فضيلة الشيخ نسمح كثيرا من يقول في معرض الكلام على هذا النازلة وهي الحرب بين حزب حسن نصر وبين اليهود ، إن الخلاف بين السنة و الشيعة يجب أن ينحى جانبا إذا كانت المواجهة مع اليهود ، وأنت ذكرت أن كليهما عدو ، فكيف نجعل أهل القبلة مثل غيرهم ؟!!
الإجابة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبيّنا محمد ، وعلى آله ، وصحبه ،وبعد :
العجب والله كلَّ العجب ، من الذين يكفِّرون الطواغيـت لموالاتهم الأعداء الصليبـّين والصهاينة ، ومظاهرتهم على المسلمين ، وينصبون لهم أشدّ العداء ـ وحُقّ لهم ذلك ـ ولا يكفّرون الذين كانوا ، ولازالوا ـ فضلا عن نواقضهم الأخرى ـ أشـدّ النّاس موالاةً ومظاهرةً للكفّار على المسلمين ، إذا كان ذلك يحقق أطماع دولتهم !
وهم الثورة الخمينيّة ، وفروعها ، وجنودها ، المتربصّة بالمسلمين دائرة السـوْء ، وشرُّهم ، وضرُّهم ، وخيانتُهم للأمّة ، أشدّ مما يفعله حكّام الكفر والجوْر ، عليهم جميعا دائرة السوء ، وغضب الله عليهــم ، ولعنهـم ، وأعدّ لهم عاقبة السوء ..آمين !!
نعم لو أنّ القضية كانت خلاف بين السنةّ و الشيعة ، والشيعة في مواجهة مع اليهود ، لكان لهذا القول الذي ذكرته في السؤال وجه .
غير أنّ هذا لايقوله إلاّ من هو في غفلة تامّة عن واقع النازلة .
فالأمر قد تعدّى خلاف بين سنّة وشيعة ، بل هـو في حقيقته زحـف منظّم لعدوان إيراني صفوي يوظّف التشيّع ، قــد بلغ عُدوانه أن أباد أكثر من مائة ألف سنّي في العراق ، ولايزال يخطط لمحوْ وجودهم ، لاسيما في الوسط والجنوب ، تمهيدا لمؤامرات أخرى على الأمّة ، وسط تكتمّ إعلامي ، على جرائم ، لم يفعلها حتى اليهود في الفلسطينيين ، فضلا عن كونه هو الذي أعان الصهاينة والصليبيين على احتلال بلاد المسلمين وإظهار جميع شعائـر الكفر فيها .
نعـم إنّ هذا العدون الصفوي الذي ينتمي إليه حزب حسن نصر ، وهو أحد فصائله ، قـد أباد من المسلمين ، أكثر مما قتل اليهود في عدوانهم على لبنان ، فضلا عن فظائع التعذيب ، وهتك الأعراض وغيرهـا ، وزاد أنه مكّن الصهاينة ، والصليبين ، في بلاد الإسلام .
وفي ميزان الإسلام ، دماءُ المسلمين واحدة ، فليست دماء اللبنانيين والفلسطينيين ، بأولى من دماء المسلمين العراقيين ، أو الأفغانيين أو غيرهما .
وهذا العدوان الصفوي الإيراني قد زرع منظمات سريّة ، يبتغي إثارة الفتن في بلاد الإسلام مثل حزب حسن نصـر في لبنان ، الذي لم يعلن الجهاد لتحرير فلسطين أصـلا ،وإنما تحرّك بأوامر من طهران ، لتحقيق مكاسب سياسية لمشروع العدوان الصفوي على أمّتنا فحسب ، فاستغل الصهاينة الفرصة ، لتحقيق مكاسب سياسية ضد المشروع الصفوي، هذا هو التوصيف الواقعي للنازلة .
وقـد تبيّن أنّ هذا العدوان الصفوي ، لايقل خطره عن خطـر الحملة الصهيوصليبية.
أولا : لأنّه أيضا يحمل مشروع توسعي إمبريالي صفوي عنصري ، ليس إطلاق إســم الإسلام عليه إلاّ تزييفا لحقيقته ، فهو من أسوء الأنظمة العنصرية المعاصرة ، كما يشهد بذلك الأقليّات في ظله ، لاسيما أهل السنة
وثانيا : لأنّه يحمل غزوا فكريا ، يستهدف كلّ ثقافتنا ، حتى أصول العقيدة الإسلامية ، كما تاريخنا ، وتراثنا ، فهو كلّه نظرهـم زيفٌ ، لايعترفون به ، بل دينهم دينٌ آخر، ولو سُلِّطوا على أمّتنا فسيمسخونها، كما يمسخون الآن العراق ، ولهذا فإنهم بدؤوا في العراق بإغتيال أئمة المساجد ، والعلماء ، حتى امتدت إيديهم الآثمة إلى آثار الخلافة الإسلامية.
وثالثا : لأنّه مشروع عدوان لديه إستعداد لخيانة أمّتنا بالوقوف مع المحتل الصهيوصليبي ، والتعاون معه ، ولهذا فجميع رموزهم في العراق ، بفتاوى مراجعهم ، مع المحتل وأخـدم أعوانـه !
ويجزم من يعرف عقيدتهم ، وتاريخهم ، أنهّم لو كانوا أقليّة في فلسطين ، وجاء اليهود لإحتلالها ، لأعانوهم ، كما أعانوا اليهود ـ أعني أمريكا ـ لإحتلال العراق ، و أفغانستان ، وسفكوا من دماء المسلمين أنهارا ،
غير أنهم يستغلون القضية الفلسطينية اليوم ، لمكاسب سياسية ، وحصد التعاطف الإسلامي لمشروعهم حتى يصل إلى أهدافه فحسب .
ولهذا قلنا إنّ الذين يظنّون أنّ ما يسمـّى مقاومة إسلاميّة في جنوب لبنان ، في حالة حرب مع اليهود لتحرير فسلطين .
أو هـو خلاف سني شيعي ، في مواجهة مخطط صهيوصليبي ، أنهم سذج ، ومخدوعون ، يعيشون خارج واقعنا تماما .
وقد ذكرنا فيما مضى أنّ هذه المواجهة ، بين العدوّين اللدودين ، هـو صراع تغالب بين مشروعين ، كلاهمـا يضمر السوء لأمّتنا ، وهو من باب تسليط الظالمين على الظالمين ، قال تعالى ( وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون ) .
ومعلوم عند أهل العلم من أهل السنة ، أن الرافضة لم تزل في شقّ ، والمسلمون في شق ، وكانوا دائما أعوانا لأعداء الإسلام عليه ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
( وهذا مأخذ الخارجين عن السنة من الرافضة ، ونحوهم ، ثم يعدّون ما يرون أنه ظلم عندهم كفرا ، ثم يرتبون على الكفر أحكاما ابتدعوها ، فهذه ثلاث مقامات للمارقين من الحرورية والرافضة ونحوهم . في كل مقام تركوا بعض أصول دين الإسلام حتى مرقوا منه ، كما مرق السهم من الرمية ، وفي الصحيحين في حديث أبي سعيد : ( يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان ؛ لئن أدركتهم لأقتلهم قتل عاد ) ، وهذا نعت سائر الخارجين كالرافضة ونحوهم ؛ فإنهم يستحلون دماء أهل القبلة لاعتقادهم أنهّم مرتدّون أكثر مما يستحلّون من دماء الكفّار ) .
وقال في موضع آخـر : (ووزير بغداد ابن العلقمي الرافضي هو الذي خامر على المسلمين ، وكاتب التتار حتى أدخلهم أرض العراق ،بالمكر والخديعة ، ونهى الناس عن قتالهم ، وقد عرف العارفون بالإسلام : أن الرافضة تميل مع أعداء الدين ، ولما كانوا ملوك القاهرة كان وزيرهم مرة يهوديا ، ومرة نصرانيا أرمينيا، وقويت النصارى بسبب ذلك النصراني الأرميني ، وبنوا كنائس كثيرة بأرض مصر في دولة أولئك الرافضة المنافقين ، وكانوا ينادون بين القصرين : من لعن وسب فله دينار وإردب .
وفي أيامهم أخذت النصارى ساحل الشام من المسلمين ، حتى فتحه نور الدين ، وصلاح الدين . وفي أيامهم جاءت الفرنج إلى بلبيس ، وغلبوا من الفرنج ؛ فإنهم منافقون ، وأعانهم النصارى ، والله لا ينصر المنافقين الذين هم يوالون النصارى ، فبعثوا إلى نور الدين يطلبون النجدة ، فأمدهم بأسد الدين ، وابن أخيه صلاح الدين
فلما جاءت الغزاة المجاهدون إلى ديار مصر ، قامت الرافضة مع النصارى فطلبوا قتال الغزاة المجاهدين المسلمين ، وجرت فصول يعرفها الناس ، حتى قتل صلاح الدين مقدمهم شاور ، ومن حينئذ ظهرت بهذه البلاد كلمة الإسلام والسنة والجماعة وصار يقرأ فيها أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كالبخاري ومسلم ونحو ذلك .
ويذكر فيها مذاهب الأئمة ويترضى فيها عن الخلفاء الراشدين ؛ وإلا كانوا قبل ذلك من شر الخلق )
والله أعلى وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
الروابط المفضلة