هكذا كبرنا و تربينا على ان المربى ، المدرس ، المعلم شئ خاص جدا ، واجب احترامه حق مكتسب
تعودنا على التّأسّف على الماضي ،
حيث كان المعلّم محترما وكان الطالب مجدّا ومهذّبا ،
وحيث كان المستوى التعليمي مشرفا !
لكن العارف بالأمور سيرى أنّ الأمر عاد بحكم تحوّل
في القيم خطير
اختلطت وتدهورت فيه المفاهيم
والمعايير الأخلاقية والتربوية .
والتي أفرزت ظواهر سلبية
أبرزها العنف في الوسط المدرسي ،
وهو عنف متبادل ـ قد يحصل من الطرفين ـ
لنتساءل على من تقع المسؤولية ؟
سؤال كبير بحجم الكارثة ،
فبدل أن نتساءل عن المسؤول عن تقدم المستوى
ونبوغ الطلبة وسيادة التربية في الوسط المدرسي ؛
أصبحنا نبحث عن المسؤول عن العنف ؟
من ضرب من؟ وكأنّنا في حلبة مصارعة .
المسؤولية موزعة بين جميع الأطراف المعنية بالتعليم ـ والتربية ـ،
والمدرسة تفقد هيبتها حين يتم الفصل بين التربية والتعليم ؛
ويصبح الهمّ الشاغل هو شحن أدمغة الطلبة بمعارف
يمتحنون فيها وينتهي الأمر ،
دون الاهتمام بالجانب الوجداني في التكوين.
وكأنّ المدرسة سوق يتبضع منه الطالب
ما يجتاز به اختبارا
دون الاهتمام بالعلاقات التربوية السليمة
التي من المفروض أن تسود فضاء المؤسسات التعليمية
التي فقدت خاصيتها التربوية
ـأتحدث عن المؤسسات التي تعيش هذا الوضع ـ .
على الولى الذى يستند لماله و نفوذه ؟
على الولي نعم ،
لكن ليس شرطا أن يكون ذا مال ونفوذ
صحيح أنّ بعض أبناء الأغنياء مدلّلون
ولا يقيمون وزنا ولا اعتبارا للاحترام الواجب للمدرسة والمدرسين ،
لكن بعض أبناء الفقراء يرتكبون مخالفات تربوية خطيرة بسبب جهل الآباء
وانشغالهم عن أبنائهم إمّا بالبحث عن لقمة العيش
أو بانحرافاتهم الخاصة ، كنت أرى في المدارس أمهات
يأتين لحل مشاكل أبنائهنّ لأنّ الأب غائب ماديا
وأغلبهم غائبون معنويا وأدبيا ،
أب مدمن خمر أو مخدّرات ! هل نتوقع أن تكون تربيته لأبنائه سوية ؟
وهل يعرف أبناؤه معنى الانضباط والاحترام ؟
لا أعتقد .
هؤلاء الآباء أعتبرهم مستقيلين من مهمتهم التربوية ؛
فمن يتحمل المسؤولية ؟
على التلميذ الذى لا يعرف قيم الاحترام و التقدير
حتى لا نقوم بتعميم ظالم ،
هناك طلبة متميزون دراسة وسلوكا ،
لكن المعنيين بالعنف لهم علاقة متوتّرة مع السلطة التربوية ،
هناك من يتمرّد على المعلم لأنّه رمز للسلطة الأبوية ،
فيسقط على المعلم ما لم يستطعه مع أبيه
وهناك من لا يعرف فعلا قيم الاحترام والتقدير
لأّنه يعيش في بيئة تنتفي فيها هذه المعايير
أو هي موجودة لكنها مشوّشة ومشوهة .
ام على المربى الذى لم يعد مربيا يل أصبح اسما بلا روح ؟
أوجه هنا تحية لكل معلم مربّ مسؤول ،
يعتبر عمله رسالة حضارية ،
لأنّ المعلم هو الذي يوفر التكوين العلمي الفكري والثقافي
إلى جانب التربية على القيم الحضارية والدينية والأخلاقية الخاصة بمجتمعه ،
فالمعلم هو صانع الأجيال ،
والأجيال مستقبل الأمة؛
فكيف تكون الأمة ناجحة إن كان المعلم غير مقد|ر مهمته ورسالته ،
والطالب غير مقدّر الظريف التي يشتغل فيها المعلم وإكراهات عمله ،
والآباء غير متعاونين مع المدرسة .
والخلاصة أنّ مسؤرولية العنف تقع على الجميع
بدءا من مصادر القرار التي تحدد غايات التعليم
إلى الإدارة المدرسية وكيفية تدبيرها الفضاءات
والعلاقات المدرسية
إلى المعلم وكيف يدبر النشاطات التعليمية التعلمية
إلى الطالب الذي يأتي إلى المدرسة
وكأنّه ذاهب إلى السجن .
كما أن هناك عوامل أخرى لم تذكر هنا وهي :
طبيعة المناهج المفروضة على الطالب :
هل أخذ بعين الاعتبار اهتمامات وميول الطالب
وحاجاته النفيسية والاجتماعية ؟
والاختبارات ؛ هل تبنى بطريقة تسمح باستثمار المعارف والمهارات
بدل استهلاكها وإرجاعها يوم الامتحان .
لأنّ أغلب حالات العنف تظهر في فترات الامتحانات
التي يحصل فيها تصادم بسبب
رغبة بعض الطلبة في الغش ،
وهذه وحدها طامة كبرى .
ولو طرحنا السؤال على الطلبة
لسمعنا العجب في قدرتهم على تحديد المسؤوليات .
موضوع في غاية التشابك غاليتي سامية ،
ويتطلّب أكثر من وقفة لكل
من العناصر المتدخلة فيه .
جزاك الله خيرا على فتح هذا القوس .
الروابط المفضلة