أ
يحزن المسلم كثيرا حينما يجد الكثيرين من الكتاب والمفكرين ممن يزعمون أنهم تنويرون؛ يجدهم يفرقون في التعامل بين الكتاب على أسس غير عادلة، حتى بعد الوفاة.
فإذا كان المبدع إسلاميا، أو صاحب توجه إسلامي، يخالف منهج هؤلاء العلمانيين المتشككين في ثوابت الأمة من قرآن وسنة؛ فالإهمال مصيره، وتعلن الحرب عليه من عدة جهات، وتغلق في وجهه الجرائد والمجلات، بل وكافة وسائل الإعلام.
أما إذا كان المبدع علمانيا متشككا تنويريا ـ بحسب زعمهم ـ فيرحب به في وسائل الإعلام، وتفتح له المجالات، وتسخر له الفضائيات، وهذا هو المنهج العلماني الذي يتأسى ويقتدي بأمريكا في الكيل بمكيالين في التعامل مع المخالفين، فهم يسيطرون على وسائل الإعلام، المرئية والمسموعة، ويتحكمون في تضخيم شخص وتفخيمه، وإسقاط شخص آخر وتحجيمه، بل ويحدث هذا حتى من الأموات.
وعلى سبيل المثال فقد اهتمت الصحف بتأبين وتفخيم أحد المفكرين العلمانيين، والذي يزعمون أنه صاحب شخصية تجديدية للتراث الإسلامي(محمد أركون)؛ لأنه طعن فيه وشكك في كتاباته في القرآن الكريم، وزعم أنه ناقص، بينما لما توفي كاتب ومفكر إسلامي حقيقي له أعمال جديرة بالاحترام والتقدير في الحياة وبعد الممات (د.عبد الصبور شاهين) فلم يهتم به أحد من هؤلاء.
و تتنوع هذه المواقف المحزنة من أصحاب منهج التشكيك، والتي تصدم مشاعر المسلمين، فعندما تجرأ أحد المارقين وطعن في أم المؤمنين، وسب صحابة النبي الأمين صلى الله عليه وسلم؛ اعتبروا ذلك حرية في الكتابة، وإبداع لا يجوز الرد عليه، ولا منعه من نشر آراءه.
وكذلك لم ينكروا أو يعترضوا ـ إلا القليل منهم ـ على من منع وحارب المظاهر الإسلامية، مثل: الحجاب والمآذن والنقاب في أوروبا، لم يقفوا موقفا قويا ممن استهزأ ونشر الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم.
ولما طعن أحد رموز الكنيسة في مصر في القرآن الكريم، لم نجد موقفا مشرفا من هؤلاء، ولم يكتب أحد منهم يعترض أو ينكر، إما خوفا من بطش رجال الأعمال النصارى (المسيحيين)، أو اختفاء خلف شعارات بالية لا تدل على حب لمنهج المنصفين أو حتى خوفا على الوحدة الوطنية؛ وهذه المواقف المتخاذلة شجعت زعيم الكنيسة الأنبا شنودة للتراجع عن اعتذاره الذي أعلنه في التلفاز على الملأ للمسلمين.
فإلى متى يظل هؤلاء يتحكمون في وسائل الإعلام ومصادر التوجيه ومنابر التعليم، مع عدم اتصافهم بمنهج العدل والإنصاف؟ فهل يستيقظ هؤلاء، ويتراجعون للمنهج السديد، ويتصفون بالإنصاف والعدل وعدم منع من يخالفهم من النشر والتوظيف والتكريم، وهل تتضافر الجهود للتغيير المنشود على قواعد ومنهج الإسلام الحنيف؛ للوقوف أمام الأعداء، أم نعرض ونتولى "وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ" نسأل الله تعالى لنا ولهم الهداية.
الروابط المفضلة