عندما توفيت جدتى رحمها الله فوجئت بالكثير من الجيران والأقارب يحضرون الصوانى الممتلئه بالطعام,يومها لم أفهم لما يحضرون هذا الطعام,وعندما كبرت علمت أنه من السنه أن يصنع لاهل الميت الطعام لانهم مشغولين بحزنهم,وكثيرا ما كنت أرى أمى تصنع لنا أشهى الطعام وقبل أن تمتد أيدينا إليه كنا نعطى منه نصيبا لجارتنا وكنت أسألها :فتقول (الجار للجار),وكم من مرة تمنعنا من أن نخرج بالطعام أمام الأطفال فى الشارع مراعاة لهمإما أن تقتسم معهم الطعام أو لا تعذبهم بتناولك الطعام أمامهم).
هى سلكويات وآداب تربينا عليها وكانت أساس حياتنا أن نحب جيراننا ولا نؤذيهم وكانت كلمات جدتى العفويه (ده النبى وصى على سابع جار)تتردد دائما أمامنا فنشعر وكأن جيراننا جزء من العائله,ولا زلت أتذكر يوم أن أصيبت أختى الصغرى فى حادثه ووجدت البيت ممتلئا عن بكرة أبيه بالجيران يسئلون فى لهفه عن أحوالها ويواسون أمى فى مشاركة جميله لا زلت أتذكرها....
والأن لا أعرف ماذا حدث ,أخذت المدنية بطابع الحياة فى الريف قبل الحضر,وأصبح العقار يضم الكثير من الشقق السكنيه فلا يعلم الجار عن أخيه شيئا سوى السلام وربما يختفى هو الأخر مع الوقت,وما يزيد الطين بلة ما قد يحدث من عدم مراعاة لشعور الأخرين فتجد الجاره تنفض سجادتها العتيقه على غسيل جارتها التى أسفل منها فيذهب ببياضه (والى مش عاجبه يشرب من البحر),وقد تضع الأخرى بقمامتها أمام شقتها دون مراعاة للجاره التى تسكن فى مواجهتها ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ما يحرق الدم أنك إن أردت أن تتواصل مع جارك فى هذا الزمن تحقيقا لمبادىء ديننا الحنيف لا تجد صدى
,تراعى الله فيه ولكن فى المقابل تجد سياسة الإستقطاع (يعنى إيه)؟؟؟
أحكى واقول يعنى إيه:يعنى مثلا تسلفى جارتك غرض من أغراض مطبخك أو أيان كان حتى لا تكونى ممن يمنعون الماعون ,تجدى العجب العجاب,فمرة تتلكأ فى رد الشىء المعار,ومرة أخرى تنكر تماما أنك قد أعرتيها إياه,وما يؤلمك بحق حين تحتاجين لشىء ما وتفكرى أن تستعيريه منها,فتنكر أن عندها مثل هذا الشىء رغم رؤيتك له فى بيتها يوم زرتيها قبلا.
قرأت مؤخرا عن جارين قتلا بعضهما بسبب عراك شجر بين أطفالهما الصغار,مثل هؤلاء لم يراعوا حرمة الأسلام ولم يعطوا للجيرة حقها,فهل السبب هو ما تفشى فى مجتمعاتنا الاسلاميه من قيم دخيله هدمت بنيان القيم الشامخ الذى أسسه الإسلام,أم أن الدعاة فى خضم أحداث عظيمه قد
ألمت بأمتنا قد نسوا تذكير الناس بالقيم التى تقوم عليها المجتمعات.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سَيُورِّثه "
,نعم:لان وقت الشده قد يكون الجار هو أقرب الناس إليك فى وقت قد يكون بينك وبين أهلك ألآف الأميال,
وفى أمثالنا العربيه (اختار الجار قبل الدار) لان الجار قد يكون نعمه تحسد عليها إن كان صالحا,أو قد يقلب حياتك جحيما إن كان على النقيض.
وفى النهاية يداهمنى تساؤل :لما لم نعد نرى من جيراننا الخير,قديما كانت الجارة تعطى جيرانها مدى ما فاحت رائحة طبخها,والأن .........هل بخل الناس فضاق رزقهم (ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه),أم أن القيم الجميله مثل الكرم والجود ومحبة الخير للأخرين لم نعد نعلمها لأولادنا فشبوا على الأنا مالي وحب الذات ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ولكم منى كل الحب
الروابط المفضلة