**مكتبات مدينة القدس عبر العصور**
وما يزال حديثا حول المسجد الأقصى المبارك و ما يحيط به من مواقع
هامة لها تاريخ مشرف حافل بكل ما هو مفيد
من هذه المواقع التي تعبق بتاريخ المدينة العريقة هى المكتبات و المدارس
بداية سوف نلقي الضوء على المكتبات التي تقع داخل السور حول المسجد الأقصى المبارك .
نظراً للتاريخ الطويل لمدينة القدس ولتاريخ المكتبات فيها كذلك، يمكن تقسيم هذا التاريخ للمكتبات على النحو التالي
الفترة الأولى:وتمتد من الفتح العربي الإسلامي لمدينة القدس وحتى بداية الحروب الصليبية (637-1099م)
الفترة الثانية:وتمتد من العصر الأيوبي والعصر المملوكي وحتى بداية العصر العثماني 1187م حتى أواسط القرن التاسع عشر الميلادي)
الفترة الثالثة: وتمتد من أواسط القرن التاسع عشر الميلادي حتى اليوم.
مكتبات مدينة القدس (637م – 1099م)
يقول العسلي: إن أي حديث عن وجود مكتبات في فلسطين قبل القرن الثالث للهجرة غير ممكن
ونستثني من ذلك وجود عدد من نسخ القرآن الكريم في المساجد القديمة منذ القرن الأول للهجرة. وفي هذا الشأن يشير ابن القلانسي إلى المصاحف العثمانية
التي أرسلها الخليفة عثمان بن عفان إلى البلاد الإسلامية سنة 30هـ (651م)، ومنها مصحف أرسل إلى طبرية في فلسطين،
ولا شك أن نسخاً كثيرة من هذا المصحف قد نسخت ووضعت في مساجد فلسطين والقدس
واستناداً إلى ما سبق فإن مكتبات المساجد والجوامع هي أولى المكتبات العربية التي عرفتها فلسطين ومدينة القدس
وقد أضيفت إلى هذه المكتبات في القرن الثالث للهجرة مجموعات من الكتب التي بدأت تنتشر في بلاد الشام في تلك الفترة مثل كتب الزهري والأوزاعي والوليد ابن مسلم
وكذلك الكتب التي ألفها المحدثون الفلسطينيون والمحدثون الذي أموا فلسطين في القرنين الثالث والرابع بشكل خاص
ومن كتب تلك الفترة كتب المسند والجامع والطبقات وغيرها
وهناك نصوص تتعلق بخزائن المسجد الأقصى يتضح منها أن أهم ما كانت تضمه هذه الخزائن نسخ القرآن الكريم التي كانت توضع في المسجد أو توقف عليه
أو تهدى إليه. فقد ذكر ابن الفقيه في كتاب "البلدان" الذي ألّفه سنة 290هـ/902م أنه كان في المسجد الأقصى في زمنه (ستة عشر صندوقاً للمصاحف)
وقال ابن عبد ربه المتوفى سنة 328هـ/939م في العقد الفريد وفيه (أي المسجد الأقصى) سبعون مصحفاً.
وهناك نص ثالث عن خزائن المسجد الأقصى كتب بعد هذه الفترة التي نتحدث عنها، وقد أورده محمد بن علي بن ميسر سنة 677هـ في تاريخه إذ يقول
"إن الإفرنج حاصروا بيت المقدس في رجب سنة 429هـ/1099م... فهدموا المساجد... وأحرقوا المصاحف.
ويعتقد العسلي أن بقية من المصاحف القديمة ما تزال موجودة حتى اليوم في مكتبة المتحف الإسلامي بالقدس
التي تضم أكثر من 650 مصحفاً تاريخياً كتب معظمها بين القرن الثالث والقرن الثاني عشر للهجرة من بينها نصف مصحف قديم مكتوب
على رق بخط كوفي كتب عليه: "كتبه محمد بن الحسن بن الحسين بن بنت رسول الله"
وللأسف الشديد لم تصلنا المخطوطات الأصلية لما ألف قبل القرن السابع للهجرة، وذلك أن الحروب الكثيرة، والفتن الأهلية، والحرائق والزلازل
وعوامل الطبيعة الأخرى، إضافة إلى غارات السلاجقة والحروب الصليبية قد أتلفت هذه المخطوطات
مكتبات العصر الأيوبي والمملوكي والعثماني في القدس
يمكن القول أنه ابتداءً من أواخر القرن السادس الهجري (القرن الثاني عشر الميلادي) بدأت تتضح ملامح جديدة لحركة الكتب والمكتبات
في فلسطين بشكل عام وفي مدينة القدس بشكل خاص. ذلك أن العصر الأيوبي والعصر المملوكي وبدايات العصر العثماني
كانت عصور نهضة علمية وبالتالي نهضة مكتبية تمثلت في مظاهر حضارية متعددة أهمها
- بناء المساجد والجوامع
- إنشاء المدارس المختلفة
- انتشار بيوت الصوفية من خوانق ورباطات وزوايا
- ازدهار معاهد العلم
- كثرة التأليف ورواج الكتب
- إنشاء المكتبات المختلفة والتي من أهمها
مكتبات المدارس والزوايا
لقد وصل عدد المدارس وبيوت الصوفية في مختلف أنحاء فلسطين عدة مئات، وكان منها في القدس وحدها أكثر من سبعين مدرسة
بالإضافة إلى عشرات الزوايا والرباطات والخوانق وكان في هذه المدارس والزوايا مكتبات. وهناك عدد من النصوص تؤكد ذلك
ومن أشهر مكتبات المدارس والزوايا في مدينة القدس في هذه الفترة
مكتبة المدرسة (الزاوية) النصرية في ساحة الحرم الشريف
أنشأها الشيخ نصر إبراهيم المقدسي في أواسط القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي
مكتبة المدرسة (الخانقاه) الفخرية التي وقفها القاضي فخر الدين محمد بن فضل الله المتوفى سنة (1331م)
وكانت هذه المكتبة غنية بمخطوطاتها الدينية والفلكية التي وصل عددها عشرة آلاف مجلد
وكان في المدرسة الأمينية برواق الحرم المقدسي الشمالي غرفة مخصصة للكتب تدعى (الكتبية)
مكتبة المدرسة البلدية وهي مكتبة الشيخ محمد بن محمد الخليلي مفتي السادات الشافعية، وهي مكتبة هامة
خزائن كتب المدرسة الأشرفية السلطانية
خزائن كتب المدرسة الغادرية
ومن الزوايا التي لا تزال بها مكتبة حتى اليوم الزاوية البخارية (النقشبندية)
مكتبات المساجد والجوامع
على الرغم من انتشار خزائن الكتب في مساجد القدس وجوامعها في العصر الأيوبي والمملوكي والعصر العثماني
إلا أنه يمكن القول إن أهم تلك الخزائن كانت خزائن المسجد الأقصى فقد كان المسجد الأقصى كغيره من المساجد الإسلامية الكبيرة
ولا يمكن للمسجد أن يكون مركزاً علمياً دون وجود المخطوطات والكتب والمكتبات
وقد بدأت خزائن المسجد الأقصى تضم بوجه خاص أمهات الكتب وخاصة القرآن الكريم وكتب الحديث الشريف والتفاسير والفقه وغيرها من الكتب الدينية
ثم تطورت هذه الخزائن مع مرور الزمن لتضم آلاف المخطوطات والكتب في العلوم الأخرى مثل علوم العربية والحساب والمنطق والتاريخ
إضافة إلى مؤلفات الذين عملوا في المسجد الأقصى عبر العصور المختلفة
وعندما حرر صلاح الدين الأيوبي بيت المقدس أعاد حال الصخرة المشرفة كما كانت عليه قبل الحروب الصليبية وعين لها إماماً حسن القراءة
ووقف عليها الأوقاف، وحمل إليها مصاحف وختمات وربعات شريفة، وبشكل عام، كانت المصاحف الشريفة أهم الكتب التي كان
يقفها السلاطين والأمراء على مكتبات المساجد في القدس. كذلك كان الكثير من العلماء يحرصون على إرسال نسخة من مؤلفاتهم إلى خزائن المسجد الأقصى
ويقول العسلي: إن خزائن الكتب في الحرم المقدسي الشريف كانت موزعة بين المسجد الأقصى وقبة الصخرة، وأنه كان في كل منهما خزائن خاصة للكتب
ويدلنا على ذلك أنه كان لكل من المسجد الأقصى وقبة الصخرة خزنة للكتب أو أمناء خاصون.
ويذكر السخاوي من هؤلاء شمس الدين محمد بن أحمد بن حبيب الغانمي المقدسي الذي كان خازن الكتب
في المسجد الأقصى في أواسط القرن التاسع الهجري.
وممن تولى أمانة الكتب في الصخرة المشرفة في القرن الحادي عشر الهجري الشيخ بشير الخليل
الجدير بالذكر أنه كان هناك مكتبات كثيرة في مساجد فلسطين وجوامعها بشكل عام ومدينة القدس بشكل خاص، ولكن الوثائق والمعلومات الخاصة بهذه المكتبات قليلة ونادرة.
المكتبات الخاصة
تشير المصادر المختلفة وخاصة سجلات المحاكم الشرعية في القدس، أنه كان هناك الكثير من المكتبات الخاصة في المدينة المقدسة خلال الفترة المملوكية والعثمانية
ويبدو أن وجود الكتب والمخطوطات في بيوت العلماء ورجال الدين وحتى العامة من الناس كان أمراً شائعاً في تلك الفترة. و
قد أشارت المصادر المختلفة إلى أسماء عدد كبير من علماء القدس الذين كانت لهم مكتبات خاصة ومن هؤلاء على سبيل المثال لا الحصر
*مكتبة الشيخ برهان الدين بن جماعة خطيب المسجد الأقصى ومدرس المدرسة الصلاحية (1324-1388م)، وكانت مكتبة نفيسة
*مكتبة الشيخ أحمد بن بدير القدسي المتوفى سنة 1805م، وكان من علماء القدس الكبار، وقف مكتبته المعروفة باسم مكتبة البديري وكانت تضم ألف مخطوط.
*مكتبة الشيخ أحمد بن محمد الشهير بالموقت، وكان مفتي الحنفية ومدرساً في المسجد الأقصى، توفي سنة 1767م.
* مكتبة حسن بن عبداللطيف الحسيني، مفتي القدس في القرن الثالث عشر الهجري (توفي سنة 1811م)، وكانت مكتبة حافلة حوت
كتباً في موضوعات مختلفة من بينها الطب والبيطرة فضلاً عن الموضوعات الدينية والأدبية
*مكتبة محمد صنع الله الخالدي الذي كان رئيس كتاب المحكمة الشرعية بالقدس، وتوفي سنة 1727م وقد وقفها على أولاده الذكور وأحفاده
*مكتبة الشيخ إمت خليفة بن إبراهيم، من علماء القرن العاشر، وقد وقف مكتبته على نفسه ثم على أولاده، فإذا انقرضوا آلت الكتب إلى مكتبة المدرسة الأرغونية في القدس
* مكتبة الشيخ محب الدين محمد بن الدويك قاضي القدس
*مكتبة الشيخ عبدالله بن النقرزان من علماء القرن العاشر الهجري
*مكتبة الشيخ محمد أفندي زادة مفتي القدس في القرن الثالث عشر الهجري
*مكتبة الشيخ عبدالمعطي الخليلي، مفتي الشافعية في القدس، ومن علماء المسجد الأقصى، توفي عام 1741م
*مكتبة الشيخ محمد بن محمد الخليلي مفتي الشافعية بالقدس ومن شيوخ الطريقة الصوفية القادرية في القدس، وكان مقرها المدرسة البلدية
*مكتبة الشيخ يحيى شرف الدين بن محمد الشهير بابن قاضي الصلت، إمام المسجد الأقصى المبارك (توفي عام 1630م). وكانت غنية بكتب الفقه والحديث والتفسير واللغة والنحو.
ملاحظات حول مكتبات القدس في الفترة المملوكية والعثمانية
1 – كان يطلق على مكتبات القدس، كما هو الحال في البلاد العربية والإسلامية، اسم (خزائن)، ذلك أن الكتب الموضوعة في الخزائن كانت تشكل المكتبة
ولم يكن هناك قاعات للقراءة والمطالعة والبحث
2 – كانت الخزائن تصنع من الخشب غالباً وكانت لها اقفال ومفاتيح تحفظ بيد خازن الكتب.
3 – كانت الكتب ترتب على رفوف الخزائن فوق بعضها البعض (الصغير فوق الكبير)، بشكل أفقي وليس عمودياً كما
هو شائع حالياً بحيث إذا أراد أحدهم استخراج كتاب ما، اضطر إلى تنزيل ما فوقه من الكتب، ويستثنى من ذلك صناديق الربعة الشريفة التي كانت توضع فيها أجزاء القرآن الكريم.
4 – وكانت الكتب ترتب حسب الموضوعات، وكانت المصاحف توضع على رأس هذه الموضوعات، تليها كتب التفاسير، ثم الحديث الشريف والسيرة النبوية
ثم كتب الفقه، ثم كتب الأصول والتوحيد والتصوف والقراءات والفرائض
أي الموضوعات الدينية أولاً، وتليها كتب اللغة والأدب، ثم كتب العلوم والحساب والمنطق والطب، ثم الموضوعات الأخرى
وهكذا كان ترتيب المكتبة
5 – كانت فهارس المكتبات ترتب في مجلد واحد أو أكثر حسب موضوعات المكتبة
6 – بالنسبة للاستعارة؛ فإن الأصل فيها أن تتم حسب شروط الواقف، وفي أغلب الأحيان كان يسمح بالاستعارة الداخلية للكتب
ولا يسمح بالاستعارة الخارجية وذلك لحفظ الكتب وصيانتها
7 – كان يعمل في المكتبة أمين المكتبة (أمين الكتب) أو الخازن (خازن الكتب) أو ناظر الوقف أو المتولي، وإلى جانبهم المناولون والمساعدون والنساخ
8 – كانت صناعة النسخ رائجة وأجورها جيدة، ولذلك كانت الكتب غالية الثمن
9 – لقد ضاع قسم كبير من كتب هذه الفترة ومخطوطاتها، وتلف قسم آخر، وسرق قسم ثالث أو بيع بأبخس الأثمان
كما تضافرت النكبات والزلازل والجهل والحروب فضاع قسم آخر، يضاف إلى كله ما أخذه الغربيون من كتب ومخطوطات إلى مكتباتهم في أوربا وأمريكا بطرق مختلفة.
مكتبات القدس منذ أواسط القرن التاسع عشر حتى اليوم
لقد توالت على مدينة القدس منذ أواسط القرن التاسع عشر وحتى اليوم أربعة عهود مختلفة
سوف نلقي الضوء هنا على العهد العثماني
القسم الأخير من العهد العثماني الذي انتهى عام 1917م
وقد شهدت هذه الفترة ظروفاً متغيرة، فقد تعاظم التغلغل الاستعماري، واتخذ اشكالاً مختلفة (سياسية واقتصادية وثقافية)
ومن جهة أخرى قامت في الدولة العثمانية محاولات إصلاح في مختلف المجالات ومنها مجال الثقافة والتعليم
تؤسس في القدس مدارس تابعة للدول لتحل محل المدارس الدينية القديمة
وفي هذه الفترة من تاريخ القدس أخذت الإرساليات الأجنبية البريطانية والفرنسية والألمانية والروسية وغيرها من الإرساليات تنشئ المدارس في مدينة القدس
كما أخذ علماء الآثار يدرسون آثار فلسطين والقدس وينشئون معاهد أثرية ومكتبات تابعة لهذه المعاهد.
وقد دخلت المطابع الحديثة فلسطين لأول مرة في هذه الفترة، فقد أسس الأباء الفرنسيون (الفرنسيسكان) مطبعتهم عام 1847م
وأسس الروم الأرثوذكس مطبعتهم سنة 1851م. كما بدأت الصحف تظهر في مدينة القدس وخاصة بعد الانقلاب العثماني عام 1908م
وفي هذه المرحلة من تاريخ القدس ازدادت الاتصالات الثقافية بين فلسطين وأوروبا، وظهر أوائل المقدسيين الذين تلقوا العلم في المعاهد الأوروبية
ومنهم يوسف ضيا باشا الخالدي، وروحي الخالدي وغيرهم
وقد كان لمجمل هذه المتغيرات الثقافية في مدينة القدس الأثر الكبير في مجال الكتب والمكتبات
فقد تم فتح مكتبات جديدة من جهة، كما تم إعادة تنظيم المكتبات القديمة من جهة ثانية. ومن أشهر مكتبات
من أشهر المكتبات حول المسجد الأقصى الشريف
تُعد مكتبة المسجد الأقصى المبارك من أهم المراكز الثقافية العريقة في بيت المقدس من حيث ما تضمه من مخطوطات نفيسة ومن حيث عراقة المبنى المحفوظة فيه
ناهيك عن وجودها في ساحة المسجد الأقصى المبارك.وكان المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى قد افتتح “دار كتب المسجد الأقصى”
في 12 ربيع الثاني 1341 الموافق 2 تشرين الثاني 1922 في مبنى المدرسة النحوية في صحن الصخرة المشرفة التي بناها الملك المعظم عيسى
حيث تم نقل المصاحف والمخطوطات القديمة من المسجد الأقصى إلى ذلك المبنى الأيوبي
وقد نشر العلامة عبد الله مخلص النداء التالي في مجلة سركيس القاهرية
مكتبة المسجد الأقصى
ارتأى المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى أن ينشأ دارا للكتب في المسجد الأقصى
الذي هو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، يجمع فيها بعض ما أبقته عوادي الأيام من المصاحف الشريفة القديمة النادرة والكتب المخطوطة القليلة
ويضيف إليها ما تجود به نفوس كرماء العلم السخية من الكتب القيمة والأسفار الممتعة
وقد اتخذ المدرسة النحوية التي بناها الملك المعظم في سنة 604 هجرية في الطرف الجنوبي من صحن الصخرة المشرفة دارا لها وافتتحها
في الثاني عشر من شهر ربيع الأول لسنة 1341 الموافق لليوم الثاني من تشرين ثاني نوفمبر سنة 1922 تفاؤلا بيوم مولد النبي العربي الكريم صلى الله عليه وسلم
ولما كان بيت المقدس مهوى أفئدة الملايين من البشر، يغشاه الشرقيون والغربيون على السواء ويشد إليه جميع أهل الأديان السماوية الرحال
فلا ريب في أن رجالات العلم في العالم وأصحاب الصحف والمجلات يبعثون إليها ببنات أفكارهم ونتاج قرائحهم لتخلد لهم في تلك الدار الخالدة
ويحملون من لم تصلنا أسماؤهم من العلماء والأدباء والمؤلفين على الاقتداء بهم والنسج على منوالهم
فتصل دارنا بفضل مؤازرتهم لها وعطفهم عليها إلى المستوى الذي تستحقه والله ولي التوفيق
المحاسب العام للمجلس الإسلامي الأعلى ووكيل دار كتب المسجد الأقصى
كاتب هذه الأسطر الكاتب :عبد الله مخلص .
وتم لاحقا نقل دار الكتب إلى المدرسة الإسعردية، ثم نقلت إلى المتحف الإسلامي، حيث دخلت في مرحلة سبات طويلة
إلى أن قامت دائرة الأوقاف الإسلامية بإعادة افتتاح المكتبة تحت اسم ‘مكتبة المسجد الأقصى المبارك’ عام 1396/1976 في مبنى المدرسة الأشرفية التي بناها السلطان الأشرف قايتباي
وفي عام 1421/2000 نقلت إلى مسجد النساء الملاصق للمصلى القبلي من الجهة الغربية
وقد صدرت أربعة فهارس حول مخطوطاتها حتى الآن، والتي يرجع تاريخ أقدمها إلى القرن الثالث الهجري
وأهم مصادرها بقايا مخطوطات “دار كتب المسجد الأقصى”، حيث فقد الكثير منها على مر السنين
ويضاف إلى ذلك بقايا مكتبة الشيخ محمد الخليلي وبقايا المخطوطات التي كانت في حوزة الشيخ خليل الخالدي والتي جمعها خلال رحلاته في العالم الإسلامي
ومخطوطات مكتبة الشيخ محمد صبري عابدين
كما تضم المكتبة آلاف الكتب النفيسة والمجلات القديمة.
المكتبة الخالدية
أنشأ المكتبة الخالدية الحاج راغب الخالدي في عام 1899 ميلادي (1318 هجري) باعتبارها وقفاً إسلامياً
وذلك بمبلغ من المال أوصت به جدته خديجة الخالدي ، ابنة موسى افندي الخالدي، الذي كان قاضي عسكر الاناضول عام1832
وقامت المكتبة على ما كان في حوزة أسرة الخالدي من مخطوطات وكتب جمعها جيلاً بعد جيل كل من محمد صنع الله، ومحمد علي
ويوسف ضياء باشا، والشيخ موسى شفيق، وروحي بك، وياسين وكثيرون غيرهم
وكان القصد من المكتبة أن تكون مكتبة عمومية لتعزيز نشر العلم و بعث الاهتمام بأمهات
الكتب في العلوم الإسلامية وفي الموضوعات الحديثة
ثم تعاقب عدد من افراد آل الخالدي على الإضطلاع بمهمة مُتوليّ المكتبة او أمينها
ومنهم أحمد سامح، وحسين فخري، وعادل، وحيدر، وكامل. وأدى هؤلاء جميعاً دوراً هاماً في حفظ وصون
التقليد الذي اتبعته الأسرة منذ أجيال في السير قدما بالعلم، وتطوير المكتبة وحمايتها في الوقت ذاته
توجد المكتبة بمبنى مملوكي يرجع للقرن الثالث عشر الميلادي يقع في تربة الأمير حسام الدين برقه خان وولديه
والأمير كان من القادة العسكريين وكذلك ولديه وكانا في جيش السلطان بيبرس الذي تزوج ابنة الأمير حسام الدين المذكور
وأسست المكتبة الخالدية لغرض التقدم بالعرب على طريق الازدهار برعاية العلوم وتمكينهم من مباراة
المؤسسات الثقافية القوية التي انشأتها القوى الاجنبية في طول المنطقة وعرضها
وإنطلاقا من هذا، أعلن بأن المكتبة الخالدية ستكون “مكتبة عمومية”. وبعد اجراء ترميم واسع النطاق
وانجاز اعمال التصنيف والتبويب والحفظ، اصبحت المكتبة اليوم جاهزه للترحيب بالعلماء من جميع انحاء العالم
وتشكل المخطوطات أهم مقتنيات المكتبة وهي عبارة 1200 مخطوطة نفيسة في شتى العلوم
18 منها بالفارسية و36 بالتركية والباقي بالعربية بالإضافة إلى 5000 مجلد غير مفهرسة للآن وعدد لا يحصى من الوثائق والرسائل
أقدم هذه المخطوطات مجلد مؤرخ سنة 418 للهجرة يتناول الفقه المالكي
كما تحتوي المكتبة على العديد من “المرقومات” المتميزة بزخارفها الجميلة ودقة الأشغال اليدوية التي
صنعتها منها تعود للسلطان صلاح الدين رحمه الله، كما تحتوي على عدد كبير من الإجازات العلمية
وتبقى مجموعة المصاحف الخطية هي الأبهى والأبدع والأروع في المكتبة
وخاصة نسخة لمصحف عثماني كبير مذهب كتب في القرن الخامس عشر الهجري
نفائس المكتبة الخالدية
تضم هذه المكتبة عدداً كبيراً من المخطوطات التي كتبت بخطوط مؤلفيها من مشاهير العلماء، وتلك التي كتبت في زمان مؤلفيها
أو بعده بعناية خاصة أو من النسخ المذهبة الأنيقة المستخدم فيها عدة ألوان مختلفة من الحبر، إلى غير ذلك من أوجه نفاسة الكتاب المخطوط• ونذكر منها
1) نسخة قديمة من مقامات القاسم بن علي الحريري
2) كتاب شاناق في السموم والترياق الذي عُرب زمن العباسيين لشانقات الهندي الطبيب وهي نسخة أيوبية
3) سيرة ابن سيد الناس للعز محمد بن أبي بكر بن جماعة بخط يده
4) النهاية في غريب الحديث لابن الأثير كتب بخط ابن أخيه عام 962هـ
5) روضة الرائض في علم الفرائض وجامعي فوائد للتاج ابن عربشاه العثماني بخطه
6) شرح جواهر الذخائر للبدر الغزي مفتي دمشق في زمانه وبخطه أيضاً
7) الجزء الأول من نسخة قديمة من كتاب النوادر لابن الأعرابي
8) مجموعة فوائد في التاريخ والأدب بخط جامعها المؤرخ المشهور العلاء بن خطيب الناصرية الحلبي
9ـ في المكتبة الخالدية كتاب نادر جداً في الفقة المالكي يعود إلى عام 1418م.
يتبع ......
الروابط المفضلة