ذات مرة ، كنتُ في حلقة مراجعة للخاتمات ، وما كنَّ بخاتمات حقا ،
جاءت طالبة تصطحب أخرى فقالت: لو تأذن أن تلتحق في مجموعتنا ؟!
سألتها: أخاتمة أنت ؟
قالت: نعم ، والحمد لله
قلت: أحافظة أنت؟!
قالت بثبات: نعم
قلت: اجلسي
وأثناء قراءة إحداهن غيبا في سورة الزمر تعثرت ، فقلت للطالبة
المستجدة - على حين غرة - : أكملي ..
فأكملت ..
فأعجبني ذلك ، إذ كان موضعا دقيقا ، ثم سكتُّ عنها
ثم باغتُّها بسؤال آخر .. فأجابت بـ (ثقة) وسردَتْ سردا صحيحا
فحولتُّ دفة التسميع إليها ، وأخذت أتنقل بها بين مواضع القرآن التي
طالما أعيتِ الطلابَ ، فكانت تجيب بثبات ، فقلتُ لها:
أنت متقنة بدرجة امتياز ،، ماذا تفعلين مع القرآن؟!
أجابت الإجابة المعتادة: أحافظ على وِرد المراجعة !
قلت: هل أنت مجازة ؟!
قالت: لا
قلت: أنا أجيزك - وما طلبت من أحد أن أجيزه إلا هي ؛ فقد حققتِ
الشرطَ : إتقان حفظ مبهر وقراءة نقية صافية ولها دراية بقواعد اللغة
العربية ، وذلك بعد إغلاق لباب الإجازات دام أكثر من ثلاث سنوات ..
ومن المواقف الدالّة على إتقانها أنها كانت ذات مرة تقرأ - غيبا عن ظهر
قلب - سورة يوسفَ ، حتى إذا أنهت الجزء الثاني عشر ، فكأنما أرهقت
بعد قراءة سورة هود وبعض من سورة يوسف ، فقلتُ : إرهاق أم انتهاء
للتحضير ؟
قالت: لا شيئ منهما .
قلت: أين انتهيتِ في تحضيرك ، هل آخر سورة يوسف؟!
قالت: لا ، بل يوسف وما بعدها !!
قلت: وما بعدها (مطلقا)؟!
قالت: نعم
قلت: إذن ، انتقلي بالتسميع إلى سورة الزخرف!
فانتقلت وقرأت الصفحة الأولى من سورة الزخرف دونما اضطراب أو غيره
قلت: ما شاء الله ، كيف كان حفظك يوم أن حفظتِ؟
قالت: لا أقوم عن حفظ الصفحة إلا وهي مثل الفاتحة حقا ، وليس ثمة
اختيار آخر لي غير هذا ، ودائما أتساءل - والكلام لها - لماذا يقوم الناس
عن صفحة الحفظ ولمَّا تثبت بعدُ ، وقد علموا يقينا أنهم سيعيدونها مرةً
أخرى ؟!!
قلت: نعم ، أحسنتِ ،
قال أحدهم:
إذا اختل شيئا بناء الأساس .. تضاعف في الصرح ذاك الخلل
وأقول في خاتمة مقالي: هذا هو الحفظ الذي أتحدث عنه دائما:
حفظ حاضر في كل مكان وزمان ..
فاللهم بارك لها في حفظها ، واحفظه عليها واختم لنا ولها بالصالحات
الدكتور سعيد حمزة مؤسس طريقة الحصون الخمسة
الروابط المفضلة