خلق الله جميع البشر من نفس واحدة وجعل من تلك النفس مثيلها والزوج الذي تسكن اليه ,
وجعلنا شعوبا وقبائل مختلفة في الأشكال والأجناس واللغات والألوان ,
ولكن متشابهة في الحقوق والواجبات .
قال تعالى : { ومن آياته خلق السماوات والأرض وإختلاف ألسنتكم والوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين } سورة الروم، الآية 22.
ومن رحمة الله علينا أن من الله علينا بالإسلام وهدانا للإيمان ,
ومن حكمته أن جعل أداب وحقوق في معاملة المسلم للمسلم , والجار لجاره .
فكانت القاعدة الاسلامية كما حددها الرسول محمد في خطبة الوداع ,
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { كلكم لآدم، وآدم من تراب، لا فضل لعربي على أعجمي، ولا أبيض على أسود إلا بالتقوى".}. رواه أحمد
فكلنا سواسية عند الله , ولذلك وضع الشرع حقوقا وواجبات على كل مسلم كي تستقيم الحياة , ويستقر المجتمع الإسلامي .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صبى الله عليه وسلم قال :
{ حق المسلم على المسلم خمس : رد السلام و عيادة المريض واتباع الجنائز
و إجابة الدعوة و تشميت العاطس } متفق عليه .
و في رواية في صحيح مسلم : { حق المسلم على المسلم ست :
إذا لقيته فسلم عليه ،وإذا دعاك فأجبه ، و إذا استنصحك فانصح له
،وإذا عطس فحمد الله فشمته ، و إذا مرض فعُده ، وإذا مات فاتبعه }.
إن الأخوة التي حددها الإسلام لهي أقرب من صلة الدم والنسب والأرحام .
والإخوَّة الصادقة تعلو وتسمو بالمسلم في الدنيا ,وينال بها صاحبها أكرم وأفضل الدرجات عند الله عز وجل في الآخرة ...
إذ أعد الله لمن يتقرب إليه بحب إخوانه من المسلمين منابر من نور يوم القيامة , -بل ويظلهم في ظله
- من لهب النيران – يوم لا ظل إلا ظل الله عز وجل , ويؤمنهم من فزع يوم القيامة , وهذا فقط لمن صدق في إخوته وأخلص فيها .
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
{ سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، وذكر منهم :
ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه } متفق عليه
لم تصل بينهم أرحام متقاربة.. تحابوا في الله وتصافوا،
يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور، فيجلسون عليها،
فجعل وجوههم نورًا، وثيابهم نورًا, يفزع الناس يوم القيامة ولا يفزعون..
هم أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون".
ولكن هل حق المسلم على المسلم مقتصر فقط في هذه الست التي ذكرت في الحديث ؟
حق المسلم اكثر مما جاء في الحديث فإنما عرض الحديث حقوق مجمعة على سبيل التقريب لا الحصر
ومن حقوق المسلم على المسلم على سبيل المثال:
*تحفظه بظهر الغيب وتحب له ما تحب لنفسك
تحب له ما تحب لنفسك و تكره له ما تكره لنفسك
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
{ لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه }.متفق عليه
*لاتؤذه بقول أو فعل وتكون في حاجته
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
{ الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ
وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ
وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ }. أخرجه أحمد
*الاستئذان عليه قبل الدخول ,والانصراف إذا طلب ذلك
قال تعالى :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا } سورة النور (27)
عن أبي موسى رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« إذا أستأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع » متفق عليه.
الحكمة من جعل الاستئذان ثلاث مرات هي :
المرة الأولى من الاستئذان : استئذان ،
والمرة الثانية: مشورة ، هل يؤذن في الدخول أم لا ،
والثالثة: علامة الرجوع ولايزيد على الثلاث.
*صيانة عرضه والذود عنه وحفاظه من الغيبة والنميمة
قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا
أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ }[سورة الحجرات:6].
علينا أن نحسن الظن بالمسلمين ولا نخوض في أعراضهم
ولا نمشي بالنميمة بين الناس ,لأن خطرها عظيم , وعقوبتها أعظم في الدنيا والآخرة ,
وقد شدد الله على تحريمها أن جعلها من الكبائر والموبقات المهلكات
عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا يدخل الجنة نمام }
وقوله صلى الله عليه وسلم { لا يدخل الجنة قتات } متفق عليه
قال صاحب اللؤلؤ : قتات من قت الحديث يقته قتاً والرجل قتات أى نمام
وقال ابن الأعرابى : هو الذى يسمع الحديث وينقله .
وعن ابن مسعود ـ رضي الله عنه قال :
{ ألا أنبئكم ما العضه؟ هي النميمة القالة بين الناس } رواه مسلم .
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
مر بقبرين فقال : { إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير :
أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة ،
وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله } رواه البخاري ومسلم ،
قال بعض العلماء :وما يعذبان في كبيرأي : كبير في زعمهما وقيل كبير تركه عليهما .
*السعي في قضاء حاجته والصبر على قضاء دينه وستر عيوبه
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
{ من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة
ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ,
ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة ,
والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه } رواه مسلم
وقوله كربة من كرب يوم القيامة ولم يقل من كرب الدنيا
فقد ادخر الله جزاء تنفيس الكرب عنده لينفس به كرب الآخرة ,
وهي أشد وأعظم أجرا من ناحية , ومن ناحية أخرى فكرب يوم القيامة ,
أشد من كرب الدنيا التي مهما عظمت فهي إلى زوال , أما الآخرة فهي دار البقاء .
الروابط المفضلة