عانى العبيد قبل الإسلام من من قسوة السادة وقهر السماسرة
وكان سعيد الحظ منهم من يشتري حريته رغم انه يظل مولى لسيده طوال حياته .....
ولد حرا ... لكن القلوب التي لا تعرف الرحمة استرقته وجعلت منه عبدا لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ..
وبعد هذه المعاناة جاء الإسلام ليأمر بحسن معاملتهم
وليفتح الطرق أمامهم حتى يستعيدوا حريتهم ويعيشوا الحياة التي حرمتهم إياها الأيام
.... حياة الأحرار والسادة....
رفع الإسلام من شأنهم لأنه جعل مقياس التفاضل بين الناس هو التقوى والعمل الصالح ....
وهكذا مرت الأيام والشهور والسنين
... عقود ثم قرون ....
وتغيرت الأحوال وتبدلت , ورجع عصر العبودية من جديد
ولكنها عبودية من نوع اخر .........
عبودية اليوم تعني استعباد الأحرار وإهانتهم وهضم حقوقهم فهذا أصل ,وذاك طرف, وهذا قبيلي وذاك بدوي,
ندعي أننا متحضرون لكن تفكيرنا مايزال في العصر الجاهلي.........
ونقول بألسنتنا مالا نؤمن به بعقولنا وقلوبنا,,,,, فنعترف بان الإسلام لم يفاضل بين العباد باللون ولا الجنس ولا الأصل , وإنما يفضل بينهم بالتقوى ......
نعترف بهذا ونجعله شعارا لمؤتمراتنا وملتقياتنا لكننا أبدا لا نجد له أثرا في حياتنا اليومية .
عندما يتقدم ذا الدين مثلا لبنت من ذوي الأصول فإنهم لا يهتمون بدينه وإنما يسألون عن أصله , وإذا ما عرفوا انه ليس بأصل فإنهم ربما لن يردوه بالحسنى ولكنهم سيحاكمونه لأنه تجراء على طلب ابنتهم وهو ليس لها بكفء من الناحية الاجتماعية !!! ......
هذا في مسائل الزواج وتكوين العلاقات الاجتماعية حيث أننا تجاهلنا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عندما أمرنا بان نزوج ذا الدين والخلق وبدأنا نبحث عن ابن الأصل ...!!!
ومن ناحية أخرى وفي ممارساتنا اليومية للحياة العامة وتعاملاتنا مع بعضنا في المجتمع فإننا نجد أن هناك المفاضلة والمفارقة بين معاملات أبناء الأصول وغيرهم من أبناء المجتمع , فعندما يخطئ ابن الأصل على غيره ممن يُنظر لهم بنظرة دونية فانه لا يحاسب , بينما لو كان العكس هو الذي حصل لقامت الدنيا ولم تقعد....!!
هكذا أصبحنا
نتهمُ غيرنا بالكيل بمكيالين ونحن من اخترع هذه السياسة ,,,,,
وكذلك عندما يقصر ابن الأصل في أداء واجباته فانه لا يحاسب كما يحاسب غيره من المسلوبة حقوقهم .........
ولو جئنا لمناقشة الموضوع من جهة أخرى وهي المعاملة لوجدنا أن التعامل بين الأصول يسوده الاحترام والإيثار ولكننا نجد هذه القيم تختفي وتنهار إذا ما تعامل هؤلاء مع من هم دونهم من أبناء جلدتهم وان لم يكن هذا منطبقا على الكل إلا أن هذا هو السائد
ومن هنا أريد أن أشير إلى معنى الأصل والطرف كما هو سائد في المجتمعات العربية أيامنا هذه ,,,,,,,,,,,,,,,
الأصل.. هو الإنسان الذي ينتمي إلى عائلة عريقة متدينة أو غير متدينة المهم فيها أنهم لا يشتغلون في الحرف اليدوية والشاقة كالجزارة والخياطة والحلاقة وما شابهها , ولم يسبق لأحد من أجداد هذه العائلة أن اشتغل فيها ...!
أما الطرف... فهو من يمتهن أو احد عائلته إحدى هذه المهن حتى ولو كان الممتهن هو احد الأجداد القدماء !!!!
إننا لو وقفنا مع أنفسنا وقفة صادقة , ونظرنا إلى هؤلاء نظرة عادلة لوجدنا أنهم فعلا يستحقون التقدير والاحترام وأنهم فعلا بناة الأوطان المجهولون , والذين لم نجد لهم جزاء ومكافاءة غير استعبادهم واستقلالهم والسخرية منهم , نضرب بهم الأمثال فيما لا يلق من الصفات والأقوال والأفعال, ونجعل منهم أرضا خصبة نعوث فيها فسادا وإفسادا
يا ترى
كيف يمكن أن يكون حال مجتمعنا إن لم يوجد فيه الحداد والنجار والحلاق والجزار ؟؟؟؟؟؟؟؟!!!
من كان سيقوم بهذه المهمات العظيمة لو لم يقوموا بها هم؟!!!
إننا بهذا نُنَفِر من امتهان هذه الحرف وإتقانها ولا نحس بهذا !!!! نضرب المجتمع في احد أهم أساساته ولا نريده أن يقع!!!
ويبدوا أننا نسينا أن الإسلام قد قام على أكتاف هؤلاء .... فبلال الحبشي اعزه الإسلام وأصبح مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم , وعمرو بن العاص كان جزارا وفتح الله على يديه مصر فأنشاء بها مدنا ومساجد
ولو استعرضنا تاريخ الصحابة رضوان الله عليهم وتابعيهم لوجدنا فعلا أنهم استحقوا أن يصطفيهم الله ليكونوا حملة للواء هذا الدين .... بالرغم من أنهم جميعا كانوا رعاة وحدادين ومزارعين بسطاء وعبيد والقليل منهم ممن كان يشتغل في التجارة والصناعة
تحضرني هنا كلمة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قال لعمرو بن العاص
( يا عمرو, متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا)
..............................................
الروابط المفضلة