لقد تناولت من قريب
قلاية بندورة من يد وعود
إنتاج بيارات جنين
وكانت لونلي هناك..
واستمعت لهلوساتها
فراقت لي..
ترى هل حلم الوحدة هلوسة
هل حلم كسر الحدود هلوسة؟
بسطّت ذراعي وركضت...تخيلت بأني أحلّق في السماء، أركض في بياراتنا على أرض جنين الحبيبة، في فصل الربيع البديع، صرت ألف حول زهور شقائق النعمان، فتحسدني على نعمة الطفولة، أركض وأضرب الأرض بقدمي ضربات تهز الورد، فقبّلني الندى، وحياني نوّار اللوز ببسمة عذبة على ثغره، تأملت الشجرة التي تحتويه، وقد عاشت شجرة اللوز طوال فصل الشتاء متجرّدة من الثياب، وحينما ارتدت، اختارت أجمل الثياب، الثوب الأبيض "رمز النقاء" .
عدت من أحلام اليقظة إلى الأرض، ولمحت شجرة الليمون الحبيبة، التي تقف قُرب دارنا، أنزلت ذراعي وتأملتها، ثابتة في الأرض شامخة نحو السماء، قررت تسلّقها، أمسكت ساقها بإحكام، واحتضنتها، ثم رفعت قدمي الصغيرتين، وثبتهما حول ساق الشجرة، ورفعت جسدي الغض الصغير، لأتسلق شجرتي الحبيبة، حتى وصلت إلى غصن عالٍ ومتين، استلقيت على بطني فوق الغصن، بسطت ذراعي مرة أخرى...فتحوّلت الذراعين إلى جناحين ذهبيين، وصرت حمامة ذهبية تحلّق في السماء.
حلّقت فوق أشجار الليمون واللوز والزيتون، تأملت حدائقها وشممت عبير زهر الليمون فيها، حلقت فوق حقول القمح الخضراء، تلمع عندما تعكس ضوء الشمس، فتتلألأ مثل تلألأ البحر ليلة البدر، يحرّكها النسيم، فتميل مثل الراكعين، وكأنها تسبح بحمد الله العظيم، ثم حلقت أعلى فوق سماء جنين وقد سماها القدماء"عين جنيم" ومعناها عين الجنائن.
حلقت عاليا، فداعبني رذاذ المطر المختبئ بين الغيوم، ولمست بجناحيّ أكوام السحاب، كانت تشبه جبالا شامخة من القطن البيضاء، تحلّق فوق سهول جنين، وقرى جنين، وحدائق جنين، وإذا بنفسي تردد: سبحان الخالق، الذي صنع العطر فأبدع، وسبحان من خلق الجنائن فأتقن، وصنع السحاب فجعلنا نحلّق ونفكّر ونبدع.
وتمايلت بذراعي وتذكرت تاريخ بلدتنا العظيم في معركة عين جالوت، وصاحبها العظيم قطز، التي كانت أول معركة تحطّم أسطورة المغول، ونادت بكلمة أسطورة النصر،"وا إسلاماه"، ولمحت الشهيد عز الدين القسام يجتمع مع شباب صانور وجبع وصير، وتخيلت الشباب المجاهد يلف حول عز الدين القسام، ينتظرون أوامره، أو يصلّون خلفه، ولمحت حينما تعطّرت جنين بدمه الزكية، وروحة الطاهرة حينما استشهد فيها.
بل حلّقت بعيدا فوق جامع جنين الكبير، أهم معالم جنين، ودير اللاتين، ورأيت الناس مشغولة تتسوق في سوق السيباط عند مدخل المدينة القديمة.
وأردت أن أحلق إلى بلدان أخرى في عالمنا العربي، لأكتشف وأرى إخوتي في وطننا العربي، ولكني اصطدمت بحائط الحدود الوهمي...
فاستيقظت فزعة..
فجنين محتلة..
فلسطين..
ثم..
الروابط المفضلة