ولستُ أُبالي حيـنَ أُقْتَـل مُسلمــاً *** على أيّ جنبٍ كان في الله مَصرَعي
و ذلك في ذات الإلـه و إن يشــأ *** يبارك على أجـزاء شِلـوٍ مُمَـزّعِ
و إذا كان الحقّ تعالى قد ( اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ في سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ)
فلا فرق عند من باع نفسه لربّه ، بين رصاصة يستقبلها في صدرِ مقبلٍ غير مدبر ، أو حزام ينسف به الأعداء و إن قطع النياط ومزّق الأشلاء ، ما دام طعم الشهادة واحداً .
إني بذلـت الروح دون كرامـتي *** و سلكتُ دَربَ الموتِ أبغي مَفْخَرا
غَرَستُ في كـفّ المنيّة مُهجتي *** و رَوَيْتُ بالدم ما غَرَستُ فأزهـرا
ومما زاد من معاناة أهلنا الأحباء فى فلسطين الحبيبة
الحصار والتنكيل والقتل والأسر فلم يزدهم إلا إصرارا على الجهاد والمقاومة بأى وسيلة كانت فلم يجدوا غير أن يجودوا بأنفسهم وعلى وسطهم حزام ناسف كان هذا أقصى ما استطاعوا عليه..... روحهم قدموها لبارئهم ولوطنهم الحبيب الذى ذاق أهله أقصى أنواع التعذيب والقهر والمعاناة .....
ومن هنا جاء السجال حول العمليات الاستشهادية التي تكاد تكون هي الحيلة العسكرية الوحيدة الباقية في أيدي المستضعفين، ومن هنا كثر الحديث والجدل حول هذه العمليات الاستشهادية وأقيمت ندوات وحوارات وكتبت مقالات وطبعت نشرات ... مابين مؤيد ومعارض ومتحمس ومندفع ومتحفظ ومتردد ، ودارت تساؤلات حول العديد من مفردات هذه المسألة وتفصيلاتها
وها نحن سنلقى الضوء على قصص للسلف الصالح
في كلام الشافعي إشارة إلى ما رواه مسلم في صحيحه و أحمد في مسنده عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُفْرِدَ يَوْمَ أُحُدٍ في سَبْعَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ فَلَمَّا رَهِقُوهُ قَالَ : « مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا وَلَهُ الْجَنَّةُ أَوْ هُوَ رفيقي في الْجَنَّةِ » . فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ ثُمَّ رَهِقُوهُ أَيْضاً فَقَالَ : « مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا وَلَهُ الْجَنَّةُ أَوْ هُوَ رفيقي في الْجَنَّةِ » . فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى قُتِلَ السَّبْعَةُ فطوبى لهم مرافقة نبيّهم في الجنّة .
قال الإمام الغزّالي ( لا خلاف في أن المسلم الواحد له أن يهجم على صف الكفار ويقاتل ، وإن علم أنه يقتل .... وإنما جاز له الإقدام إذا علم أنه لا يُقْتل حتى يَقْتل ، أو علم أنه يكسر قلوب الكفار بمشاهدتهم جرأته ، واعتقادهم في سائر المسلمين قلة المبالاة ، وحبهم للشهادة في سبيل اللّه ، فتكسر بذلك شوكتهم ) .
كما روى أهل السير، وابن المبارك في كتاب الجهاد قصة البراء بن مالك وإلقاءه نفسه بين المرتدين من بني حنيفة .
وفي بعض المصادر كالسير وغيرها أنه أمر أصحابه أن يحملوه على ترسٍ على أَسِنَّة رماحهم ويلقوه في الحديقة، فاقتحم إليهم، وشد عليهم، وقاتل حتى افتتح باب الحديقة، وجرح يومئذٍ بضعةً وثمانين جرحا، وأقام عليه خالد بن الوليد –يومئذٍ- شخصاً يداوي جراحه.
ونحو هذا في ثقات ابن حبان وتاريخ الطبري وغيرهما .
وقريب منه قصة البراء -رضي الله عنه- بتستر .
وفي حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله: ( الذين يلقون في الصف الأول فلا يلفتون وجوههم حتى يقتلوا، أولئك يتلبطون في الغرف العلى من الجنة، ويضحك إليهم ربك، إن ربك إذا ضحك إلى قومٍ فلا حساب عليهم).
رواه ابن أبي شيبة والطبراني، وأبو يعلى، وابن المبارك في الجهاد، وأبو نعيم في الحلية وغيرهم. وقال المنذري: رواته ثقات
كما روى ابن أبي شيبة عن مدرك بن عوف الأحمسي قال: كنت عند عمر -رضي الله عنه- فقال….وفيه: يا أمير المؤمنين، ورجل شرى نفسه، فقال مدرك بن عوف: ذاك والله خالي يا أمير المؤمنين، زعم الناس أنه ألقى بيده إلى التهلكة فقال عمر: كذب أولئك، ولكنه ممن اشترى الآخرة بالدنيا.
وقال ابن تيمية كما في الإنصاف
يسن الانغماس في العدو لمصلحة المسلمين، وإلا نهي عنه، وهو من التهلكة.
ويلحظ في غالب هذه النصوص و الأخبار أنها في رجل أو رجال انطلقوا من جماعة المسلمين وعسكرهم صوب العدو.
ولكن في بعضها -كما في قصة الغلام المؤمن- ماليس كذلك. والذى يترجح من مجموعها ـ و الله أعلم ـ أنه يجوز القيام بعملية من هذا النوع المسؤول عنه بشروط تستخرج من كلام الفقهاء، ومن أهمها:
1-أن يكون ذلك لإعلاء كلمة الله.
2- أن يغلب على الظن، أو يجزم، أن في ذلك نكاية بالعدو، بقتل أو جرح أو هزيمة، أوتجريءٍ للمسلمين عليهم، أوإضعاف نفوسهم حين يرون أن هذا فعل واحد فكيف بالجماعة .
3- أن يكون هذا ضد كفار أعلنوا الحرب على المسلمين،
4-أن يكون هذا في بلادهم -إن كانت في حال حرب مع المسلمين-، أوفي بلادٍ دخلوها وتملكوها وحكموها وأراد المسلمون مقاومتهم وطردهم منها، فاليهود في فلسطين، والروس في الشيشان، ممن يمكن تنفيذ هذه العمليات ضدهم بشروطها المذكورة.
5- أن تكون بإذن الأبوين؛ لأنه إذا اشترط إذن الأبوين في الجهاد بعامته،
(العمليات الاستشهادية المعاصرة)
نتألم كثيرا عندما ينعتون من باع نفسه إلى الله عز وجل بإنتحارى ويسمون ما يسمى بـ «العمليات الاستشهادية» بالعمليات الإنتحاريه ونريد أن نوضح بــ عدة فتاوى لشيوخ أجازوا هذه العمليات الإستشهاديه
الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-
فقد أجاز مثل هذه العمليات، فقال
«هذا الشاب الذي وضع على نفسه اللباس الذي يقتل، أول من يقتل نفسه، فلا شك أنه هو الذي تسبب في قتل نفسه، ولا يجوز مثل هذه الحال إلا إذا كان في ذلك مصلحة كبيرة للإسلام، فلو كانت هناك مصلحة كبيرة، ونفع عظيم للإسلام كان ذلك جائزًا.....
والدكتور يوسف القرضاوي
فقد قال: «إن هذه العمليات تعد من أعظم أنواع الجهاد في سبيل الله، وهي من الإرهاب المشروع الذي أشار إليه القرآن في قوله تعالى: ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ [الأنفال: 60]، وتسمية هذه العمليات (انتحارية) تسمية خاطئة ومضللة، فهي عمليات فدائية بطولية استشهادية، وهي أبعد ما تكون عن الانتحار، ومن يقوم بها أبعد ما يكون عن نفسية المنتحر، إن المنتحر يقتل نفسه من أجل نفسه، وهذا يقتل نفسه من أجل دينه
- الشيخ الدكتور عبد الله عزام رحمه الله
فقد ذكر حديث: «عجب ربنا عز وجل من رجل غزا في سبيل الله فانهزم أصحابه، فعلم ما عليه فرجع حتى أهريق دمه...»، وعلق عليه بقوله: «وهذا دليل أنه يستحب للمسلم أن يجاهد ولو وحده، ولو تيقن من القتل، إن كان في ذلك مصلحة للمسلمين، ورفع لمعنوياتهم، أو نكاية بأعدائهم، وهذا دليل كذلك أنه يستحب للمسلم أن يقوم بعمليات انتحارية يتيقن فيها من الموت إن كان في ذلك مصلحة للإسلام، وقد ثبت أن بعض الصحابة قد انغمسوا في صفوف الكفار وكانوا وحدهم»
وآخر دعاءنا لأخواننا وأحباءنا فى فلسطين الحبيبة بالنصر والتمكين ونحزن كثيرا ونحن لا نملك لهم إلا الدعاء وهم يجودون بأرواحهم وأغلى ما يملكون ولكن عزاؤنا الوحيد أنهم كسبوا حياة بشهادتهم وكما يقول الله عز وجل ( فاستجاب لهم ربهم أنى لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات جناتٍ تجرى من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسنُ الثواب ) آل عمران 195
الروابط المفضلة