بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيكِ ..
وللأسف الشديد .. أننا نعيش في هذا الخصوص بين طرفي نقيض .. فإما إفراط أو تفريط ..
فإن نحن أحببنا .. أحببنا بجنون .. لدرجةٍ تجعلنا لا نرى فيمن نُحب أي عيب .. ونغضب أشد الغضب فيما لو حاول أحد أن يتناول من نُحب بالنصح والإرشاد .. ونرى .. أنه -من نُحب- أعلى وأسمى وأجلَّ من أن يُنتقد ..
وإن نحن كرهنا .. كرهنا لدرجةٍ تجعلنا لا نرى فيمن نكره أي إيجابيات .. ونهزأ ونسخر وننتقص ممن يُدافع عنه ويحاول أن يُظهر لنا تلك الإيجابيات أو بعضها .. ونرى .. أنه -من نكره- أقلٌّ وأحقر من أن تكون له محاسن يتناقلها الناس عنه ..
ينبغي علينا لزاماً .. عندما نُحب أن لا يُعمينا ذلك الحب عن حقيقة جليَّة .. وهي أن من نُحبه لا يعدو كونه بشراً .. وأن من طبع البشر الخطأ .. ولا يعني حُبنا له أنه بات خالٍ من المعايب على أرض الواقع .. لا يأتيه الخطأ من بين يديه ولا من خلفه .. وإلا فإننا بذلك نُنزله غير منزلته التي خلقها الله عليها .. و يصبح بذلك أقرب إلى أن يكون معصوماً منه إلى كونه بشراً ..
وفي المقابل .. إذا كرهنا .. فإن ذلك لا يعني أن نغفل أو نتغافل عن محاسن وإيجابيات من نكره .. ونصبَّ جلَّ تركيزنا على هفواته وأخطائه .. ذاك .. أنه ليس من أحدٍ معصوم من الخطأ بحكم بشريته .. فإن كنَّا نُقرٌّ لأنفسنا البشرية .. وأننا لأجل ذلك مُعرَّضون للخطأ والهفوة .. أوليس من الإنصاف أن نُقرِّ لغيرنا ذات الشيء .. خصوصاً إذا ما كان ذلك الغير يتصف بذات الصفة التي نتَّصف بها الا وهي صفة البشرية ؟! ..
إننا نُعاني في عالمنا العربي وللأسف الشديد من الإقصائية للرأي الآخر .. وعدم تحملنا للحوار والنقاش .. فمبدأ الكثير منا إلا ما رحم ربي .. إن لم تكن معي فأنت حتماً ضدي .. لذلك .. نجد أن أغلب نقاشاتنا وحواراتنا تبوء بالفشل .. وتنتهي بلا نتيجة .. ولا يستفيد المتحاورون ولا المُتابعون إلا الصياح والهرج والمرج .. وتبقى الحقيقة غائبة .. وما ذاك .. إلا لأن أغلب المتحاورين لا يتحاورون من أجل بيان الحق والوقوف عنده .. بل لكي يفرض كل واحد منهم رأيه على الآخر .. حتى وإن كان ذلك الرأي هو الخطأ بعينه ..
ورحم الله الإمام الشافعي .. صاحب المقولة العظيمة :
رأيي صواب يحتمل الخطأ .. ورأي غير خطأ يحتمل الصواب ..
فمة التواضع .. من عالم جهبذ ..
فإن لم يكن لنا في مثل هؤلاء قدوة .. فمن يكون لنا قدوة ؟! ..
تحياتي ،،،
الروابط المفضلة