بسم الله الرحمن الرحيم
القرآنُ العَظيم هِبةُ المُنْعِم الباقية مابقيَتِ الشريعةُ السَمحاء .. وهو النورُ المُبينتفرَّدَ بكونهِ أعظمُ المُعجزات .. فهو كلامُ ربُّ البريات .. و أشرفُ كِتابٌ على العَالمينَ تَنَزلْ .
فيالحَظِ من حازَهُ عِنده .. ويالشرفِ من أنعم الله عليهِ بِحفظه .
و يالَكرمِ من امتن الله عليه بتلاوتهِ آناء الليلِ وأطرافَ النهار ..فهو في جنان آيِهِ يرتعْ..
و بِحُسنِ تيجانِ الكَرامةِ يتمتعْ .
و حتى يُوفق صاحبُ القرآن لِعلوّ شأنه وسدِّ باب الرذائل .. و الإعتبارِ بمن سبقهُمُ المآل
و أهلكهُمْ زَيغ القلوبِ والعصيان ..كانَ لهُ على الترنمِ بآيهِ حَقٌّ و آدابٌ وجبَ تلَمُحها
وعدمُ إغفالها .. لشأوِ عظمةِ مايقرأ ويتلو ..
أوجز هذه الأداب كالآتي :
* يستحضرُ القلبَ ويستشعر أنه يناجي الإله فكأنهُ يراهُ .
*أن يقوم بِحق ترتيلهِ ..وكمال الترتيل تفخيمُ ألفاظهِ وإبانةِ حروفه .. والتدبر لجميعه
و أن يسكت بين النفسَ و النَفَس حتى يرجع إليهِ نَفَسهُ .
* أن يقرأهُ على منازله ويبينُ مايقرأ بهِ .
* كما وينبغي له التفكرُ في معنى مايلفظ به لسانه ويُشغلُ قلبهٌ في تأمله
فيعرفُ من كل آية معناها و لا يتجاوزها لأخرى حتى يفعل ..
فإذا مرَّ بأيةِ رحمة وقف عندها وفرح بما وعده الله منها بُشارةُ وسألَ الله برحمته الجنة ..
وكذا آيُ العذاب فـ لْيُتمتمْ : آمنَّا باللهِ وحدهُ حال تلاوتها يقيناً .. و مُستعيذاٌ من نارِ جهنم .
* وكذا آي النداء ففيها مَوقف وجب الوقوف عنده ..
حتى يُتلى ( يا أيها الذين ءامنوا ).. لَبِّي بقلبكَ النداء ,,
وعلى لسانِكَ عذوبةُ " لبيكَ ربي وسَعديكَ" ..
متأملاُ ما يأتي بعدها من أمرٍ أمرتَ بهِ أو نهي ..
و إن كان موعظة اتعظْ بها .. و إن كانت من الآيِ التي هي
قَصصُ خبرِ من مضى ..
فليتفكر في تصريف الله حمداُ وشكرا .
قال بعض العلماء : في القرآنِ ميادين و بساتين و عرائس و ديابيج ورياض ,
فالميمات ميادين القرآن .. والراءات بساتين القرآن .. والحواميم ديابيج القرآن
والحاءات مقاصير و المسبحات عرائس والمفصل رياضه وماسوى ذلك , فإذا دخل
المُريدُ في الميادين و قطفَ من البساتين ودخل المقاصير وشَهِدَ العرائس و لبس الديابيج و تنزهَ
في الرياض و سكنَ غرفاتِ المقامات .. اقتطعهُ عما سواه و أوقفهُ مايراه ..
و شغله المشاهد له عمَّا عداه ..
وقال آخرون : لكل آية ستون ألف فهم ومابقي من فهمه أكثر .
وقد قالوا : أن القرآن يحتوي على سبعة و سبعين ألف علم ..إذ لكل كلمة علم ،
ثم يتضاعف ذلك أربعاً ..إذ بكل كلمة ظاهر وباطن وحدّ ومطلع .
من هنا كان الخشوع و التدبر مشروع وبه يحصلُ إنشراح الصدور و إستنارة القلوب ..
يقول الله تعالى ( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ) سورة النساء :82
،
والبكاء عند قراءتهِ صفةُ العارفين و شِعارُ عبادهِ الصالحين ..
كما وينبعي لهُ أن يُرتلَ
قراءتهِ ..لأمرهِ تعالى ( وَرَتِل القرآنَ تَرتيلا ).. سورة النصر
وينبغي لصاحبهِ دوامَ تلاوتهِ بعد تعلمهِ من أهل الإتقان ..
و يستحب التعوذ قبل القراءةِ
وقراءة البسملة عند التلاوة ..و يستحب الجهر بالقراءة
ويكرهُ قطع تلاوته لمحادثة الناس ..
كما لا تجوز قراءتهُ بالعجمية لقوله تعالى ( إنَّا أنزَلناهُ قُرآناً عَربياً ) سورة يوسف .
ولا تجوز قرلآءتهِ بالشواذ أو خلط سورة بسورة ...
والأفضل قراءته من المصحف لا عن ظهر قلب ..
فالنظر في المصحف عبادة مطلوبة .
و الحمد لله رب العالمين .
بقلمي + الإضافات من كتاب البرهان في علوم القرآن .
بدر الدين الزركشي
*
الروابط المفضلة