:
السلام عليكن ورحمة الله وبركاته ،،
، ، ،
العينُ و القلبُ عُضوان للإنسان .. ببعضِهما يتأثران ..
فإذا أحَبَّ القلبُ شيئًا ، تمنَّت العينُ أن تراه ..
وإذا رأت العينُ شيئًا ، وقعَ في القلب حُبُّه أو بُغضُه ..
والحُبُّ عاطفةٌ إنسانيةٌ ، تجمعُ بين القلوب ، وتُؤلِّفُ بينها ،
وأعلاها ما كان في الله و لله ..
فالحُبُّ في الله أسمى معاني الحُب ، لأنَّه لا يكونُ لمصلحةٍ دُنيوية ..
وما تراه عيناك قد تُحبُّه أكثرَ مِمَّا لا تراه ، وقد يكونُ العكس .
تبادر إلى ذِهني هذا السؤال :
هل هذه المَقولة صحيحة : ‹‹ اللي بعيد عن العين بعيد عن القلب ؟ ››
فكَّرتُ في هذا السؤالِ كثيرًا ،
لكنَّ الإجابةَ عندي كانت واضحةً ، لا تردُّد فيها ولا شَكّ ..
وَجَّهتُ السؤالَ لإحدى أخواتي بأحد المُنتديات ، فجاءت إجابتُها بـ نعـم ..
وأنا أُخالِفُها في ذلك ..
فليس كُلِّ بعيـدٍ عن العين بعيـدًا عن القلب ..
وأعني أنَّ هذه المقولةَ ليست صحيحةً تمامًا ،
فقد يكونُ مّن هو بعيدٌ عن العين قريبًا من القلب ، بل قريبًا جدًا .
ولنأخذ مِثالاً رائعًا على ذلك :
أنَّني أحببتُ هذه الأختَ التي وَجَّهتُ إليها سؤالي ، رغم أنِّي لم أرها ،
ولم أعرف الكثيرَ عنها ، وقد لا يُقَدِّرُ اللهُ لنا اللقاءَ في الدُّنيا ،
رغم أنَّها قد لا تشعرُ نحوي بنفسِ ما أشعرُ نحوها ،
إلاَّ أنِّي أحببتُها ، وهى عندي أغلى مِن كثيرٍ مِمَّن رأيتُهم ،
وأحبّ إلىَّ مِنهم ..
فهى بعيدةٌ عن عيني ، لكنَّها قريبةٌ جدًا مِن قلبي ،
قد لا تُوافقني الرأى ، لكنَّها الحقيقة
!.. ( والتي قد تكونُ حقيقةً مُرَّةً بالنسبةِ لي ) ..!
فما الذي يُقرِّبُ الناسَ إلى قلوبنا رغم بُعدهم عن عيوننا ؟
سأتحدث عن المُنتدى وأخواتي فيه ، فأقول :
أولاً : كِتاباتُهم ؛ فمِن خلال الكلمات المَسطورة قد تفهمين الشخص ،
وتعرفين بعضًا مِن شخصيته وأفكاره ..
وقد تُحبين أختًا لكِ في المُنتدى مِن خلال مواضيعها ورودودها
على مواضيعك ، أى مِن خلال قلمها ..
وقد تشعرين بقُربها مِن قلبك ، رغم أنَّها بعيدةٌ عن عينك ..
ورُبَّما سمعتِ صوتَها ، فازداد حُبُّكِ لها ،
وازدادت قُربًا مِن قلبك ، وهى أيضًا بعيدةٌ عن عينك .
وهـذه صاحبتي بالجامعة ، عرفتُها لمُدِّة أربع سنواتٍ فقط
( وإنْ كانت كافيةً للتعرُّف على الشخص ) ،
لكنَّها لم تكن من مدينتي ، يعني أراها فقط وقت الدراسة .
بعد أنْ أنهينا الجامعة تزوَّجَت وأقامت ببلدةٍ أخرى غير بلدتنا ..
ومُنذُ سنواتٍ لم أرها .. هى بعيدةٌ عن عيني ، لكنْ تجمعُنا الاتصالات ،
وإنْ كانت على فتراتٍ ليست مُتقاربة ..
وصاحبتي هذه قريبةٌ مِن قلبي ، رغم أنِّي قد لا أراها ثانيةً في الدُّنيا ،
ويُقرِّبُها مِنِّي أكثر : نصائحُها لي في كُلِّ مُكالمة ، حتى أنَّها تُشعرني أحيانًا بالذنب والتقصير الشديد ، وإنْ كان التقصيرُ موجودًا . أسألُ الله تعالى أن يتجاوز عنه .
وعلى العكس مِن ذلك : أُناسٌ كثيرون أراهم بصورةٍ مُستمرة ،
لكنْ لا مكان لهم في قلبي ..
وقد يختلفُ الأمرُ مِن شخصٍ لآخَر ..
فبعضُ قريباتنا قد لا نراهُنَّ فترةً طويلةً ، ثُمَّ نذهب لزيارتِهِنَّ فيفرحن بذلك ، ويستقبلننا بحَفاوةٍ بالغة ، ويشعرن بوجودنا في قلوبهِنَّ ،
رغم أنَّهُنَّ لا يريننا كثيرًا ، ( وقد تكونُ هذه أوهامٌ مِنِّي ، فما أكثر المُجاملات والتظاهر بالحُبِّ هذه الأيام ) .
وعلى النقيضِ مِن ذلك : قد نذهب لزيارة غيرهِنَّ ، فيكونُ استقبالهنَّ لنا
كأُناسٍ يروننا لأوَّلِ مَرَّة ، رغم أنَّهُنَّ يعرفننا .
وأقـول : [ ليس كُلِّ بعيـدٍ عن العين بعيـدًا عن القلب ] .
فالبعضُ بعيدٌ عن العين ، قريبٌ مِن القلب .
والبعضُ قريبٌ مِن العين ، بعيدٌ عن القلب .
والبعضُ قريبٌ مِن العين ، قريبٌ مِن القلب .
والبعضُ إنْ حضر كان قريبًا ، وإنْ غاب صار بعيدًا .
والبعضُ قريبٌ مِن القلب ، سواءٌ أكان قريبًا مِن العين أو بعيدًا .
والبعضُ بعيدٌ عن القلب ، سواءٌ أكان بعيدًا عن العين أو قريبًا .
فالمَقولةُ - في نظري - نسبيَّـةٌ ومُتغيِّـرة .
كان هذا رأيي في هذه المَقولة .
وأنتظـر آراءَكُنَّ بكُلِّ صراحة .
وُدِّي لكُنَّ ؛الساعية ؛5 شوَّال 1431 هـ
الروابط المفضلة