وجبت محبة الرسول صلى الله عليه وسلم في قلوبنا كمسلمين والمحبة ليست قولا فقط بل هي قول باللسان وتصديق بالأعمال والأفعال وحسن الإتباع والانقياد والتسليم لأمور الدين وتنفيذ ما امرنا ب والبعد عما نهى عنه وعدم الابتداع في الدين وللأسف كثير من الناس من ابتدع في الدين ونسي تحذير النبي صلى الله عليه وسلم .

عن جابر بن عبد الله قال : خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس فحمد الله ، وأثنى عليه، ثم قال :

إن أفضل الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثتها وكل بدعة ضلالة "








فنجد الناس ضلت وابتعدت عن اتباع الهدي النبوي حتى وصل الأمر لابتداعهم احتفالا بمولده صلى الله علي وسلم وهناك مظاهر لهذا الاحتفال نجدها في شوارع المسلمين وبيوتهم ومساجدهم , فالأضواء قد علقت في أعمدة الشوارع ، والبيوت قد زينت بالزهور والورود ، والحلويات قد أصبح لها أسواق رائجة للبيع ، وبعض الأمكنة استأجرت حتى يُفْعَل بها هذا الاحتفال ، بالمعازف والطبول والدفوف وأشياء كثيرة استعداداً لذكرى المولد النبوي .

قال تعالى : " فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم " النور.

وقال تعالى : " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا.." الحشر.

وقال تعالى : " وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين " المائدة .

فهل فعل هذا من الأمور التي ترضي الله تبارك وتعالى ؟ وما هو حكمه ؟ وهل فعله السلف أو أقروه ؟












تاريخ الاحتفال وبدايته :


إن الناظر في السيرة النبوية وتاريخ الصحابة والتابعين وتابعيهم وتابع تابعيهم بل إلى ما يزيد على ثلاثمائة وخمسين سنة هجرية لم نجد أحدا لا من العلماء ولا من الحكام ولا حتى من عامة الناس قال بهذه العمل أو أمر به أو حث عليه أو تكلم به .

قال الحافظ السخاوي في فتاويه :

"عمل المولد الشريف لم ينقل عن أحد من السلف الصالح في القرون الثلاثة الفاضلة وإنما حدث بعد".أهـ

إذن السؤال المهم : " متى حدث هذا الأمر –أعني المولد النبوي- وهل الذي أحدثه علماء أو حكام وملوك وخلفاء أهل السنة ومن يوثق بهم أم غيرهم ؟ "

والجواب على هذا السؤال عند المؤرخ السني ( الإمام المقريزي ) رحمه الله :

يقول في كتابه الخطط ( 1/ ص 490وما بعدها ) : " ذكر الأيام التي كان الخلفاء الفاطميون يتخذونها أعياداً ومواسم تتسع بها أحوال الرعية وتكثر نعمهم"


قال : " وكان للخلفاء الفاطميين في طول السنة أعياد ومواسم وهي مواسم :


رأس السنة، ومواسم أول العام ، ويوم عاشوراء ، ومولد النبي صلى الله عليه وسلم ، ومولد علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ومولد الحسن والحسين عليهما السلام ، ومولد فاطمة عليها السلام ، ومولد الخليفة الحاضر ، وليلة أول رجب ، ليلة نصفه ، وموسم ليلة رمضان ، وغرة رمضان ، وسماط رمضان ، وليلة الختم ، وموسم عيد الفطر ، وموسم عيد النحر ، وعيد الغدير ، وكسوة الشتاء ، وكسوة الصيف ، وموسم فتح الخليج ، ويوم النوروز ، ويوم الغطاس ، ويوم الميلاد ، وخميس العدس ، وأيام الركوبات " أ.هـ .

وقال المقريزي في إتعاظ الحنفاء :
" وفي ربيع الأول ألزم الناس بوقود القناديل بالليل في سائر الشوارع والأزقة بمصر" ومن النقل السابق تدبر معي كيف وضع المولد النبوي مع البدع العظيمة مثل :
- بدعة الرفض والغلو في آل البيت المتمثل في إقامة مولد علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم . الدولة العبيدية التي تدعي أنها فاطمية ما هي إلا دولة باطنية رافضية محاربة لله ولرسوله ولسنته ولحملة السنة المطهرة
- نجدهم يحتفلون أيضا بالإضافة إلى البدع التي تخص المسلمين فهم يحتفلون بعيد النيروز وعيد الغطاس وميلاد المسيح وهي أعياد نصرانية .

نقلا عن : ناصر بن يحيى الحنيني







لماذا لا نحتفل بالمولد النبوي ؟

قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :

لو كان الاحتفال بيوم المولد النبوي مشروعا لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته ؛ لأنه أنصح الناس ، وليس بعده نبي يبين ما سكت عنه من حقه ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ، وقد أبان للناس ما يجب له من الحق كمحبته وإتباع شريعته ، والصلاة والسلام عليه وغير ذلك من حقوقه الموضحة في الكتاب والسنة ، ولم يذكر لأمته أن الاحتفال بيوم مولده أمر مشروع حتى يعملوا بذلك ولم يفعله صلى الله عليه وسلم طيلة حياته ، ثم الصحابة رضي الله عنهم أحب الناس له وأعلمهم بحقوقه لم يحتفلوا بهذا اليوم ، لا الخلفاء الراشدون ولا غيرهم ، ثم التابعون لهم بإحسان في القرون الثلاثة المفضلة لم يحتفلوا بهذا اليوم .


أفتظن أن هؤلاء كلهم جهلوا حقه أو قصروا فيه حتى جاء المتأخرون فأبانوا هذا النقص وكملوا هذا الحق ؟ !

لا والله ! ولن يقول هذا عاقل يعرف حال الصحابة وأتباعهم بإحسان وإذا علمت أيها القارئ الكريم أن الاحتفال بيوم المولد النبوي لم يكن موجودا في عهده صلى الله عليه وسلم ولا في عهد أصحابه الكرام ولا في عهد أتباعهم في الصدر الأول ، ولا كان معروفا عندهم - علمت أنه بدعة محدثة في الدين ، لا يجوز فعلها ولا إقرارها ولا الدعوة إليها ، بل يجب إنكارها والتحذير منها









قال الشيخ السحيم :

فمن أحدث في دين رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فإنما هو يستدرك على أبي القاسم صلى الله عليه وسلم قال الإمام مالك – رحمه الله – : من ابتدع في الدين بدعة فرآها حسنة فقد اتـّـهم أبا القاسم صلى الله عليه وسلم ، فإن الله يقول : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) فما لم يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم دينا .

فأين هم عن سمته وهديه ؟ وأين هم عن سنته وطريقته
وأين هم عن امتثال أمره ؟ وأين هم عن اقتفاء أثره ؟

صلى عليك الله يا علم الهدى فهل يكفي من محبة النبي صلى الله عليه وسلم يوما من السنة ثم تنسى سنته طيلة العام ؟
وهل يكفي من محبته صلى الله عليه وسلم مجرد الشعارات والدعاوى ؟
لا والله حتى تسيل المهج في محبته . لا الطبول والمسيرات ، وأحيانا المشروبات

 

قال الشيخ بن عثيميين :

وإذا تأملت أحوال هؤلاء المولعين بمثل هذه البدع وجدت أن عندهم فتوراً عن كثير من السنن بل في كثير من الواجبات والمفروضات ، هذا بقطع النظر عما بهذه الاحتفالات من الغلو بالنبي صلى الله عليه وسلم المودي إلى الشرك الأكبر المخرج عن الملة الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه يحارب الناس عليه ، ويستبيح دماءهم وأموالهم وذراريهم ، فإننا نسمع أنه يلقى في هذه الاحتفالات من القصائد ما يخرج عن الملة قطعاً كما يرددون قول البوصيري :

يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك

عند حدوث الحادث العمم

إن لم تكن آخذاً يوم المعاد يدي صفحاً

وإلا فقل يا زلة القدم

فإن من جودك الدنيا وضرتها

ومن علومك علم اللوح والقلم

مثل هذه الأوصاف لا تصح إلا لله عز وجل ، وأنا أعجب لمن يتكلم بهذا الكلام إن كان يعقل معناه كيف يسوغ لنفسه أن يقول مخاطباً النبي عليه الصلاة والسلام :
( فإن من جودك الدنيا وضرتها )
الدنيا هي الدنيا وضرتها هي الآخرة ، فإذا كانت الدنيا والآخرة من جود الرسول عليه الصلاة والسلام ، وليس كل جوده ، فما الذي بقي لله عز وجل ، ما بقي لله عز وجل ، ما بقي له شيء من الممكن لا في الدنيا ولا في الآخرة .

وكذلك قوله : ( ومن علومك علم اللوح والقلم )

ولا أدري ماذا يبقى لله تعالى من العلم إذا خاطبنا الرسول عليه الصلاة والسلام بهذا الخطاب






وفي الختام إليكم تلك الفتوى التي تجيب عن حكم الاحتفال بالمولد النبوي .




الفتوى

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد : لمكانة الرسول صلى الله عليه وسلم في نفوس المسلمين قدر عظيم، فهم يحبونه ويوقرونه ويعظمونه أكثر من أهليهم وأولادهم بل حتى من أنفسهم لكن هذا الحب لابد أن يقترن بمتابعةٍ لسنته عليه أزكى الصلاة وأتم التسليم، كما قال الحق سبحانه وتعالى : "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم".[آل عمران:31]

ومن المعروف عندنا معاشر المسلمين أنه لا يوجد شخص قد أحب نبينا صلى الله عليه وسلم ، مثل :

حب أصحابه الكرام رضوان الله عليهم له، وقصصهم في التفاني في حبه معروفة مدونة في كتب السنة والسيرة، حتى كان الواحد منهم إذا تذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس بين أهله وأولاده يتركهم ثم يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم شوقاً إليه .

فالقول بأن الاحتفال بالمولد بدعة منكرة قول صائب ، وذلك لأنه لم يثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه احتفل بيوم مولده ، ولا عن الصحابة ، ولا عن التابعين،

مع أن سبب الاحتفال بالمولد موجود، ومع ذلك لم يفعلوه ولم يفعله من بعدهم من التابعين لهم بإحسان،

ولو كان في مثل هذه الاحتفالات خير لفعله الصحابة، ولأمر به النبي صلى الله عليه وسلم، فدل هذا على أن هذه الاحتفالات ليست بمشروعة، وأنها من الأمور المحدثة،

وأول من أحدثها هم الفاطميون في القرن السادس الهجري عند ظهور الدولة الفاطمية. (العبيديون) وقد كانت تصرفاتهم مشبوهة، ومن العلماء من أخرجهم من الملة ولا شك في ضلالهم وبعدهم عن منهج السلف الصالح .







نسأل الله العافية والثبات على السنة والبعد عن البدعة ، فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد). والله تعالى أعلم


المفتـــي: مركز الفتوى









مادة صوتية


http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=39124