الحمد للّه نستعينه ونستغفره ونعوذ باللّه من شرور أنفسنا
من يهده اللّه فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له
وأشهد أن لا إله إلا اللّه وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
قال تعالى:
(لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ)
يوسف
اخواتى فى الله نتحدث اليوم عن
كليم الله موسى عليه السلام
ثالث أولو العزم من الرُسل
هو أحد أولو العزم الخمسة الكبار الذين اخذ الله منهم ميثاقا غليظا وهم:
نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد بترتيب بعثهم
تنقسم حياة سيدنا موسى عليه السلام لعدة مراحل:
1- مرحلة ما قبل الولادة ورؤيا فرعون
2 - التقاط آل فرعون لموسي والتربية فى قصر عدوه
3-الهروب من مصر
4 -التكليف بالرسالة و العودة من مصر
5 - الخروج ببنى إسرائيل
1- مرحلة ما قبل الولادة ورؤيا فرعون:
قال الله تعالى:
" طسم ,
تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ,
نَتْلُوا عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ,
إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ
يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ,
وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ،
وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ "
القصص: 1:6
ومعنى الايات هى أن فرعون أي تجبر وعتا وطغى وبغى وآثر الحياة الدنيا
وأعرض عن طاعة الرب الأعلى وجعل أهلها شيعا
أي قسم رعيته إلى أقسام وفرق وأنواع يستضعف طائفة منهم
وهم شعب بني إسرائيل الذين هم من سلالة نبي الله يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله وكانوا إذ ذاك خيار أهل الأرض
ويعقوب بالعبرية هى إسرائيل
ولقد كان سيدنا يوسف هو الذى جلب اباه يعقوب وأخوته من فلسطين عندما عم القحط
وكانت مصر هى سلة الغلال لجميع المحتاجين
ومن نسل يعقوب خرج موسي وهارون
وكانوا يعملون بالسخرة عند فرعون ملك مصر
وقد سلط عليهم هذا الملك الظالم الغاشم الكافر الفاجر
الذى كان يستعبدهم ويستخدمهم في أذل الصنائع والحرف وأرداها وأدناها
وكان بني إسرائيل كانوا يتدارسون فيما بينهم
ما يحفظونه عن إبراهيم عليه السلام من أنه سيخرج من ذريته غلام
يكون على يديه هلاك ملك مصر
ذات يوما حدث لفرعون ذعرا شديد بسبب رؤيا رآها
فقد رأى في منامه كأن ناراً أقبلت من نحو بيت المقدس
فأحرقت دور مصر وجميع ما فيها ولم تضر بني إسرائيل
فلما استيقظ هاله ذلك فجمع الكهنة والسحرة
وسألهم عن رؤياه فقالوا له:
هذا غلام يولد من بنى إسرائيل يكون سبب هلاك أهل مصر على يديه
فأمر فرعون بقتل كل غلام يولد لبني إسرائيل
فجعل هناك قوابل ورجال يدورون على نساء بني إسرائيل
ويعلمون ميقات وضع الحوامل فإن كان ذكراً قتل وإن كانت أنثى تركت
ولادة موسى:
وكان بنو إسرائيل مسخرين لخدمة فرعون ومع استمرار قوم فرعون في قتل الذكور خشي المصريين
إن هم قتلوا كل مولود ذكر أن لا يجدوا من يخدمهم ويتولوا هم القيام بالأعمال الشاقة
التي كان يقوم بها بنو إسرائيل ولذلك شكوا إلى فرعون ذلك الأمر فأمر فرعون بقتل الذكور سنة
وأن يترك قتلهم سنة فولد هارون بن عمران في عام المسامحة
وفي عام القتل حملت أم موسى وكان أسمها
(يوكابد) بموسى وولدت ذكرا
في هذا الجو القاتم وتلك الظروف القاسية ثم يأتي الفرج واضحا جليلا ليفرج عن أم موسى
التي لا تدري ماذا تفعل بوليدها سوى الاستسلام لأمر الله تعالى فهو وحده سبحانه وتعالى
الذي يخطط ويدبر لينقذ المؤمنين ويهيأ لهم جميع الأسباب لتحقيق النصر وإهلاك الظالمين
خافت أم موسى على وليدها ولكن الله إذا قدر أمراً فألهمها الله بأن تضع ابنها في تابوت وتربطه بحبل
وكانت دارها متاخمة للنيل فكانت ترضعه وإذا جاء وقت إرضاعه ثم تتركه على هذا الحال واخته تراقبه
خائفة من مهاجمة رجال فرعون لها ثم إنها ظلت على ذلك فترة من الزمن
فأوحى إليها ربها أن تترك الحبل:
قال تعالى:
"وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ
وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ"
القصص: 7
شئ رهيب فكيف حال هذه الأم التي تلقي بطفلها في النهر ويمكن أن يتعرض للغرق أو الخطر
ولكن الله تعالى طمأنها وألقى السكينة على قلبهاو وعدها بأنه سيعيده إليها سالما ونفذت مشيئة الله وإرادته
بل وبشرها أنه سيكون من الأنبياء المرسلين
2 - التقاط آل فرعون لموسي والتربية فى قصرعدوه
عندما استسلمت أم موسى لأمر ربها وأرسلت وليدها في الصندوق أو التابوت تجرفه المياه
حتى وقف على قصر فرعون والتقطه الجواري وذهبوا به إلى
(آسية بنت مزاحم) امرأة فرعون
فلما رأته ألقى الله تعالى في قلبها محبته وكانت عقيم لا تنجب
قال تعالى:
(فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ,
وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ )
القصص:9:8
فقال فرعون:
أما لك فنعم أما لي فلا حاجة لي به ولما استقر مقام موسى في بيت فرعون
اسمته اسيا زوجة فرعون (موشى)
ومعناه: الولد
بالعبرية: المُنْقَذ، المنتَشَل
والاسم باللغة الفرعونية
مركب من "مو: الماء" و "شا: الشجر" بالفرعوني
سُمِّي بذلك لأن الطفل وُجد في الماء بين الشجر فأُنقذ
وهو أول من تَسمى به
لم تصبر أم موسى على فراق ابنها وأرسلت أخته تتبع أخباره
ولتعرف مكانه وكادت أن تبدي تظهر حقيقة أمرها ولكن الله ثبتها
قال تعالى:
(وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ,
وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ )
القصص:11:10
ولكن الله تعالى لا يخلف وعده وعندما حضرت المراضع لإرضاع الطفل موشى
فلم يقبل أن يرتضع من أحد ولم يقبل ثدياً وخافت امرأة فرعون عليه من الهلاك
وأرسلته إلى السوق لعلهم يجدون له مرضعاً فجاءتهم أخت موسى وقالت لهم :
قال تعالى:
(وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ
,فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ )
القصص :13:12
أي يضمنون لكم القيام به وإرضاعه فذهبوا معها إلى منزلها
فأخذته أم موسى ووضعته في حجرها وألقمته ثديها فأخذ يرتضع منها ففرحوا بذلك فرحاً شديداً
فأخبروا آسية بذلك ففرحت وأرسلت في طلب أم موسى وعرضت عليها أن تكون عندها
ترضع موسى فاعتذرت بأن لها بيتاً وأولاد وزوج
وقالت لها:أرسليه معي إلى بيتى يرضع مع ولدى هارون الذى عمره عام ونصف
فوافقت آسيه على ذلك ورتبت لها رواتب ونفقات وهبات وشعرت بأن هذه المرأة هى أم موسي الحقيقية
لما رأته من حنان وتدفق الحليب من ثديها لما وضعت موسى على صدرها
فعادت أم موسى بابنها وبرزق مستمر يأتيها من امرأة فرعون
وظل موسى طوال فترة الرضاعة فى حضن أمه
حتى عاد إلى قصر الفرعون وهناك تعلم كل شئ من العلماء بالقصر
وتعلم كذلك فنون القتال
بلوغ موسى سن الشباب والفتوة:
و لما بلغ موسى أشده وبلغ مبلغ الرجال
وكان الله قد آتاه قوة في الجسم ثم إنه دخل المدينة في وقت غفلة فوجد رجلين يقتتلان أحدهما
مصرى والآخر من بني إسرائيل فطلب الإسرائيلي من موسى النصرة والنجدة
فبادر موسى لنصرته فضرب المصرى ضربة قتلته وعلم موسى أن هذا العمل من فعل الشيطان
فتاب إلى ربه واستغفره من هذا الذنب فتاب الله عليه
ثم إنه من الغد دخل المدينة فوجد ذلك الرجل الإسرائيلي يقتتل مع مصرى آخر وناداه واستغاث به فقال له موسى:
إنك لغوي مبين فأراد موسى أن يبطش بالمصرى فخاف الإسرائيلي وظن أن موسى سيبطش به
فلما سمع المصرى بذلك الأمر ذهب مسرعاً يخبر الناس بمن قتل المصرى الآخر
فخرج الناس مسرعين يريدون قتل موسى ويلخص لنا رب العالمين هذه القصة فى الآيات التالية
قال تعالى:
(وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ,
وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ,
قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ,
قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ ,
فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ ,
فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلاَّ أَن تَكُونَ جَبَّارًا فِي الأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ ,
وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ)
القصص :20:15
وجاء رجل يحب موسي وخاف عليه فسبقهم ينذر موسى بما أضمروا له وأشار عليه بالخروج من المدينة لينجو بنفسه
يتبع
الروابط المفضلة