السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كنت أقرأ في كتابٍ ما...وإذا بصوت أنين خافت يصدر منه!! تعجبت،
واستعذت بالله من الشيطان الرجيم...وعدت لإكمال القراءة، لكن الصوت لم يختفِ..بل ازداد
ألماً..وهنا، ألقيت بالكتاب أرضاً صارخةً: كفى، كفى!!
خف الصوت تدريجياً إلى أن تلاشى....ارتحت لذلك..لكن جالت في خاطري تساؤلات
عديدة..ماهذا الصوت؟؟ ولمن يكون؟؟ وكيف دخل إلى الكتاب؟؟.........وقطع حيرتي نفس
الصوت يقول بحزن: خذي الكتاب!! خفت...وشككت بسلامة عقلي!!! لكن...تشجعت وأخذته..وما
إن فتحته حتى قال ذلك الصوت: لا تخافي...لستِ في حلم..صدقيني لم أنوِ الحديث...لكن...انفجرت!!
قلت: من أنت؟؟ وما المطلوب؟؟
قال: أنا أحد الحروف العربية...وأريد أن أرفع دعوى قضائية ضد العرب!!
قلت ضاحكةً: لمَ؟؟ ماذا فعلنا بك؟!
قال: ظلمتوني..وهضمتم حقي..ووضعتموني في غير موضعي..
قاطعته قائلةً: مهلاً...لم تخبرني من أنت بالتحديد..حتى اكون على بينة من أمري...ولأعرف كيف أدافع عنا!
قال: نعم..من شدة قهري نسيت..، يحق لكِ ذلك..أنا الحرف الخامس في الأبجدية العربية..واسمي
(( الجيــــــم))
قلت: وما مظلمتك يا ( جيم)؟؟
قال: أنتم ياعرب..شرفكم الله تعالى بنزول كتابه الكريم بلغتكم....وقد كنتم أفصح الناس ألسناً....
وهنا قاطعته بغضب هذه المرة: كنــــــا؟؟اتقول كنا؟؟
قال وبكل ثقة: نعم كنتم...اصبري ولا تقاطعيني سأوضح لكِ..كنتم أفصح الناس ألسناً...وفصاحتكم إنما كانت نتيجة لاستعمالكم الصحيح لي أنا وإخوتي الثمانية والعشرون...فقد كان أسلافكِ في العهد الذهبي للفصاحة يخرجون كلاً منا من مخرجه الصحيح...وكانوا حريصين على تقويم ألسنتهم من اللحن والإعوجاج ولم يشتكِ أحد منا في ذلك الوقت...آه..
وهنا خنقته العبرة...فحاولت التخفيف عنه بقولي: لا تيأس..فمازلنا نستخدم الفصحى في أحاديثنا الرسمية..وما زالت الصحف تكتب بالفصحى ....و....لم أدرِ ما أقول..فسكت.
قال لي: الآن وصلنا للحضيض...لقد أهنتمونا بما فيه الكفاية!! وأنا أعتبر نفسي الأكثر تعرضاً للظلم من قِبَلكم!!
سأشرح لكِ...أهل المغرب العربي والشام وجزيرة العرب...ينطقونني كحرف (J) الأعجمي..أي من مخرج بين الأسنان مع مد الشفتين إلى الأمام!! والأسوأ عندما يخرجونني بصفير!!
أما أهل مصر واليمن...فينطقونني كحرف (G) الأعجمي في كلمة(go)..وكما تنطق بعض قبائل العرب أخي (القاف) منذ قديم الزمان!!
وأما أهل الخليج...آه من أهل الخليج!!
أحلوني مكان أخي (الكاف) عندما يكون كاف الخطاب!!
لم ينطقني صحيحاً إلا بعض أهالي السودان الحبيب...
قلت له: لقد حيرتني...أهل السودان ينطقونك كأهل مصر!!
قال: بعضهم...لكن اغلبهم ينطقونني صحيحاً..
قلت: مامخرجك الصحيح إذاً؟؟
قال: كما في كتاب الدكتور محمد حسن الحمصي (المختصر المفيد في أحكام التجويد) فمخرجي هو: من وسط اللسان مع ما فوقه من الحنك الأعلى، أي وسط الحنك الأعلى، ويخرج منه ثلاثة أحرف وهي:الجيم،والشين،والياء غير المدية.
قلت: دجشششششششششيم...دجغغغغغغغغغيم..لا أستطيع!!
قال: قالها كثيرون....ومع التدريب استطاعوا!!
قلت له: اسمع..سأحاول إيصال شكواك إلى العرب..لكن،عدني أن تنسى موضوع الدعوى القضائية!! Ok??
صرخ بعنف: ماذا؟؟ ok?? ....لم نصل إلى هذا الحال من الإنحطاط اللغوي إلا بسبب ترديدكم كالببغاوات لكلمات الأعاجم!!!!متى ستحسون؟؟ لماذا تقلدونهم؟؟ أينقصكم حرف؟؟ أينقصكم معنى؟؟متى؟؟..........
خجلت من كلامه...فقلت(لغبائي)بلهجة عامية: << البس يحب خناقه!!>>
كاد المسكين أن ينفجر غيضاً من استعمالي لللهجة العامية...ففضل الإنسحاب صامتاً بحسرته..
ألفت هذه القصة لأنني أشعر بما كتبته على لسان حرف الجيم...كانت إحدى المعلمات قد علمتنا في حلقات التجويد مخارج الحروف الصحيحة...كنت أثناء المحاولات أكاد أنفجر...نحن ننطق جميع الحروف خطأً...وبعد أشهر من المحاولات..استطعت إتقان مخرج الجيم جزئياً(وعقبال باقي الحروف) وتابعت قراءة المشايخ القراء...ولم أسمع منهم من يتقنه تماماً مثل الشيخ عبدالهادي كناكري..لذا لزمت تسجيلاته...علني أتقن مخارج بقية الحروف.
ملاحــظة:
حقوق القصة محفوظة لـnew moon منتدى لكِ
الروابط المفضلة