*( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) * سورة: محمد الآية 24
أي فهلا يتدبر هؤلاء المعرضون لكتاب الله , ويتأملونه حق التأمل ,
فإنهم لو تدبروه , لدلهم على كل خير , وحذرهم من كل شر ,
ولملأ قلوبهم من الأيمان ..
وأفئدتهم من الإيقان ولأوصلهم إلى المطالب العالية ,
والمواهب الغالية ,ولبين لهم الطريق الموصلة إلى الله .
وإلى جنته ومكملاتها ومفسداتها , والطريق الموصلة إلى العذاب ,
وبأي: شيء تحذر , ولعرفهم بربهم , وأسمائه وصفاته وإحسانه ,
ولشوقهم إلى الثواب الجزيل , ورهبهم من العقاب الوبيل .
*( أم على قلوب أقفالها ) *
أي: قد أغلق على ما فيها من الشر وأقفلت ,
فلا يدخلها خير أبداً هذا هو الحال في هذا الزمان..
وجاء في تفسير ابن عطية : " أن وفد اليمن وفد على
النبي _ صلى الله عليه وسلم وفيهم شاب,
فقرأ النبي _ صلى الله عليه وسلم هذه الآية
فقال الشاب : عليها أقفال حتى يفتحها الله تعالى ويفرجها ,
فقال عمر _ رضي الله عنهم _ فعظم في عيني ,فما زالت في نفس عمر
حتى ولي الخلافة فاستعان بذلك الفتى "
وذكر الإمام ابن القيم ما ذ كره مقاتل : " كان القلب بمنزلة الباب المرتج ,
الذي قد ضرب عليه قفل , فإنه ما لم يفتح القفل لا يمكن فتح الباب ,
والوصول إلى ما وراءه , وكذلك ما لم يرفع الختم والقفل عن القلب لم يدخل الإيمان ولا القرآن "
وأصحاب هذه القلوب المقفلة يستمعون للقرآن والمواعظ ,
ويحتكون بالصالحين , ويسمعون ويرون منهم مالا يستفيدون منه في
تغيير واقعهم, والسبب في ذلك وجود تلك الأقفال على قلوبهم , فكلنا جاءت كلمات الوحي تريد دخول قلوبهم وجدت تلك الأقفال , فرجعت القهقري , وما لم يقرروا هم كسر هذه الأقفال بتوبة نصوح , فإنها تستمر بقفل قلوبهم حتى يغادروا هذه الحياة ..
وقد تكدست طبقات الران عليها بالإضافة إلى تلك الأقفال ,
والأقفال كثيرة ومتنوعة ... فحب الدنيا وتفضيلها على الآخرة قفل ...
ونسيان الموت قفل .. وهجران القرآن قفل .. وقلة الذكر قفل .. وضعف المحاسبة قفل .. وترك الصدقات قفل .. وعدم العمل بالعلم قفل ..
وكثرة الاحتكاك بأهل الغفلة قفل .. وتضييع الأوقات فيما لا ينفع قفل..
وإهمال النوافل قفل .. والظلم قفل .. والمعاصي جميعها أقفال ..
وتتنوع الأقفال وتختلف في أشكالها وأحجامها , ولكنها تؤدي مهمة
واحدة وهي منع هذا القلب من تدبر كلام الله تعالى ...
لا يكسرها إلا إقبال وعزيمة وتوبة لا رجعة للذنب بعدها...
_أختكم في الله شادن _
الروابط المفضلة