بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
الرجل راع في بيته ومسؤول عن رعيته، نعم هو راع في بيته، راع على الأولاد والزوجة رعاية سيسأله الله عنها، هل ربى الأولاد تربية إسلامية، هل اعتنى بأخلاقهم؟
هل راقب سلوكهم وتصرفاتهم؟ هل اعتنى بهم هل عرف جلساءهم؟ هل استبان من يجالسونه ومن يصحبون وما هي أخلاق جلسائهم وشركائهم؟ إن الأب مسؤول، إما أن يضيع الأولاد من بنين وبنات فلا يهتم إلا بكسوة ونفقة ثم لا يدري عن الابن أين ذهب ولا عن الفتاة أين ذهبت ومن خالطهما ومن صاحبهما.. إلخ.. فهذه هي المصيبة. وهذا يا إخوتي ضياع والله يقول:
{يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة ....} [التحريم: 6]
فيا أيها الأب أنت مسؤول عن أبنائك، عن النفقة عليهم، عن تربيتهم وتعليمهم، عن ملاحظة جلسائهم وأخلائهم، عن من يسهرون معه ليصحبوه، يا أيها الرجل شبابنا أصيب بعضهم بالتأثرات الفكرية المنحرفة، بالآراء الشاذة، بأفكار فئة من البشر خالطتهم وخدعتهم خانتهم وأوقعت في قلوبهم الشر والبلاء ودعتهم إلى الجرائم الشنيعة، دعتهم إلى أن يدمروا بلادهم ويمدوا يد العون لأعدائهم ليكونوا خنجرا مسموما في نحر أمتهم.
إن ما يحصل من بعض شبابنا من هذه الانحرافات الفكرية البعيدة إنما أسبابها ترجع إلى أمور قد يكون منها إهمال الآباء والأمهات وعدم الدقة فيمن يصحبون ويخالطون فإن ذلك يسبب شرا، بحيث يقتنصهم الأعداء، يبعدونهم عن المدارس والجامعات، ويخلونهم في الصحاري والقفار ليملؤوا الأفكار والعقول شرا وبلاء ويحسنوا لهم الباطل ويقضوا على فكرهم السليم ويدخلون بكل فساد وحقد على الأمة، يدربونهم على الشر والبلاء حتى يكون الشاب وقد جاوز العشرين لا يعرف من دينه شيئا إنما يعرف السخط على مجتمعه والحقد على أمته ويحمل خنجرا ليطعن هذه الأمة.
أين هذه الأفكار؟ إنها لم تنجم إلا من تضييعنا لأبنائنا. فيا أيها الآباء مسؤوليتكم هذه عظيمة فاتقوا الله في أبنائكم إنه يعز علينا أن نسمع أن شابا مسلما فجر نفسه وقتل نفسه وتعرض للبلاء وسعى في الأرض فسادا، يعز على كل مسلم ذلك ويشق عليه ولكن يقول
{...إنا لله وإنا إليه راجعون} [البقرة: 156].
فالواجب علينا حفظ شبابنا والعناية بتربيتهم والعناية بسلوكهم والعناية بجلسائهم وبمن يخالطوهم لنحفظهم بتوفيق من الله ليسلم هذا المجتمع من دعاة الشر والفساد، كم من ملتبس بين الأمة تظاهر بالنصيحة والدعوة إلى الخير وتظاهر بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتظاهر وتظاهر لكن نهاية الأمر تراه يؤيد ضرب الأمة والطعن في الأمة وتبديد أمن الأمة سواء كان ذلك على نية منه حسنة فيما يظهر أو أصلها نية سيئة، فالواجب علينا أن نحفظ شبابنا والواجب على شبابنا ألا ينقادوا لكل داع وأن يدرسوا حال من يدعوهم إلى ذلك، عن حياته، عن تاريخه، عن علومه وإلى ماذا يدعو وإلى ماذا ينادي ثم نعرض دعواته على الآباء وعلى أهل العلم ليفكروا هل هذه الدعوات والنداءات سليمة أم مشوبة ومشبوهة ومليئة بكل شر وبلاء.
فيا أيها الشاب المسلم ليس كل من دعاك إلى أمر هو صادق النصح فيه، ليس كل من دعاك إلى شيء قد منحك النصيحة. فكم من مزين للباطل وهو يريد بك الشر، يدعوك إلى عقوق الآباء والأمهات وإلى البعد عن الأرحام وإلى مفارقة البيت وإلى الحياة في الصحاري والبعد عن الناس لكي يتفرغوا لشرك وأذاك، حتى يملؤوا قلبك حقدا على الإسلام وأهله. الرجل راع في بيته فلا بد من القيام بهذه الرعاية.
مسؤولية المرأة
المرأة راعية في بيت زوجها، مسؤولة عن رعيتها، إنها شقيقة الرجل ربة البيت، مسؤولة عن ذلك، عن بيتها، عن مال الزوج، عن أبنائها وبناتها، ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم قال: خير متاع الرجل امرأة صالحة، إن نظر إليها سرته، وإن أمرها أطاعته، وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله فهي صالحة في نفسها مطيعة لزوجها منفذة لأوامره بالمعروف، حافظة على نفسها عن الحرام وحافظة مال زوجها عن الضياع تربي الأبناء التربية الصالحة، يسمعون منها الكلمات النافعة، الطيبة، ويرون منها الأخلاق الكريمة.
المستخدمون ما لهم وما عليهم كذلك الخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، ولهذا أمرنا الله بإكرام الخدم والنبي قال: إخوانكم خولكم أطعموهم مما تطعمون واكسوهم مما تكسون ولا تكلفوهم ما لا يطيقون وإن كلفتموهم فأعينوهم فهو مسؤول عن رعيته، مسؤول عن مال سيده، عن رعاية مال سيده؛ هل أضاع؟ هل فرط؟ هل تكاسل؟ هل خان؟.
ولذلك التربية الطيبة تجعل هذا الخادم يؤدي عمله كما ينبغي .
ولا شك أن الخدم يتأثرون بأخلاق من يخدمون فإن يكن من يخدمونه ذا خلق ودين ووفاء مع الله وصدق مع الله تأثر به من حوله وأصبح خدمه يتأثرون بأخلاقه وقيمه، لكن إذا وجدوا الأب منحرفا والأم منحرفة وأهل البيت منحرفين فإن الانحراف سينتقل إليهم وسيكون عونا على إجرامهم، فما أصيب الناس في أنفسهم إلا بذنوبهم، ما أصيبوا في بيوتهم إلا بذنوبهم،
{.. وما ربك بظلام للعبيد} [ فصلت: 46].
إن إهمال الرجل الخدم أو عيالهم أو التعدي على الخادمات أو التسلط عليهم بأمور منكرة، كل هذه تحمل في طياتها كل شر وتحمل بالبيت كل بلاء أعاذنا الله وإياكم.
م
ن
ق
و
ل
تحياتي ...
الروابط المفضلة