شدد أحد الآباء الشروط على المتقدمين لخطبة ابنته وكان يرفض الخاطب الواحد تلو الآخر حتى فات ابنته قطار الزواج وزهد فيها الخطاب، وفي يوم ما مرضت واشتد عليها المرض ونظرت لأبيها وقالت قل آمين فقال الأب مؤمنا على دعائها آمين فقالت حرمك الله الجنة كما حرمتني من الزواج، وماتت بعدها البنت غير راضية عن فعل أبيها.
لقد بلغ عدد العوانس بالسعودية حسب ما ذكرته مجلة الإسلام اليوم فوق مليون عانس والعدد في ازدياد وأدرك عدد من الأولياء خطورة وضع بناتهم بعدما لاحظوا تغيير أنماط المعيشة في المجتمع وتقدم الاتصالات وسهولة وقوع الفتيات في الغواية والانحراف ، والسجون تسجل بشكل دوري دخول نزلاء في قضايا أخلاقية.
ولعل أنجع الحلول لتخفيف الظاهرة التنازل عن بعض العادات والاعتقادات التي يتوهم أنها منقصة بحيث يسعي الولي لاختيار الكفء لموليته بدلا من تعريضها للفتنة التي لاحظ العقلاء آثارها (إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض).
وقد ثبت أن عمر رضي الله عنه عرض على عثمان بن عفان أن يزوجه ابنته حفصة فاعتذر ثم عرضها على أبي بكر فتأخر في الجواب حتى خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم , وقد استفاد العلماء من هذا الخبر حيث نصوا على استحباب عرض الرجل ابنته على الرجل الصالح الكفء ، ولا غضاضة ولا ازدراء في ذلك وهو أولى من بقاء البنت حبيسة الجدران تكون معرضه للفتن .خاصة إن علمنا أن ذلك من سنة الخليفة الملهم عمر بن الخطاب وعمل شعيب أو (رجل صالح) عندما عرض على موسى (إني أريد أن أنكحك أحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثمان حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك...)
ولضعف الروابط الاجتماعية لاسيما في المدن الكبيرة يمكن للولي وضع بعض المعلومات عن ابنته أو موليته والتي تخضع للسرية التامة ووضع مواصفات الزوج المناسب بوسائل عديدة أبرزها:
1- جمعيات خيرية متخصصة في تنسيق الزواج ، مثل المشروع الخيري لمساعدة الشباب على الزواج وبها قسم مختص للتوفيق الأسري ولها فروع في مدن كثيرة بالمملكة.
2- أعلام من يثق في دينه وعلمه من أئمة مساجد أو دعاة إلى الله أو مأذونين. بحال ابنته أو أخته وموليته ورغبته في تزويجها وإن كانت مطلقة أو أرملة أو كبيرة مادامت أنها راغبة في النكاح. والأقدار مقدرة والأرزاق مقسومة وهذا من بذل السبب. فكم من امرأة تزوجت وقد تجاوز عمرها الخمسين.
3- مواقع الإنترنت وأكثرها لا تخلوا من كذب ومبالغات وعليها تحفظات من الناحية الشرعية، لكن بعضها ملتزمة بالمصداقية والواقعية ولعل أقربها للمصداقية والجدية موقع المأذون الشرعي.
4- الإرسال عن طريق الصحف والمجلات في الزاوية المخصصة للجمع بين رأسين بالحلال وهذه تعتمد على أهلية القائم والمنسق والسرية .
فإن لم يفعل الولي وتضررت الفتاه من العنوسة أو المطلقة والأرملة من طول الانتظار فلا بأس أن تقوم هي بهذه المهمة ولعل ذلك يستفاد من قصة المرأة التي وهبت نفسها للنبي وعرضت عليه أن يتزوجها وكذلك خديجة رضي الله عنها.
وينبغي التنبيه إلى انتشار مكاتب تيسير الزواج الخاصة وهذا مؤشر ايجابي لكن العجيب أن بعضها تنظر للناحية المادية فقط ولا يهمها عواقب هذا الزواج وبالفعل لوحظ أن بعضها مكاتب عقار تخضع للنظرة المادية وربط اكبر عدد ولا يهمها الرسالة التي تقوم بها وغالبا ما تنتهي الزيجة بالطلاق لأنها لم تقم على هدف سامي بل نظرة مادية فحسب وبقاء البنت بكرا أولى لها من زواج يعقبه طلاق وأصول الشريعة اهتمت بحسن الاختيار (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه...).
وينبغي التنبيه أيضا إلى إمكانية وضع المعلومة في أكثر من جمعية لكونها تفتقر للتنسيق والتعاون.
ولازال بعض الناس ينظر إلى الكفاءة في النكاح بغير منظار الشرع فيفوت الخير لموليته ، فلا يلزم في ميزان الإسلام اعتبار الكفاءة في النسب والحرية والصناعة والمنصب واليسار(الغنى).
قال ابن القيم "فالذي يقتضيه حكمه صلى الله عليه وسلم اعتبار الدين في الكفاءة أصلا وكمالا فلا تزوج مسلمة بكافر ولا عفيفة بفاجر ولم يعتبر القرآن والسنة في الكفاءة أمرا وراء ذلك فإنه حرم على المسلمة نكاح الزاني الخبيث ولم يعتبر نسبا ولا صناعة ولا حرفة فيجوز للعبد القن نكاح الحرة النسبية الغنية إذا كان عفيفا مسلما" ا.هـ
الروابط المفضلة