الانترنت وفلذات أكبادنا
من قول النبي صلى الله عليه وسلم...
كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالرجل راع وهو
مسئول عن رعيته و المرأة راعية في بيتها وهي مسؤولية عن رعيتها
ألا وكلكم راع وكلكم
مسئول عن رعيته.....
صدق رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام...
من هذا المنطلق عليك عزيزتي الأم أن تعي المسؤولية الملقاة على عاتقك تجاه أبنائك
والتي تتعدى الاهتمام بالمأكل والملبس ..
والسير بهم على روتين تعتقدين في قرارة نفسك أنه منظم ومتين ..
لقد أصبح دور الأهل في تربية أبنائهم مقصورا على :
" افعل .. ولا تفعل .. حرام .. وعيب .. يا قليل الأدب .... يا تافه ..
.. يا بليد .. يا كذّاب .. يا لصّ .. يا .. يا .. "
حيث أغلب البيوت إذا اهتم الأهل بتربية أبنائهم تصبح كوحدة عسكريّة ،
بل أشدُّ وأنكى .
في المدرسة :
ذاكِر .. انضبط ،
وفي البيت :
ذاكِر ... انضبط ، أوامر، تهديد، سخرية ..
حتّى يصابالابن بالملل ، فيصرخُ :
كفاكم يا عالَم ، كلكم تقولون ، ولا أحدَ يسمع ،
متى أتحرّر من هذه الاغلال التي تقيدني ؟..
ادخل غرفتي للمذاكرة ..
فأهلي كل ما يهمهم أني اقفل على نفسي لأذاكر حتى يرتاح ضميرهم ..
يبحث الابن المسكين عمّن يسمعه .. وسيجدُه
، ويا لسوء الأثر،
إذا كانت الآذان المصغية، والقلوب الدافئة هي ما يجده على الإنترنت ..
فتن أبناؤنا اليوم بالإنترنت
، وولعوا به ولعاً شديداً ،
فأصبح جُلّ حديثهم عنه وعن ارتياد مواقعه ،
والإبحار في جنباته ،
والجلوس في صحبته الساعات الطوال دون كللٍ أو مللٍ ،
وهذا يجب أن يثير القلق في نفس الأهل
لما للإنترنت من مضار على فلذات أكبادنا ..
فهي تضيع الكثير من الوقت الذي يجب أن نعلم أبناءنا قيمته ..
ونزرع في نفوسهم الخوف من إضاعته و كيفية الإستفادة منه ..
وعظ النبي صلى الله عليه وسلم رجلا فقال :
(اغتنم خمسا قبل خمس
شبابك قبل هرمك , وصحتك قبل سقمك
وغناك قبل فقرك , وفراغك قبل شغلك , وحياتك قبل موتك )
هذا غير صحبة السوء التي قد تجرهم إلى دنيا غير دنيانا
تحوي من الفواحش ما يندى له الجبين
وتقشعر له الأبدان من خلال المواقع الإباحية والشات ..
وقد تزعزع عقائدهم وتشككهم فيها ..
هذا غير حملات التنصير التي قد يقع أبناؤنا في شراكها ..
لا تقولي ..ابني غير ...
قد يتعرض ابنك لغسيل مخ دون أن يعي ..
وتذهب المباديء التي تربى عليها أدراج الرياح ..
وقد يصاب أبناؤنا بالافتتان بالنصارى,
من خلال ارتياد مواقعهم فيقلدونهم تقليدا أعمى ...
هذا غير إهمال الصلاة .. فكم من مرة يؤذن فيها الأذان للصلاة ..
وابنك مسمر أمام الحاسوب ولا حياة لمن تنادي ... !!!
وقد يتعلق قلب ابنك أو ابنتك من خلال الشات بشخص يتلاعب بمشاعره ,
فتتأثر نفسيته وقد تنقلب حياته رأسا على عقب من خلال التعلق بسراب ووهم كبيرين ..
وقد يصاب بالاكتئاب والمرض النفسي ...
غير أنه سيبتعد عن المشاركة الاجتماعية والتفاعل مع أسرته وأقرانه ..
عليك عزيزتي أن تكوني واعية لمخاطر الإنترنت على عقلية ابنك ..
فما دمت قد وافقت على دخول هذه التقنية لبيتك ..
عليك أن تكوني واعية متيقنة لإمكانيات هذه الشبكة ..
وما تدخله لبيتك من فوائد لا حصر لها ومن آفات وأمراض وفساد لا سمح الله ..
ولأن الأبناء يستغلون جهل الآباء بالكمبيوتر ويفعلون ما يشاءون ..
لذلك يجب عليك عزيزتي أن تجيدي استخدام الكمبيوتر والدخول على الإنترنت ..
بل الأكثر من ذلك أن تعرفي سبل التفتيش على جهاز الكمبيوتر
لمعرفة ما هي البرامج التي تم استخدامها في الشات،
ومعرفة نوعية المواقع التي يدخل أبناؤك إليها...
وهذه السبل معروفة وتستطيعين تعلمها ..
فقط عليك أن تكوني فطنة ومتنبهة وحريصة أشد الحرص على ابنك فلذة كبدك ...
و أن تجعلي الكمبيوتر في مكان واسع ومفتوح ،
وليس في الحجرات المغلقة... !!!!!!!!!!
وعليك أنت وزوجك مفاجأة ابنك وهو على الكمبيوتر بين الحين والآخر.
عندها يتيقن ابنك أنه مراقب
وأن خطواته محسوبة عليه فيستقيم ...
مع ضرورة دعم التحفيز الذاتي لابنك ضد كل ما هو سيء ,
وتقوية المناعة الإيمانية بداخله ضد كل ما هو حرام ..
قال تعالى :
" وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ
وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ " .. يونس ( 61)
عليك أن تعي دورك تجاه أبنائك
وأن تجعلي أهدافك واضحة نصب عينيك
وأولها تنشئة ابنك تنشئة سليمة وصحيحة وفق منهج القرآن الكريم
وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم ..
و هناك من الآباء والأمهات من ينشغلون عن أبنائهم
ويتخذون من جلوس الأولاد على الانترنت فسحة لهم
إما للتنعم بالهدوء والراحة أو العمل
أو الزيارات الاجتماعية والخروج المستمر من المنزل
وترك الأبناء هكذا بلا رقابة
أو تحت رقابة الخدم الذين قل ما وجدنا بينهم الحرص على مراقبة الأبناء
وملاحظة سلوكهم، بل وجدنا رغبتهم في أن ينشغل الأبناء عنهم أكبر بكثير ..
عليك أن تقضي مع ابنك و تكوني بالقرب منه أكبر وقت ممكن
وأن تنمي فيه حب التعلم واكتشاف كل ماهو جديد ومفيد .
.وعليك أن توفري له موارد التعلم حسب استطاعتك..
فقد أصبحنا نعاني كثيرا في بيوتنا من عدم إقبال أبنائنا على القراءة المفيدة
واتخاذ الكتاب صديقاً
بدل من أصدقاء السوء, الذين يطلون عليهم من خلال شاشات الإنترنت,
فقد أصبح هناك تغير كبير في شخصية الأبناء ؛
هم يعيشون في عالم آخر بعيد عن قيمنا وأخلاقياتنا
رسمه لهم من لا مبدأ لهم ولا ذمة ولاضمير .
لا يوجد شيء كله حسن أو كله سيء،
ولكن الإشراف على أبنائنا عند استخدام الحاسوب والإنترنت
يعتمد بالدرجة الأولى على السيطرة على ما يتواصلون معه وتنظيم أوقاتهم.
ولذلك ،عليك أختي الأم أن توجهي ابنك وتوعيه للجوانب المفيدة للإنترنت
وتجعليه شغوفا مستمتعا بالبحث عن كل ما يتعلق بهواياته واهتماماته
التي عليك أولا أن تنميها بداخله
حتى ينشأ متميزا واثقا من نفسه
مقدرا لما يخطوه من خطوات تجاه مستقبله ..
علينا أن نكسب أبناءنا بالنصيحة الصادقة ..
ونصادقهم فمن سيجدون خيرا منا أصدقاء لهم ؟
والصديقُ لا يملك على صديقِه سلطانًا،
إلا سلطانَ الحجّةِ والبرهان، والنصح والإقناع .
علينا ألا نجعلْ أبناءنا تابعين لنا ،
نأمرهم وننهاهم ،
دون أن نستمع لهم ,
ونسمح لهم بإبداء رأيهم ..
ولكن علينا بالتوجيه الهادئ ، غيرَ المباشر،
حيث
لا نقلّل من شأنهم ، ولا نجبرهم على الانصياع لنا دون اقتناع ..
احترمي ابنك مهما كان سِنُه ،
لا تسخري منه ،... ولا تحطمي نفسيّته ...
لا تشعرْيه بالدونيّة والنقص والتردّد والخجل ..
وضعفِ القدرة على مواجهة الآخرين ....
فهو بذلك سينحرف عن الطريق السليم ...
وسيبحث عما يقع تحت يده من وسائل يكمل فيها النقص ..
النقص
في الإرشاد و التوجيه الصحيح ..
أو النقص في الشعور بالثقة ..
أو نقص في الحنان والحب من الأهل وجفاؤهم له ,
وبعدهم و انشغالهم عنه ..
فالشعور بالوحدة و الفراغ العاطفي
من أهم الأسباب التي تجعل أبناءنا يتجهون للإنترنت
الذي قد يقودهم إلى الإدمان ...
إما على المواقع الإباحية والشات عبر الانترنت ..
أو على مذهبات العقل من مسكرات ومخدرات ,
من خلال الصحبة الفاسدة والعياذ بالله ..
وما ظننت انك غاليتي ستفرطين في أغلى مخلوق على قلبك ,
وتقذفي به إلى بحور الإنترنت لتتلاطمه أمواجها وتسحقه تياراتها ..
فالأبناء هم حصاد العمر و امتداد الآباء .. و ليس من الطبيعي التفريط فيهم لأي سبب من الأسباب
الروابط المفضلة