أطفالنا وعصر العولمة


ندوة مركز الدراسات المعرفية تؤكد:
التربية الأسرية السليمة خير وسيلة لإنقاذ أطفالنا من عدوي الثقافات الوافدة

كيف نعد أطفالنا للمستقبل في ظل العولمة والقنوات المفتوحة والتحديات الحضارية والعسكرية والصراعات التي تواجه عالمنا الإسلامي? كانت إجابة هذا السؤال محور المحاضرة التي ألقتها د. ليلي كرم الدين - مدير مركز دراسات الطفولة بجامعة عين شمس - مؤخرًا والتي نظمها مركز الدراسات المعرفية المنبثق عن المعهد العالمي للفكر الإسلامي.
أوضحت الدكتورة ليلي في البداية مجموعة خصائص وصفات لابد أن يتحلي بها طفل القرن الحادي والعشرين ليواكب التطوير الهائل الذي يشهده العالم من حوله, ومن ناحية أخري ليواجه التحديات الثقافية والحضارية والصراعات الدينية, التي تحاك بالعالم الإسلامي علي وجه التحديد, وأهمها القدرة علي التعامل الجيد مع التكنولوجيا الحديثة واستخدام الكمبيوتر والنت في عصر ثورة المعلومات بالإضافة إلي القدرة علي حل المشكلات التي تواجه المسلم بطرق جديدة ومبتكرة غير تقليدية, والقدرة علي التفكير الناقد مقترنًا بالقدرة علي القيام بالتفكير الابتكاري واستحداث كل ما هو جديد ومفيد نافع, ولا بد أن يتسم أطفالنا بالمقدرة علي التعلم الذاتي والاستفادة من كل الفرص المتاحة لإثبات الذات وتحقيق النجاح.
وتستطرد قائلة: نحمد اللّه تعالي أنه رغم التغيرات الخطيرة التي طرأت علي حياتنا الاجتماعية والبنيان النفسي للأسرة المصرية فإنها بفضل اللّه مازالت متماسكة محافظة علي عاداتها وتقاليدها ملتزمة بالدين الإسلامي, مما يعطي مؤشرًا بأن الإنسان الذي يتخرج في هذه الأسر سيتمتع بالصحة النفسية ويتكون ضميره في ظل علاقات صحيحة طيبة, ويتعلم الولاء والانتماء والأخلاق الحميدة والسلوكيات الطيبة.
لكن ذلك لا يعني عدم وجود أسر متفككة تختفي فيها القدوة الطيبة بغياب الأب للعمل طوال اليوم وغياب الأم خارج البيت من أجل مساعدة الزوج في الكسب أو انشغالها أمام التليفزيون أو بتوافه الأمر ويفتقد الأبناء لمن يوجههم التوجيه السليم, وهنا فقط يتبادر إلي الأذهان سؤال: ما العمل إذن? ومن سيقوم بالتربية السليمة?
فتعقب الدكتور ليلي قائلة: إن هناك طريقين, أولهما: إدخال منهج «التربية الوالدية» إلي مقررات في مناهج الإعدادي والثانوي كنوع من أنواع التوعية والإرشاد لكيفية أن يكون الابن أبًا ناجحًا والابنة أما ناجحة, بالإضافة إلي توعية الأسر القائمة بالفعل لكيفية معاملة الأبناء وتربيتهم وتخطي مناطق الخلاف الساخنة بين الآباء والأبناء وتمر الأزمات فيما بينهم بأمان.. أما الطريق الثاني فيكمن في بدائل الأسرة والمؤسسات الاجتماعية والتربية المعنية بالتنشئة ومنها المدرسة ودور العبادة المختلفة والإعلام وغيرها, لكنها هي الأخري أصبحت لا تقوم بمسئولياتها بنسبة حتي 1% وقد لا نكون مخطئين إن قلنا إنها تهدم ولا تبني? ولنا أن نتساءل: هل تتوافر المعلمة المؤهلة تربويًا ونفسيًا للقيام بتلك المهمة الصعبة? وهل المدرسة تقوم بدورها من خلال المناهج أم أنها مناهج عقيمة? وهل تترك الفرصة للمساجد للقيام بالتربية والتهذيب والتقويم? وأخيرًا.. هل كل هذه المؤسسات قادرة علي إعداد أولادنا للمستقبل خاصة بعد تطبيق اتفاقية الجات?
تستشف الدكتورة الإجابة بالرجوع إلي قيمنا الدينية وخصوصيتنا الإسلامية التي بدأت بقوله تعالي «اقرأ» والتي تعلمنا أن تربية الأبناء تربية فاضلة واجب مقدس, وأن الحفاظ علي تماسك العلاقات الاجتماعية المختلفة له أهمية عظمي في حياتنا كمسلمين وأنه السبب في تقدمنا عالميًا.. ولقد قمنا باستطلاع رأي الأطفال حول القصص التي تحوز إعجابهم فأكدوا أنهم يحبون القصص الديني وقراءة القرآن الكريم.. لذا فإنني أقول إن تربية الطفل علي الحب والانتماء والولاء للهوية الإسلامية تجعله يقاوم كل ما يواجه من تحديات خارجية من سماوات مفتوحة وإدمان وانحراف طالما تأسس في البداية علي أساس سليم وقويم.
وفي النهاية أكدت الدكتورة ليلي أن التحدي الخطير الذي نواجهه كأسر عربية إسلامية شرقية هو الإصرار علي التربية وعدم ترك المجال للوسائط الأخري البديلة خاصة إذا علمنا أن أبناءنا هدف ثمين في المعركة الشرسة التي يخوضها الغرب ضدنا باسم الإرهاب وما هو إلا صراع ضد الدين الإسلامي