تابع
وبدأت بعض القوافل تستقر في المنطقة وجذب الماء الذي انفجر من بئر زمزم
عديدا من الناس وبدأ العمران يبسط أجنحته على المكان
عاد إبراهيم بعد مدة من الزمان وشاهد المكان تدب فيه الحياة والحركة والزرع والماء
كان قد كبر إسماعيل وتعلق به قلب إبراهيم جاءه العقب على كبر فأحبه
وابتلى الله تعالى إبراهيم بلاء مبينا بسبب هذا الحب
عندما رأى فى المنام أنه يذبح ولده إسماعيل
أي نوع من الصراع نشب في نفسه يخطئ من يظن أن صراعا لم ينشأ قط
لا يكون بلاء مبينا هذا الموقف الذي يخلو من الصراع
نشب الصراع في نفس إبراهيم صراع أثارته عاطفة الأبوة الحانية
فكر إبراهيم لماذا وجاءه الجواب أنه هكذا أراه الله
ورؤيا الأنبياء حق لقد رأى نفسه في المنام يذبح ولده الوحيد
هذا وحي من الله أن يذبح ولده الوحيد
لماذا..؟
ليس إبراهيم هو الذي يسأل الله لماذا أو لأي سبب فكر إبراهيم في ولده
ماذا يقول عنه إذا أرقده على الأرض ليذبحه
الأفضل أن يقول لولده ليكون ذلك أطيب لقلبه وأهون عليه من أن يأخذه قهرا ويذبحه قهرا هذا أفضل انتهى الأمر وذهب إلى ولده:
حكى الله تبارك وتعالى موقف ابتلاء إبراهيم في سورة (الصافات)
قال عز وجل:
( رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ , فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ , فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ , فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ , َنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ , قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ , إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ , وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ , وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ ,
سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ , كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ , إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ )
الصافات :111:100
انظر كيف يختبر الله عباده المؤمنون إن اشد الناس ابتلاء هم الانبياء فالاقل
تأمل أي نوع من أنواع الاختبار نحن أمام نبي قلبه أرحم قلب في الأرض
اتسع قلبه لحب الله وحب من خلق جاءه ابن على كبر وقد طعن هو في السن
ولا أمل هناك في أن ينجب غيره ثم هو يهم بذبح ابنه وبكره ووحيده الذي ليس له غيره
ينقلنا الحق نقلة خاطفة فإذا إسماعيل راقد على الأرض
وجهه في الأرض رحمة به كيلا يرى نفسه وهو يذبح
وإذا إبراهيم يرفع يده بالسكين وإذا أمر الله مطاع مهما يكن
فَلَمَّا أَسْلَمَا
استخدم القرآن هذا التعبير (فَلَمَّا أَسْلَمَا) هذا هو الإسلام الحقيقي
تعطي كل شيء فلا يتبقى منك شيء.
عندئذ فقط وفي اللحظة التي كان السكين فيها يتهيأ لإمضاء أمره
نادى الله إبراهيم انتهى اختباره وفدى الله إسماعيل بذبح عظيم
صارت هذه اللحظات عيدا للمسلمين على مر الزمان
ومضت قصة إبراهيم تركا ولده إسماعيل فى هذا الوادى العامر
وعاد يضرب في أرض الله داعيا إليه
ليعود بعد مدة من الزمان ليعيد بناء الكعبة المشرفة
كان إبراهيم قد هاجر من أرض الكلدانيين مسقط رأسه في العراق وعبر الأردن
وسكن في أرض كنعان في البادية ولم يكن إبراهيم ينسى خلال دعوته إلى الله
أن يسأل عن أخبار لوط مع قومه وكان لوط أول من آمن به
وقد أثابه الله بأن بعثه نبيا إلى قوم من الفاجرين العصاة
كان إبراهيم جالس لوحده في هذه اللحظة هبطت على الأرض ثلاثة من الملائكة:
جبريل وإسرافيل وميكائيل يتشكلون في صور بشرية من الجمال الخارق
ساروا صامتين مهمتهم مزودجة المرور على إبراهيم وتبشيره
ثم زيارة قوم لوط ووضع حد لجرائمهم
سار الملائكة الثلاثة قليلا ألقى أحدهم حصاة أمام إبراهيم
رفع إبراهيم رأسه تأمل وجوههم لا يعرف أحدا فيهم بادروه بالتحية
قالوا: سلاما.. قال: سلام
نهض إبراهيم ورحب بهم أدخلهم بيته وهو يظن أنهم ضيوف وغرباء
أجلسهم واطمأن أنهم قد اطمأنوا ثم استأذن وخرج راغ إلى أهله.
نهضت زوجته سارة حين دخل عليها كانت أصبحت عجوزا قد ابيض شعرها
ولم يعد يتوهج بالشباب فيها غير وميض الإيمان الذي يطل من عينيها
قال إبراهيم لزوجته: زارنا ثلاثة غرباء
سألته: من يكونون؟
قال: لا أعرف أحدا فيهم وجوه غريبة على المكان
لا ريب أنهم من مكان بعيد غير أن ملابسهم لا تشي بالسفر الطويل
جهزي لهم طعاما
وأشار إبراهيم بيده أن يتفضلوا باسم الله
ويحكى لنا الله هذا الموقف فى سورة هود
قال تعالى:
هذا النبي الحليم الأواه المنيب. قال تعالى في سورة (هود):
(وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُـشْرَى قَالُواْ سَلاَمًا قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ, , فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ , وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ , قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ , قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ , فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ , إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ , يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاء أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ )
هود :75:69
انت ساره قائمة تتابع الحوار بين زوجها وبينهم، فضحكت .
التفت إليها أحد الملائكة وبشرها بإسحاق يبشرك الله بإسحاق.
فأخفت العجوز وجهها تعجبا وقالت:
هل أنجب وانا عجوز و زوجى شيخ كبير
قالت لها الملائكة يقول لها:
وسيكون اسمه اسحاق وهو سينجب يعقوب
لا تتعجبوا يا أهل البيت إن الله حميد مجيد
اذا قال لشئ كن فيكون
وكانت هذه البشرى الكريمة من الله أن ينجب سيدنا إبراهيم من شريكة كفاحه
وابنة عمه ساره التى كانت اول من امن به وكان يحبها حبا كبيرا
هلاك قوم لوط
بعد أن ذهب الخوف عن إبراهيم وفرح بالبشرى الساره لساره
وتذكر أنهم أرسلوا إلى قوم لوط
ولوط ابن أخيه النازح معه من مسقط رأسه والساكن على مقربة منه
وإبراهيم يعرف معنى إرسال الملائكة إلى لوط وقومه
هذا معناه وقوع عذاب مروع وطبيعة إبراهيم الرحيمة الودودة
لا تجعله يطيق هلاك قوم بغضب من رب العالمين
ربما رجع قوم لوط وأقلعوا وأسلموا أجابوا رسولهم
وبدأ إبراهيم يجادل الملائكة في قوم لوط حدثهم عن احتمال إيمانهم
ورجوعهم عن طريق الفجور وأفهمه الملائكة أن هؤلاء قوم مجرمون
وأن مهمتهم هي إرسال حجارة من طين مسومة من عند ربك للمسرفين
وعاد إبراهيم، بعد أن سد الملائكة باب هذا الحوار
عاد يحدثهم عن المؤمنين من قوم لوط
سألهم: أتهلكون قرية فيها ثلاثمائة مؤمن؟
قال الملائكة: لا فراح ينقص من عدد المؤمنين ويسألهم أيهلكون القرية
وفيها هذا العدد من المؤمنين
ردته الملائكة بقولهم:
نحن أعلم بمن فيها ثم أفهموه أن الأمر قد قضي
وإن مشيئة الله تبارك وتعالى قد اقتضت نفاذ الأمر وهلاك قوم لوط
أفهموا إبراهيم أن عليه أن يعرض عن هذا الحوار ليوفر حلمه ورحمته
لقد جاء أمر ربه وتقرر عليهم (عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ) عذاب لن يرده جدال إبراهيم
وملخص قصة قوم لوط فى الآيات التالية
عاش لوط(عليه السلام) في نفس زمن إبراهيم عليه السلام مرسلاً
إلى بعض الأقوام المجاورة لإبراهيم كان هؤلاء القوم كما يخبرنا القرآن الكريم
يمارسون نوعاً من الشذوذ لم تعرفه البشرية قبلهم
عندما نصحهم لوط بأن يقلعوا عن ممارسة هذا الشذوذ وأنذرهم بطش الله وعقابه
كذبوه وأنكروا نبوته ورسالته وتمادوا في شذوذهم وغيهم
وفي النهاية هلك القوم بما وقع عليهم من كارثة مريعة
والشئ الفظيع أن الجهلاء اصبحوا يطلقون على الشذوذ الجنسي عند الرجال
( اللواط ) مأخوذا من اسم النبى الصالح لوط
قال تعالى :
( كَذَّبَتْ قَومُ لُوطٍ المُرْسَلِيْنَ * إذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِيْنٌ * فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيْعُونِ* وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ العَالَمِيْنَ * أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ العَالَمِيْنَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ ربُّكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَومٌ عَادُونَ * قَالُوا لَئِنْ لَّمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ المُخْرَجِيْنَ * قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِّنَ القَالِيْن )
الشعراء: 160-168
وقد جاء ذكرهم فى العديد من سور القرآن ليبين الله للناس جزاء المفسدين
(ثُمَّ دَمَّرْنَا الآخَرِيْنَ * وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَّطَراً فَسَآءَ مَطَرُ المُنْذَرِيْنَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِيْنَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العَزِيْزُ الرَّحِيْمُ )
الشعراء: 172-175
يتبع
الروابط المفضلة