شجــــــــــــرة جميـــــــــــــــز صــــــامـــــــــدة !!!
أطلقت لروحي العنان , فرحلت عني لحظة سبات , تجوب الطرقات , هناك في غزة الحبيبة , تمشي بين الأزقة و تدخل الحواري , تدخل البيوت بلا استئذان , تسمع الهمس و الكلام , ترى الدموع في عيون الأنام , تراهم سكارى و ليسوا سكارى , ترى الموت في عيونهم يتراقص , و القلوب خائفة قلقة , العيون تترقب , دعوات صاعدة للسماء, هنا امرأة تصرخ , و أخريات حولها يواسينها , شيخ كبير يشكو العجز و العوز , روح حائرة أتترك الجسد أم هناك أمل لان تحيا به من جديد ,لكن أملها يتناقص كلما رأت ركام البيت الذي انهال عليه. . . . . . . . . . تسمع تكبيرات المجاهدين , ترى نور وجوههم ينير دربهم , يتسابقون بهمم للشهادة.
صوت بكاء ........ بكاء طفل , فحامت روحي حوله و لم تتركه , يبكي وحيدا تائها, أتراه جائع؟؟!!, أتراه خائف؟؟!!, حلقت روحي حوله فما استطاعت تركه , تمنت لو تحضنه , فتآمن روعته , لو تحمله فتوصله لأهله , لكنه لا يتحرك من ذاك المكان و هو يحتضن دميته بيديه قويا , فجاءت امرأة على صراخه ,فرحت روحي كثيرا فلعلها أمه!!! , لكنها لم تكن أمه فسألته :ما بك يا ولدي ؟؟؟ ما يبقيك هنا ؟؟ المكان خطر؟؟؟
قال لها بصوت مختنق ممتزج مع دمعه المنهمر:إن أبي هنا, كان يحملني و فجأة سقط و تركني , ما به يا خالة لماذا أصبح مثل دميتي ؟؟؟لا يتحرك و لا ينطق,أناديه فلا يرد علي , أتراه أصبح من عالم الدمى؟؟, و هنا صرخت المرأة صرخة قوية كادت توقظ الموتى ,وحضنت الطفل بكل قوتها و ضمته لصدرها, و ليدي كم أنت صغير كي تدرك معنى الموت ,كم أنت بريء كي يجرح براءتك العدو بسيف قسوته , فيحرمك أبيك , يحرمك لمسة حنان الأب و مداعبته لطفولتك,كم هو كبير على مدارك عقلك أن تعي جرائم الإنسان في أخيه الإنسان , ماذا يعني أن يتجرد الإنسان من إنسانيته فيصبح كوحش هائج يشعل محرقة لما دونه , كما أشعل محرقة في مدينتنا , لقد حرمت فرحة العيد , حرمت الاجتماع على مائدة الطعام مع الأب , وليدي منذ اليوم وضع اسمك في قائمة الأيتام في غزة.
كل يوم يولد يتيم , كل يوم يزيد الأيتام في غزة , كل يوم يسال يتيم أمه أو نفسه أو أقرانه :أين أبي ؟؟ لماذا للأطفال آباء و ليس لي أب ؟؟؟وفي اللحظة التي يعي فيها ذلك الطفل انه يتيم , يزداد تمسكه بحقه على هذه الأرض أكثر فأكثر و يزداد إيمانه بقضيته فيصبح كشجرة جميز , راسخة الجذور في الأرض, تنظر بهيبة للسماء,تتواضع لأهلها فهي وارفة الظلال , لتعلن للتاريخ أنا أنا اليتيم , أنا صاحب الأرض ,و سوف ابق صامدا حتى و إن بقيت وحيدا في الميدان.
عادت إلي روحي , تخبرني بما رأت , و تخبر عن صمود ذلك الطفل , الطفل اليتيم , عن جرحه الغائر و بسالته في الميدان , فليس شيئا يعجزه أو يضعفه , فهو رجل بعمر طفل , مجاهد في جسد طفل غض, عيناه كصقر جارح يتراءى لها المستقبل الواعد,مستقبل النصر و التحرير , قلبه قلب مؤمن صابر, فلله ذركم يا أيتام غزة الصامدون .... لله ذركم ...... لله ذركم
من خواطري
تقبلوا مني فائق الاحترام
اختكم ريحانة غزة
الروابط المفضلة