باب قول الله تعالى:
(( أفأمنوا مكر الله فلايأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ))
وقوله تعالى:
(( ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضآلون ))
بيان أن الجمع بين الخوف والرجاء واجب من واجبات الإيمان ولايتم التوحيد إلا بذلك
فعدم الجمع بين الخوف والرجاء مناف لكمال التوحيد
* قوله : ((أفأمنوا مكر الله فلايأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ))
بيان أن المشركين من صفاتهم أنهم أمنوا عقاب الله فلم يخافوا والواجب بالمقابل
أن تكون قلوبهم خائفة وجلة من الله
والأمن من مكر الله ناتج عن عدم الخوف وعبادة الخوف قلبية لأن العبد إذا كان في قلبه عبادة الخوف سيسعى في مراضي الله ويبتعد عن معاصيه وسيعظم الله ويتقرب إليه بالخوف وعدم الأمن من المكر راجع إلى عدم فهم صفات الله وأسمآؤه التي منها القهار والجبار وهو الذي يجير ولايجار عليه ..
* مكر الله من صفاته التي تطلق مقيدة يمكر بمن مكر بأوليائه وأنبيائه وبمن مكر بدينه لأنها في الأصل صفة نقص ولكن تكون كمال إذا كانت بالمقابلة أي أن الله يمكر من باب الجزاء والمقابلة لامن باب الإبتداء ..
*قوله: (( ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضآلون ))
معناه أن من صفة المتقين المهتدين أنهم لايقنطون من رحمة الله
بل يرجوا رحمة الله والواجب الجمع بين الخوف والرجاء شرعا ..
* اختلاف العلماء في أيهما يغلب: الخوف أم الرجاء
أن ذلك على حالتين :
إذا كان العبد في حال الصحة فإنه إما أن يكون مسددا مسارعا إلى الخيرات وهذا ينبغي له أن يتساوى في قلبه الخوف والرجاء
وإذا كان في حال الصحة ومن أهل العصيان الواجب عليه أن يغلب جانب الخوف حتى ينكف عن المعصية
وإذا كان في حال المرض المخوف منه فإنه يجب عليه أن يعظم جانب الرجاء على الخوف ..
* عن ابن عباس رضي الله عنهما :
( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الكبائر :
فقال: الشرك بالله , , واليأس من روح الله , والأمن من مكر الله )
وجه الشاهد أنه جعل اليأس من روح الله وهو ذهاب الرجاء وترك الإتيان بعبادة الرجاء جعله من الكبائر وجعل الأمن من مكر الله وهو ذهاب الخوف من الله من الكبائر
واجتماع الكبيرتين معا بأن لايكون عنده رجاء ولاخوف أعظم من ترك الخوف وحده أو ترك الرجاء وحده ..
* عن ابن مسعود قال:
(( أكبر الكبائر الإشراك بالله والأمن من مكر الله والقنوط من رحمة الله واليأس من روح الله ))
وهذا باعتبار بعض الصفات لاباعتبار
أصل المعنى
دلالة الجميع أن الخوف والرجاء اجتماعهما في القلب وإفراد الله بهما والمقصود خوف العبادة والرجاء..
الروابط المفضلة