تحدثت عن ما حدث لها وبكت وقالت: ولمَاذا أحتمل كُل هذا ؟
أجبت :
قال الله تعالى في كتابه العزيز
( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ
هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ).
ردت قائلة : ما هو قصدك ؟ لم أفهم !
رددت قائلة : نحن هنا لسبب هو نشر هذا الدين ولا عليك وأقول لك :
لا بأس .. امسحي دمعتك وابتسمي ولو كان القلبُ يقطرُ دماَ.
فقد توارثوا كراهيتنا وراثة لأننا مسلمين ،
والإعلام لا يكل ولا يمل في إدخال السموم القاتلة بالأكاذيب إلى عقول شعبه،
فالشعب هنا ليس كما تشاهدين ، لا شك ليس جميع الشعب ، ولكن هناك من يكرهنا
، وحين أصطدم بمثل هذه الشريحة لمهاجمتي ومهاجمة ديني وبلدي - وقد حدث -
أتنفس عميقاَ وأتقبّل هجومها وسبّها بصدر رحب لوجه الله ،
وأدعها تفرّغ حقدها وأصغي لها بابتسامة على محياي إلى أن تنتهي ،
حيث أنها سمعت عنا ولم تتعامل مع مسلمين من قبل ،
وربما صادفت مسلمين لم يحسنوا التصرف إذاً هي تجهلني ،
فأمامي خياران، إما أن أجهل مثلها وأخاطبها بأسلوبها
وهكذا أخسر ما تعلمته من ديني وهدي نبيي محمد صلى الله عليه وسلم،
أو أقابلها بابتسامة لأن الإبتسامة صدقة ،
وبعد انتهائها أكون على استعداد لها وبابتسامة عريضة أجيب على كل ما تريد معرفته ،
فتتعجب لأنها شاهدت عكس ما قيل ،
فلا تقلقي نحن هنا كسفراء في الغرب يجب أن لا تفارقنا الإبتسامة
فهي تريح قلوبهم وتثير انتباههم وتطمئن نفوسهم لنا ،
لأن الغضب يبغضه الناس ولا يحبون لغة الجدل . فلا تهني ولا تحزني ،
فهم لن ينقصوا من مقامنا في شيء إن قابلنا الإساءة بابتسامة
أجابت : ماذا يريدون مني ؟ أيريدون أن أكون سافرة وأتحدث لغتهم وأتبعهم
حتى لا يقال عني رجعية، ومتمدنة، وحضارية ؟ .
أجبتها: أبداً ؛ فقط ابتسمي لأن
التمدّن والتحضّر والرّقي بالعقل والعلم والمعرفة واكتساب الاحترام ، وليس بالتعرّي، والتبرّج ،
والله عز وجل أنعم عليك بنعمة الدين والعقل فعلينا بالتوجه للدعوة إلى الله عز وجل،
ولنبتسم ونصلح ذات البين ، وهيّا ننثر ابتسامة تغير مجرى الحديث في المجالس ،
ونسعى لإرشادهن والمحافظة على الأدب وحسن الخلق ،
فبهذه الطريقة نكون قد ساعدنا أخواتنا المسلمات،
ونبذل جهودنا مع الغربيات الكافرات ؛ ليعتنقن الإسلام بفضل الله عز وجل.
فهيّا انهضي وامسحي دمعتك وابتسمي ولننصح أخواتنا
المغتربات بأن يقابلن السيئة بالحسنة احتساباً للأجر ،
ولا يبعدنّ الإبتسامة عن محيّاهن لأن عدواة الكفار لهن ناشئة من مقدار ما يقوله الإعلام فينا ،
وهذه الحركة العجيبة التي تستغرق منا ثواني لها سحرٌ عجيب
فلا تناقشي الأحمق ؛ حتى لا يخطئ الناس في التفريق بينكما .
فبالإبتسامة وبتعاملك الحسن وخلقك – بعد توفيق الله - تنفي تماماً ما يقوله الإعلام فينا
ولا أخفيك أحياناً أشعر بالبكاء مثلك والوحدة من الإساءة ،
ولكن احتساب الأجر عند الله عز وجل واتباع هدي سيدي وحبيبي محمد صلى الله عليه وسلم
؛ عندها كل شي في الوجود يهون
وكوننا نعيش كسفراء للإسلام في الغرب ؛
فقد وجدت أن الإبتسامة هي أقوى سلاح نحارب بها أعداء الإسلام ،
وسبحان الله لا تكلفنا شيء ولا تأخذ من وقتنا الكثير ،
فما هي إلا ثواني لتُكسر الحواجز بيننا وتخترق قلوبهم
فقد أرى الغضب في عيني إحداهم وما هي إلا ثواني ويزول الغضب
وتعود إليهم البشاشة والراحة النفسية رغم التساؤلات في أعينهم.
لذا فأنا أحرص دائماً على الإبتسامة على محياي لأجذبهم لهذا الدين ،
كما أنها تعلو محياي مع أبناء جلدتي أيضا تطبيقاً لسنّة الحبيب صلى الله عليه وسلم ،
وبالإبتسامة كسبت محبة الآخرين بإزالة همهم وإعادة البسمة لمحياهم
وكما تحدث ابن القيم
في أهمية البشاشة :
( إن الناس ينفرون من الكثيف ولو بلغ في الدين ما بلغ ،
ولله ما يجلب اللطف والظرف من القلوب فليس الثقلاء بخواص الأولياء ،
وما ثقل أحد على قلوب الصادقين المخلصين إلا من آفة هناك ،
وإلا فهذه الطريق تكسو العبد حلاوة ولطافة وظرفا
، فترى الصادق فيها من أحب الناس وألطفهم
وقد زالت عنه ثقالة النفس وكدورة الطبع )
كثير من الناس يعتبر أن من يبتسم يعني سعيد ومتفائل ومطمئن
ولكن ليس بشرط ،
ولكن أحببت مقولة : ابتسم ولو كان القلبٌ يقطٌرُ دماً !
وعادة حين نتحدث عن العبادات ؛ لا نتطرق لهذة النقطة وهذا النوع من العبادة :
ألا وهي الإبتسامة )
قال تعالى (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22)
إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23) سورة القيامة
وأذكر هنا قصةً كان بدايتها ابتسامة !
في الصباح الباكر استيقظت على رنين الهاتف ،
صديقتي تطلب مني الذهاب معها للتسوق في المجمع التجاري ،
والحقيقة إن لم يكن لي حاجة فعادة لا أرغب في الذهاب لأني أعتبره هدراً للوقت ،
ولكن صديقتي أصرت أن تصحبني لشراء مستلزمات لها وتطلب نصيحتي وتودّ مرافقتي فكان أن لبيت طلبها ،
وفي الطريق تحدثنا عن الغربة والبعد والصعوبات التي نعاني منها في البعد عن أحبابنا
قالت : وما سمعتِ ؟!
الإشارات تشير أننا اقتربنا من مركز التسوق
وذكرت صديقتي بدعاء السوق ، ثم بدأنا التجوّل في الأقسام ، فجأة سمعتُ صوتاً فالتفت ،
فتاة أجنبيه ألقت علي السلام !! إلتفت لصديقتي وسألتها :
هل سمعتي ما سمعت ؟!
قلت : الفتاة الجميلة هناك بقسم العطور قالت مرحباً بالعربية
صديقتي أخبرتني أنني واهمة أو تهيأ لي هذا ، ولم تسمع شيئاً وقالت : ولم ستقول لك مرحباً ولا تقول لي أنا ؟
قلت لها : فعلاً أنتِ محقّة ، لو أن هذا حصل فعلاً لألقت التحية على كلينا .
وسمعت خطوات خلفي ، ومن قرع النعل عرفت أنها إمرأة
فاقتربت ووضعت كفها على كتفي ، وقالت : ألقيت عليك السلام ولم تبالي !،
فاعتذرت وقلت : عفواَ يا آنسة ؛ شككت أنه قد تهيأ لي وأنني واهمة
لأنك سلمت بلغتي وأنت أجنبية ، فأخبرتني أنه بحكم عملها تعلمت
إلقاء السلام بجميع اللغات ، فنظرت إليها صديقتي وسألتها
عن سبب إختيارها لي بدلاً منها ، فأجابتها : أحببتها وأراحني وجهها
قالت الفتاة : هل تسمحي لي بدعوتك إلى منزلي اليوم في تمام الساعة الخامسة
لنحتسي فنجان من القهوة ونتجاذب أطراف الحديث ؟
فخفت واستغربت من طلبها بسبب كونها لا تعرفني ولا أعرفها !
فنظرت إليّ صديقتي نظرة وكأنها تقول أخبريها أن طلبها مرفوض ، فنظرت لصديقتي
بمعنى : دعيني أتصرف بحكمة ، ابتسمت وأخبرتها أنه يشرفني طلبها
واتصلت بزوجي وأخبرته بطلبها ، واستأذنته أن أدعيها إلى
بيتي بدلا من بيتها بحجة انشغالي ، ووافقت هي على العرض
وفي الساعة الخامسة تماماً قرعت الجرس ، فتحت الباب فقالت : يبدو
أنني أخطأت بالعنوان ! وقد أخطأتني لأنني لا أرتدي الحجاب داخل المنزل
وأكدت لها أنها لم تخطئ ، ورحبت بها وأثنت كثيرا
ودخلت وأخبرتني أنها استغربت من نفسها حيث أنهاحذرة ولا تدخل بيت أحد ، ولكنها قالت : أحببتك كثيراً
وقد ترددت على منزلي لمدة أربعة أشهور ، ثم اعتنقت الإسلام بعدها بحمد الله ،
والفضل ليس لي وحدي فهناك – بعد فضل الله تعالى - من ساعدني من أهل العلم ،
والتزمت وتزوجت رجلاً مسلماً وتدعى أم زينب لأنها أحبت اسم زينب واستقرت في وطني،
وأنا لا زلت في وطنها، ولعل بعدي عن أهلي ووطني هو خير لي
أنا سعيدة لأن الله وضع القبول في وجهي وأحبني الناس وكنت سبباً في إسلامهم
فلعل هذا أحد مكاسب الخير في البعد والغربة
وفي النهاية لاتنسي :
ابتسمي .. فابتسامتك في وجه أختك صدقة
=)
الروابط المفضلة