( إن الذين ينادونك - أيها النبي - من وراء حجراتك بصوت مرتفع، أكثرهم ليس لهم من العقل ما يحملهم على حسن الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، وتوقيره. )
( واعلموا أن بين أظهركم رسولَ الله فتأدبوا معه؛ فإنه أعلم منكم بما يصلح لكم، يريد بكم الخير، وقد تريدون لأنفسكم من الشر والمضرة ما لا يوافقكم الرسول عليه، لو يطيعكم في كثير من الأمر مما تختارونه لأدى ذلك إلى مشقتكم، ولكن الله حبب إليكم الإيمان وحسَّنه في قلوبكم، فآمنتم، وكرَّه إليكم الكفرَ بالله والخروجَ عن طاعته، ومعصيتَه، أولئك المتصفون بهذه الصفات هم الراشدون السالكون طريق الحق. )
( وإن طائفتان من أهل الإيمان اقتتلوا فأصلحوا -أيها المؤمنون- بينهما بدعوتهما إلى الاحتكام إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والرضا بحكمهما، فإن اعتدت إحدى الطائفتين وأبت الإجابة إلى ذلك، فقاتلوها حتى ترجع إلى حكم الله ورسوله، فإن رجعت فأصلحوا بينهما بالإنصاف، واعدلوا في حكمكم بأن لا تتجاوزوا في أحكامكم حكم الله وحكم رسوله، إن الله يحب العادلين في أحكامهم القاضين بين خلقه بالقسط. وفي الآية إثبات صفة المحبة لله على الحقيقة، كما يليق بجلاله سبحانه. )
** بَغَتْ = اعتدت واسْتطالت وأبَتِ الصلح ** تَفِيءَ = تَرْجع ** أَقْسِطُوا = اعدلوا في كل أموركم
( يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشريعته لا يهزأ قوم مؤمنون من قوم مؤمنين؛ عسى أن يكون المهزوء به منهم خيرًا من الهازئين، ولا يهزأ نساء مؤمنات من نساء مؤمنات؛ عسى أن يكون المهزوء به منهنَّ خيرًا من الهازئات، ولا يَعِبْ بعضكم بعضًا، ولا يَدْعُ بعضكم بعضًا بما يكره من الألقاب، بئس الصفة والاسم الفسوق، وهو السخرية واللمز والتنابز بالألقاب، بعد ما دخلتم في الإسلام وعقلتموه، ومن لم يتب من هذه السخرية واللمز والتنابز والفسوق فأولئك هم الذين ظلموا أنفسهم بارتكاب هذه المناهي. )
** تَلْمِزُواأَنفُسَكُمْ = لا يَعِبْ ولا يَطعَن بعضكم بعضا ** لَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ = لا تداعوْا بالألقاب المستكرَهة
( قالت الأعراب ( وهم البدو ) : آمنا بالله ورسوله إيمانًا كاملا قل لهم -أيها النبي-: لا تدَّعوا لأنفسكم الإيمان الكامل، ولكن قولوا : أسلمنا، ولم يدخل بعدُ الإيمان في قلوبكم، وإن تطيعوا الله ورسوله لا ينقصكم من ثواب أعمالكم شيئًا. إن الله غفور لمن تاب مِن ذنوبه، رحيم به. وفي الآية زجر لمن يُظهر الإيمان، ومتابعة السنة، وأعماله تشهد بخلاف ذلك. )
( قل - أيها النبي - لهؤلاء الأعراب : أتُخَبِّرون الله بدينكم وبما في ضمائركم، والله يعلم ما في السموات وما في الأرض؟ والله بكل شيء عليم، لا يخفى عليه ما في قلوبكم من الإيمان أو الكفر، والبر أو الفجور. )
( أغَفَلوا حين كفروا بالبعث، فلم ينظروا إلى السماء فوقهم، كيف بنيناها مستوية الأرجاء، ثابتة البناء، وزيناها بالنجوم، وما لها من شقوق وفتوق، فهي سليمة من التفاوت والعيوب؟ )
( كذَّبت قبل هؤلاء المشركين من قريش قومُ نوح وأصحاب البئر وثمود، وعاد وفرعون وقوم لوط، وأصحاب الأيكة قومُ شعيب، وقوم تُبَّع الحِمْيَري، كل هؤلاء الأقوام كذَّبوا رسلهم، فحق عليهم الوعيد الذي توعدهم الله به على كفرهم. )
** قَوْمُتُبَّعٍ = أبي كَــِربٍ الحِمْـيَريّ ملِك اليَمَن
( أفَعَجَزْنا عن ابتداع الخلق الأول الذي خلقناه ولم يكن شيئًا، فنعجز عن إعادتهم خلقًا جديدًا بعد فنائهم؟ لا يعجزنا ذلك، بل نحن عليه قادرون، ولكنهم في حَيْرة وشك من أمر البعث والنشور. )
( وأهلكنا قبل هؤلاء المشركين من قريش أممًا كثيرة، كانوا أشد منهم قوة وسطوة، فطوَّفوا في البلاد وعمَّروا ودمَّروا فيها، هل من مهرب من عذاب الله حين جاءهم؟ )
** بَطْشًا = قوّة أو أخْذا شديدا في كلّ شيء ** فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ = طوّفوا في الأرض حَذرَ الموت ** مَّحِيصٍ = مَهْرَبٍ ومفرّ من الله ـــــــ ق - الآية 44 { يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ۚ ذَٰلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ }
( إنَّا نحن نحيي الخلق ونميتهم في الدنيا، وإلينا مصيرهم جميعًا يوم القيامة للحساب والجزاء، يوم تتصدع الأرض عن الموتى المقبورين بها، فيخرجون مسرعين إلى الداعي، ذلك الجمع في موقف الحساب علينا سهل يسير. )
( نحن أعلم بما يقول هؤلاء المشركون مِن افتراء على الله وتكذيب بآياته، وما أنت - أيها الرسول - عليهم بمسلَّط؛ لتجبرهم على الإسلام، وإنما بُعِثْتَ مبلِّغًا، فذكِّر بالقرآن من يخشى وعيدي؛ لأن مَن لا يخاف الوعيد لا يذَّكر. )
** بِجَبَّارٍ ۖ = بمُسلـط تجْـبـرُهمْ على الإيمان
*** تم بحمد الله وعونه بعض معاني الكلمات من سورة ق *** - يتبع رجاء -
( أقسم الله تعالى بالرياح المثيرات للتراب، فالسحب الحاملات ثقلا عظيمًا من الماء، فالسفن التي تجري في البحار جريًا ذا يسر وسهولة، فالملائكة التي تُقَسِّم أمر الله في خلقه. إن الذي توعدون به - أيها الناس - من البعث والحساب لكائن حق يقين، وإن الحساب والثواب على الأعمال لكائن لا محالة. )
( وأقسم الله تعالى بالسماء ذات الخَلْق الحسن، إنكم - أيها المكذبون - لفي قول مضطرب في هذا القرآن، وفي الرسول صلى الله عليه وسلم. يُصرف عن القرآن والرسول صلى الله عليه وسلم مَن صُرف عن الإيمان بهما؛ لإعراضه عن أدلة الله وبراهينه اليقينية فلم يوفَّق إلى الخير. )
( فلما رآهم لا يأكلون أحسَّ في نفسه خوفًا منهم، قالوا له : لا تَخَفْ إنا رسل الله، وبشروه بأن زوجته " سَارَةَ " ستلد له ولدًا، سيكون من أهل العلم بالله وبدينه، وهو إسحاق عليه السلام. )
** فَأَوْجَسَمِنْهُمْ = فأحسّ في نفسه منهم
** بِغُلَامٍ عَلِيمٍ = هو هنا إسحاق عند الجمهور
( قال إبراهيم عليه السلام، لملائكة الله : ما شأنكم وفيم أُرسلتم؟ قالوا: إن الله أرسلنا إلى قوم قد أجرموا لكفرهم بالله؛ لنهلكهم بحجارة من طين متحجِّر، معلَّمة عند ربك لهؤلاء المتجاوزين الحدَّ في الفجور والعصيان. )
( وفي إرسالنا موسى إلى فرعون وملئه بالآيات والمعجزات الظاهرة آية للذين يخافون العذاب الأليم. فأعْرَضَ فرعون مغترًّا بقوته وجانبه، وقال عن موسى: إنه ساحر أو مجنون. ّ)
** فَتَوَلَّىٰبِرُكْنِهِ = فأعرض فرعون بقـوّتِه وسلطانه عن الإيمان
( وفي شأن عاد وإهلاكهم آيات وعبر لمن تأمل، إذ أرسلنا عليهم الريح التي لا بركة فيها ولا تأتي بخير، ما تَدَعُ شيئًا مرَّت عليه إلا صيَّرته كالشيء البالي. )
( ففروا- أيها الناس - من عقاب الله إلى رحمته بالإيمان به وبرسوله، واتباع أمره والعمل بطاعته، إني لكم نذير بيِّن الإنذار. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر، فزع إلى الصلاة، وهذا فرار إلى الله. )
** فَفِرُّواإِلَىاللَّهِ = فاهربوا من عقابه إلى ثوابه
*** تم بحمد الله وعونه بعض معاني الكلمات من سورةالذاريات *** - يتبع رجاء -
( أقسم الله بالطور، وهو الجبل الذي كلَّم الله سبحانه وتعالى موسى عليه، وبكتاب مكتوب، وهو القرآن في صحف منشورة، وبالبيت المعمور في السماء بالملائكة الكرام الذين يطوفون به دائمًا، وبالسقف المرفوع وهو السماء الدنيا، وبالبحر المسجور المملوء بالمياه.)
** وَالطُّورِ = (قسَمٌ) بجبَل طور سيناء الذي كلـّـم الله عنده موسى ــــــ الطور - الآية 2 { وَكِتَابٍمَّسْطُورٍ }
( إن عذاب ربك - أيها الرسول - بالكفار لَواقع، ليس له مِن مانع يمنعه حين وقوعه، يوم تتحرك السماء فيختلُّ نظامها وتضطرب أجزاؤها، وذلك عند نهاية الحياة الدنيا، وتزول الجبال عن أماكنها، وتسير كسير السحاب.)
( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم في الإيمان، وألحقنا بهم ذريتهم في منزلتهم في الجنة، وإن لم يبلغوا عمل آبائهم؛ لتَقَرَّ أعين الآباء بالأبناء عندهم في منازلهم، فيُجْمَع بينهم على أحسن الأحوال، وما نقصناهم شيئًا من ثواب أعمالهم. كل إنسان مرهون بعمله، لا يحمل ذنب غيره من الناس. )
** أَلَتْنَاهُم = ما نـَـقـَـصنا الآباء بهذا الإلحاق ــــــ الطور - الآية 23 { يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَّالَغْوٌفِيهَاوَلَاتَأْثِيمٌ }
( وزدناهم على ما ذُكر من النعيم فواكه ولحومًا مما يستطاب ويُشتهى، ومن هذا النعيم أنهم يتعاطَوْن في الجنة كأسًا من الخمر، يناول أحدهم صاحبه؛ ليتم بذلك سرورهم، وهذا الشراب مخالف لخمر الدنيا، فلا يزول به عقل صاحبه، ولا يحصل بسببه لغو، ولا كلام فيه إثم أو معصية. )
** لَّالَغْوٌفِيهَاوَلَاتَأْثِيمٌ = لا كلامٌ سَاقط في أثناء شربها ولا فِعْـلٌ يوجب الإثم ــــــ الطور - الآية 27 { فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَالسَّمُومِ }
( وأقبل أهل الجنة، يسأل بعضهم بعضًا عن عظيم ما هم فيه وسببه، قالوا : إنا كنا قبل في الدنيا- ونحن بين أهلينا- خائفين ربنا، مشفقين من عذابه وعقابه يوم القيامة. فمنَّ الله علينا بالهداية والتوفيق، ووقانا عذاب سموم جهنم، وهو نارها وحرارتها. إنا كنا من قبلُ نضرع إليه وحده لا نشرك معه غيره أن يقينا عذاب السَّموم ويوصلنا إلى النعيم، فاستجاب لنا وأعطانا سؤالنا، إنه هو البَرُّ الرحيم. فمن بِره ورحمته إيانا أنالنا رضاه والجنة، ووقانا مِن سخطه والنار. )
( وإن ير هؤلاء المشركون قطعًا من السماء ساقطًا عليهم عذابًا لهم لم ينتقلوا عما هم عليه من التكذيب، ولقالوا : هذا سحاب متراكم بعضه فوق بعض. )
** سَحَابٌمَّرْكُومٌ = مجموعٌ بَعضه على بعض يُمْطِرُنا ـــــ الطور - الآية 49 { وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَالنُّجُومِ }
( واصبر - أيها الرسول - لحكم ربك وأمره فيما حَمَّلك من الرسالة، وعلى ما يلحقك من أذى قومك، فإنك بمرأى منا وحفظ واعتناء، وسبِّح بحمد ربك حين تقوم إلى الصلاة، وحين تقوم من نومك، ومن الليل فسبِّح بحمد ربك وعظِّمه، وصلِّ له، وافعل ذلك عند صلاة الصبح وقت إدبار النجوم. وفي هذه الآية إثبات لصفة العينين لله تعالى بما يليق به، دون تشبيه بخلقه أو تكييف لذاته، سبحانه وبحمده، كما ثبت ذلك بالسنة، وأجمع عليه سلف الأمة، واللفظ ورد هنا بصيغة الجمع للتعظيم. )
( أقسم الله تعالى بالنجوم إذا غابت، ما حاد محمد صلى الله عليه وسلم عن طريق الهداية والحق، وما خرج عن الرشاد، بل هو في غاية الاستقامة والاعتدال والسداد، وليس نطقه صادرًا عن هوى نفسه. ما القرآن وما السنة إلا وحي من الله إلى نبيه محمد * صلى الله عليه وسلم * . )
** وَالنَّجْمِإِذَاهَوَىٰ = ( قسَم ) بالنّجم إذا غرب وسَقط ـــــــ النجم - الآية 2 { مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ }
( نفس تفسير الأية (1 ) )
** مَا غَوَىٰ = ما اعتقد باطلا قطّ ــــــ النجم - الآية 5 { عَلَّمَهُ شَدِيدُالْقُوَىٰ }
( نفس تفسير الأية (1 ) )
** شَدِيدُالْقُوَىٰ = أمين الوحي جبريل عليه السلام ــــــ النجم - الآية 6 { ذُومِرَّةٍ فَاسْتَوَىٰ }
( علَّم محمدًا صلى الله عليه وسلم مَلَك شديد القوة، ذو منظر حسن، وهو جبريل عليه السلام، الذي ظهر واستوى على صورته الحقيقية للرسول صلى الله عليه وسلم في الأفق الأعلى، وهو أفق الشمس عند مطلعها، ثم دنا جبريل من الرسول صلى الله عليه وسلم، فزاد في القرب، فكان دنوُّه مقدار قوسين أو أقرب من ذلك. فأوحى الله سبحانه وتعالى إلى عبده محمد صلى الله عليه وسلم ما أوحى بواسطة جبريل عليه السلام. ما كذب قلب محمد صلى الله عليه وسلم ما رآه بصره. )
** ذُومِرَّةٍ = قوة أو خَلْق ٍ حَسَن . أو آثار بديعة ـــــ النجم - الآية 8 { ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ }
( نفس تفسير الأية ( 6 ) )
** دَنَا = قـَرُبَ جبريل من النبي صلى الله عليه وسلم ــــــ النجم - الآية 9 { فَكَانَ قَابَقَوْسَيْنِأَوْ أَدْنَىٰ }
( نفس تفسير الأية ( 6 ) )
** قَابَقَوْسَيْنِ = قـَـدْرَ قـَوْسَيْن أو ذراعَـيْن من النبي صلى الله عليه وسلم
ــــــــ النجم - الآية 12 { أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ }
( أتُكذِّبون محمدًا صلى الله عليه وسلم، فتجادلونه على ما يراه ويشاهده من آيات ربه؟ ولقد رأى محمد * صلى الله عليه وسلم * جبريل على صورته الحقيقية مرة أخرى عند سدرة المنتهى- شجرة نَبْق- وهي في السماء السابعة، ينتهي إليها ما يُعْرَج به من الأرض، وينتهي إليها ما يُهْبَط به من فوقها، عندها جنة المأوى التي وُعِد بها المتقون. إذ يغشى السدرة من أمر الله شيء عظيم، لا يعلم وصفه إلا الله عز وجل. وكان النبي صلى الله عليه وسلم على صفة عظيمة من الثبات والطاعة، فما مال بصره يمينًا ولا شمالا ولا جاوز ما أُمِر برؤيته. لقد رأى محمد صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج من آيات ربه الكبرى الدالة على قدرة الله وعظمته من الجنة والنار وغير ذلك. )
** أَفَتُمَارُونَهُ = أفَتـُـكذبونه فتجادلونه صلى الله عليه وسلم
( أتجعلون لكم الذَّكر الذي ترضونه، وتجعلون لله بزعمكم الأنثى التي لا ترضونها لأنفسكم؟ تلك إذًا قسمة جائرة. ما هذه الأوثان إلا أسماء ليس لها من أوصاف الكمال شيء، إنما هي أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم بمقتضى أهوائكم الباطلة، ما أنزل الله بها مِن حجة تصدق دعواكم فيها. ما يتبع هؤلاء المشركون إلا الظن، وهوى أنفسهم المنحرفة عن الفطرة السليمة، ولقد جاءهم من ربهم على لسان النبي صلى الله عليه وسلم، ما فيه هدايتهم، فما انتفعوا به )
( والله سبحانه وتعالى ملك ما في السموات وما في الأرض؛ ليجزي الذين أساءوا بعقابهم على ما عملوا من السوء، ويجزي الذي أحسنوا بالجنة، وهم الذين يبتعدون عن كبائر الذنوب والفواحش إلا اللمم، وهي الذنوب الصغار التي لا يُصِرُّ صاحبها عليها، أو يلمُّ بها العبد على وجه الندرة، فإن هذه مع الإتيان بالواجبات وترك المحرمات، يغفرها الله لهم ويسترها عليهم، إن ربك واسع المغفرة، هو أعلم بأحوالكم حين خلق أباكم آدم من تراب، وحين أنتم أجنَّة في بطون أمهاتكم، فلا تزكُّوا أنفسكم فتمدحوها وتَصِفُوها بالتقوى، هو أعلم بمن اتقى عقابه فاجتنب معاصيه من عباده. )
( وأنه سبحانه وتعالى أهلك عادًا الأولى، وهم قوم هود، وأهلك ثمود، وهم قوم صالح، فلم يُبْقِ منهم أحدًا، وأهلك قوم نوح قبلُ. هؤلاء كانوا أشد تمردًا وأعظم كفرًا من الذين جاؤوا من بعدهم. ومدائن قوم لوط قلبها الله عليهم، وجعل عاليها سافلها، فألبسها ما ألبسها من الحجارة. )
( وأنه سبحانه وتعالى أهلك عادًا الأولى، وهم قوم هود، وأهلك ثمود، وهم قوم صالح، فلم يُبْقِ منهم أحدًا، وأهلك قوم نوح قبلُ. هؤلاء كانوا أشد تمردًا وأعظم كفرًا من الذين جاؤوا من بعدهم. ومدائن قوم لوط قلبها الله عليهم، وجعل عاليها سافلها، فألبسها ما ألبسها من الحجارة. )
** وَالْمُؤْتَفِكَةَ = قُرى قوم لوطٍ عليه السلام ** أَهْوَىٰ = أسْـقـَـطها إلى الأرض بعد رفعها
القمر - الآية 1 { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّالْقَمَرُ }
( دنت القيامة، وانفلق القمر فلقتين، حين سأل كفار "مكة" النبي صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية، فدعا الله، فأراهم تلك الآية. )
** انشَقَّالْقَمَرُ = قدِ انفلق فَـلـْـقـتيْن مُعْجزة له صلى الله عليه وسلم ــــــ القمر - الآية 4 { وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّنَ الْأَنبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ }
( ولقد جاء كفار قريش من أنباء الأمم المكذبة برسلها، وما حلَّ بها من العذاب، ما فيه كفاية لردعهم عن كفرهم وضلالهم. )
** مُزْدَجَرٌ = ازدجار وانتِهارٌ وردْعٌ عمّا هم فيه من الكفر والضلال
( فأجبنا دعاءه، ففتحنا أبواب السماء بماء كثير متدفق، وشققنا الأرض عيونًا متفجرة بالماء، فالتقى ماء السماء وماء الأرض على إهلاكهم الذي قدَّره الله لهم؛ جزاء شركهم. )
( وحملنا نوحًا ومَن معه على سفينة ذات ألواح ومسامير شُدَّت بها، تجري بمرأى منا وحفظ، وأغرقنا المكذبين؛ جزاء لهم على كفرهم وانتصارًا لنوح عليه السلام. وفي هذا دليل على إثبات صفة العينين لله سبحانه وتعالى، كما يليق به. )
** وَدُسُرٍ = مَسَاميرَ تـُـشدّ بها الألواح ــــــ القمر - الآية 15 { وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ }
( ولقد أبقينا قصة نوح مع قومه عبرة ودليلا على قدرتنا لمن بعد نوح؛ ليعتبروا ويتعظوا بما حلَّ بهذه الأمة التي كفرت بربها، فهل من متعظ يتعظ؟ فكيف كان عذابي ونذري لمن كفر بي وكذب رسلي، ولم يتعظ بما جاءت به؟ إنه كان عظيمًا مؤلمًا. )
** مُّدَّكِرٍ = مُعتبر، متـّـعِظٍ بها ــــــ القمر - الآية 19 { إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْرِيحًاصَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ }
( إنَّا أرسلنا عليهم ريحًا شديدة البرد، في يوم شؤم مستمر عليهم بالعذاب والهلاك، تقتلع الناس من مواضعهم على الأرض فترمي بهم على رؤوسهم، فتدق أعناقهم، ويفصل رؤوسهم عن أجسادهم، فتتركهم كالنخل المنقلع من أصله. )
** رِيحًاصَرْصَرًا = شديدة السّموم أو البرْدأو الصّوت ** يَوْمِ نَحْسٍ = شؤْم عليهم
( كذبت ثمود - وهم قوم صالح - بالآيات التي أُنذرِوا بها، فقالوا: أبشرًا منا واحدًا نتبعه نحن الجماعة الكثيرة وهو واحد؟ إنا إذا لفي بُعْدٍ عن الصواب وجنون. )
( أأُنزل عليه الوحي وخُصَّ بالنبوة مِن بيننا، وهو واحد منا؟ بل هو كثير الكذب والتجبر. سَيَرون عند نزول العذاب بهم في الدنيا ويوم القيامة مَنِ الكذاب المتجبر؟ )
( ولقد طلبوا منه أن يفعلوا الفاحشة بضيوفه من الملائكة، فطمسنا أعينهم فلم يُبصروا شيئًا، فقيل لهم: ذوقوا عذابي وإنذاري الذي أنذركم به لوط عليه السلام. )
** رَاوَدُوهُعَنضَيْفِهِ = طَلـَـبوا منه تمكينهم منهم
( الشمس والقمر يجريان متعاقبَين بحساب متقن، لا يختلف ولا يضطرب. )
** بِحُسْبَانٍ = يجريان بحساب مقدّر في بروجهما ــــــ الرحمن - الآية 6 { وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ }
( والنجم الذي في السماء وأشجار الأرض، تعرف ربها وتسجد له، وتنقاد لما سخرَّها له مِن مصالح عباده ومنافعهم. )
** النَّجْمُ = النبات الذي ينجم ولا ساق له ــــــ الرحمن - الآية 10 { وَالْأَرْضَوَضَعَهَا لِلْأَنَامِ }
( والأرض وضعها ومهَّدها؛ ليستقر عليها الخلق. فيها فاكهة النخل ذات الأوعية التي يكون منها الثمر، وفيها الحب ذو القشر؛ رزقًا لكم ولأنعامكم، وفيها كل نبت طيب الرائحة. )
** وَالْأَرْضَوَضَعَهَا = خلقها محفوظة عن السماء ـــــ الرحمن - الآية 11 { فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُالْأَكْمَامِ }
( نفس تفسير الأية ( 10 ) )
** ذَاتُالْأَكْمَامِ = أوعية الثمر وهي الطلْع ـــــ الرحمن - الآية 12 { وَالْحَبُّ ذُوالْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ }
( نفس تفسير الأية ( 10 ) )
** ذُوالْعَصْفِ = القِـشْـر أو التـّـبْن أو الوَرَق اليابس
ـــــ الرحمن - الآية 13 { فَبِأَيِّ آلَاءِرَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }
( فبأي نِعَم ربكما الدينية والدنيوية - يا معشر الجن والإنس - تكذِّبا؟ وما أحسن جواب الجن حين تلا عليهم النبي * صلى الله عليه وسلم * هذه السورة، فكلما مر بهذه الآية، قالوا : " ولا بشيء من آلائك ربَّنا نكذب، فلك الحمد "، وهكذا ينبغي للعبد إذا تليت عليه نعم الله وآلاؤه، أن يُقرَّ بها، ويشكر الله ويحمده عليها. )
** آلَاءِرَبِّكُمَا = نعمِه تعالى ـــــ الرحمن - الآية 15 { وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ }
( خلق أبا الإنسان، وهو آدم من طين يابس كالفَخَّار، وخلق إبليس، وهو من الجن من لهب النار المختلط بعضه ببعض. )
** مَّارِجٍ = لهبٍ صافٍ لا دخان فيه ـــــ الرحمن - الآية 24 { وَلَهُالْجَوَارِالْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ }
( وله سبحانه وتعالى السفن الضخمة التي تجري في البحر بمنافع الناس، رافعة قلاعها وأشرعتها كالجبال. )
( يا معشر الجن والإنس، إن قَدَرْتم على النفاذ من أمر الله وحكمه هاربين من أطراف السموات والأرض فافعلوا، ولستم قادرين على ذلك إلا بقوة وحجة، وأمر من الله تعالى ( وأنَّى لكم ذلك وأنتم لا تملكون لأنفسكم نفعًا ولا ضرًا؟ ). فبأي نِعَم ربكما - أيها الثقلان - تكذِّبان؟ )
( يقال لهؤلاء المجرمين -توبيخًا وتحقيرًا لهم -: هذه جهنم التي يكذِّب بها المجرمون في الدنيا: تارة يُعذَّبون في الجحيم، وتارة يُسقون من الحميم، وهو شراب بلغ منتهى الحرارة، يقطِّع الأمعاء والأحشاء. )
( يطوف عليهم لخدمتهم غلمان لا يهرمون ولا يموتون، بأقداح وأباريق وكأس من عين خمر جارية في الجنة، لا تُصَدَّعُ منها رؤوسهم، ولا تذهب بعقولهم. ) ** لَّا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا = لا يُصيبهم صداع بشربها ** لَا يُنزِفُونَ = لا تذهَبُ عقولهم بسببها
( أ صحاب اليمين، ما أعظم مكانتهم وجزاءهم!! هم في سِدْر لا شوك فيه، وموز متراكب بعضه على بعض، وظلٍّ دائم لا يزول، وماء جار لا ينقطع، وفاكهة كثيرة لا تنفَد ولا تنقطع عنهم، ولا يمنعهم منها مانع، وفرشٍ مرفوعة على السرر. )
** فِي سِدْرٍ = في شجر النـّـبَـق ينعّمون به ** مَّخْضُودٍ = مقطوع شوكه
( إنا أنشأنا نساء أهل الجنة نشأة غير النشأة التي كانت في الدنيا، نشأة كاملة لا تقبل الفناء، فجعلناهن أبكارًا، متحببات إلى أزواجهن، في سنٍّ واحدة، خلقناهن لأصحاب اليمين. )
** عُرُبًا = متحبّبات إلى أزواجهن ** أَتْرَابًا = مسْتويات في السّنّ
( وأصحاب الشمال ما أسوأ حالهم جزاءهم!! في ريح حارة من حَرِّ نار جهنم تأخذ بأنفاسهم، وماء حار يغلي، وظلٍّ من دخان شديد السواد، لا بارد المنزل، ولا كريم المنظر. )
( ثم إنكم أيها الضالون عن طريق الهدى المكذبون بوعيد الله ووعده، لآكلون من شجر من زقوم، وهو من أقبح الشجر، فمالئون منها بطونكم؛ لشدة الجوع، فشاربون عليه ماء متناهيًا في الحرارة لا يَرْوي ظمأ، فشاربون منه بكثرة، كشرب الإبل العطاش التي لا تَرْوى لداء يصيبها )
( أفرأيتم الحرث الذي تحرثونه هل أنتم تُنبتونه في الأرض؟ بل نحن نُقِرُّ قراره وننبته في الأرض. لو نشاء لجعلنا ذلك الزرع هشيمًا، لا يُنتفع به في مطعم، فأصبحتم تتعجبون مما نزل بزرعكم، وتقولون: إنا لخاسرون معذَّبون، بل نحن محرومون من الرزق. )
** وَمَتَاعًالِّلْمُقْوِينَ = مَنفعَة للمسافرين في القـَـوَاءِ (القـَـفـْـر) أو المُحتاجين إليها ـــــــ الواقعة - الآية 78 { فِيكِتَابٍمَّكْنُونٍ }
( إن هذا القرآن الذي نزل على محمد لقرآن عظيم المنافع، كثير الخير، غزير العلم، في كتاب مَصُون مستور عن أعين الخلق، وهو الكتاب الذي بأيدي الملائكة. لا يَمَسُّ القرآن إلا الملائكة الكرام الذين طهرهم الله من الآفات والذنوب، ولا يَمَسُّه أيضًا إلا المتطهرون من الشرك والجنابة والحدث. )
** كِتَابٍمَّكْنُونٍ = مستور مصون عند الله في اللوح المحفوظ من السّوء
ــــــ الواقعة - الآية 81 { أَفَبِهَٰذَا الْحَدِيثِأَنتُممُّدْهِنُونَ}
( أفبهذا القرآن أنتم -أيها المشركون- مكذِّبون؟ )
** أَنتُممُّدْهِنُونَ = مُتهاونون أو مكذبون ـــــ الواقعة - الآية 83 { فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِالْحُلْقُومَ }
( فهل تستطيعون إذا بلغت نفس أحدكم الحلقوم عند النزع، وأنتم حضور تنظرون إليه، أن تمسكوا روحه في جسده؟ لن تستطيعوا ذلك، ونحن أقرب إليه منكم بملائكتنا، ولكنكم لا ترونهم. )
** بَلَغَتِالْحُلْقُومَ = بلغت الرّوح الحلقوم عند المَوْت ــــــ الواقعة - الآية 86 { فَلَوْلَا إِن كُنتُمْ غَيْرَمَدِينِينَ }
( وهل تستطيعون إن كنتم غير محاسبين ولا مجزيين بأعمالكم أن تعيدوا الروح إلى الجسد، إن كنتم صادقين؟ لن ترجعوها. )
** غَيْرَمَدِينِينَ = غير مربوبين مقهورين ــــــ الواقعة - الآية 89 { فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ }
( فأما إن كان الميت من السابقين المقربين، فله عند موته الرحمة الواسعة والفرح وما تطيب به نفسه، وله جنة النعيم في الآخرة. )
** فَرَوْحٌ = فله استراحة أو رحمة ــــــ الواقعة - الآية 93 { فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ }
( وأما إن كان الميت من المكذبين بالبعث، الضالين عن الهدى، فله ضيافة من شراب جهنم المغلي المتناهي الحرارة، والنار يحرق بها، ويقاسي عذابها الشديد. )
** فَنُزُلٌ = فله قِرًى وضِيافة
*** تم بحمد الله وعونه بعض معاني الكلمات من سورة الواقعة*** - يتبع رجاء -
( هو الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، ثم استوى -أي علا وارتفع- على عرشه فوق جميع خلقه استواء يليق بجلاله، يعلم ما يدخل في الأرض من حب ومطر وغير ذلك، وما يخرج منها من نبات وزرع وثمار، وما ينزل من السماء من مطر وغيره، وما يعرج فيها من الملائكة والأعمال، وهو سبحانه معكم بعلمه أينما كنتم، والله بصير بأعمالكم التي تعملونها، وسيجازيكم عليها. )
** مَايَلِجُ = ما يدخل من مطر وغيره ** مَا يَعْرُجُ فِيهَا ۖ = ما يصعد إليها من الملائكة والأعمال
( وأيُّ شيء يمنعكم من الإنفاق في سبيل الله؟ ولله ميراث السموات والأرض يرث كلَّ ما فيهما، ولا يبقى أحد مالكًا لشيء فيهما. لا يستوي في الأجر والمثوبة منكم مَن أنفق من قبل فتح "مكة" وقاتل الكفار، أولئك أعظم درجة عند الله من الذين أنفقوا في سبيل الله من بعد الفتح وقاتلوا الكفار، وكلا من الفريقين وعد الله الجنة، والله بأعمالكم خبير لا يخفى عليه شيء منها، وسيجازيكم عليها. )
( يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا، وهم على الصراط: انتظرونا نستضئْ من نوركم، فتقول لهم الملائكة: ارجعوا وراءكم فاطلبوا نورًا (سخرية منهم)، فَفُصِل بينهم بسور له باب، باطنه مما يلي المؤمنين فيه الرحمة، وظاهره مما يلي المنافقين من جهته العذاب. )
( ينادي المنافقون المؤمنين قائلين : ألم نكن معكم في الدنيا، نؤدي شعائر الدين مثلكم؟ قال المؤمنون لهم : بلى قد كنتم معنا في الظاهر، ولكنكم أهلكتم أنفسكم بالنفاق والمعاصي، وتربصتم بالنبي الموت وبالمؤمنين الدوائر، وشككتم في البعث بعد الموت، وخدعتكم أمانيكم الباطلة، وبقيتم على ذلك حتى جاءكم الموت وخدعكم بالله الشيطان. )
( ألم يحن الوقت للذين صدَّقوا الله ورسوله واتَّبَعوا هديه، أن تلين قلوبهم عند ذكر الله وسماع القرآن، ولا يكونوا في قسوة القلوب كالذين أوتوا الكتاب من قبلهم - من اليهود والنصارى - الذين طال عليهم الزمان فبدَّلوا كلام الله، فقست قلوبهم، وكثير منهم خارجون عن طاعة الله؟ وفي الآية الحث على الرقة والخشوع لله سبحانه عند سماع ما أنزله من الكتاب والحكمة، والحذر من التشبه باليهود والنصارى، في قسوة قلوبهم، وخروجهم عن طاعة الله. )
( اعلموا - أيها الناس - أنما الحياة الدنيا لعب ولهو، تلعب بها الأبدان وتلهو بها القلوب، وزينة تتزينون بها، وتفاخر بينكم بمتاعها، وتكاثر بالعدد في الأموال والأولاد، مثلها كمثل مطر أعجب الزُّرَّاع نباته، ثم يهيج هذا النبات فييبس، فتراه مصفرًا بعد خضرته، ثم يكون فُتاتًا يابسًا متهشمًا، وفي الآخرة عذاب شديد للكفار ومغفرة من الله ورضوان لأهل الإيمان. وما الحياة الدنيا لمن عمل لها ناسيًا آخرته إلا متاع الغرور. )
** تَكَاثُرٌ = مباهاة وتطاول بالعَدد والعُدد ** أَعْجَبَ الْكُفَّارَ = راق الزّراع ** يَهِيجُ = يَيْبس في أقصى غايته ** يَكُونُ حُطَامًا ۖ = فتاتا هشيما متكسّرا بعد يُـبْـسِه
( ما أصابكم - أيها الناس - من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم من الأمراض والجوع والأسقام إلا هو مكتوب في اللوح المحفوظ من قبل أن تُخْلَق الخليقة. إن ذلك على الله تعالى يسير. )
( ثم أتبعنا على آثار نوح وإبراهيم برسلنا الذين أرسلناهم بالبينات، وقفَّينا بعيسى ابن مريم، وآتيناه الإنجيل، وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه على دينه لينًا وشفقة، فكانوا متوادِّين فيما بينهم، وابتدعوا رهبانية بالغلوِّ في العبادة ما فرضناها عليهم، بل هم الذين التزموا بها من تلقاء أنفسهم، قَصْدُهم بذلك رضا الله، فما قاموا بها حق القيام، فآتينا الذين آمنوا منهم بالله ورسله أجرهم حسب إيمانهم، وكثير منهم خارجون عن طاعة الله مكذبون بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم. )
** رَهْبَانِيَّةً = مغالاة في التعبّد والتـّـقـشّـف ** مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ = ما فرضناها عليهم بل ابتدعوها ** فَمَا رَعَوْهَا = بلْ ضيّعها أخلافهم وكفروا بدين عيسى عليه السلام ـــــــ الحديد - الآية 28 { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِيُؤْتِكُمْكِفْلَيْنِمِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }
( يا أيها الذين آمنوا، امتثلوا أوامر الله واجتنبوا نواهيه وآمنوا برسوله، يؤتكم ضعفين من رحمته، ويجعل لكم نورًا تهتدون به، ويغفر لكم ذنوبكم، والله غفور لعباده، رحيم بهم. )
** يُؤْتِكُمْكِفْلَيْنِ = نصِـيبَـين (أجْرَيْن)
*** تم بحمد الله وعونه بعض معاني الكلمات من سورة الحديد *** - يتبع رجاء -
( والذين يحرِّمون نساءهم على أنفسهم بالمظاهَرة منهن، ثم يرجعون عن قولهم ويعزمون على وطء نسائهم، فعلى الزوج المظاهِر- والحالة هذه - كفارة التحريم، وهي عتق رقبة مؤمنة عبد أو أمة قبل أن يطأ زوجته التي ظاهر منها، ذلكم هو حكم الله فيمن ظاهر مِن زوجته توعظون به، أيها المؤمنون؛ لكي لا تقعوا في الظهار وقول الزور، وتُكَفِّروا إن وقعتم فيه، ولكي لا تعودوا إليه، والله لا يخفى عليه شيء من أعمالكم، وهو مجازيكم عليها. )
( إن الذين يشاقون الله ورسوله ويخالفون أمرهما خُذِلوا وأُهينوا، كما خُذِل الذين من قبلهم من الأمم الذين حادُّوا الله ورسله، وقد أنزلنا آيات واضحات الحُجَّة تدل على أن شرع الله وحدوده حق، ولجاحدي تلك الآيات عذاب مُذلٌّ في جهنم. )
( واذكر - أيها الرسول - يوم القيامة، يوم يحيي الله الموتى جميعًا، ويجمع الأولين والآخرين في صعيد واحد، فيخبرهم بما عملوا من خير وشر، أحصاه الله وكتبه في اللوح المحفوظ، وحفظه عليهم في صحائف أعمالهم، وهم قد نسوه. والله على كل شيء شهيد، لا يخفى عليه شيء. )
( ألم تعلم أن الله تعالى يعلم كل شيء في السموات والأرض؟ ما يتناجى ثلاثة مِن خلقه بحديث سرٍّ إلا هو رابعهم بعلمه وإحاطته، ولا خمسة إلا هو سادسهم، ولا أقلُّ من هذه الأعداد المذكورة ولا أكثرُ منها إلا هو معهم بعلمه في أيِّ مكان كانوا، لا يخفى عليه شيء من أمرهم، ثم يخبرهم تعالى يوم القيامة بما عملوا من خير وشر ويجازيهم عليه. إن الله بكل شيء عليم. )
** نَّجْوَىٰثَلَاثَةٍ = تـَـنـَـاجيهم ومُـسارّتهمْ ** هُوَ مَعَهُمْ = بعلمه المحيط بكل شيء
( إنما التحدث خفية بالإثم والعدوان من وسوسة الشيطان، فهو المزيِّن لها، والحامل عليها؛ ليُدْخِل الحزن على قلوب المؤمنين، وليس ذلك بمؤذي المؤمنين شيئًا إلا بمشيئة الله تعالى وإرادته. وعلى الله وحده فليعتمد المؤمنون به. )
** إِنَّمَاالنَّجْوَىٰ = المَنهيّ عنها ** لِيَحْزُنَ = ليُوقِع في الهمّ الشديد
( يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، إذا طُلب منكم أن يوسع بعضكم لبعض المجالس فأوسعوا، يوسع الله عليكم في الدنيا والآخرة، وإذا طلب منكم - أيها المؤمنون - أن تقوموا من مجالسكم لأمر من الأمور التي يكون فيها خير لكم فقوموا، يرفع الله مكانة المؤمنين المخلصين منكم، ويرفع مكانة أهل العلم درجات كثيرة في الثواب ومراتب الرضوان، والله تعالى خبير بأعمالكم لا يخفى عليه شيء منها، وهو مجازيكم عليها. وفي الآية تنويه بمكانة العلماء وفضلهم، ورفع درجاتهم. )
( اتخذ المنافقون أيمانهم الكاذبة وقاية لهم من القتل بسبب كفرهم، ولمنع المسلمين عن قتالهم وأخذ أموالهم، فبسبب ذلك صدُّوا أنفسهم وغيرهم عن سبيل الله وهو الإسلام، فلهم عذاب مُذلٌّ في النار؛ لاستكبارهم عن الإيمان بالله ورسوله وصدِّهم عن سبيله. )
( لا تجد - أيها الرسول - قومًا يصدِّقون بالله واليوم الآخر، ويعملون بما شرع الله لهم، يحبون ويوالون مَن عادى الله ورسوله وخالف أمرهما، ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو أقرباءهم، أولئك الموالون في الله والمعادون فيه ثَبَّتَ في قلوبهم الإيمان، وقوَّاهم بنصر منه وتأييد على عدوهم في الدنيا، ويدخلهم في الآخرة جنات تجري من تحت أشجارها الأنهار، ماكثين فيها زمانًا ممتدًا لا ينقطع، أحلَّ الله عليهم رضوانه فلا يسخط عليهم، ورضوا عن ربهم بما أعطاهم من الكرامات ورفيع الدرجات، أولئك حزب الله وأولياؤه، وأولئك هم الفائزون بسعادة الدنيا والآخرة. )
** بِرُوحٍمِّنْهُ ۖ = بنور يقذفه في قلوبهم . أو بالقرآن
*** تم بحمد الله وعونه بعض معاني الكلمات من سورة المجادلة *** - يتبع رجاء -