(الحلقة الاولى) أيها المسلمون أفيقوا أخوانكم يتنصرؤن !!
مسلمو الفلبين فى خطر التنصير(ومازال التنصيرمستمر!! )
ما تزال منطقة جنوب الفلبين تعاني من القمع الحكومي والمضايقات المتشعبة التي تقوم بها دول حلف الأطلسي في جنوب شرق القارة الآسيوية وإن كانت قد طغت قضية كشمير على وسائل الإعلام العالمية لما لها من حساسية بالغة على مستوى الجغرافية السياسية،حيث تتواجه كل من الهند والباكستان والصين،وكذلك احتدام العنف المتبادل راهناً بين الكشميريين والقوات الهندية. فإن قضية جنوب الفلبين لا تقل أهمية عن كشمير كونها تدخل في دائرة الصراع بين المسلمين المستضعفين وبين قوى الحكومات المحلية المدعومة من قبل القوى الأطلسية.
والواقع أن الولايات المتحدة الأمريكية ومنذ بداية هذا القرن نشبت أظافرها في كثير من المناطق الآسيوية ولم تخرج منها إلا بعد أن رسخت قوى محلية موالية لسياستها على المستوى السياسي الاستراتيجي وعلى المستوى التنصيري. ولعديد من الأسباب فإن أمريكا التي تعتبر جنوب شرق آسيا من أخطر وأهم المناطق في استراتيجيتها البعيد فإنها ليست بعيدة عما يحدث في الفلبين وتايلاند وماليزيا وكذلك إندونيسيا.
وضمن هذه الاستراتيجية فإن الولايات المتحدة تعتبر جبهة تحرير كشمير وجبهة تحرير مورو في الفلبين وكذلك حركة الثورة في فطاني تايلاند وكذلك جبهة تحرير أراكان في بورما وبقية الجبهات والمنظمات الإسلامية الداعية لتأمين حقوق المسلمين في بلادهم تعتبرها حركات إرهابية يجب محاربتها والقضاء عليها إما بطريق مباشر أو بطريق آخر وهو دعم الحكومات الموالية لها لتصفية تلك الحركات الإسلامية مهما كان الثمن.
والواقع أن الولايات المتحدة الأمريكية وضمن استراتيجيتها البعيدة المدى تريد أن تحارب أي تطلع للحرية والتقدم وضمان حقوق المسلمين.فهي ترى في ذلك تهديدا لسياساتها في المنطقة على المدى البعيد. ومن خلال مجريات الأحداث في كشمير وأفغانستان وكذلك في تايلاند والفلبين وبورما وغيرها من المناطق حيث يكافح المسلمون لنيل حقوقهم تظهر للعيان الحرب المعلنة من قبل أمريكا والغرب وحلفائهم المحليين على الإسلام والمسلمين.
وإذا عدنا إلى بداية القرن الحالي وجدنا أن السياسة الأمريكية تجاه مسلمي الفلبين ومنطقة الجنوب الفلبيني تقوم إلى إلغاء الهوية الإسلامية وقمع المسلمين وعدم الاعتراف بحقوقهم.
فبعد أن سقطت مانيلا عاصمة الفلبين في أيدي القوات الأمريكية بتاريخ 13/8/1898 وقعت اتفاقية باريس التي تنص على تنازل إسبانيا عن مستعمرة الفلبين لأمريكا. والأمر الذي عمل الأمريكان على وضعه ضمن استراتيجيتهم هو إدخال المناطق الإسلامية ضمن حدود الفلبين على الرغم من أن هذه المناطق لم تخضع يوماً للنفوذ الإسباني في السابق.
وتطبيقاً لهذه السياسة الأمريكية فقد صب الأمريكان كل جهودهم وإمكانياتهم المادية وغير المادية وراحوا يعملون ليل نهار لتحويل أهل جنوب البلاد المسلمين إلى النصرانية من خلال أشرس ما عرفه التاريخ من حملات التنصير.
وعلى الرغم من قوة هذه السياسة الأمريكية التنصيرية الاستعمارية ظل المسلمون يحافظون على دينهم وتقاليدهم حتى اندلعت الحرب العالمية الثانية وحولت القوات الأمريكية الفلبين إلى قاعدة عسكرية كبرى لتواجه القوات اليابانية وحلفاءها في جنوب شرق آسيا. وقد ركزت قواعدها في المناطق الإسلامية مما جعل المسلمين يعانون كثيراً من هذا التواجد.
وانتهت الحرب العالمية الثانية وانتصرت دول الحلفاء على دول المحور ومنها اليابان. وهذا ما جعل الولايات المتحدة تعتبر الفلبين منطقة حيوية واستراتيجية لمصالحها في المنطقة.
ولعل السياسة الأمريكية المزدوجة في الفلبين جعلت القوات الأمريكية حارساً مسلحاً لنشاطات الجماعات التنصيرية هناك. حتى أن هذه القوات سارعت في احتلال مناطق شمال الفلبين بشكل كثيف لمنع ظهور الدعاة المسلمين والمجتمعات الإسلامية هناك.
لقد تركز المسلمون في الجنوب لفترة زمنية طويلة، ولكنهم تحركوا نحو الشمال لنشر دين التوحيد. وقد دخل في دائرة هذا الدين العديد من شماليي الفلبين وعندما شعرت حركات التنصير بالخطر أوعزت للقوات الأمريكية بالتغلغل في الشمال لتحويل المنطقة إلى المسيحية بالقوة.
وقد بذلت القوات الأمريكية جهدها بالتعاون مع الهيئات الفلبينية التي ترتبط بالحركات التنصيرية بغرض ترتيب الأوضاع في المنطقة على صعيد الحياة اليومية والثقافية والصحية والتعليمية وغيرها من اوجه الحياة بحيث يغدو صعبا إن لم يكن مستحيلا على الدعاة المسلمين تحقيق الحد الأدنى من نشاطهم بين أهل البلاد في مقابل الحرية والإمكانيات التنصيرية الهائلة.
وفي فترات لاحقة وقبيل استقلال الفلبين عام 1946 فرضت القوات الأمريكية حصاراً بشرياً وثقافياً ودينياً على مسلمي جنوب البلاد خاصة عندما شعرت هذه القوات أن المسلمين الفلبينيين راحوا يعززون روابطهم مع الجوار الإسلامي. واتبعت في ذلك أساليب عدة منها إلقاء القبض على الزوارق المتجهة إلى ماليزيا. ومنها وضع قيود إدارية صارمة لسفر المسلمين إلى المناطق المجاورة.
وبعيد الاستقلال كرست القوات الأمريكية تواجداً دائماً لقواعدها العسكرية في المنطقة ودعمت حركة التنصير بشكل لم يسبق له مثيل. وعينت ديكتاتوراً فاسدا ليقود البلاد بفردية مطلقة.
ومنذ تسلم ماركوس الحكم في هذه البلاد بدأت أكبر حملة مسلحة ضد المسلمين بغرض كسر شوكتهم وقمع أي نزوع لهم نحو المطالبة بحقوقهم وحريتهم. وأدت هذه الحملة إلى ضم مناطق المسلمين بشكل كامل إلى سلطته. ووضع البلاد تحت الحكم العسكري مما أثار ردود فعل عنيفة في البلاد وجعل المسلمين يشعلون الثورة المسلحة وذلك عام 1972 بقيادة جبهة تحرير مورو الوطنية.
ولم تكن الولايات المتحدة غائبة عن ذلك كله. فقد ساهمت بكل ما توفر لها من إمكانيات في البلاد لجهة عدم الاستجابة لمطالب المسلمين العادلة بل إنها سكتت عما قام به سلاح الجو الفلبيني من إبادة جماعية لسكان القرى والبلدات والمدن المسلمة في الجنوب حيث راح ضحية ذلك عشرات الآلاف من أبناء المسلمين.
وقد عمل النظام الديكتاتوري وبدفع من أمريكا والحركات التنصيرية على تهجير المسلمين من شمال البلاد إلى مناطق المسلمين في الجنوب والاستيلاء على ممتلكاتهم وأراضيهم ومنحها للمهاجرين المتنصرين.إضافة إلى ذلك تدخل بالشؤون الدينية الإسلامية إذ عمد إلى إلغاء أحكام الشريعة الإسلامية وتطبيق أحكام القانون المدني في مسائل الأحوال الشخصية على المسلمين مثل الزواج والطلاق والميراث، وإباحة زواج المسلمة من غير المسلم. وفي فترة حاسمة دفعت أمريكا الكيان الصهيوني للتعاون الوثيق مع النظام الديكتاتوري الفلبيني حيث قام ضباط وخبراء أمن صهاينة بتدريب عناصر من الأمن والجيش الفلبيني على طرق قمع المسلمين في مدنهم وقراهم في جنوب البلاد وعلى أساليب حرب العصابات لمواجهة الثوار المسلمين.
وعندما اشتدت المواجهة بين الثوار المسلمين وقوات الحكومة انطلقت جبهة التحرير إلى خارج البلاد لتشرح قضية المسلمين أمام المحافل الإسلامية والدولية. وحاولت الولايات المتحدة وحلفاؤها الضغط من أجل إبقاء قضية المسلمين في جنوب الفلبين ضمن حدودها المغلقة. لكن الثوار استطاعوا أن يقيموا علاقات وطيدة مع الدول العربية والإسلامية. مما أثر في نقل قضيتهم إلى العالم ومن ثم الضغط على الحكومة الفلبينية لإيقاف حملات الإبادة بحق المسلمين. ظلت الثورة مشتعلة إلى أن تضافرت جهود أبناء الفلبين وأسقطت النظام الديكتاتوري. وجاءت حكومة أكينو التي وقف إلى جانبها المسلمون ولكنها هي الأخرى ظلت تراوغ وتتمسك بالشكليات وظل الوضع على حاله في جنوب الفلبين وفشلت أكينو زعيمة المعارضة السابقة ورئيسة الفلبين بعد سقوط ماركوس أن تحل مشكلة جنوب الفلبين وحتى في الاستجابة للحد الأدنى من مطالب المسلمين. مما جعل الثوار يستأنفون مقاومتهم لمحاولات التنصير وقهر المسلمين وإذابة هويتهم.
وفي هذا العام شهدت الفلبين احتداماً للصراع بين المسلمين وقوات الحكومة وقد كان للعبر والدروس دور هام في حذر المسلمين واحتياطهم في وجه المناورات والمؤامرات التي تقوم بها الحكومة والمنظمات التنصيرية. فقبل شهر على الأقل شنت قوات جبهة تحرير مورو الإسلامية عشرات الهجمات الواسعة ضد مواقع الجيش الفلبيني المتمركزة في قراهم ومدنهم، واستطاعت طرد أفراده من عشرات القرى والبلدات مما جعل بعض المراقبين يرون في ذلك تطوراً في قضية المواجهة بين مطالب المسلمين والعنصريين في الفلبين الذين يتلقون دعما أمريكيا وعلى كل الأصعدة في ممارسة سياستهم القمعية.
وبالمحصلة فإن المسعى الأمريكي الغربي لإعادة ترتيب العالم بشكل يضمن لها الموقع الأول والمطلق فيه على المدى المنظور جعل أمريكا تضع في أولوياتها خاصة بعد تدمير يوغسلافيا شن الحرب على الحركات الإسلامية العاملة على حصول المسلمين المستضعفين على حقوقهم وكرامتهم. ولهذا فإن تلك الحركات ومن ضمنها حركة تحرير مورو وجبهة تحرير كشمير هما من الحركات المستهدفة أمريكيا راهنا.
ولعل الأهم من ذلك كله هو تعاون القوى الإسلامية المكافحة لنوال المسلمين حقوقهم في كافة أماكن تواجدهم حتى تستطيع المجابهة والصمود ووقف الهجمة الاستعمارية المتصلة باتجاه إلغاء حقوقهم ومحو هويتهم والتي تستدعيها الاندفاعة الأمريكية الغربية بعد تلاشي القطب العالمي الآخر الاتحاد السوفيتي للهيمنة على العالم والتحكم برقاب سكان الكرة الأرضية جمعاء..