رسالة للأم الفلسطينية

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

الحمد لله .. والصلاة والسلام على رسوله الكريم .. وعلى آله وأصحابه أجمعين والتابعين إلى يوم الدين..

اختي في الله.. ايتها الام الفلسطينية ..

تحية طيبة من الله تعالى مباركة شذية ،

سائله الله تعالى أن تصلك رسالتي هذه وأنت تنعمين بالخير .. وتتجلين بالسعادة ، وترفلين بالهناء والأمن والإستقرار .

أيتها الأم المصابرة ..
إنا نعلم يقيناً بأن الموقف حرج ، وإن الجرح لمَّ يندمل بعد ، وإن الصراع مرير ..

أخاطبك .. وأعلم أن بيتك ربما يكون مهدماً ، وأنت ومن حولك قد تعيشين في خيمة .. أو ربما بلا مأوى ،
أخاطبك رغم الآلام والجراح ، والشهداء والأشلاء ..
أخاطبك .. رغم أنكِ قد تكوني فقدت ولدك .. وقضى شهيداء في سبيل الله تعالى …
ولكن رغم هذا .. وحتى تسير عجلة الإيمان على درب النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ..
فلا بد من الخطاب ..

أختي الحبيبة – أيتها الأم الحبيبة :
أعلمي بأن الله تعالى ما خلقنا إلا لغاية واحدة محددة ، ألا وهي عبادته سبحانه وتعالى … وهذه العبادة لمفهومها الشرعي الصحيح ، هي كل ما يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من الأقوال والأفعال .. وبهذا المفهوم الشامل للعبادة ، كان الأمر منتظماً لشؤون الحياة كلها .. ومن مفردات هذه العبودية لله تعالى ، والجهاد في سبيل الله .. ذروة سنام الإسلام ، الذي فيه الأجر والثواب العظيم من الله تعالى ، والله تعالى أمرنا بالجهاد بالمال والنفس ، واشترى منا أموالنا وأنفسنا ..

فوقوفك اليوم في وجه أعداء الله من الصهاينة المجرمين .. أحفاد القردة والخنازير .. يعتبر تاج شرف لكِ عند الله تبارك وتعالى ، إن مقاومتك بصورة من صور المقاومة ، لأحلاس الشر ، وتلامذة الجريمة والرذيلة ،

هذا سيكون لكِ ذخراً عند الله يوم لقاء الله تعالى ..
أعلمي .. بأن هذه الدنيا فانية .. وإنا عنها راحلون .. وإلى القبر صابرون .. وإلى الله مبعوثون .. وبين يديه محشورون .. وعلى أعمالنا مجزيون ..

بالمقابل .. هذا الأجل المحتوم ، كتم عنا موعده وأوانه .
فيمكن أن نرحل بعد لحظة .. ويمكن أن يكون غير ذلك ، وإنه مهما طالت الرحالة فإنها قصيرة .. بل والله كأنها لمح البصر …

لذلك هنيئاً لمن قضى وقته في طاعة الله عز وجل ، وبذل كل جهد وطاقته في العمل على تحصيل رضوان الله تبارك وتعالى ..

وأنت إن شاء الله في هذا الجهاد الذي تقومين به .. من السائرات على هذا الدرب الإيماني الرائد ..

أيتها الأم الفلسطينية الفاضلة :

إن من ضرورات هذا الجهاد في سبيل الله ، أن يتجلى المرء بالثبات ، وكما يقال في المثل الدارج في فلسطين ..
( يا جبل ما يهزك ريح ) .. فكوني ذلك الجبل ، فلا تهزك هذه الآلام ، ولا تقعدك هذه الجراحات ، ولا تثبطك هذه الأحزان ، ولا تيأسك هذه الإخفاقات . وإن النصر قريب بإذن الله تعالى … وهاهم الأنبياء صلوات الله عليهم يبتلون ويثبتون … وهاهم الذين على دربهم من أمثال الصحابة ، يسيرون على نفس النهج فيثبتون ويصمدون ، رغم الأذى والتعذيب .. والتنكيل .. والتشريد .. ونهب الأموال .. والسيطرة على الممتلكات …

حتى أذن الله تعالى بساعة الفرج والنصر .

اختاه .. يا شمعة تضيء في ليل بهيم ..
إن مسموعاتك في باب الثبات ، مما يرفع الرأس ، ويجعل المرء المسلم في حالة من عزة النفس ، ولسان الحال .. يقول : تدمع العين ، ويحزن القلب ، لكنا ثابتون ، لن نتراجع ، ولن نتنازل ، ولن نتخاذل .. ومن هذه الصور تلك الروح العالية عندك .. مما صار مثلاً يضرب به في مجاله هذا …
أنت التي تدفعين بأولادكِ للجهاد في سبيل الله جل وعلا … يالكِ من ذكرى سلف هذه الأمة ..

فمزيداً من الثبات ، ومزيداً من الصمود .. ومزيداً من التصميم على المضي في طريق الحق ..

أيتها الأخت الفلسطينية .. المباركة :

إن الصبر من لوازم القبول عند الله تعالى .. فإذا فعل العبد ذلك ( فبشر الصابرين ) .. بفضل من الله تعالى ونعمة .. ومن شرائطه أن يكون مرافقاً للصدمة الأولى , ( أصبروا وصابروا ) … وهذا منهج المسلم في الحياة … ويتأكد هذا المعنى .. كلما إزداد الألم والجرح ..

وبروز موقفك الصابر هذا في أحلى وأجمل وأكمل صورة .. عندما تستقبيلين ولدك .. فلذة الكبد .. شقيق الروح .. الذي هو قطعة منك .. تستقبليه شهيداً .. لكن بالزغاريد .. ياله من موقف الصابر المحتسب المستبشر بنصر الله والفوز برضاه .. والباحث عن الجنة لا هم له سواها ..
إنكِ أختاه .. ذكرى الخنساء رضي الله عنها ..
أي .. أختاه .. في بلاد الرباط والجهاد .. في بيت المقدس .. وأكناف بيت المقدس ..

إنكِ مدرسة .. منكِ تخرج كبار القادة والساسة والمجاهدين ، وعلى يديك تربى المفكرون والعلماء ، وفي ظلال افيائك الغنَّاء تربت الأجيال ، جيلاً بعد جيل .. وإن دورك هذا لا يمكن أن يغفل أو ينسى ..

الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق

فلا يجوز للمسلم أن يحقر ما عنده .. فعاهدي الله تعالى .. على أن تكون هذه الهبة ( المدرسية ) ، تستثمر في صالح الجهاد في سبيل الله عز وجل ، وفي سبيل دفع الأجيال نحو التربية الربانية ، على ضوء كتاب الله تعالى ، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .. وعلى منهج سلف هذه الأمة من الصالحين .. الربانيين .. ولا خيار لنا في هذا .. إلا الانقياد إلى أمر الله تعالى ..

أختي في الله …
نحن معكم بكل ما أوتينا من قوة ، معكم بمشاعرنا وبعواطفنا ، معكم في أموالنا وما نملك ، معكم بأكف الدعاء والضراعة إلى الله ، أن يرحمكم وأن ينصركم وأن يؤيدكم ، وأن يرفع عنكم البلاء ، ويخفف عنكم ما تجدون وتحاذرون ..
نحن معكم في أنفسنا .. مستعدون أن نبذلها مع أولادنا ومن حولنا.. في سبيل الله جل وعلا .. فالمؤمنون أخوة .. وكالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ..

يا أختاه : أعلمي بأن قناعتنا الإيمانية ، النابعة من أدله الشرع . تقول لنا : إن الأيام دول ، ولو دامت لأحد ما وصلت إلينا وقد تأتي ساعات وأيام من عمر التاريخ ، يكون فيها لأهل الباطل صوله وجولة .. بالقوة المالية والعسكرية والسياسية … وهذا لا يضر أبداً .. بل يحمل في طياته معالم الانهيار .. مهما نقش هذا الباطل ريشه ، وتعالى .. وتكبر .. وتجبر .. وقتل .. وشرد ..

دخل التتار ففعلوا ما فعلوا بالمسلمين … ودخل الصليبيون وفعلوا في الأمة ما فعلوا .. وفي نهاية المطاف . كان النصر للفئة المؤمنة ، وكان النصر حليف المسلمين .. واندحر الباطل وحزبه .. وأهله .. وأشياعه .. وأتباعه .. لكنها المحنه ، وإنه الإبتلاء .. ليميز الله الخبيث من الطيب … والثابت من المنهزم .. والشجاع من الجبان .. والكريم من البخيل .. واليائس من المتفائل .. وهكذا ..
فلا بد من النصر .. والنصر قريب إنشاء الله ..

قد يعجبك أيضاً ...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *