عند المساء
هاهي وفاء تستقبل صديقتها الغالية كعادتها
بكل حفاوة وترحيب ،
ولكن إحساسها لم يصل لسارة كما في السابق،
هناك شيء ما قد تغير !
مالي لا أرى تلك اللهفة في عيناها ؟!
ولا أشعر بصدق البسمة على محياها ؟!
هذا ما كانت تردده سارة بداخلها ،
وهي تسلم على ضيوف وفاء من الجارات والصديقات،
وبعدما جلست على مقعدها المعتاد، بدأت تجول بنظرها هنا وهناك،
وكأنها تشعر بوجود أمر سيضايقها،
وأخيراً أستقر نظرها على تلك الخزانة الجديدة في زاوية الغرفة،
ولكن ما هذا ؟!
بدأت سارة تدقق النظر!
"إنه كنزي هناك خلف أبواب الخزانة الزجاجية ؟!
"انه معروض هنا للجميع بعدما كان محجوباً خلف أبواب خزانتي أياماً وسنين ؟!
"كيف تجرأت وفاء على ذلك ؟!
"ولكني لم أشرط عليها أين تضعه عندما وهبته لها ؟!
"ثم الأهم من ذلك كله مالي أراه ناقصاً ؟
"وتلك القطع الناقصة أين هي الآن ؟!
هذه التساؤلات وأكثر رددتها سارة بينها وبين نفسها ،وهي تحملق في تلك الزاوية،
متجاهلةً أسئلة الحاضرات عن حالها وأحوالها.
وما أفاقت من حالة الذهول تلك إلا على يد وفاء وهي تلوح لها بفنجال القهوة،
أخذته منها وهي تخفي خلف ابتسامتها الحزينة غصة الألم والندم،
بدأت أحاديث النساء تدور كم تدور الرحى،
سحقوا الكثير خلال كلامهم
فضحوا الأسرار،
وظلموا الأحرار،
ولم يسلم منهن قريب ولا جار،
وهي تنظر إليهن تارةً وإلى الزاوية تارةً أخرى ،وقد امتلأت عيناها بالخوف
من أن تقع أنظارهن عليها، أو على كنزها المعروض،
كل ذلك ووفاء غير مبالية بها ولا بكنزها ،فهي تمازح صديقاتها،
وتمارس هوايتها المفضلة بجمع الكنوز الصغيرة !!
لم يقطع ذلك المشهد إلا صوت ارتطام أحد أطفال الحاضرات بخزانة الزاوية!
ليحدث هزة كبيرة بداخلها إهتز لها كيان سارة ،
فصرخت بذعر، وهبت واقفة بفزع، لتجد نفسها مباشرةً أمام الزاوية،
نظرت من خلال الزجاج لكنزها الخاص ،
فوجدته قد تهاوى مخلفاً قطعاً متناثرةً هنا وهناك،
أنكسر الزجاج وأنكسر معه قلبها وكبريائها،
وتناثرت قطعه الصغيرة كما تناثر الدمع من عينيها،
وهاهي سارة ذات الشموخ والعزة ، قد انحنت بضعف وهزيمة ،
والجميع ينظر إليها إما بشفقة أو بشماتة ،
بعدما خسرت كنزها، وخسرت معه مكانتها واحترامها،
وثقتها بنفسها،
" انتهت القصة هنا ولكنها تبدأ كل يوم في مكان آخر ولزوجةٍ أخرى "
"""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""" ""
"وقفــــــة "
سـارة نموذجاً للزوجة المنهزمة ،
التي ضعفت وفرطت في أسرارها وأسرار بيتها ،في لحظة ظنت خلالها
أن قلبها لم يعد قادراً على حمل المزيد،
وفضلت أن يحمل الآخرون همها عنها، ووضعت ثقتها فيمن لا يستحقها،
متناسيةً أنها مؤتمنةً على بيتها ، وإن عجزت هي عن حفظ أسرارها
فلا تتوقع أن يحرص أقرب قريب على حفظها لها!
وبعدما أفاقت من غفلتها ،اكتشفت أنها وقعت ضحية لنفسها والشيطان،
و عرضت حياتها للبيع في مزاد لا يدخله إلا المتطفلين المفسدين ،
فندمت بعدما فات أوان الندم .
:
ملاحظة
قال تعالى
((إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا
أرجو ممن ينقل أحد مواضيعي أن لاينسبه لنفسه
واسأل الله أن يجعل أعمالنا وأعمالكم خالصةً لوجهه الكريم
الروابط المفضلة