[
أتى شابّان إلى الخليفة عمر بن
الخطاب رضي الله عنه وكان في
المجلس وهما يقودان رجلاً من
قالوا : يا أمير المؤمنين ، هذاقتل أبانا
قال : دخل بجمله في أرضي ، فزجرته
، فلم ينزجر، فأرسلت عليه حجراً
قال عمر : القصاص .....( أي القتل )
.. قرار لم يكتب ... وحكم سديد لا
يحتاج مناقشة ، لم يسأل عمر عن
أسرة هذا الرجل ، هل هو من قبيلة
شريفة ؟ هل هو من أسرة قوية ؟
ما مركزه في المجتمع ؟ كل هذا لا
يهم عمر - رضي الله عنه - لأنه لا
يحابي أحداً في دين الله ، ولا
يجامل أحدا ًعلى حساب شرع الله ،
ولو كان ابنه القاتل ، لاقتصمنه ..
المؤمنين : أسألك بالذي قامت به
السماوات والأرض أن تتركني ليلة
، لأذهب إلى زوجتي وأطفالي في
البادية ، فأُخبِرُهم بأنك
سوف تقتلني ، ثم أعود إليك ،
والله ليس لهم عائل إلا الله ثمأنا
أن تذهب إلى البادية ، ثم تعودإليَّ؟
فسكت الناس جميعا ً، إنهم لا
يعرفون اسمه ، ولا خيمته ، ولا
داره ولا قبيلته ولا منزله ،
فكيف يكفلونه ، وهي كفالة ليست
على عشرة دنانير، ولا على أرض ،
ولا على ناقة ، إنها كفالة على
ومن يعترض على عمر في تطبيق شرع
الله ؟ ومن يشفع عنده ؟ومن يمكن
أن يُفكر في وساطة لديه ؟ فسكت
الصحابة ، وعمر مُتأثر ، لأنه
وقع في حيرة ، هل يُقدم فيقتل
هذا الرجل ، وأطفاله يموتون جوعاً
هناك أو يتركه فيذهب بلا كفالة ،
فيضيع دم المقتول ، وسكت الناس ،
رأسه ، والتفت إلى الشابين :أتعفوان عنه ؟
قالا : لا ، من قتل أبانا لا بدأن يُقتل يا أمير المؤمنين..
قال عمر : من يكفل هذا أيهاالناس ؟!!
فقام أبو ذر الغفاريّ بشيبته
يا أمير المؤمنين ، أنا أكفله
قال عمر : هو قَتْل ، قال : ولوكان قاتلا!
قال: ما أعرفه ، قال : كيف تكفله؟
قال: رأيت فيه سِمات المؤمنين ،
فعلمت أنه لا يكذب ، وسيأتي إنشاء الله
قال عمر : يا أبا ذرّ ، أتظن أنه
لو تأخر بعد ثلاث أنيتاركك!
قال: الله المستعان يا أميرالمؤمنين ..
فذهب الرجل ، وأعطاه عمر ثلاث
ليال ٍ، يُهيئ فيها نفسه، ويُودع
أطفاله وأهله ، وينظر في أمرهم
بعده ،ثم يأتي ، ليقتص منه لأنهقتل .....
وبعد ثلاث ليالٍ لم ينس عمر
الموعد ، يَعُدّ الأيام عداً ،
وفي العصر نادى في المدينة :
الصلاة جامعة ، فجاء الشابان ،
واجتمع الناس ، وأتى أبو ذر
وجلس أمام عمر ، قال عمر: أين
الرجل ؟ قال : ما أدري يا أميرالمؤمنين!
وتلفَّت أبو ذر إلى الشمس ،
وكأنها تمر سريعة على غير عادتها
عليهم من التأثر مالا يعلمه إلاالله.
صحيح أن أبا ذرّ يسكن في قلب عمر
، وأنه يقطع له من جسمه إذا أراد
لكن هذه شريعة ، لكن هذا منهج ،
لكن هذه أحكام ربانية ، لا يلعب
بها اللاعبون ولا تدخل في
الأدراج لتُناقش صلاحيتها ، ولا
تنفذ في ظروف دون ظروف وعلى أناس
دون أناس ، وفي مكان دون مكان...
وقبل الغروب بلحظات ، وإذا
بالرجل يأتي ، فكبّر عمر ،وكبّرالمسلمون معه
فقال عمر : أيها الرجل أما إنك لوبقيت في باديتك، ما شعرنا بك
قال: يا أمير المؤمنين ، واللهما عليَّ منك ولكن عليَّ من
الذي يعلم السرَّ وأخفى !! ها أنا
يا أمير المؤمنين ، تركت أطفالي
كفراخ الطير لا ماء ولا شجر فيالبادية، وجئتُ لأُقتل..
وخشيت أن يقال لقد ذهب الوفاءبالعهد من الناس
فسأل عمر بن الخطاب أبو ذر لماذاضمنته؟؟؟
خشيت أن يقال لقد ذهب الخير منالناس
فوقف عمر وقال للشابين : ماذاتريان؟
قالا وهما يبكيان : عفونا عنهيا أمير المؤمنين لصدقه..
وقالوا نخشى أن يقال لقد ذهبالعفو من الناس !
قال عمر : الله أكبر، ودموعهتسيل على لحيته .......
جزآكما الله خيراً أيها الشابانعلى عفوكما ،
وجزآك الله خيراً يا أبا ذرّ،يوم فرّجت عن هذا الرجل كربته
، وجزآك الله خيراً أيها الرجللصدقك ووفائك ....
ونحن نقول: جزآك الله خيراً يا أميرالمؤمنين لعدلك ورحمتك....
والذي نفسي بيده، لقد دُفِنتسعادة الإيمان والإسلامفي أكفان عمر!!.
الروابط المفضلة