ من القوم الظالمينَ}؛ أي: ليذهبْ خوفُك فإنَّ الله نجَّاك منهم حيث وصلتَ إلى هذا المحلِّ الذي ليس لهم عليه سلطانٌ.
*** ( قَالَتۡ إِحۡدَىٰهُمَا یَـٰۤأَبَتِ ٱسۡتَـٔۡجِرۡهُۖ إِنَّ خَیۡرَ مَنِ ٱسۡتَـٔۡجَرۡتَ ٱلۡقَوِیُّ ٱلۡأَمِینُ ﴿٢٦﴾ * {قالتْ إحداهُما}؛ أي: إحدى ابنتيهِ: {يا أبتِ اسْتَأجِرْه}؛ أي: اجْعَلْه أجيراً عندك يرعى الغنم ويسقيها، * {إنَّ خير مَنِ استأجرتَ القويُّ الأمينُ}؛ أي: إنَّ موسى أولى مَنِ استُؤْجِرَ؛ فإنَّه جمع القوَّة والأمانة، فإنَّ الخلل لا يكون إلا بفقدِهِما أو فقد إحداهما، فإنَّ العمل يتمُّ ويكمُلُ بهما .
*** ( قَالَ إِنِّیۤ أُرِیدُ أَنۡ أُنكِحَكَ إِحۡدَى ٱبۡنَتَیَّ هَـٰتَیۡنِ عَلَىٰۤ أَن تَأۡجُرَنِی ثَمَـٰنِیَ حِجَجࣲۖ فَإِنۡ أَتۡمَمۡتَ عَشۡرࣰا فَمِنۡ عِندِكَۖ وَمَاۤ أُرِیدُ أَنۡ أَشُقَّ عَلَیۡكَۚ سَتَجِدُنِیۤ إِن شَاۤءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِینَ ﴿٢٧﴾
* ـ {قَالَ} صاحبُ مَدْيَنَ لموسى: {إنِّي أريدُ أن أُنكِحَكَ إحدى ابنتيَّ هاتينِ على أن تَأجُرَني}؛ أي: تصير أجيراً عندي * {ثماني حِجَجٍ}؛ أي: ثماني سنين، {فإنْ أتممتَ عشراً فمن عندِكَ}: تبرُّع منك لا شيء واجبٌ عليك. {وما أريدُ أن أشُقَّ عليك}: ما أريد أن أستأجِرَك لأكلِّفَكَ أعمالاً شاقَّة، وإنَّما استأجرتُك لعمل سهل يسيرٍ لا مشقَّةَ فيه. * {ستَجِدُني إن شاء الله من الصالحينَ}: فرغَّبه في سهولة العمل وفي حسن المعاملة، وهذا يدلُّ على أن الرجل الصالح ينبغي له أن يُحَسِّنَ خُلُقَهُ مهما أمكنه،
*** ( قَالَ ذَ ٰلِكَ بَیۡنِی وَبَیۡنَكَۖ أَیَّمَا ٱلۡأَجَلَیۡنِ قَضَیۡتُ فَلَا عُدۡوَ ٰنَ عَلَیَّۖ وَٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِیلࣱ ﴿٢٨﴾ * ـ {قَالَ} موسى عليه السلام مجيباً له فيما طلب منه: {ذلك بيني وبينَكَ}؛ أي: هذا الشرط الذي أنت ذكرتَ رضيتُ به، وقد تمَّ فيما بيني وبينك، {أيَّما الأجلينِ قضيتُ فلا عُدوانَ عليَّ}: سواء قضيتُ الثمان الواجبة أم تبرَّعْتُ بالزائد عليها، * {والله على ما نَقولُ وكيلٌ}: حافظٌ يراقِبُنا ويعلم ما تعاقدنا عليه. **( وهذا الرجلُ أبو المرأتينِ صاحبُ مدينَ ليس بشعيب النبيِّ المعروف كما اشْتُهِرَ عند كثيرٍ من الناس؛ فإنَّ هذا قولٌ لم يدلَّ عليه دليلٌ ، وقد أعاذ الله المؤمنينَ به أن يرضَوْا لبنتي نبيِّهم بمنعهما عن الماء وصدِّ ماشيتهما حتى يأتِيَهُما رجلٌ غريبٌ فيحسِنُ إليهما ويسقي ماشيتهما، وما كان شعيبٌ ليرضى أن يرعى موسى عنده ويكون خادماً له وهو أفضلُ منه وأعلى درجةً؛ )
*** ( فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلۡأَجَلَ وَسَارَ بِأَهۡلِهِۦۤ ءَانَسَ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ نَارࣰاۖ قَالَ لِأَهۡلِهِ ٱمۡكُثُوۤاْ إِنِّیۤ ءَانَسۡتُ نَارࣰا لَّعَلِّیۤ ءَاتِیكُم مِّنۡهَا بِخَبَرٍ أَوۡ جَذۡوَةࣲ مِّنَ ٱلنَّارِ لَعَلَّكُمۡ تَصۡطَلُونَ ﴿٢٩﴾ * {فلما قضى موسى الأجلَ}: يُحتمل أنَّه قضى الأجل الواجب أو الزائد عليه كما هو الظنُّ بموسى ووفائِهِ؛
اشتاق إلى الوصول إلى أهله ووالدتِهِ وعشيرتِهِ ووطنِهِ، وظنَّ من طول المدَّة أنَّهم قد تناسَوْا ما صدر منه.
* {سار بأهلِهِ}: قاصداً مصر، {آنس}؛ أي: أبصر،{من جانب الطُّورِ ناراً}، فَـ {قَالَ لأهلِهِ امْكُثوا إنِّي آنستُ ناراً لعلِّي آتيكُم منها بخبرٍ} أو آتيكم بشهاب قبس،{لعلَّكم تَصْطَلونَ}: وكان قد أصابهم البردُ، وتاهوا الطريق.
في سورة القصص ::
هناك واجبات مشتركة على النساء وعلى الرجال مثل :
*ونريد أن نمن على الذين استضعفوا فى الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين
*ندعو الله الرابط على قلوبنا عند المصيبة
*ولنعلم أن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون ...أتينه حكماً وعلماً وكذلك نجزى المحسنين
* الشيطان عدو مضل مبين
* قال رب إنى ظلمت نفسى فاغفر لى فغفر له إنه هو الغفور الرحيم
*قال رب بما أنعمت على فلن أكون ظهيراً للمجرمين ...رب إنى لما أنزلت إلى من خير فقير
*الأفضل نستأجر للعمل لدينا القوي الأمين
*ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدى القوم الظالمين
*بعض من اهل الكتاب أمن بالقران وكانوا مؤمنين بكتابهم .أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا .ويدرؤن بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون
*وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغى الجاهلين
*إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء وهو أعلم بالمهتدين
*وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلاً
* وما كنا مهلكى القرى إلا وأهلها ظالمون
*وما أوتيتم من شىء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خيروأبقى أفلا تعقلون
*فأما من تاب وأمن وعمل صالحاً فعسى أن يكون من المفلحين
*وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة ...وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون
**نتابع **
*وهو الله لا إله إلا هو له الحمد فى الأولى والأخرة وله الحكم وإليه ترجعون
*لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين
* وابتغ فيما أتاك الله الدارالأخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا .وأحسن كما أحسن الله اليك .ولا تبغ الفساد فى الأرض إن الله لا يحب المفسدين
*أولم تعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعاً.ولا يسئل عن ذنوبهم المجرمون
*وقال الذين أوتو العلم ويلكم ثواب الله خير لمن أمن وعمل صالحاً ولا يلقاها إلا الصابرون
*الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر
* تلك الدار الأخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً فى الارض ولا فساد والعاقبة للمتقين
*من جاء بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات إلا ما كانوا يعملون
*قل ربى أعلم من جاء بالهدى ومن هو فى ضلال مبين
*لا إله إلا هو كل شىء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون
سورة العنكبوت :: ( وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا ۖ وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۚ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (8) * وأمرنا الإنسان، ووصيناه بوالديه حسنا، أي: ببرهما والإحسان إليهما، بالقول والعمل، وأن يحافظ على ذلك، ولا يعقهما ويسيء إليهما في قوله وعمله. * { وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } وليس لأحد علم بصحة الشرك باللّه، وهذا تعظيم لأمر الشرك، * { فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } فأجازيكم بأعمالكم، فبروا والديكم وقدموا طاعتهما، إلا على طاعة اللّه ورسوله، فإنها مقدمة على كل شيء.
*** في سورة العنكبوت ::
هناك واجبات مشتركة على النساء وعلى الرجال مثل : *أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا أمنا وهم لا يفتون
*ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين
*أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون
*من كان يرجوا لقاء الله فإن أجل الله لات وهو السميع العليم
*ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغنى عن العالمين
* والذين أمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذى كانوا يعملون
*والذين أمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم فى الصالحين
*أوليس الله بأعلم بما فى صدور العالمين
*اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون
*فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون
*إن الله على كل شىء قدير ..يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون
*نجى الله ابراهيم من النار إن فى ذلك لأيات لقوم يؤمنون
*إنى مهاجر إلى ربى إنه هو العزيز الحكيم
*مثل الذين إتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتاًوإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون
*وتلك الامثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون
*إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر .ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون
*لا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتىهى أحسن
*القران ايأت بينات فى صدور الذين اوتوا العلم وما يجحد بأياتنا إلا الظالمون
*ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغته وهم لا يشعرون
*يا عبادى الذين امنوا إن أرضى واسعة فإياى فاعبدون
*كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون
*الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون
* وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم
*الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له إن الله بكل شىء عليم
*وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الأخرة لهى الحيوان لو كانوا يعلمون
*أفبا لبطال يؤمنون وبنعمة الله يكفرون
*ومن أظلم ممن افترى على الله كذاباً كذب بالحق لما جاءه
*والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين
سورة الروم :: ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) * خلقه لأبيكم آدم من نفسه زوجة ليسكن إليها، وذلك أنه خلق حوّاء من ضلع من أضلاع آدم.
* (وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً) يقول: جعل بينكم بالمصاهرة مودة تتوادّون بها، وتتواصلون من أجلها، * (وَرَحْمَةً) رحمكم بها، فعطف بعضكم بذلك على بعض * (إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) يقول تعالى ذكره: إن في فعله ذلك لعبرا وعظات لقوم يتذكرون في حجج الله وأدلته، فيعلمون أنه الإله الذي لا يُعجزه شيء أراده، ولا يتعذّر عليه فعل شيء شاءه.
*** في سورة الروم ::
هناك واجبات مشتركة على النساء وعلى الرجال مثل :
*لله الأمر من قبل ومن بعد.. ينصرمن يشاء وهو العزيز الرحيم
*وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون
* يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الأخرة هم غافلون
* أولم يتفكروا فى أنفسهم
* وإن كثيراً من الناس بلقاىء ربهم لكافرون
* فلينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلكم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها اكثر مما عمروها
*فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون ..وله الحمد فى السموات والأرض وعشياً وحين تظهرون
*ومن أياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن فى ذلك لأيات لقوم يتفكرون
*ومن ايات الله إختلاف السنتكم وألوانكم إن فى ذلك لأيات للعالمين
*كذلك نفصل الأيات لقوم يعقلون
**نتابع **
*بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم ..فمن يهدى من أضل الله ...وما لهم من ناصرين
*فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرت الله التى فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم .ولكن أكثر الناس لا يعلمون
*وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون
* أولم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر فأت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون
* الربا لا يربوا عند الله ..وما أتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون
*ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدى الناس ليذيقهم بعض الذى عملوا لعلهم يرجعون
* فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن يأتى يوم لا مرد له من الله
* من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحاً فلأنفسهم يمهدون ... انه لا يحب الكافرين
* ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون
* الله الذى خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيبة
*فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون
* كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون( الكفار )
*فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون
سورة لقمان :: ( وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) * ( ووصينا الإنسان بوالديه )
أن طاعة الأبوين في المباحات ،ويستح .
لما خص تعالى الأم بدرجة ذكر الحمل وبدرجة ذكر الرضاع حصل لها بذلك ثلاث مراتب ، وللأب واحدة ; وأشبه ذلك قوله صلى الله عليه وسلم حين قال له رجل : من أبر ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أبوك فجعل له الربع * ( وهنا على وهن ) أي حملته في بطنها وهي تزداد كل يوم ضعفا على ضعف . وقيل : المرأة ضعيفة الخلقة ثم يضعفها الحمل . * ( وفصله ) أي وفصاله في انقضاء عامين ;
الناس مجمعون على العامين في مدة الرضاع . وقالت فرقة : إن فطم الصبي قبل العامين وترك اللبن فإن ما شرب بعد ذلك في الحولين لا يحرم ; * ( أن اشكر لي ولوالديك . قيل : الشكر لله على نعمة الإيمان ، وللوالدين على نعمة التربية . وقال سفيان بن عيينة : من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله تعالى ، ومن دعا لوالديه في أدبار الصلوات فقد شكرهما )
***
( وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (15) ** سبب النزول في شأن سعد بن أبي وقاص لما أسلم ، وأن أمه وهي حمنة بنت أبي سفيان بن أمية حلفت ألا تأكل
والآية دليل على
* صلة الأبوين الكافرين بما أمكن من المال إن كانا فقيرين ، * وإلانة القول والدعاء إلى الإسلام برفق .
** قالت أسماء بنت أبي بكر الصديق للنبي عليه الصلاة والسلام وقد قدمت عليها خالتها . وقيل أمها من الرضاعة فقالت : يا رسول الله ، إن أمي قدمت علي وهي راغبة أفأصلها ؟ وما كانت لتقدم على أسماء لولا حاجتها . * ( واتبع سبيل من أناب إلي ) وصية لجميع العالم ; و ( أناب ) معناه مال ورجع إلى الشيء . وقال : إن أبا بكر لما أسلم أتاه سعد وعبد الرحمن بن عوف وعثمان وطلحة وسعيد والزبير فقالوا : آمنت ؟ ! قال : نعم ; فنزلت فيه : ( أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه ) فلما سمعها الستة آمنوا ; فأنزل الله تعالى فيهم : ( والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى إلى قوله أولئك الذين هداهم الله ) *** نكمل بعون الله
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا ۚ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ [ سورة لقمان: 33]
* يأمر تعالى الناس بتقواه، التي هي امتثال أوامره، وترك زواجره،
* ويستلفتهم لخشية يوم القيامة، الذي فيه كل أحد لا يهمه إلا نفسه ف لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا لا يزيد في حسناته ولا ينقص من سيئاته،
* ( إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ) بزينتها وزخارفها وما فيها من الفتن والمحن. * ( وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ) الذي هو الشيطان، الذي ما زال يخدع الإنسان ولا يغفل عنه في جميع الأوقات،
فنهى تعالى عباده، أن تغرهم الدنيا، أو يغرهم باللّه الغرور( يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا )
*** ﴿ إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [ سورة لقمان: 34] ( إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ )( يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً )
( وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ ) أي: هو المنفرد بإنزاله، وعلم وقت نزوله. ( وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ) فهو الذي أنشأ ما فيها، وعلم ما هو، هل هو ذكر أم أنثى، ولهذا يسأل الملك الموكل بالأرحام ربه: هل هو ذكر أم أنثى؟ فيقضي اللّه ما يشاء. ( وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا ) من كسب دينها ودنياها، ( وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ) بل اللّه تعالى، هو المختص بعلم ذلك جميعه.
ولما خصص هذه الأشياء، عمم علمه بجميع الأشياء فقال: ( إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) محيط بالظواهر والبواطن، والخفايا والخبايا، والسرائر، ومن حكمته التامة، أن أخفى علم هذه الخمسة عن العباد، لأن في ذلك من المصالح ما لا يخفى على من تدبر ذلك.
في سورة لقمان :: هناك واجبات مشتركة على النساء وعلى الرجال مثل : *تلك ايات الكتاب الحكيم هدى ورحمة للمحسنين ..الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالأخرة هم يوقنون .اولئك على هدى من ربهم وهم المفلحون
* ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم .ويتخذها هزواً أولئك لهم عذاب مهين
* وإذا تتلى عليه أياتنا ولى مستكبراً كأن لم يسمعها
* أن اشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غنى حميد
* إن الشرك لظلم عظيم
* حملته أمه وهناً على وهن وفصاله فى عامين أن أشكر لى ولوالديك إلى المصير ..وإن جاهدك على أن تشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما .وصاحبهما فى الدنيا معروفاً...إن الله لطيف خبير ** نتابع ** *أصبر على ما أصابك ..ولا تصعر خدك للناس ..ولا تمشى فى الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختال فخور
* واقصد فى مشيك واغضض من صوتك .إن أنكر الأصوات لصوت الحمير
*ألم تروا أن الله سخر لكم مافى السموات وما فى الأرض .واسبغ عليكم نعمة ظاهرة وباطنة
* ومن الناس من يجادل فى الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير
*ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعدوة الوثقى وإلى الله عاقبة الأمور
* إن الله عليم بذات الصدور ..إن الله هو الغنى الحميد
* نمتعهم قليلاً ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ
* ما نفدت كلمات الله ..ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلى الكبير
* إن ذلك لأيات لكل صبار شكور ..وما يجحد بأياتنا إلا كل ختار كفور
* يايها الناس اتقو ربكم واخشوا يوماً لا يجزى والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئاً.إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا .ولا يغرنكم بالله الغرور
* وما تدرى نفس ماذا تكسب غداً وما تدرى نفس بأى أرض تموت .إن الله عليم خبير تم بحمد الله سورة لقمان
*** نكمل بعون الله
( ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ ۚ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ۚ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (5) ** فيه مسائل** الأولى :( ادعوهم لآبائهم ) نزلت في زيد بن حارثة ، . وفي قول ابن عمر : ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد ،
دليل على أن التبني كان معمولا به في الجاهلية والإسلام ، يتوارث به ويتناصر ، إلى أن نسخ الله ذلك بقوله . ( ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله أي أعدل )
* إلى أن الأولى والأعدل أن ينسب الرجل إلى أبيه نسبا ; وقال النحاس : هو من نسخ السنة بالقرآن ;
* فإن لم يكن له أب معروف نسبوه إلى ولائه ،* فإن لم يكن له ولاء معروف قال له يا أخي ; يعني في الدين ،
الثانية :* لو نسبه إنسان إلى أبيه من التبني فإن كان على جهة الخطأ ، غير قصد فلا إثم ولا مؤاخذة ; لقوله تعالى ( وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم )
* وكذلك لو دعوت رجلا إلى غير أبيه وأنت ترى أنه أبوه فليس عليك بأس ; * كالحال في المقداد بن عمرو فإنه كان غلب عليه نسب التبني ، فلا يكاد يعرف إلا بالمقداد بن الأسود ; فإن الأسود بن عبد يغوث كان قد تبناه في الجاهلية وعرف به .
* وكذلك سالم مولى أبي حذيفة ، كان يدعى لأبي حذيفة .
** بخلاف الحال في زيد بن حارثة ; فإنه لا يجوز أن يقال فيه زيد بن محمد ، فإن قاله أحد متعمدا عصى لقوله تعالى : ولكن ما تعمدت قلوبكم أي فعليكم الجناح . والله أعلم . ولذلك قال بعده : وكان الله غفورا رحيما أي غفورا للعمد ورحيما برفع إثم الخطأ .
الثالثة : ( وليس عليكم جناح فيما أخطأتم ) أي وليس عليكم جناح في شيء أخطأتم ، * إذا حلف رجل ألا يفارق غريمه حتى يستوفي منه حقه لا شيء عليه . وكذلك * إذا حلف ألا يسلم على فلان فسلم عليه وهو لا يعرفه أنه لا يحنث ; لأنه لم يتعمد ذلك .
الرابعة : الأدعياء وهو الذي يدعى ابنا لغير أبيه ، أو يدعي غير أبيه . فأمر تعالى بدعاء الأدعياء إلى آبائهم للصلب ، فمن جهل ذلك فيه ولم تشتهر أنسابهم كان مولى وأخا في الدين .
الخامسة : روي في الصحيح عن سعد بن أبي وقاص وأبي بكرة كلاهما قال سمعته محمدا صلى الله عليه وسلم يقول : من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام . وفي حديث أبي ذر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر .
*** ( النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ۗ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَىٰ أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفًا ۚ كَانَ ذَٰلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (6) * { النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } فالرسول أولى به من نفسه، لأنه عليه الصلاة والسلام، بذل لهم من النصح، والشفقة، والرأفة، ما كان به أرحم الخلق،
فلذلك، وجب عليهم إذا تعارض مراد النفس، مع مراد الرسول، أن يقدم مراد الرسول، وأن يفدوه بأنفسهم وأموالهم وأولادهم، ويقدموا محبته على الخلق كلهم،
* وهو صلى اللّه عليه وسلم، أب للمؤمنين،
فترتب على هذه الأبوة، أن كان نساؤه أمهاتهم، أي: في الحرمة والاحترام، أن المؤمنين كلهم، أولاد للرسول، فلا مزية لأحد عن أحد
وترتب على أن زوجات الرسول أمهات المؤمنين، أنهن لا يحللن لأحد من بعده، كما الله صرح بذلك: "وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا"
* { وَأُولُو الْأَرْحَامِ } أي: الأقارب، قربوا أو بعدوا { بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ } [أي]: في حكمه، فيرث بعضهم بعضًا، ويبر بعضهم بعضًا، فهم أولى النصرة. * { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ } أي: سواء كان الأقارب مؤمنين مهاجرين وغير مهاجرين، فإن ذوي الأرحام مقدمون في ذلك، * { إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا } أي: ليس لهم حق مفروض، وإنما هو بإرادتكم، إن شئتم أن تتبرعوا لهم تبرعًا، وتعطوهم معروفًا منكم، { كَانَ } { فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا } أي: قد سطر، وكتب، وقدره اللّه، فلا بد من نفوذه.
( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) * لما اجتمع نساء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في الغيرة، وطلبن منه النفقة والكسوة، طلبن منه أمرًا لا يقدر عليه في كل وقت، حتى وصلت به الحال إلى أنه آلى منهن شهرًا.
* فأراد اللّه أن يسهل الأمر على رسوله، وأن يرفع درجة زوجاته، ويُذْهِبَ عنهن كل أمر ينقص أجرهن،
* فأمر رسوله أن يخيرهن فقال: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا } أي: صرتن ترضين لوجودها، وتغضبن لفقدها، فليس لي فيكن حاجة، وأنتن بهذه الحال. * { فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ } شيئا مما عندي، من الدنيا * { وَأُسَرِّحْكُنَّ } أي: أفارقكن { سَرَاحًا جَمِيلًا } من دون مغاضبة ولا مشاتمة، بل بسعة صدر، قبل أن تبلغ الحال إلى ما لا ينبغي.
*** ( وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29) * { وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ } أي: هذه الأشياء مرادكن، َّ اللّه ورسوله والجنة، لم تبالين بسعة الدنيا وضيقها، وقنعتن من رسول اللّه بما تيسر، ولم تطلبن منه ما يشق عليه، { فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا } وصفهن بالإحسان، لا لكونهن زوجات للرسول فخيَّرهن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في ذلك، فاخترن اللّه ورسوله، والدار الآخرة، كلهن،
وفي هذا التخيير فوائد عديدة:
* الاعتناء برسوله، أن يكون بحالة يشق عليه كثرة مطالب زوجاته الدنيوية.
* سلامته صلى اللّه عليه وسلم، بهذا التخيير من تبعة حقوق الزوجات، وأنه يبقى في حرية نفسه، إن شاء أعطى، وإن شاء منع { مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ }
* سلامة زوجاته، رضي اللّه عنهن، عن الإثم، والتعرض لسخط اللّه ورسوله.
* إظهار رفعتهن، وعلو درجتهن، وبيان علو هممهن،
* استعدادهن بهذا الاختيار، وأن يَكُنَّ زوجاته في الدنيا والآخرة.
* ظهور إنه أكمل الخلق، وأراد اللّه أن تكون نساؤه كاملات طيبات { وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ }
* أن هذا التخيير داع، وموجب للقناعة، التي يطمئن لها القلب، وينشرح لها الصدر، ويزول عنهن عدم الرضا الموجب لقلق القلب
* أن يكون اختيارهن هذا، سببًا لزيادة أجرهن ومضاعفته،
( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ ۚ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا (32) * { يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ } خطاب لهن كلهن { لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ } فكملن التقوى بجميع وسائلها ومقاصدها. * { فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ } أي: في مخاطبة الرجال، وتتكلمن بكلام رقيق يدعو ويطمع { الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ } أي: مرض شهوة الزنا، فإنه مستعد، ينظر أدنى محرك يحركه،
لأن قلبه غير صحيح
بخلاف مريض القلب، الذي لا يتحمل ما يتحمل الصحيح، ولا يصبر على ما يصبر عليه، فأدنى سبب يوجد، يدعوه إلى الحرام، يجيب دعوته، * ( فإن الخضوع بالقول، واللين فيه، في الأصل مباح، ولكن لما كان وسيلة إلى المحرم، منع منه، ولهذا ينبغي للمرأة في مخاطبة الرجال، أن لا تلِينَ لهم القول.)
فربما توهم أنهن مأمورات بإغلاظ القول، دفع هذا بقوله: { وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا } أي: غير غليظ، ولا جاف كما أنه ليس بِلَيِّنٍ خاضع.
* وتأمل كيف قال: { فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ } ولم يقل: { فلا تَلِنَّ بالقول } المنهي عنه، القول اللين، الذي فيه انكسار المرأة للرجل، بخلاف من تكلم كلامًا لينًا، ، ولهذا مدح اللّه رسوله باللين، فقال: { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ } وقال لموسى وهارون: { اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى }
* { فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ } مع أمره بحفظ الفرج ، إذا رأى من نفسه هذه الحالة، وأنه يهش لفعل المحرم عندما يرى أو يسمع كلام . فَلْيَعْرِفْ أن ذلك مرض.
فَلْيَجْتَهِدْ في إضعاف هذا المرض وحسم الخواطر الردية، ومجاهدة نفسه على سلامتها من هذا المرض الخطر، وسؤال اللّه العصمة والتوفيق، وأن ذلك من حفظ الفرج المأمور به.
*** ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ۖ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) * { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ } لأنه أسلم وأحفظ لَكُنَّ، { وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } أي: لا تكثرن الخروج متجملات كعادة أهل الجاهلية
أمرهن بالطاعة، خصوصًا الصلاة والزكاة، * { وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } يدخل في طاعة اللّه ورسوله، * { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ } بأمركن بما أَمَرَكُنَّ به، ونهيكن بما نهاكُنَّ عنه، { لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ } أي: الأذى، والشر، والخبث، يا { أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } حتى تكونوا طاهرين مطهرين.
*** ( وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34) * { وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ } والمراد بآيات اللّه، القرآن. وسنة رسوله. والتفكر فيه، واستخراج أحكامه وحكمه، وذكر العمل به { إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا } يدرك أسرار الأمور، وخفايا الصدور، { اللطيف } الذي يسوق عبده إلى الخير، ويعصمه من الشر، بطرق خفية لا يشعر بها، ويسوق إليه من الرزق، ما لا يدريه،
***
( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35) جعل الحكم مشتركًا، بين الرجال والنساء * { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ } وهذا في الشرائع الظاهرة، إذا كانوا قائمين بها. { وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ } وهذا في الأمور الباطنة، من عقائد القلب وأعماله. * { وَالْقَانِتِينَ } أي: المطيعين للّه ولرسوله { وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ } في مقالهم وفعالهم { وَالصَّادِقَاتِ }
* { وَالصَّابِرِينَ } على الشدائد والمصائب { وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ } في جميع في عباداتهم، { وَالْخَاشِعَاتِ }
* { وَالْمُتَصَدِّقِينَ } فرضًا ونفلاً { وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ }
* { وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ } عن الزنا ومقدماته، { وَالْحَافِظَاتِ }..{ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ [كَثِيرًا } أي:] في أكثر الأوقات،{ وَالذَّاكِرَاتِ } * { أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ } أي: لهؤلاء الموصوفين بتلك الصفات الجميلة، { بِالْمَغْفِرَةً } لذنوبهم، لأن الحسنات يذهبن السيئات. { وَأَجْرًا عَظِيمًا }
***
( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا (36) لا ينبغي ولا يليق، ممن اتصف بالإيمان، إلا الإسراع في مرضاة اللّه ورسوله، والهرب من سخط اللّه ورسوله، * { إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا ْ} من الأمور، { أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ْ} أي: الخيار، هل يفعلونه أم لا؟ بل يعلم المؤمن والمؤمنة، أن الرسول أولى به من نفسه، فلا يجعل بعض أهواء نفسه حجابًا بينه وبين أمر اللّه ورسوله. { وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ْ} التخويف بالضلال، الدال على العقوبة والنكال.
( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ۖ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا ۚ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (37) وكان سبب نزول هذه الآيات، أن الأدعياء ليسوا في حكم الأبناء حقيقة، من جميع الوجوه وأن أزواجهم، لا جناح على من تبناهم، في نكاحهن.
وكان زيد بن حارثة يدعى "زيد بن محمد" قد تبناه النبي صلى اللّه عليه وسلم، فصار يدعى إليه حتى نزل { ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ ْ} فقيل له: "زيد بن حارثة" .
وكانت تحته، زينب بنت جحش، ابنة عمة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وكان قد وقع في قلب الرسول، لو طلقها زيد، لتزوَّجها، فقدر اللّه أن يكون بينها وبين زيد، ما اقتضى أن جاء زيد بن حارثة يستأذن النبي صلى اللّه عليه وسلم في فراقها. * { وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ ْ} أي: بالإسلام { وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ ْ} بالعتق حين جاءك مشاورًا في فراقها: فقلت له ناصحًا له ومخبرًا بمصلحته مع وقوعها في قلبك: { أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ ْ} أي: لا تفارقها، واصبر على ما جاءك منها، { وَاتَّقِ اللَّهَ ْ}في أمر زوجك * { وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ ْ} والذي أخفاه، أنه لو طلقها زيد، لتزوجها صلى اللّه عليه وسلم.
* { وَتَخْشَى النَّاسَ ْ} في عدم إبداء ما في نفسك { وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ْ} وأن لا تباليهم شيئًا، * { فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا ْ} أي: رغب عنها، وفارقها. { زَوَّجْنَاكَهَا ْ} * إنما فعلنا ذلك، لفائدة عظيمة، وهي: { لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ ْ} حيث رأوك تزوجت، زوج زيد بن حارثة، الذي كان من قبل، ينتسب إليك.
* الثناء على زيد بن حارثة،
* أن اللّه سماه في القرآن، ولم يسم من الصحابة باسمه غيره.
* أن اللّه أخبر أنه أنعم عليه، أي: بنعمة الإسلام والإيمان. وهذه شهادة من اللّه له أنه مسلم مؤمن، ظاهرًا وباطنًا،
* أن التعليم الفعلي، أبلغ من القولي،
* أن المحبة التي في قلب العبد، لغير زوجته ومحارمه، إذا لم يقترن بها محذور، لا يأثم عليها العبد، ،لأن اللّه أخبر أن الرسول صلى اللّه عليه وسلم، أخفى ذلك في نفسه.
* أن من الرأي: الحسن لمن استشار في فراق زوجته أن يؤمر بإمساكها مهما أمكن صلاح الحال، فهو أحسن من الفرقة.
* أن يقدم العبد خشية اللّه، على خشية الناس،
* فضيلة زينب رضي اللّه عنها أم المؤمنين، حيث تولى اللّه تزويجها، من رسوله صلى اللّه عليه وسلم، من دون خطبة ولا شهود، ولهذا كانت تفتخر بذلك على أزواج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وتقول زوجكن أهاليكن، وزوجني اللّه من فوق سبع سماوات.
*** ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ۖ فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (49) * يخبر تعالى المؤمنين، أنهم إذا نكحوا المؤمنات، ثم طلقوهن من قبل أن يمسوهن، فليس عليهن في ذلك، عدة يعتدها أزواجهن عليهن، وأمرهم بتمتيعهن بهذه الحالة، بشيء من متاع الدنيا، الذي يكون فيه جبر لخواطرهن، لأجل فراقهن، وأن يفارقوهن فراقًا جميلاً، من غير مخاصمة، ولا مشاتمة، ولا مطالبة، ولا غير ذلك. { لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ }
، يجوز لها التزوج، حيث لا مانع،
* ولكن هذا، إذا لم يفرض لها مهر، فإن كان لها مهر مفروض، فإنه إذا طلق قبل الدخول، تَنَصَّف المهر، وكفى عن المتعة، { فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ }
*** ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۗ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (50) يقول تعالى، ممتنًا على رسوله * { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ } أي: أعطيتهن مهورهن، من الزوجات، ( وهذا من الأمور المشتركة بينه وبين المؤمنين )
* { و } كذلك أحللنا لك { مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ } أي: الإماء التي ملكت { مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ } من غنيمة الكفار من عبيدهم، والأحرار من لهن زوج منهم، ومن لا زوج لهن، ( وهذا أيضا مشترك )
* ( من المشترك ) قوله { وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ } * { اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ } قيد لحل هؤلاء للرسول، * { و } أحللنا لك { وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ } بمجرد هبتها نفسها. { إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا } أي: هذا تحت الإرادة والرغبة، { خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ } يعني: إباحة الموهبة وأما المؤمنون، فلا يحل لهم أن يتزوجوا امرأة، بمجرد هبتها نفسها لهم. * { قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ } أي: قد علمنا ما على المؤمنين، وما يحل لهم، وما لا يحل، من الزوجات وملك اليمين. وقد علمناهم بذلك، * { خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ } وأبحنا لك يا أيها النبي ما لم نبح لهم، { لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ } وهذا من زيادة اعتناء اللّه تعالى برسوله { وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا }
*** ( تُرْجِي مَن تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاءُ ۖ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا (51) وهذا أيضًا من توسعة اللّه على رسوله ورحمته به، * أن أباح له ترك القسم بين زوجاته، على وجه الوجوب، وأنه إن فعل ذلك، فهو تبرع منه، ومع ذلك، فقد كان صلى اللّه عليه وسلم يجتهد في القسم بينهن في كل شيء، ويقول "اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما لا أملك" .
* { تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ } [أي: تؤخر من أردت من زوجاتك فلا تؤويها إليك، ولا تبيت عندها] { وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ } أي: تضمها وتبيت عندها. { و } { مَنِ ابْتَغَيْتَ } أي: أن تؤويها { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ } [وقال كثير من المفسرين: إن هذا خاص بالواهبات، أي: إن شاء قبل من وهبت نفسها له، وإن شاء لم يقبلها، واللّه أعلم]
* ثم بين الحكمة في ذلك فقال: { ذَلِكَ } { أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ } لعلمهن أنك لم تترك واجبًا، ولم تفرط في حق لازم. * { وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ } أي: ما يعرض لها عند أداء الحقوق الواجبة والمستحبة، وعند المزاحمة في الحقوق، فلذلك شرع لك التوسعة يا رسول اللّه، لتطمئن قلوب زوجاتك. { وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا } من علمه، أن شرع لكم ما هو أصلح لأموركم، وأكثر لأجوركم. ومن حلمه، أن لم يعاقبكم بما صدر منكم، وما أصرت عليه قلوبكم من الشر.
*** ( لَّا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيبًا (52) وهذا شكر من اللّه لزوجات رسوله، رضي اللّه عنهن، حيث اخترن اللّه ورسوله، والدار الآخرة، * { لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ } زوجاتك الموجودات { وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ } أي: ولا تطلق بعضهن، فتأخذ بدلها.
فحصل بهذا، أمنهن من الضرائر، ومن الطلاق، لأن اللّه قضى أنهن زوجاته في الدنيا والآخرة، لا يكون بينه وبينهن فرقة. * { وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ } أي: حسن غيرهن، فلا يحللن لك { إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ } أي: السراري، فذلك جائز لك،
لأن المملوكات، في كراهة الزوجات، لسن بمنزلة الزوجات، في الإضرار للزوجات. * { وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا } أي: مراقبًا للأمور،
*** نكمل بعون الله
( ... ... .... ... وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ۚ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا (53)
************ * أدبهم معه في خطاب زوجاته، كأن يسألن متاعًا، أو غيره من أواني البيت أو نحوها، فإنهن يسألن { مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ } أي: يكون بينكم وبينهن ستر، يستر عن النظر، لعدم الحاجة إليه.
فصار النظر إليهن ممنوعًا بكل حال، ثم ذكر حكمة ذلك بقوله: { ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } لأنه أبعد عن الريبة، وكلما بعد الإنسان عن الأسباب الداعية إلى الشر، فإنه أسلم له، وأطهر لقلبه.
ثم قال كلمة جامعة وقاعدة عامة: * { وَمَا كَانَ لَكُمْ } يا معشر المؤمنين، أي: غير لائق ولا مستحسن منكم، { أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ } أي: أذية قولية أو فعلية، * { وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا } هذا من جملة ما يؤذيه،
*** ( إِن تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (54)
يعلم ما في قلوبكم، وما أظهرتموه، فيجازيكم عليه.
*** ( لَّا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ ۗ وَاتَّقِينَ اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (55) * لما ذكر أنهن لا يسألن متاعًا إلا من وراء حجاب، وكان اللفظ عامًا [لكل أحد] يستثنى منه هؤلاء المذكورون، من المحارم، وأنه { لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ } في عدم الاحتجاب عنهم.
* لم يذكر فيها الأعمام، والأخوال، فعدم احتجابهن عن عمهن وخالهن، من باب أولى، * وقوله { وَلَا نِسَائِهِنَّ } أي: لا جناح عليهن ألا يحتجبن عن نسائهن، أي: اللاتي من جنسهن في الدين، فيكون ذلك مخرجًا لنساء الكفار، * { وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ } ما دام العبد في ملكها جميعه.
* ولما رفع الجناح عن هؤلاء، شرط فيه وفي غيره، لزوم تقوى اللّه، { وَاتَّقِينَ اللَّهَ }
* { إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا } يشهد أعمال العباد، ظاهرها وباطنها، ويسمع أقوالهم، ويرى حركاتهم، ثم يجازيهم .
*** ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا (58) * { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا } أي: بغير جناية منهم موجبة للأذى { فَقَدِ احْتَمَلُوا } { بُهْتَانًا } حيث آذوهم بغير سبب { وَإِثْمًا مُبِينًا } حيث تعدوا عليهم، وانتهكوا حرمة أمر اللّه باحترامها.
* ولهذا كان سب آحاد المؤمنين، موجبًا للتعزير، بحسب حالته وعلو مرتبته، فتعزير من سب الصحابة أبلغ، وتعزير من سب العلماء، وأهل الدين، أعظم من غيرهم.
*** ( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (59) هذه الآية، آية الحجاب، فأمر اللّه نبيه، أن يأمر النساء عمومًا، ويبدأ بزوجاته وبناته، ينبغي أن يبدأ بأهله، قبل غيرهم كما قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا } * { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ } وهن اللاتي يكن فوق الثياب من ملحفة وخمار يغطين بها، وجوههن وصدورهن.
* الحكمة ذلك، فقال: { ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ } دل على وجود أذية، إن لم يحتجبن، ربما ظن أنهن غير عفيفات، فيتعرض لهن من في قلبه مرض، فيؤذيهن، وربما ظن أنهن إماء، فتهاون بهن من يريد الشر.. { وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } حيث غفر لكم ما سلف، ورحمكم، بأن بين لكم الأحكام، وأوضح الحلال والحرام، فهذا سد للباب .
في سورة الأحزاب ::
هناك واجبات مشتركة على النساء وعلى الرجال مثل : *ما جعل الله لرجل من قلبين فى جوفه
* وما جعل أزواجكم الى تظهرون منهن أمهاتكم .وما جعل أدعياءكم أبناءكم
* والله يقول الحق وهو يهدى السبيل
* أدعوهم لأبائهم ..فإن لم تعلموا أباءهم فإخوانكم فى الدين ومواليكم ..وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به .ولكن ما تعمدت قلوبكم .وكان الله غفوراً رحيماً
* النبى أولى بالمؤمنين من أنفسهم وازواجه أمهاتهم .وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض
* ليسئل الصادقين عن صدقهم ..وكان الله بما تعملون بصيراً
* وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا ..ولقد كانوا عهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار وكان عهد الله مسئولاً
* قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلاً
*قل من ذا الذى يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءاً أو أراد بكم رحمة .ولا يجدون من دون الله ولياً ولا نصيراً
* فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيراً
* لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الأخر وذكر الله كثيراً
* من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً
* ليجزى الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم
* ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً ...وكان الله قوياً عزيزاً ** نتابع ** *هنا الخطاب للنساء الرسول فلا تخضعن بالقول فيطمع الذى فى قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً
* وقرن فى بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى
* الخطاب هنا للرجال وللنساء مثل /إن المسلمين والمسلمات.والمؤمنين و..والقانتين و..والصادقين و..ووالصابرين و..ووالخاشعين و..والمتصدقين و..والصائمين و..و الحافظين فروجهم و..ووالذاكرين الله كثيراً و..و أعد الله لهم مغفرة وأجر عظيماً
* وما كان لمؤمن ولا مؤمنه إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم .ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً
*وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه
*يجوز تتجوز زوجة إبنك بالتبني
* وكان أمر الله قدراً مقدوراً ...وكفى بالله حسيباً
*أذكروا الله ذكراً كثيراً .وسبحوه بكرة وأصيلاً
* هو الذى يصلى عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيماً
* وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلاً كبيراً
* المطلقة قبل المس بها ليس عليكم من عدة عليهن
* والله يعلم مافى قلوبكم وكان الله عليماً حليماً..وكان الله على كل شىء رقيباً
* الطلب من النساء من وراء حجاب أطهر لقلوبكم وقلوبهن
* إن تبدوا شيئاً أو تخفوه فأن الله كان بكل شىء عليماً
* وأتقين الله إن الله كان على كل شىء شهيداً
* إن الله وملائكته يصلون على النبى يأيها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً
*غن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله فى الدنيا والأخرة وأعد لهم عذاباً مهيناً
* النساء يجب عليهن يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين
* المنافقين ملعونين أينما ثقفوا ..سنة الله فى الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلاً
*وما يدريك لعل الساعة تكون قريباً
* يوم تقلب وجوههم فى النار يقولون ياليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا
*وقالوا ربنا إنا أطعنا ساداتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا
*اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً
*يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً
* إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلموماً جهولاً ***
تم بحمد الله سورة الأحزاب
سورة ص ﴿ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ ۗ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا ۚ نِّعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ [ سورة ص: 44] * { وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث } وذلك أن أيوب - عليه السلام - كان قد غضب على زوجته في أمر فعلته . قيل : [ إنها ] باعت ضفيرتها بخبز فأطعمته إياه فلامها على ذلك وحلف إن شفاه الله ليضربنها مائة جلدة . وقيل : لغير ذلك من الأسباب .
فلما شفاه الله وعافاه ما كان جزاؤها مع هذه الخدمة التامة والرحمة أن تقابل بالضرب
* فأفتاه الله - عز وجل - أن يأخذ ضغثا - وهو : الشمراخ - فيه مائة قضيب فيضربها به ضربة واحدة وقد برت يمينه وخرج من حنثه وهذا من الفرج والمخرج لمن اتقى الله وأناب إليه * قال تعالى : { إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب } أثنى الله تعالى عليه { نعم العبد إنه أواب } أي: رجاع منيب { ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب } [ الطلاق : 2 ، 3 ] * وقد أغنى الله هذه الأمة بالكفارة
*** سورة غافر
( رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُمْ وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (8) * أي : اجمع بينهم وبينهم ، لتقر بذلك أعينهم بالاجتماع في منازل متجاورة ، ( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء ) [ الطور : 21 ] أي : ساوينا بين الكل في المنزلة ، لتقر أعينهم ، وما نقصنا العالي حتى يساوي الداني ، * قال سعيد بن جبير : إن المؤمن إذا دخل الجنة سأل عن أبيه وابنه وأخيه ، وأين هم ؟ فيقال : إنهم لم يبلغوا طبقتك في العمل فيقول : إني إنما عملت لي ولهم . فيلحقون به في الدرجة ، * ( إنك أنت العزيز الحكيم ) أي : الذي لا يمانع ولا يغالب ، وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، الحكيم في أقوالك وأفعالك ،
سورة الزخرف :: ( أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُم بِالْبَنِينَ (16) ( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَٰنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (17) أي : إذا بشر أحد هؤلاء بما جعلوه لله من البنات يأنف من ذلك غاية الأنفة ، وتعلوه كآبة من سوء ما بشر به ، ويتوارى من القوم من خجله من ذلك ،
يقول تعالى : فكيف تأنفون أنتم من ذلك ، وتنسبونه إلى الله عز وجل ؟
*** ( أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ (18) أي : المرأة تلبس الحلي منذ تكون طفلة ، وإذا خاصمت فلا عبارة لها ، بل هي عاجزة أومن يكون هكذا ينسب إلى جناب الله عز وجل ؟
فإنها ضعيفة عاجزة عن الانتصار عند الانتصار ،
*** ( وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَٰنِ إِنَاثًا ۚ أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ ۚ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19) أي : اعتقدوا فيهم ذلك ، فأنكر عليهم تعالى قولهم ذلك ، فقال : ( أشهدوا خلقهم ) أي : شاهدوه وقد خلقهم الله إناثا ،
( ستكتب شهادتهم ) أي : بذلك ، ( ويسألون ) عن ذلك يوم القيامة . وهذا تهديد شديد ، ووعيد أكيد
******************** ( ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70) ( ادخلوا الجنة ) يا عبادي الذين آمنوا ادخلوا الجنة . ( أنتم وأزواجكم ) المسلمات في الدنيا . وقيل : قرناؤكم من المؤمنين . وقيل : زوجاتكم من الحور العين . ( تحبرون ) تكرمون ، ينعمون
***************** سورة الأحقاف :: ( وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ۚ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) * هذا من لطفه تعالى بعباده وشكره للوالدين أن وصى الأولاد وعهد إليهم أن يحسنوا إلى والديهم بالقول اللطيف اللين وبذل المال والنفقة وغير ذلك من وجوه الإحسان. * ثم ذكر السبب الموجب لذلك فذكر ما تحملته الأم من ولدها وما قاسته من المكاره وقت حملها ثم مشقة ولادتها المشقة الكبيرة ثم مشقة الرضاع وخدمة الحضانة، وليست مدة يسيرة
وإنما ذلك مدة طويلة قدرها { ثَلَاثُونَ شَهْرًا } للحمل تسعة أشهر ونحوها والباقي للرضاع هذا هو الغالب. { وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ } أن أقل مدة الحمل ستة أشهر لأن مدة الرضاع -وهي سنتان- * { حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ } أي: نهاية قوته وشبابه وكمال عقله، { وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي } أي: ألهمني ووفقني { أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ } أي: نعم الدين ونعم الدنيا، وشكره والاجتهاد في الثناء بها على الله، والنعم على الوالدين نعم على أولادهم وذريتهم * فإن صلاح الوالدين بالعلم والعمل من أعظم الأسباب لصلاح أولادهم. * { وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ } بأن يكون سالما مما يفسده، فهذا العمل الذي يرضاه الله ويقبله ويثيب عليه. * { وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي } لما دعا لنفسه بالصلاح دعا لذريته أن يصلح الله أحوالهم،
وذكر أن صلاحهم يعود نفعه على والديهم لقوله: { وَأَصْلِحْ لِي } * { إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ } من الذنوب والمعاصي ورجعت إلى طاعتك { وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }
*** ( أُولَٰئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ ۖ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16) * { أُولَئِكَ } الذين ذكرت أوصافهم { الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا } وهو الطاعات لأنهم يعملون أيضا غيرها. * { وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ } * { أَصْحَابُ الْجَنَّةِ } فحصل لهم الخير وزال عنهم الشر والمكروه. * { وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ } أي: هذا الوعد الذي وعدناهم هو وعد صادق من أصدق القائلين الذي لا يخلف الميعاد.
*** ( وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (17) لما ذكر تعالى حال الصالح البار لوالديه ذكر حالة العاق وأنها شر الحالات * { وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ } إذ دعواه إلى الإيمان بالله واليوم الآخر وخوفاه الجزاء.
وهذا أعظم إحسان يصدر من الوالدين لولدهما أن يدعواه إلى ما فيه سعادته الأبدية فقابلهما بأقبح مقابلة
* فقال: { أُفٍّ لَكُمَا } أي: تبا لكما ولما جئتما به.
ثم ذكر سبب إنكاره لذلك فقال: { أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ } من قبري إلى يوم القيامة { وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي } الأئمة المقتدى بهم انهم كفور وجهول ومعاند؟ * { وَهُمَا } أي: والداه { يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ } عليه ويقولان له: { وَيْلَكَ آمِنْ } أي: يبذلان غاية جهدهما ويسعيان في هدايته أشد السعي حتى إنهما -من حرصهما عليه- أنهما يستغيثان الله له استغاثة الغريق . ويتوجعان له ويبينان له الحق فيقولان: { إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ }
* ثم يقيمان عليه من الأدلة ما أمكنهما، وولدهما لا يزداد إلا نفورا واستكبارا عن الحق * { فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ } أي: إلا منقول من كتب المتقدمين ليس من عند الله ولا أوحاه الله إلى رسوله، وكل أحد يعلم أن محمدا صلى الله عليه وسلم أمي لا يكتب ولا يقرأ
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله
* لا يهزأ قوم مؤمنون من قوم مؤمنين؛ عسى أن يكون المهزوء به منهم خيرًا من الهازئين، ولا يهزأ نساء مؤمنات من نساء مؤمنات؛ عسى أن يكون المهزوء به منهنَّ خيرًا من الهازئات،
* ولا يَعِبْ بعضكم بعضًا، ولا يَدْعُ بعضكم بعضًا بما يكره من الألقاب،
* بئس الصفة والاسم الفسوق، وهو السخرية واللمز والتنابز بالألقاب، بعد ما دخلتم في الإسلام
* ومن لم يتب من هذه السخرية والفسوق فأولئك هم الذين ظلموا أنفسهم بارتكاب هذه المناهي.
من حقوق المؤمنين، بعضهم على بعض، فإن ذلك حرام، لا يجوز، وهو دال على إعجاب الساخر بنفسه، لا تقع إلا من قلب ممتلئ من مساوئ الأخلاق،
* قال النبي صلى الله عليه وسلم "بحسب امرئ من الشر، أن يحقر أخاه المسلم" * { وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ }- أي: لا يعب بعضكم على بعض، واللمز: بالقول، والهمز: بالفعل، وكلاهما منهي عنه حرام، متوعد عليه بالنار. { وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ }
* { وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ }- أي: لا يعير أحدكم أخاه، ويلقبه بلقب ذم يكره أن يطلق عليه ، وأما الألقاب غير المذمومة، فلا تدخل في هذا. * { وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } فهذا [هو] الواجب على العبد، يخرج من حق أخيه المسلم، باستحلاله، والاستغفار، والمدح له مقابلة [على] ذمه
**** سورة الذاريات ::
( فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) * ( فراغ إلى أهله ) أي : انسل خفية في سرعة ، ( فجاء بعجل سمين ) أي : من خيار ماله . * ( فما لبث أن جاء بعجل حنيذ ) [ هود : 69 ] أي : مشوي
*** ( فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (27) * ( فقربه إليهم ) أي : أدناه منهم ، ( قال ألا تأكلون ) : تلطف في العبارة وعرض حسن .
* وهذه الآية انتظمت آداب الضيافة ; فإنه جاء بطعامه من حيث لا يشعرون بسرعة ، ولم يمتن عليهم أولا فقال : " نأتيكم بطعام ؟ " ، وأتى بأفضل ما وجد من ماله ، وهو عجل فتي سمين مشوي ، فقربه إليهم ، لم يضعه ، وقال : اقتربوا ، بل وضعه بين أيديهم ،
*** ( فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ۖ قَالُوا لَا تَخَفْ ۖ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (28) * ( فأوجس منهم خيفة ) : وهو قوله : ( فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط وامرأته قائمة فضحكت ) [ هود : 70 ، 71 ]
* أي : استبشرت بهلاكهم ; لتمردهم وعتوهم على الله ،
* فعند ذلك بشرتها الملائكة بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب .
*** ( فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (29) * ( فأقبلت امرأته في صرة ) أي : في صرخة عظيمة ،( فصكت وجهها ) أي : ضربت بيدها على جبينها ، * ( وقالت عجوز عقيم ) أي : كيف ألد وأنا عجوز [ عقيم ] ،
*** ( قَالُوا كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ ۖ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (30) أي : عليم بما تستحقون من الكرامة ، حكيم في أقواله وأفعاله .