الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله من نعم الله تعالى علينا التى لا تعد ولا تحصى أن هيئ لنا أمر عبادت
وأرشدنا إلى طريق طاعته، فما من خير إلا ودلنا عليه ، وما من شر إلا وحذرنا منه ..
ومن هذه الأفضال والمنن أن هدانا لصيام شهر رمضان ، فهو شهر كله بركات وخيرات
وطاعات فقد شمل هذا الشهر الكريم كل أنواع الطاعات من..
صلاة وصيام وزكاة وتلاوة للقرآن وكل وجوه البر ، حتى العمرة فيه تعدل حجة مع النبى ..
لذا كان لزاماً علينا شكر نعم المولى وأداء حقوقه علينا فى هذا الشهر الكريم، بصيامه على أكمل وجه ،
كما صامه النبى وصحابته إيمانا واحتسابا ،
( ثانيا): الحكمة من الصيام :
إن من أسماء الله تعالي ( الحكيم ) ، والحكيم من اتصف بالحكمة ، والحكمة إتقان الأمور ووضعها في موضعها ،
ومقتضى هذا الاسم من أسمائه تعالي أن كل ما خلقه الله تعالي أو شرعه فهو لحكمة بالغة ،
علمها من علمها وجهلها من جهلها، فإن الله سبحانه وتعالي لم يفرض علينا الصيام ويمنعنا عن الطعام والشراب التي
أحلهما لنا ليعذبنا أو يعنتنا ، فحاشى لله ذلك ولكن للصيام الذي شرعه الله وفرضه علي عباده حكم عظيمة وفوائد جمة
من هذه الحكم :
*- أنه عبادة يتقرب بها العبد إلي ربه بترك محبوباته المجبول على محبتها من الطعام وشراب ونكاح ،
لينال بذلك رضي ربه والفوز بدار كرامته ، فيتبين بذلك إيثاره لمحبوبات ربه علي محبوبات نفسه وللدار الآخرة علي الدار الدنيا ..
*-أنه سبب للتقوى إذا قام الصائم بواجب صيامه ، قال تعالي :
(. . يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ..)البقرة183
وهكذا تبرز الغاية الكبيرة من الصوم ( إنها التقوى) ، فالصائم مأمور بتقوى الله عزوجل وهي امتثال أمره ، واجتناب نهيه وهذا هو المقصود الأعظم بالصيام ، وليس المقصود تعذيب الصائم بترك الأكل والشرب والنكاح ..
فالتقوى.. هي التي تستيقظ في القلوب وهي تؤدى هذه الفريضة طاعة لله , وإيثارا لرضاه ..
والتقوى هي ايضاً .. التي تحرس هذه القلوب من إفساد الصوم بالمعصية ، والمخاطبون بهذا القرآن يعلمون مقام التقوى عند الله ،
ووزنها في ميزانه ، فهي غاية تتطلع إليها أرواحهم , وهذا الصوم أداة من أدواتها وطريق موصل إليها .
وقول النبي : (.. لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ، فَلَيْسَ للهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ..) رواة البخاري *- فالزور.. هو كل قول محرم من الكذب والغيبة والشتم ..
*- والعمل بالزور.. هو العمل بكل فعل محرم من العدوان علي الناس بخيانة أوغش أو ضرب ويدخل فيه
سماع الأغاني المحرمة والمعازف ومشاهدة المحرمات ..
*- الجهل .. هو السفه وهو مجانبة الرشد في القول والعمل .
*-إذاً أن الصوم هو.. مجال اتصال الإنسان بربه اتصال طاعة وانقياد ، كما أنه استعلاء
علي ضروريات الجسد كلها، واحتمال ضغطها وثقلها وهذه كلها عناصر لا زمة فيإعداد النفوس واحتمال مشقات الطريق المفروش
بالعقبات والأشواك والذي تتناثرعلي جوانبه الرغبات والشهوات ..
فالصوم أعظم طريق لإذلال النفس والسيطرة عليها والتمرن علي ضبطها وقيادتها..
كذلك ما يروي عن السلف أن أحدهم إذا أراد أن يعاقب نفسه علي ذنب فعله فكان يعاقبها بالصيام ولفترات طويلة من السنة ،
لذا فالصوم يمكن الإنسان من قيادة نفسه لما فيه خيرها وسعادتها في الدنيا والآخرة ، ويبتعد عن أن يكون عبداً ،
لا يتمكن من منع نفسه عن لذاتها وشهواتها لما فيه مصلحتها..
*- ومنها : أن الغنى يعرف قدر نعمة الله عليه بما يسر له الحصول على ما يشتهى من طعام وشراب ونكاح ، فيشكر ربه علي هذه النعمة ،
ويتذكر الفقير الذي لا يتيسر له الحصول علي ذلك فيجود عليه بالصدقة والإحسان
*- ومنها : أن نستشعر حال اخواننا المستضعفين فى كل مكان الذين يهجرون من ديارهم ، فيخرجون إلى العراء
جوعى هلكى لايجدون ما يسترهم ولا ما يسد رمقهم
*- ومنها : مايحصل من الفوائد الصحية الناتجة عن تقليل الطعام واراحة الجهاز الهضمى لفترة معينة ، وكذلك ليتخلص الجسم من الفضلات الضارة المترسبة فى الجسم وغير ذلك ..
الروابط المفضلة