:
كنت أحد أسود هذا الوطن ، وما أن دُعيت حتى لبيت النداء ، تركت الأهل والأصحاب ، بهِمّة تُعانق السحاب
ورحلت ..
كصاحِبك ، قدّمت روحك فداء للدين ثم للوطن ، أقسمت وكان جواب القسم على قمة جبل دُخّان ..
ورحلت ..
أيّ نهاية كُنت تطمح لها أيها البطل ؟؟!
كنت في مقر عملك ، فاستبدلته بسرايا الجيش ..
ورحلت ..
بعيداً عن الأضواء ، كان لتفاصيل حياتك ، نهاية مُشرِّفة
دُوِّنت على أرض الجنوب ..
ورحلت ..
لم تنتصِف السنة على زواجك ، حتى تودِّعها ، و تطأ أرض المعركة فتنال مطلبك ..
ورحلت ..
كنت مع رِفاقك سدّاً منيعاً ، دافعت عن الوطن لأنك ابن الوطن ، و تركت في السدّ ثغرة ؛ ليأتي فيها آخر ..
ورحلت ..
إبتسامتُك ذاتها حتى بعد وفاتك ، قدّّمت روحك فداءً لدينك ثم للوطن ، وقدّمك الوطن لأبنائك وسام شرف ..
ورحلت ..
لا حرف يكتُبني ..!
ولا أبجديّة تُترجِم الأسى ..*
رِجالٌ ، صدقوا العهد ..
قدِموا ..
فقدَموا ..
وقُدِّموا ..
لبوا النداء ، فما توانوا ، أو تخاذلوا
ودّعوا أهاليهم ، زوجاتِهم ، أبنائهم ، أصحابهم ..
حضروا أرض المعركة ، وفي الخطوط الأماميّة ، وعلى خطّ النار
كانت أرواحهم أرخص من أن يكون لأعداء الدين والمِلّة موطأ قدمٍ في بلاد الحرمين ..
لم يُبالوا بعدوٍّ ، باع نفسه بختم الجنّة ..!
لم يأبهوا بما تركوا فالسلعة غالية ..*
هؤلاء .. ورفاقهم ..
هم من جعلنا ننام ملئ جفوننا ، لم نشعُر قطّ بالخوف ..
ولم نعرف من الحرب سوى فقدِهم ..
شهداء الواجب ..
ولعمري أيّ واجب .؟!
وقفوا في وجه من لا يعرف جادّة الصواب ..
الذين ، جعلوا من سبِّهم للصحابة ، وإتهامهم لعائشة رضي الله عنها ، قُرباناً لأسيادهم ..
لكن هيهات ، هيهات أيها الحمقى ..
أما علمتُم بأن السباع كانت تستوطن تلك الأراضي ؟؟!
كانت ، وكان الجميع مُتيقِّن بإنقراضِها ..!
لكنها عادت ..
اشتمّت رائحة الفرائس النتنة فعادت ..!
الأسود ، والنمور حضروا وملأوا ساح الوغى زئيراً وضرضرة ..
مُتعطِّشين للنِزال ، مُردِّدين :
الله أكبر ..
ليتردّد صداها في كهوفِكم ..
فتُرهبكُم ، ولا يهابوكُم ..
و مابين صلاة ، ودُعاء ، وصيام ، وقيام
لن يردهم الحي القيّوم خائيبين ..
والنّصرُ للدين الحقّ ..
أسأل الله العليّ العظيم أن يجعلهم في منزلة الصديقين والشُهداء وأن يربِط على قلوب ذويهم ويُلهمهم الصبر والسلوان ..
اللهم آآآمين ، آآآمين ، آآآمين
..
الروابط المفضلة