انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
الصفحة 30 من 32 الأولىالأولى ... 2026272829303132 الأخيرالأخير
عرض النتائج 291 الى 300 من 316

الموضوع: ¤•°•¤ دعـوة لقـراءة كتــاب: "الرحيـق المختـوم"..شــاركونـــا ¤•°•¤ نسخة

  1. #291
    تاريخ التسجيل
    Aug 2005
    الموقع
    فلسـ داريـ ودرب انتصاريـ ـطين
    الردود
    13,195
    الجنس
    أنثى
    جزاكم الله خيرا..

    سأضع في ردي القادم تلخيص أختنا الغالية زوجة داعية لغزوة مكة..جزاها الله خيرا وحفظها من كل سوء..

    يأتي بعده دور الأخت أم لونة مع المرحلة الثالثة من حياة النبي صلى الله عليه وسلم..

    "عيوننا ستبقى دومًا صوب القدس والأقصى ولن تنحصر داخل حدود غزة، وإن مشروعنا المقاوم سيمتد كما كان دومًا إلى كل أرضنا المغتصبة إن عاجلاً أو آجلاً"
    الشهيد أحمد الجعبري-رحمه الله






  2. #292
    تاريخ التسجيل
    Aug 2005
    الموقع
    فلسـ داريـ ودرب انتصاريـ ـطين
    الردود
    13,195
    الجنس
    أنثى

    .°•.غزوة فتح مكة.•°.

    قال ابن القيم‏:‏ هو الفتح الأعظم الذي أعز الله به دينه ورسوله وجنده وحزبه الأمين , واستنقذ به بلده وبيته الذي جعله هدى للعالمين , من أيدي الكفار والمشركين , وهو الفتح الذي استبشر به أهل السماء , وضربت أطناب عزه على مناكب الجوزاء , ودخل الناس به في دين الله أفواجا , وأشرق به وجه الأرض ضياء وابتهاجا . اهـ.

    سبب الغزوة‏‏
    نقضت قريش بنداً من بنود المعاهدة بمعونتها قبيلة بني بكر على خزاعة فأصابوا منهم رجالاً، وتناوشوا واقتتلوا، وأعانت قريش بني بكر بالسلاح، وقاتل معهم رجال من قريش مستغلين ظلمة الليل
    وأسرع عمرو بن سالم الخزاعي ، فخرج حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فوقف عليه، وهو جالس في المسجد بين ظهراني الناس, فقال ‏:‏

    يارب إني ناشد محمدا.......حلفنا وحلف أبيه الأتلدا
    إن قريشاً أخلفوك الموعدا.......ونقضوا ميثاقك المؤكدا
    هم بيتونا بالوتير هجدا.......وقتلونا ركعا وسجدا
    فانصر هداك الله نصرا أيدا.......وادع عباد الله يأتوا مددا

    فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏نصرت يا عمرو بن سالم) .

    أبو سفيان يخرج إلى المدينة ليجدد الصلح‏
    و سرعان ما أحست قريش بغدرها، وخافت وشعرت بعواقبه الوخيمة، فعقدت مجلساً استشارياً، وقررت أن تبعث قائدها أبا سفيان ممثلاً لها ليقوم بتجديد الصلح‏.‏
    ولم يستطع أبو سفيان عمل شيء ولم يقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث معه فضلاً عن تجديد الصلح فرجع لقريش خائباً .

    التهيؤ للغزوة ومحاولة الإخفاء‏‏
    وبدأ الرسول صلى الله عليه وسلم بتجهيز الجيش الإسلامي لغزو مكة وتكتم المسلمون على الأمر
    ولما حاول حاطب بن أبي بلتعة كشف الأمر لقريش ، ليحمي أهله في مكة أوحى الله لنبيه صلى الله عليه وسلم برسالة حاطب فلم تصل لقريش . وقد تاب الله على حاطب .
    فلم يبلغ إلى قريش أي خبر من أخبار تجهز المسلمين وتهيئهم للزحف والقتال‏.‏

    الجيش الإسلامي يتحرك نحو مكة‏‏
    ولعشر خلون من شهر رمضان المبارك 8 هـ، غادر رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة متجهاً إلى مكــة، في عشرة ألاف من الصحابة رضي الله عنهم، واستخـلف على المدينة أبا رُهْم الغفاري‏.‏
    ولما كان بالجُحْفَة ـ أو فوق ذلك ـ لقيه عمه العباس بن عبد المطلب، وكان قد خرج بأهله وعياله مسلماً مهاجراً، ثم لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبواء لقيه ابن عمه أبو سفيان ابن الحارث وابن عمته عبد الله بن أبي أمية، فأعرض عنهما، لما كان يلقاه منهما من شدة الأذي والهجو، ثم قبلهما . وأسلما .

    الجيش الإسلامي ينزل بمَرِّ الظَّهْرَان‏‏
    وواصل رسول الله صلى الله عليه وسلم سيره وهو صائم، والناس صيام، ثم فأفطر، وأفطر الناس معه‏.‏ و نزل بمر الظهران ـ وادي فاطمة ـ نزله عشاء، فأمر الجيش، فأوقدوا النيران، فأوقدت عشرة آلاف نار.


    أبو سفيان بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم‏
    وجاء أبو سفيان مع العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم إليه ، فلما رآه قال‏:‏ ‏(‏ويحك يا أبا سفيان، ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله‏؟‏‏)‏ قال‏:‏ بأبي أنت وأمي، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك‏؟‏ لقد ظننت أن لو كان مع الله إله غيره لقد أغني عني شيئاً بعد‏.‏


    قال‏:‏ ‏(‏ويحك يا أبا سفيان، ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله‏؟‏‏)‏، قال‏:‏ بأبي أنت وأمي، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك‏:‏ أما هذه فإن في النفس حتى الآن منها شيء‏.‏ فقال له العباس‏:‏ ويحك أسلم، واشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، قبل أن تضرب عنقك، فأسلم وشهد شهادة الحق‏.‏
    قال العباس‏:‏ يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئاً‏.‏ قال‏:‏ ‏
    (‏نعم، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن‏)‏‏.‏

    الجيش الإسلامي يغادر مر الظهران إلى مكة‏‏
    وفي هذا الصباح ـ صباح يوم الثلاثاء للسابع عشر من شهر رمضان سنة 8 هـ ـ غادر رسول الله صلى الله عليه وسلم مر الظهران إلى مكة، وأمر العباس أن يحبس أبا سفيان بمضيق الوادي عند خَطْمِ الجبل، حتى تمر به جنود الله فيراها، ففعل.

    فمرت القبائل على راياتها، كلما مرت به قبيلة قال‏:‏ يا عباس، من هذه‏؟‏ فيقول ـ مثلا ـ سليم، فيقول‏:‏ ما لى ولِسُلَيْم‏؟‏ ثم تمر به القبيلة فيقول‏:‏ يا عباس، من هؤلاء‏؟‏ فيقول‏:‏ مُزَيْنَة، فيقول‏:‏ ما لي ولمزينة‏؟‏ حتى نفذت القبائل، ما تمر به قبيلة إلا سأل العباس عنها، فإذا أخبره قال‏:‏ مالي ولبني فلان‏؟‏ حتى مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبته الخضراء، فيها المهاجرون والأنصار، لا يري منهم إلا الحَدَق من الحديد، قال‏:‏ سبحان الله‏!‏ يا عباس، من هؤلاء‏؟‏ قال‏:‏ هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المهاجرين والأنصار، قال‏:‏ ما لأحد بهؤلاء قِبَلٌ ولا طاقة‏.‏ ثم قال‏:‏ والله يا أبا الفضل، لقد أصبح مُلْكُ ابن أخيك اليوم عظيماً‏.‏ قال العباس‏:‏ يا أبا سفيان، إنها النبوة، قال‏:‏ فنعم إذن‏.‏

    قريش تباغت زحف الجيش الإسلامي‏
    فأسرع أبو سفيان حتى دخل مكة، وصرخ بأعلى صوته‏:‏ يا معشر قريش، هذا محمد، قد جاءكم فيما لا قبل لكم به‏.‏ فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن‏.‏ قالوا‏:‏ قاتلك الله، وما تغني عنا دارك‏؟‏ قال‏:‏ ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن‏.‏ فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد، ووبشوا أوباشاً لهم، وقالوا‏:‏ نقدم هؤلاء، فإن كان لقريش شيء كنا معهم، وإن أصيبوا أعطينا الذي سئلنا‏.‏ فتجمع سفهاء قريش وأخِفَّاؤها مع عكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو بالخَنْدَمَة ليقاتلوا المسلمين‏.


    الجيش الإسلامي يدخل مكة‏
    وتحركت كل كتيبة من الجيش الإسلامي على الطريق التي كلفت الدخول منها‏.‏
    فأما خالد وأصحابه فلم يلقهم أحد من المشركين إلا أناموه‏.‏ وقتل من أصحابه من المسلمين كُرْز بن جابر الفِهْرِي وخُنَيْس بن خالد بن ربيعة‏.‏ كانا قد شذا عن الجيش، فسلكا طريقاً غير طريقه فقتلا جميعاً، وأما سفهاء قريش فلقيهم خالد وأصحابه بالخَنْدَمَة فناوشوهم شيئا من قتال، فأصابوا من المشركين اثني عشر رجلاً، فانهزم المشركون.
    وأقبل خالد يجوس مكة حتى وافى رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصفا‏.‏
    وأما الزبير فتقدم حتى نصب راية رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحَجُون عند مسجد الفتح، وضرب له هناك قبة، فلم يبرح حتى جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏


    الرسول صلى الله عليه وسلم يدخل المسجد الحرام ويطهره من الأصنام‏
    ثم نهض رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمهاجرون والأنصار بين يديه وخلفه وحوله، حتى دخل المسجد، فأقبل إلى الحجر الأسود، فاستلمه، ثم طاف بالبيت، وفي يده قوس، وحول البيت ثلاثمائة وستون صنما، فجعل يطعنها بالقوس، ويقول‏:‏ ‏{‏جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا‏}‏‏[‏الإسراء‏:‏81‏]‏، ‏{‏قُلْ جَاء الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ‏}‏[‏سبأ‏:‏49‏]‏ والأصنام تتساقط على وجوهها‏ .‏
    وكان طوافه على راحلته، ولم يكن محرماً يومئذ، فاقتصر على الطواف، فلما أكمله دعا عثمان بن طلحة، فأخذ منه مفتاح الكعبة، فأمر بها ففتحت فدخلها، فرأي فيها الصور، ورأي فيها صورة إبراهيم، وإسماعيل ـ عليهما السلام ـ يستقسمان بالأزلام، فقال‏:‏ ‏(‏قاتلهم الله، والله ما استقسما بها قط‏)‏‏.‏ ورأي في الكعبة حمامة من عيدان، فكسرها بيده، وأمر بالصور فمحيت‏.‏


    الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي في الكعبة ثم يخطب أمام قريش‏
    ثم أغلق عليه الباب، وعلى أسامة وبلال، فاستقبل الجدار الذي يقابل الباب حتى إذا كان بينه وبينه ثلاثة أذرع وقف، وجعل عمودين عن يساره، وعموداً عن يمينه، وثلاثة أعمدة وراءه ـ وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة ـ ثم صلي هناك‏.‏ ثم دار في البيت، وكبر في نواحيه، ووحد الله، ثم فتح الباب، وقريش قد ملأت المسجد صفوفاً ينتظرون ماذا يصنع‏؟‏ فأخذ بعضادتي الباب وهم تحته، فقال‏:‏
    ‏(‏لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ألا كل مأثُرَة أو مال أو دم فهو تحت قدمي هاتين، إلا سِدَانَة البيت وسِقاية الحاج، ألاوقتيل الخطأ شبه العمد ـ السوط والعصا ـ ففيه الدية مغلظة، مائة من الإبل أربعون منها في بطونها أولاد‏.‏
    يا معشر قريش إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء، الناس من آدم، وآدم من تراب),
    ثم تلا هذه الآية‏:‏ ‏{‏يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير‏}‏‏.‏


    لا تثريب عليكم اليوم
    ثم قال‏:‏ ‏(‏يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم‏؟‏‏)‏ قالوا‏:‏ خيرًا، أخ كريم وابن أخ كريم، قال‏:‏ ‏(‏فإني أقول لكم كما قال يوسف لإخوته‏:‏{‏لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ‏}اذهبوا فأنتم الطلقاء‏)‏‏.‏


    مفتاح البيت إلى أهله
    ثم جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فقام إليه علي رضي الله عنه ومفتاح الكعبة في يده فقال‏:‏ اجمع لنا الحجابة مع السقاية، صلى الله عليك ـ وفي رواية أن الذي قال ذلك هو العباس ـ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أين عثمان بن طلحة‏؟‏‏)‏‏.‏ فدعي له، فقال له‏:‏ ‏(‏هاك مفتاحك يا عثمان، اليوم يوم بر ووفاء) .


    بلال يؤذن على الكعبة
    وحانت الصلاة، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا أن يصعد فيؤذن على الكعبة، وأبو سفيان بن حرب، وعتاب بن أسيد، والحارث بن هشام جلوس بفناء الكعبة، فقال عتاب‏:‏ لقد أكرم الله أسيدا ألا يكون سمع هذا، فيسمع منه ما يغيظه‏.‏ فقال الحارث‏:‏ أما والله لو أعلم أنه حق لاتبعته‏.‏ فقال أبو سفيان‏:‏ أما والله لا أقول شيئًا، لو تكلمت لأخبرت عني هذه الحصباء‏.‏ فخرج عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال لهم‏:‏ ‏(‏لقد علمت الذي قلتم‏)‏ ثم ذكر ذلك لهم‏.‏
    فقال الحارث وعتاب‏:‏ نشهد أنك رسول الله، والله ما اطلع على هذا أحد كان معنا فنقول أخبرك‏.‏

    صلاة الفتح أو صلاة الشكر
    ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ دار أم هانئ بنت أبي طالب، فاغتسل وصلى ثماني ركعات في بيتها ـ وكان ضحى ـ فظنها من ظنها صلاة الضحى، وإنما هذه صلاة الفتح، وأجارت أم هانئ حموين لها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ‏)‏، وقد كان أخوها علي بن أبي طالب أراد أن يقتلهما، فأغلقت عليهما باب بيتها، وسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها ذلك‏.‏

    إهدار دم رجال من أكابر المجرمين
    وأهدر رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ دماء تسعة نفر من أكابر المجرمين، وأمر بقتلهم وإن وجدوا تحت أستار الكعبة، وهم عبد العزى بن خطل، وعبدالله بن سعد بن أبي سرح، وعكرمة بن أبي جهل، والحارث بن نفيل بن وهب، ومقيس بن صبابة، وهبار بن الأسود، وقينتان كانتا لابن الأخطل، كانت تغنيان بهجو النبي صلى الله عليه وسلم، وسارة مولاة لبعض بني عبد المطلب، وهي التي وجد معها كتاب حاطب‏.‏


    فأما ابن أبي سرح فجاء به عثمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وشفع فيه، فحقن دمه، وقبل إسلامه بعد أن أمسك عنه رجاء أن يقوم إليه بعض الصحابة فيقتله، وكان قد أسلم قبل ذلك وهاجر، ثم ارتد ورجع إلى مكة‏.‏
    وأما عكرمة بن أبي جهل، ففر إلى اليمن، فاستأمنت له امرأته، فأمنه النبي صلى الله عليه وسلم فتبعته، فرجع معها وأسلم وحسن إسلامه‏.‏
    وأما ابن خطل فكان متعلقًا بأستار الكعبة، فجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره، فقال‏:‏ ‏(‏اقتله‏)‏ فقتله‏.‏
    وأما مقيس بن صبابة فقتله نميلة بن عبدالله، وكان مقيس قد أسلم قبل ذلك، ثم عدا على رجل من الأنصار فقتله، ثم ارتد ولحق بالمشركين‏.‏
    وأما الحارث فكان شديد الأذى لرسول الله بمكة، فقتله علي‏.‏
    وأما هبار بن الأسود فهو الذي كان قد عرض لزينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين هاجرت، فنخس بها حتى سقطت على صخرة وأسقطت جنينها، ففر هبار يوم مكة ثم أسلم وحسن إسلامه‏.‏
    وأما القينتان فقتلت إحداهما، واستؤمن للأخرى فأسلمت، كما استؤمن لسارة وأسلمت‏.‏

    قال ابن حجر‏:‏ وذكر أبو معشر فيمن أهدر دمه الحارث بن طلاطل الخزاعي، قتله على‏.‏ وذكر الحاكم أيضاً ممن أهدر دمه كعب بن زهير، وقصته مشهورة، وقد جاء بعد ذلك وأسلم ومدح، ووحشي بن حرب، وهند بنت عتبة امرأه أبي سفيان، وقد أسلمت، وأرنب مولاه ابن خطل أيضاً قتلت، وأم سعد قتلت، فيما ذكر ابن إسحاق، فكملت العدة ثامنية رجال وست نسوة.

    إسلام صفوان بن أمية، وفضالة بن عمير
    لم يكن صفوان ممن أهدر دمه، لكنه بصفته زعيماً كبيراً من زعماء قريش خاف على نفسه وفر، فاستأمن له عمير بن وهب الجمحي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمنه، وأعطاه عمامته التي دخل بها مكة، فلحقة عمير وهو يريد أن يركب البحر من جدة إلى اليمن فرده، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ اجعلني بالخيار شهرين‏.‏ قال: ‏(‏أنت بالخيار أربعة أشهر‏)‏ ثم أسلم صفوان، وقد كانت امرأته أسلمت قبله، فأقرهما على النكاح الأول‏.‏


    وكان فضالة رجلاً جريئا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في الطواف؛ ليقتله، فأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بما في نفسه فأسلم‏.


    تخوف الأنصار من بقاء الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة
    ولما تم فتح مكة على الرسول صلى الله عليه وسلم - وهي بلده ووطنه ومولده - قال الأنصار فيما بينهم‏:‏ أترون رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ فتح الله عليه أرضه وبلده أن يقيم بها - وهو يدعو على الصفا رافعاً يديه - فلما فرغ من دعائة قال‏:‏ ‏(‏ماذا قلتم‏؟‏‏)‏ قالوا‏:‏ لا شيء يا رسول الله، فلم يزل بهم حتى أخبروه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏معاذ الله، المحيا محياكم، والممات مماتكم‏)‏‏.‏

    أخذ البيعة
    وحين فتح الله مكة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، تبين لأهل مكة الحق، وعلموا أن لا سبيل إلى النجاح إلا الإسلام، فأذعنوا له، واجتمعوا للبيعة، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصفا يبايع الناس، وعمر بن الخطاب أسفل منه، يأخذ على الناس فبايعوه على السمع والطاعة فيما استطاعوا‏.‏


    إقامته صلى الله عليه وسلم بمكة وعمله فيها
    وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة تسعة عشر يومًا يجدد معالم الإسلام، ويرشد الناس إلى الهدى والتقى، وخلال هذه الآيام أمر أبا أسيد الخزاعي، فجدد أنصاب الحرم، وبث سراياه للدعوة إلى الإسلام، ولكسر الأوثان التي كانت حول مكة، فكسرت كلها، ونادى مناديه بمكة‏:‏ من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع في بيته صنما إلا كسره‏.‏

    السرايا والبعوث
    ولما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الفتح بعث خالد بن الوليد إلى العزى لخمس ليال بقين من شهر رمضان ـ سنة 8 هـ ـ ليهدمها وكانت بنخلة، وكانت لقريش وجميع بني كنانة وهي أعظم أصنامهم‏.‏ وكان سدنتها بني شيبان، فخرج إليها خالد في ثلاثين فارسًا حتى انتهى إليها، فهدمها‏.‏ ولما رجع إليها سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏هل رأيت شيئا‏؟‏‏)‏ قال ‏:‏ لا قال‏:‏ ‏(‏فإنك لم تهدمها فارجع إليها فاهدمها‏)‏ فرجع خالد متغيظًا قد جرد سيفه فخرجت إليه امرأة عريانة سوداء ناشرة الرأس فجعل السادن يصيح بها، فضربها خالد فجزلها باثنتين، ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال‏:‏ ‏(‏نعم، تلك العزى، وقد أيست أن تعبد في بلادكم أبدا‏)‏‏.‏


    ثم بعث عمرو بن العاص في نفس الشهر إلى سواع ليهدمه وهو صنم لهذيل برهاط، على قرابة 150 كيلوا مترا شمال شرقي مكة، فلما انتهى إليه عمرو قال له السادن‏:‏ ما تريد‏؟‏ قال‏:‏ أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهدمه قال‏:‏ لا تقدر على ذلك قال‏:‏ لم ‏؟‏ قال تمنع قال‏:‏ حتى الآن أنت على الباطل‏؟‏ ويحك فهل يسمع أو يبصر‏؟‏ ثم دنا فكسره، وأمر أصحابه فهدموا بيت خزانته فلم يجدوا فيه شيئا، ثم قال للسادن‏:‏ كيف رأيت‏؟‏ قال‏:‏ أسلمت لله‏.‏

    وفي الشهر نفسه بعث سعد بن زيد بن الأشهلي في عشرين فارسًا إلى مناة وكانت بالمشلل عند قديد للأوس والخزرج وغسان وغيرهم، فلما انتهى سعد إليها قال له سادنها‏:‏ ما تريد‏؟‏ قال‏:‏ هدم مناة، قال‏:‏ أنت وذاك، فأقبل إليها سعد، وخرجت امرأة عريانة سوداء ثائرة الرأس، تدعو بالويل، وتضرب صدرها، فقال لها السادن‏:‏ مناة دونك بعض عصاتك‏.‏ فضربها سعد فقتلها، وأقبل إلى الصنم فهدمه وكسره، ولم يجدوا في خزانته شيئًا‏.‏

    ولما رجع خالد بن الوليد من هدم العزى بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال من نفس السنة ـ 8هـ ـ إلى بني جذيمة داعيا إلى الإسلام لا مقاتلا فخرج في ثلاثمائة وخمسين رجلا من المهاجرين والأنصار وبني سليم، فانتهى إليهم فدعاهم إلى الإسلام فلم يحسنوا أن يقولوا‏:‏ أسلمنا، فجعلوا يقولون‏:‏ صبأنا، صبأنا‏.‏ فجعل خالد يقتلهم ويأسرهم ودفع إلى كل رجل ممن كان معه أسيرًا، فأمر يومًا أن يقتل كل رجل أسيره فأبى ابن عمر وأصحابه حتى قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم، فذكروا له، فرفع صلى الله عليه وسلم يديه وقال ‏:‏ ‏(‏اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالدًا‏)‏ مرتين‏.‏
    وكانت بنو سليم هم الذين قتلوا أسراهم دون المهاجرين والأنصار وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليًا فودى لهم قتلاهم وما ذهب منهم.


    تلك هي غزوة فتح مكة، وهي المعركة الفاصلة والفتح الأعظم الذي قضى على كيان الوثنية قضاء باتًا، ولم يترك لبقائها مجالا ولا مبررا في ربوع الجزيرة العربية، فقد كانت عامة القبائل تنتظر ماذا يتمخض عنه العراك والاصطدام الذي كان دائرًا بين المسلمين والوثنيين وكانت تلك القبائل تعرف جيدا أن الحرم لا يسيطر عليه إلا من كان على الحق.

    أختكم : زوجة داعية

  3. #293
    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    الموقع
    العين
    الردود
    1,115
    الجنس
    أنثى
    الله يعطيك العافية
    ويجزكي خيرا على كل مل تفعلينه

  4. #294
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    الموقع
    (فى قلب حبيبى)**مصريه**
    الردود
    5,661
    الجنس
    امرأة
    ماشاء الله ربنا يبارك فيكى يارب

  5. #295
    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    الموقع
    العين
    الردود
    1,115
    الجنس
    أنثى
    []
    المرحلة الثالثة من حياة النبي صلى الله عليه وسلم..
    المرحلة الثالثة
    وهي آخر مرحلة من مراحل حياة الرسول صلى الله عليه وسلم‏.‏ تمثلالنتائج التي أثمرتها دعوته الإسلامية بعد جهاد طويل وعناء ومتاعب وقلاقل وفتنواضطرابات ومعارك وحروب دامية واجهتها طيلة بضعة وعشرين عامًا‏.‏كان الفتح حدًاوكان فتح مكة هو أعظم فتح حصل عليه المسلمون في هذه الأعوام، ‏.‏
    ويمكن أن نقسم هذه المرحلة إلى صفحتين‏:‏

    1ـ صفحة المجاهدة والقتال‏.‏
    2ـ صفحة تسابق الشعوب والقبائل إلى اعتناق الإسلام‏.‏

    وهاتان الصفحتان متلاصقتان تناوبتا في هذه المرحلة

    غـزوة حنين
    بعدفتح مكة دانت قريش للرسول بعد بغيها ،و لم تمتنع عنالاستسلام إلا بعض القبائل الشرسة القوية المتغطرسة، وفي مقدمتها بطون هوازن وثقيف،واجتمعت إليها نَصْرٌ وجُشَمٌ وسعد بن بكر وناس من بني هلال ـ وكلها من قيس عَيْلانـ رأت هذه البطون من نفسها عزا وأنَفَةً أن تقابل هذا الانتصار بالخضوع، فاجتمعتإلى مالك ابن عوف النَّصْري، وقررت المسير إلى حـرب المسلمين‏.
    مسير العدو ونزولـه بأوطاس‏
    ولما أجمع القائد العام ـ مالك بن عوف ـ المسير إلى حرب المسلمين،ساق مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم، فسار حتى نزل بأوْطَاس ـ وهو واد في دارهَوَازِن بالقرب من حُنَيْن، لكن وادي أوطاس غير وادي حنين، وحنين واد إلى جنب ذيالمجَاز، بينه وبين مكة بضعة عشر ميلاً من جهة عرفات‏.‏
    مُجَرِّب الحروب يُغَلِّط رأيالقائد‏‏

    ولما نزل بأوطاس اجتمع إليه الناس، وفيهم دُرَيْدُ بن الصِّمَّةِ ـوهو شيخ كبير، ليس فيه إلا رأيه ومعرفته بالحرب وكان شجاعاً مجرباً ـ قال دريد‏:‏بأي واد أنتم‏؟‏ قالوا‏:‏ بأوطاس، قال‏:‏ نعم مَجَالُ الخيل، لا حَزْنٌ ضَرسٌ ، ولاسَهْلٌ دَهِس، مإلى أسمع رُغَاء البعير، ونُهَاق الحمير، وبُكَاء الصبي، وثُغَاءالشاء‏؟‏ قالوا‏:‏ ساق مالك بن عوف مع الناس نساءهم وأموالهم وأبناءهم، فدعا مالكاًوسأله عما حمله على ذلك، فقال‏:‏ أردت أن أجعل خلف كل رجل أهله وماله ليقاتل عنهم،فقال‏:‏ راعي ضأن واللّه، وهل يرد المنهزم شيء‏؟‏ إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجلبسيفه ورمحه، وإن كانت عليك فُضِحْتَ في أهلك ومالك، ثم سأل عن بعض البطونوالرؤساء، ثم قال‏:‏ يا مالك، إنك لم تصنع بتقديم بَيْضَة هوازن إلى نحور الخيلشيئاً، ارفعهم إلى ممتنع بلادهم وعلياء قومهم، ثم الْقَ الصُّبَاة على متون الخيل،فإن كانت لك لحق بك من وراءك، وإن كانت عليك ألفاك ذلك وقد أحرزتَ أهلك ومالك‏.‏

    ولكن مالكاً ـ القائد العام ـ رفض هذا الطلب قائلاً‏:‏ واللّه لاأفعل، إنك قد كبرت وكبر عقلك، واللّه لتطيعني هوازن أو لأتَّكِئَنَّ على هذا السيفحتى يخرج من ظهري، وكره أن يكون لدريد فيها ذكر أو رأي، فقالوا‏:‏ أطعناك‏.‏ فقالدريد‏:‏ هذا يوم لم أشهده ولم يَفُتْنِي‏:‏

    يا ليتنـي فيها جـَذَعْ ** أخُبُّ فيها وأضَعْ

    أقود وطْفَاءَ الزَّمَــعْ ** كأنها شـاة صَدَعْ[/
    center]
    سلاح استكشاف العدو‏
    وجاءت إلى مالك عيون كان قد بعثهم للاستكشاف عن المسلمين وقد تفرقت أوصالهم، قال‏:‏ ويلكم، ما شأنكم‏؟‏ قالوا‏:‏ رأينا رجالاً بيضاعلى خيل بُلْق، والله ما تماسكنا أن أصابنا ما تري‏.‏
    سلاح استكشاف رسول اللّه صلى الله عليهوسلم
    ونقلت الأخبار إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بمسير العدو، فبعثأبا حَدْرَد الأسلمي، وأمره أن يدخل في الناس، فيقيم فيهم حتى يعلم علمهم، ثم يأتيهبخبرهم، ففعل‏.‏
    الرسول صلى الله عليه وسلم يغادر مكة إلىحنين‏‏
    وفي يوم السبت ـ السادس من شهر شوال سنة 8 هـ ـ غادر رسول اللّه صلىالله عليه وسلم مكةـ وكان ذلك اليوم التاسع عشر من يوم دخوله في مكة ـ خرج في اثنيعشر ألفاً من المسلمين ؛ عشرة آلاف ممن كانوا خرجوا معه لفتح مكة، وألفان من أهلمكة‏.‏ وأكثرهم حديثو عهد بالإسلام واستعار من صفوان بن أمية مائة درع بأداتها،واستعمل على مكة عَتَّاب بن أسيد‏.‏
    ولما كان عشية جاء فارس، فقال‏:‏ إني طلعت جبل كذا وكذا، فإذا أنابهوازن على بكرة آبائهم بِظُعُنِهم ونَعَمِهم وشائهم اجتمعوا إلى حنين، فتبسم رسولاللّه صلى الله عليه وسلم وقال‏:‏ ‏(‏تلك غنيمة المسلمين غدًا إن شاء اللّه‏)‏،وتطوع للحراسة تلك الليلة أنس بن أبي مَرْثَد الغَنَوي‏.‏


    وقد كان بعضهم قال نظراً إلى كثرة الجيش‏:‏ لن نُغْلَبَ اليوم، وكانقد شق ذلك على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏

    الجيش الإسلامي يُباغَتْ بالرماةوالمهاجمين‏‏
    وصل الجيش الإسلامي إلى حنين، الليلة التي بين الثلاثاء والأربعاءلعشر خلون من شوال، وكان مالك بن عوف قد سبقهم، فأدخل جيشه بالليل في ذلك الوادي،وفرق كُمَنَاءه في الطرق والمداخل والشعاب ، وأصدر أمره بأنيرشقوا المسلمين أول ما طلعوا، ثم يشدوا شدة رجل واحد‏.‏
    وبالسَّحَر عبأ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم جيشه، وعقد الألويةوالرايات، وفرقها على الناس، وفي عَمَاية الصبح وصل المسلمون وادي حنين ، فبينا هم ينحطونإذا تمطر عليهم النبال، وإذا كتائب العدو قد شدت عليهم شدة رجل واحد، فانشمرالمسلمون راجعين،وتفرقوا ، وكانت هزيمة منكرة،
    وانحاز رسول اللّه صلى الله عليه وسلم جهة اليمين وهو يقول‏:‏‏(‏هَلُمُّوا إلى أيها الناس، أنا رسول الله، أنا محمد بن عبد اللّه‏)‏ ولم يبق معهإلا عدد قليل من المهاجرين والأنصار‏.‏ تسعة على قول ابن إسحاق، واثنا عشرعلى قول النووي، والصحيح ما رواه أحمد والحاكم في المستدرك من حديث ابن مسعود،قال‏:‏ كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين، فولي عنه الناس وثبت معه ثمانونرجلاًمن المهاجرين والأنصار، فكنا على أقدامنا ولم نُوَلِّهم الدُّبُر، ورويالترمذي من حديث ابن عمر بإسناد حسن قال‏:‏ لقد رأيتنا يوم حنين وإن الناس لمولين،وما مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلممائة رجل‏.‏

    وحينئذ ظهرت شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم التي لا نظير لها، فقدطفق يركض بغلته قبل الكفار وهو يقول‏:‏

    ‏(‏أنــا النبي لا كَذِبْ ** أنا ابن عبد المطلب‏)‏
    رجوع المسلمين واحتدام المعركة‏
    وأمر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عمه العباس ـ وكان جَهِيَرالصوت ـ أن ينادي الصحابة، قال العباس‏:‏ فقلت بأعلى صوتي‏:‏ أين أصحابالسَّمُرَة‏؟‏ قال‏:‏ فوالله لكأن عَطْفَتَهُم حين سمعوا صوتي عَطْفَة البقر علىأولادها، فقالوا‏:‏ يا لبيك، يا لبيك‏.‏ ويذهب الرجل ليثني بعيره فلا يقدر عليه،فيأخذ درعه، فيقذفها في عنقه، ويأخذ سيفه وترسه، ويقتحم عن بعيره، ويخلي سبيله،فيؤم الصوت، حتى إذا اجتمع إليه منهم مائة استقبلوا الناس واقتتلوا‏.‏
    وصرفت الدعوة إلى الأنصار‏:‏ يا معشر الأنصار، يا معشر الأنصار، ثمقصرت الدعوة في بني الحارث بن الخزرج، وتلاحقت كتائب المسلمين واحدة تلو الأخري كماكانوا تركوا الموقعة، وتجالد الفريقان مجالدة شديدة، ونظر رسول اللّه صلى الله عليهوسلم إلى ساحة القتال، وقد استحر واحتدم، فقال‏:‏ ‏(‏الآن حَمِي الوَطِيسُ‏)‏‏.‏ ثمأخذ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قبضة من تراب الأرض، فرمي بها في وجوه القوموقال‏:‏ ‏(‏شاهت الوجوه‏)‏، فما خلق اللّه إنساناً إلا ملأعينيه تراباً من تلك
    القبضة، فلم يزل حَدُّهُم كَلِيلاً وأمرهم مُدْبِرًا‏.‏

  6. #296
    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    الموقع
    العين
    الردود
    1,115
    الجنس
    أنثى
    انكسار حدة العدو وهزيمتهالساحقة‏
    وما هي إلا ساعات قلائل ـ بعد رمي القبضة ـ حتى انهزم العدو هزيمةمنكرة، وقتل من ثَقِيف وحدهم نحو السبعين، وحاز المسلمون ما كان مع العدو من مالوسلاح وظُعُن‏.‏
    وهذا هو التطور الذي أشار إليه سبحانه وتعالى في قوله‏:‏ ‏{‏وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْأَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُالأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُسَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْتَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاءالْكَافِرِينَ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏25، 26‏]‏
    حركة المطاردة‏‏ تفرق العدو بعد انهزامه
    وصارت طائفة منهم إلى الطائف، وطائفة إلى نَخْلَة،وطائفة إلى أوْطاس، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى أوطاس طائفة من المطاردينيقودهم أبو عامرالأشعري، ،فتقاتلوا ثم انهزم جيشالمشركين، وفي هذه المناوشة قتل القائد أبو عامر الأشعري‏.‏
    وطاردت طائفة أخري من فرسان المسلمين فلول المشركين في نخلة، فأدركت دُرَيْدَ بن الصِّمَّة فقتله ربيعة بن رُفَيْع‏.‏
    وأما معظم فلول المشركين الذين لجأوا إلى الطائف، فتوجه إليهم رسولاللّه صلى الله عليه وسلم بنفسه بعد أن جمع الغنائم‏.‏
    الغنائم‏
    وكانت الغنائم‏:‏ السبي ستة آلاف رأس، والإبل أربعة وعشرون ألفاً ،والغنم أكثر من أربعين ألف شاة، وأربعة آلاف أوقية فضة، أمر رسول اللّه صلى اللهعليه وسلم بجمعها، ثم حبسها بالجِعْرَانَة، وجعل عليها مسعود بن عمرو الغفاري، ولميقسمها حتى فرغ من غزوة الطائف‏.‏
    وكانت في السبي الشيماء بنت الحارث السعدية ؛ أخت رسول اللّه صلىالله عليه وسلم من الرضاعة، فلما جيء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفت لهنفسها، فعرفها بعلامة فأكرمها، وبسط لها رداءه، وأجلسها عليه، ثم منّ عليها، وردّهاإلى قومها‏.‏
    غزوة الطائف‏‏
    تعدهذه الغزوة في الحقيقة امتداد لغزوة حنين، لأن معظم فلولهَوَازن وثَقِيف دخلوا الطائف مع القائد العام ـ مالك بن عوف النَّصْرِي ـ وتحصنوابها، فسار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فراغه من حنين وجمع الغنائمبالجعرانة، في الشهر نفسه ـ شوال سنة 8 هـ‏.‏
    وقدم خالد بن الوليد جيش في ألف رجل، ثم سلك رسولالله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف ، فنزل قريباً من حصن، وعسكر هناك، وفرض الحصار على أهل الحصن‏.‏
    ودام الحصار مدة غير قليلة، ففي رواية أنس عند مسلم‏:‏ أن مدةحصارهم كانت أربعين يوماً، وعند أهل السير خلاف في ذلك، فقيل‏:‏ عشرين يوماً،وقيل‏:‏ بضعة عشر، وقيل‏:‏ ثمانية عشر، وقيل‏:‏ خمسة عشر‏.‏
    ووقعت في هذه المدة مراماة، ومقاذفات،
    وأمر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ـ كجزء من سياسة الحرب لإلجاءالعدو إلى الاستسلام ـ أمر بقطع الأعناب وتحريقها، فقطعها المسلمون قطعاً ذريعاً،فسألته ثقيف أن يدعها للّه والرحم، فتركها للّه والرحم‏.‏
    ونادى مناديه صلى الله عليه وسلم‏:‏ أيما عبد نزل من الحصن وخرجإلينا فهو حر، فخرج إليهم ثلاثة وعشرون رجلاً ، ‏]‏ ـ فأعتقهم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، ودفع كل رجل منهم إلى رجل منالمسلمين يمونه، فشق ذلك على أهل الحصن مشقة شديدة‏.‏
    ولما طالت مدة الحصار واستعصي الحصن، وأصيب المسلمون بما أصيب من رشقالنبال وبسكك الحديد المحماة ـ وكان أهل الحصن قد أعدوا فيه ما يكفيهم لحصار سنة ـاستشار رسول اللّه صلى الله عليه وسلم نَوْفَل بن معاوية الدِّيلي فقال‏:‏ هم ثعلبفي جحر، إن أقمت عليه أخذته وإن تركته لم يضرك، وحينئذ عزم رسول اللّه صلى اللهعليه وسلم على رفع الحصار والرحيل، فأمر عمر بن الخطاب فأذن في الناس، إنا قافلونغداً إن شاء اللّه، فثقل عليهم وقالوا‏:‏ نذهب ولا نفتحه‏؟‏ فقال رسول اللّه صلىالله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏اغدوا على القتال‏)‏، فغدوا فأصابهم جراح، فقال‏:‏ ‏(‏إناقافلون غداً إن شاء اللّه‏)‏ فسروا بذلك وأذعنوا، وجعلوا يرحلون، ورسول اللّه صلىالله عليه وسلم يضحك‏.‏
    ولما ارتحلوا واستقلوا قال‏:‏ قولوا‏:‏ ‏(‏آيبون تائبون عابدون،لربنا حامدون‏)‏‏.‏
    وقيل‏:‏ يا رسول اللّه، ادع على ثقيف، فقال‏:‏ ‏(‏اللّهم اهد ثقيفا،وائت بهم‏)‏‏.‏
    قسمة الغنائم بالجِعْرَانَة‏‏
    مكث رسول اللة بالجعرانة بعد عودته من الطاثف بضع عشرة ليلة لا يقسم الغنائم، يبتغي أن يقدم عليه وفدهوازن تائبين فيحرزوا ما فقدوا، ولكنه لم يجئه أحد، فبدأ بقسمة المال، ، فكان المؤلفة قلوبهم أول من أعطي وحظيبالأنصبة الجزلة‏.‏
    أعطي أبا سفيان بن حرب أربعين أوقية ومائة من الإبل، فقال‏:‏ ابنييزيد‏؟‏ فأعطاه مثلها، فقال‏:‏ ابني معاوية‏؟‏ فأعطاه مثلها، وأعطي حكيم بن حزاممائة من الإبل، ثم سأله مائة أخري، فأعطاه إياها‏.‏ وأعطي صفوان بن أمية مائة منالإبل، ثم مائة ثم مائة ـ كذا في الشفاء ـ وأعطي الحارث بن الحارث بن كَلَدَة مائةمن الإبل، وكذلك أعطي رجالا من رؤساء قريش وغيرها مائة مائة من الإبل وأعطي آخرينخمسين خمسين وأربعين أربعين، حتى شاع في الناس أن محمداً يعطي عطاءً، ما يخافالفقر، فازدحمت عليه الأعراب يطلبون المال حتى اضطروه إلى شجرة، فانتزعت رداءهفقال‏:‏ ‏(‏أيها الناس، ردوا علي ردائي، فو الذي نفسي بيده لو كان عندي عدد شجرتهامة نعماً لقسمته عليكم، ثم ما ألفيتموني بخيلاً ولا جباناً ولا كذاباً‏)‏‏.‏
    ثم قام إلى جنب بعيره فأخذ من سنامه وبرة، فجعلها بين إصبعه، ثمرفعها، فقال‏:‏ ‏(‏أيها الناس، واللّه مالى من فيئكم ولا هذه الوبرة إلا الخمس،والخمس مردود عليكم‏)‏‏.‏
    وبعد إعطاء المؤلفة قلوبهم أمر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم زيدبن ثابت بإحضار الغنائم والناس، ثم فرضها على الناس، فكانت سهامهم لكل رجل إماأربعاً من الإبل، وإما أربعين شاة، فإن كان فارساً أخذ اثني عشر بعيراً أو عشرينومائة شاة‏.‏
    الأنصار تَجِدُ على رسول اللّه صلى الله عليهوسلم‏
    لم تُفْهَم هذه القسمة التي قسمها الرسول أولالأمر، فأُطْلِقتْ ألسنة شتي بالاعتراض‏.‏
    روى ابن إسحاق عن أبي سعيد الخدري قال‏:‏ لما أعطي رسول اللّه صلىالله عليه وسلم ما أعطي من تلك العطايا في قريش وفي قبائل العرب، ولم يكن فيالأنصار منها شيء، وَجَدَ هذا الحي من الأنصار في أنفسهم حتى كثرت فيهم القَالَةُ،حتى قال قائلهم‏:‏ لقي واللّه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قومه، فدخل عليه سعدبن عبادة فقال‏:‏ يا رسول اللّه، إن هذا الحي من الأنصار قد وَجَدُوا عليك فيأنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت، قسمت في قومك، وأعطيت عطايا عظاماً فيقبائل العرب، ولم يك في هذا الحي من الأنصار منها شيء‏.‏قال‏:‏ ‏(‏فأين أنت من ذلكيا سعد‏؟‏‏)‏ قال‏:‏ يا رسول اللّه، ما أنا إلا من قومي‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏فاجمع لي قومكفي هذه الحظيرة‏)‏‏.‏ فخرج سعد فجمع الأنصار في تلك الحظيرة، فجاء رجال منالمهاجرين فتركهم فدخلوا‏.‏ وجاء آخرون فردهم، فلما اجتمعوا له أتاه سعد فقال‏:‏لقد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار، فأتاهم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فحمداللّه، وأثني عليه، ثم قال‏:‏ ‏(‏يا معشر الأنصار، ما قَالَهٌ بلغتني عنكم،وَجِدَةٌ وجدتموها على في أنفسكم‏؟‏ ألم آتكم ضلالاً فهداكم اللّه‏؟‏ وعالة فأغناكماللّه‏؟‏ وأعداء فألف اللّه بين قلوبكم‏؟‏‏)‏ قالـوا‏:‏ بلـي، اللّه ورسولـه أمَنُّوأفْضَلُ‏.‏
    ثم قال‏:‏ ‏(‏ألا تجيبوني يا معشر الأنصار‏؟‏‏)‏ قالوا‏:‏ بماذانجيبك يا رسول اللّه‏؟‏ للّه ورسوله المن والفضل‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏أما واللّه لو شئتملقلتم، فصَدَقْتُمْ ولصُدِّقْتُمْ‏:‏ أتيتنا مُكَذَّبًا فصدقناك، ومخذولاً فنصرناك،وطريداً فآويناك، وعائلاً فآسَيْنَاك‏)‏‏.‏
    ‏(‏أوَجَدْتُمْ يا معشر الأنصار في أنفسكم في لَعَاعَةٍ من الدنياتَألفَّتُ بها قوماً ليُسْلِمُوا، ووَكَلْتُكم إلى إسلامكم‏؟‏ ألا ترضون يا معشرالأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعوا برسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلىرحالكم‏؟‏ فوالذي نفس محمد بيده، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناسشِعْبًا، وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار، اللّهم ارحم الأنصار، وأبناءالأنصار، وأبناء أبناء الأنصار‏)‏‏.‏
    فبكي القوم حتى أخْضَلُوا لِحَاهُم وقالوا‏:‏ رضينا برسول اللّه صلىالله عليه وسلم قَسْمًا وحظاً، ثم انصرف رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وتفرقوا‏.‏
    قدوم وفد هوازن‏‏
    وبعد توزيع الغنائم أقبل وفد هوازن مسلماً، وهم أربعة عشر رجلاًورأسهم زهير ابن صُرَد، وفيهم أبو بُرْقَان عم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم منالرضاعة، فأسلموا وبايعوا ثم قالوا‏:‏ يا رسول اللّه، إن فيمن أصبتم الأمهاتوالأخوات، والعمات والخالات، وهن مخازي الأقوام‏:‏
    فامنن علينا رسول اللّه في كـرم ** فإنـك المرء نرجـوه وننتظر
    امنن على نسوة قد كنت ترضعها ** إذ فوك تملؤه من محضها الدرر
    وذلك في أبيات‏.‏ فقال‏:‏ ‏(‏إن معي من ترون، وإن أحب الحديث إلىأصدقه، فأبناؤكم ونساؤكم أحب إليكم أم أموالكم‏؟‏‏)‏ قالوا‏:‏ ما كنا نعدل بالأحسابشيئاً‏.‏ فقال‏:‏ ‏(‏إذا صليت الغداة ـ أي صلاة الظهر ـ فقوموا فقولوا‏:‏ إنانستشفع برسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى المؤمنين، ونستشفع بالمؤمنين إلى رسولاللّه صلى الله عليه وسلم أن يرد إلينا سبينا‏)‏، فلما صلي الغداة قاموا فقالواذلك‏.‏ فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أما ما كان لي ولبني عبد المطلبفهو لكم، وسأسأل لكم الناس‏)‏، فقال المهاجرون والأنصار‏:‏ ما كان لنا فهو لرسولاللّه صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقال الأقْرَع بن حابس‏:‏ أما أنا وبنو تميم فلا‏.‏وقال عُيَيْنَة بن حِصْن‏:‏ أما أنا وبنو فَزَارَة فلا‏.‏وقال العباس بنمِرْدَاس‏:‏ أما أنا وبنو سُلَيْم فلا‏.‏ فقالت بنو سليم‏:‏ ما كان لنا فهو لرسولاللّه صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقال العباس بن مرداس‏:‏ وهنتموني‏.‏
    فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن هؤلاء القوم قد جاءوامسلمين، وقد كنت استأنيت سَبْيَهُمْ، وقد خيرتهم فلم يعدلوا بالأبناء والنساءشيئاً، فمن كان عنده منهن شيء فطابت نفسه بأن يرده فسبيل ذلك، ومن أحب أن يستمسكبحقه فليرد عليهم، وله بكل فريضة ست فرائض من أول ما يفيء اللّه علينا‏)‏، فقالالناس‏:‏ قد طيبنا لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقال‏:‏ ‏(‏إنا لا نعرف منرضي منكم ممن لم يرض، فارجعوا حتى يرفع إلينا عُرَفَاؤكم أمركم‏)‏، فردوا عليهمنساءهم وأبناءهم، لم يتخلف منهم أحد غير عيينة بن حصن، فإنه أبي أن يرد عجوزاً صارتفي يديه منهم، ثم ردها بعد ذلك، وكسا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم السبي قبطيةقبطية‏.‏
    العمرة والانصراف إلىالمدينة‏
    اعتمررسول اللّه صلى الله عليه وسلم بعد تقسمة الغنائم فيالجِعْرَانة ، ،ورجع إلى المدينةبعد أن ولي على مكة عَتَّاب بن أسيد، وكان رجوعه إلى المدينة ودخوله فيها لست ليالبقيت من ذي القعدة سنة 8 هـ‏.‏
    العبر والعظات
    1-تعتبر غزوة حنين درسا بالعقيدة الإسلامية للمسلمين إذ بينت أن الكثرة لا تفيدهم إذ لم يكونوا صابرين ومتقين
    2- مشروعية بث العيون بين الأعداء لمعرفة شأنهم وأخبارهم
    3- إمكانية أن يستعين الإمام بأسلحة من المشركين لقتال أعداء المشركين وهذا ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم حين استعان بأسلحة من صفوان بن أمية
    4- جرأة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحرب حين تفرقت جموع المسلمين في الوادي ولم يبق سواه
    5- الجهاد لا يعني الحقد على الكافرين وذالك تجلى عندما دعا الرسول لثقيفاً بالهداية
    6- سياسة الإسلام نحو المؤلفة قلوبهم حيث نستدل انه يجوز للإمام أن يزيد بالعطاء لمن يتألف قلوبهم بالإسلام بالقدر الذي تدعو له المصلحة
    7- فضل الأنصار ومدى محبة رسول الله لهم

  7. #297
    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    الموقع
    العين
    الردود
    1,115
    الجنس
    أنثى
    بسم الله الرحمن الرحيم
    البعوث والسرايا بعد الرجوع من غزوة الفتح
    وبعد الرجوع من هذا السفر الطويل الناجح أقام رسول اللّه صلى اللهعليه وسلم بالمدينة يستقبل الوفود، ويبعث العمال، ويبث الدعاة، ويَكْبِتُ من بقيفيه الاستكبار عن الدخول في دين اللّه ‏.‏ وهاك صورة مصغرة من ذلك‏.‏
    المصدقون‏‏
    قد عرفنا أن رجوع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلىالمدينة كان في أواخر أيام السنة الثامنة، فما هو إلا أن استهل هلال المحرم من سنة 9 هـ، وبعث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم المُصَدِّقين إلى القبائل، وهذه هيقائمتهم‏:‏
    1 ـ عُيَيْنَةُ بن حصن إلى بني تميم‏.‏
    2 ـ يزيد بن الحُصَيْن إلى أسْلَم وغِفَار‏.‏
    3 ـ عَبَّاد بن بشير الأشهلي إلى سُلَيْم ومُزَيْنَةَ‏.‏
    4 ـ رافع بن مَكِيث إلى جُهَيْنَة‏.‏
    5 ـ عمرو بن العاص إلى بني فَزَارَة‏.‏
    6 ـ الضحاك بن سفيان إلى بني كلاب‏.‏
    7 ـ بشير بن سفيان إلى بني كعب‏.‏
    8 ـ ابن اللُّتِْبيَّة الأزدي إلى بني ذُبْيَان‏.‏
    9 ـ المهاجر بن أبي أمية إلى صنعاء ـ وخرج عليه الأسود العنسي وهوبها‏.‏
    10 ـ زياد بن لبيد إلى حضرموت‏.‏
    11 ـ عدي بن حاتم إلى طيئ وبني أسد‏.‏
    12 ـ مالك بن نُوَيْرَة إلى بني حَنْظَلَة‏.‏
    13ـ الزِّبْرِقَان بن بدر إلى بني سعد ـ إلى قسم منهم‏.‏
    14 ـ قيس بن عاصم إلى بني سعد ـ إلى قسم آخر منهم‏.‏
    15 ـ العلاء بن الحضرمي إلى البحرين‏.‏
    16 ـ علي بن أبي طالب إلى نجران ـ لجمع الصدقة والجزية كليهما‏.‏
    لم يبعث هؤلاء العمال كلهم في المحرم سنة 9 هـ، بل تأخر بعث عدةمنهم إلى اعتناق الإسلام من تلك القبائل التي بعثوا إليها‏.‏
    السرايا‏
    وكما بعث المصدقون إلى القبائل، مَسَّتِ الحاجة إلى بعث عدة منالسرايا مع سيادة الأمن على عامة مناطق الجزيرة، وهاك لوحة تلك السرايا‏:‏
    1ـ سرية عيينة بن حصن الفزاري ـ في المحرم سنة 9 هـ ـ إلى بني تميم،، وسببها‏:‏ أن بني تميم كانوا قدأغروا القبائل، ومنعوهم عن أداء الجزية‏.‏
    2ـ سرية قُطْبَة بن عامر إلى حي من خَثْعَم بناحية تَبَالَة، بالقربمن تُرَبَة في صفر سنة 9 هـ ،فشن الغارة جميعاً، وقتل قطبةمع من قتل، وساق المسلمون النَّعَم والنساء والشاء إلى المدينة‏.‏
    3ـ سرية الضحاك بن سفيان الكلابي إلى بني كِلاَب في ربيع الأولسنة9هـ‏.‏ بعثت هذه السرية إلى بني كلاب ؛ لدعوتهم إلى الإسلام، فأبوا وقاتلوا،فهزمهم المسلمون، وقتلوا منهم رجلاً‏.‏
    4ـ سرية علقمة بن مُجَزِّرِ المُدْلِجي إلى سواحل جُدَّة في شهرربيع الآخر سنة 9هـ في ثلاثمائة‏.‏بعثهم إلى رجال من الحبشة،كانو يقومون باعمال القرصنةبالقرب من سواحل جدة ، فلما سمعوا بمسير المسلمين إليهم هربوا‏.‏
    5ـ سرية على بن أبي طالب إلى صنم لطيئ يقال له‏:‏ الفُلْس ـ ليهدمهـ في شهر ربيع الأول سنة 9 هـ‏.‏ بعثه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في خمسينومائة، على مائة بعير وخمسين فرساً، ومعه راية سوداء ولواء أبيض، فشنوا الغارة علىمحلة آل حاتم مع الفجر، فهدموه وملأوا أيديهم من السبي والنعم والشاء، وفي السبيأخت عدي بن حاتم، وهرب عدي إلى الشام، ولما جـاءوا إلى المدينة استعطفت أخـت عـدي بـن حاتم رسول اللّه صلىالله عليه وسلم، قائلـة‏:‏ يا رسول اللّه، غاب الوافد،وانقطع الوالد، وأنا عجوزكبيرة، ما بي من خدمة، فمُنَّ على، منّ اللّه عليك‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏من وافدك‏؟‏‏)‏قالت‏:‏ عدي بن حاتم،‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏الذي فر من اللّه ورسوله‏؟‏‏)‏ ثم مضي، فلما كانالغد قالت مثل ذلك، وقال لها مثل ما قال أمس‏.‏ فلما كان بعد الغد قالت مثل ذلك،فمن عليها، وكان إلى جنبه رجل ـ تري أنه على ـ فقال لها‏:‏ سليه الحِمْلان فسألتهفأمر لها به‏.‏
    ورجعت أخت عدي بن حاتم إلى أخيها عدي بالشام، فلما لقيته قالت عنرسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ لقد فعل فعلة ما كان أبوك يفعلها، ائته راغباً أوراهباً، فجاءه عدي بغيرأمان ولا كتاب‏.‏ فأتي به إلى داره، فلما جلس بين يديه حمداللّه وأثني عليه، ثم قال‏:‏ ما يُفِرُّكَ‏؟‏ أيُفِرُّك أن تقول‏:‏ ‏(‏لا إله إلااللّه‏؟‏ فهل تعلم من إله سوى اللّه‏؟‏‏)‏ قال‏:‏ لا‏.‏ ثم تكلم ساعة ثم قال‏:‏‏(‏إنما تفر أن يقال‏:‏ اللّه أكبر، فهل تعلم شيئاً أكبر من الله‏؟‏‏)‏ قال‏:‏لا‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏فإن اليهود مغضوب عليهم، وإن النصاري ضالون‏)‏‏.‏ قال‏:‏ فإنيحَنِيف مسلم، فانبسط وجهه فرحاً، وأمر به فنزل عند رجل من الأنصار، وجعل يأتي النبيصلى الله عليه وسلم طرفي النهار‏.‏
    وفي رواية ابن إسحاق عن عدي‏:‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم لماأجلسه بين يديه في داره قال له‏:‏ ‏(‏إيه يا عدي بن حاتم، ألم تكن رَكُوسِيّا‏؟‏‏)‏قال‏:‏ قلت‏:‏ بلي، قال‏:‏ ‏(‏أو لم تكن تسير في قومك بالمِرْبَاع‏؟‏‏)‏‏.‏قال‏:‏قلت‏:‏ بلي‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏فإن ذلك لم يحل لك في دينك‏)‏‏.‏ قال‏:‏ قلت أجل واللّه‏.‏قال‏:‏ وعرفت أنه نبي مرسل، يعرف ما يُجْهَل‏.‏
    غـــزوة تبـــوك في رجب سنة 9هـ
    إن غزوة فتح مكة كانت غزوة فاصلة بين الحق والباطل، لم يبق بعدهامجال الظن في رسالة محمد صلى الله عليه وسلم عند العرب، ولذلك تغيرت الامور، ودخل الناس في دين اللّه أفواجاً ـ ـ وانتهت المتاعب الداخلية، واستراح المسلمونلتعليم شرائع اللهّّ، وبث دعوة الإسلام‏.‏
    سبب الغزوة
    ان قوة الرومان تعرضت للمسلمين سابقا وكان بداية التعرض بقتل سفير الرسول صلى الله عليه وسلم ـ الحارث بن عميرالأزدي ـ على يدي شُرَحْبِيل بن عمرو الغساني، حينما كان السفير يحمل رسالة النبيصلى الله عليه وسلم إلى عظيم بُصْرَي، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل بعد ذلكسرية زيد بن حارثة التي اصطدمت بالرومان اصطداماً عنيفاً في مؤتة، ولم تنجح في أخذالثأر من أولئك الظالمين المتغطرسين، إلا أنها تركت أروع أثر في نفوس العرب، قريبهموبعيدهم‏.‏
    وكان قيصريدرك اثر معركة مؤتة على المسلمين وعلى القبائل العربية التي تطمح بالاستقلال عنالرومان ،ومواطأتهم للمسلمين، إن هذا كان خطراً يتقدم ، ويهددالثغور الشامية التي تجاور العرب، فكان يري أن القضاء يجب على قوة المسلمين قبل أنتتجسد في صورة خطر عظيم لا يمكن القضاء عليها، وقبل أن تثير القلاقل والثورات فيالمناطق العربية المجاورة للرومان‏.‏
    ونظراً إلى هذه المصالح، لم يقض قيصر بعد معركة مؤتة سنة كاملة حتىأخذ يهيئ الجيش مـن الرومـان والعرب التابعة لهم من آل غسان وغيرهم، وبدأ يجهزلمعركة دامية فاصلة‏.‏
    الأخبار العامة عن استعداد الرومان وغَسَّان‏
    وكانت الأنباء تترامي إلى المدينة بإعداد الرومان ؛ للقيام بغزوةحاسمة ضد المسلمين، حتى كان الخوف يحيط بهم فلا يسمعون صوتا الا وظنوه زحف الرومان ، وهذا يدل على خطورة الموقف الذي كان المسلمن يواجهونه بالنسبة للرومان ، ويزيد ذلك تأكداً ما فعله المنافقون حينما سمعوا الأنباء، فبرغم ما رآه هؤلاء المنافقون من نجاح رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في كل الميادين، طفق هؤلاء المنافقون يأملون في تحقق ما كانوا يتربصونه من الشر بالإسلام وأهله‏.‏ ونظراً إلى قرب تحقق آمالهمأنشأوا وكرة للدس والتآمر، في مسجد الضِّرَار، أسسوه تفريقاًبين المؤمنين وإرصاداً لمن حارب اللّه ورسوله، وعرضوا على رسول اللّه صلى الله عليهوسلم أن يصلي فيه، وإنما مرامهم بذلك أن يخدعوا المؤمنين فلا يفطنوا ما يؤتي به فيهذا المسجد من الدس والمؤامرة ضدهم، ، فيصير وكرةمأمونة لهم، ولكن رسول اللّه صلى الله عليه وسلمأخر الصلاة فيه ـ إلى قفوله من الغزوة ـ لشغله بالجهاز، ففشلوا وفضحهماللّه، حتى قام الرسول صلى الله عليه وسلم بهدم المسجد بعد القفول من الغزو، بدل أنيصلي فيه‏.‏
    ظروف :‏
    و كان ما يزيد الطين بلة أن الوقت كان فصل القيظ الشديد، وكانالناس في عسرة وجدب من البلاء ، وكانت الثمار قد طابت، فكانوا يحبونالمقام في ثمارهم وظلالهم، ويكرهون الشخوص على الحال ، ومعهذا كله كانت المسافة بعيدة، والطريق وعرة صعبة‏.‏
    الرسول صلى الله عليه وسلم يقرر القيام بإقدام حاسم‏
    كان الرسول صلى الله عليه وسلم ينظر إلى الظروف بنظر أدق من ذاك ، إنه كان يري أنه لو تواني وتكاسل عن غزو الرومان ، وتركهم ليجوسوا خلال المناطق التي كانت تحت سيطرة الإسلام، وتزحف إلى المدينةسيكون له أسوأ أثر في سمعةالمسلمين العسكرية، فالجاهلية التي هلكت بعد هزيمتها في حنين ستحيا مرة أخري، والمنافقون الذين يتربصون بالمسلمين،ويتصلون بملك الرومان بواسطة أبي عامر الفاسق سيبعجون بطون المسلمين بخناجرهم منالخلف، في حين تهجم الرومان بحملة ضارية ضد المسلمين من الأمام، وهكذا يخفق كثير منالجهود التي بذلها هو أصحابه في نشر الإسلام، وتذهب المكاسب التي حصلوا عليها بعدحروب دامية ودوريات عسكرية متتابعة متواصلة‏.‏‏.‏‏.‏ بغير جدوي‏.‏
    كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يعرف كل ذلك جيداً، ولذلك قررالقيام ـ مع ما كان فيه من العسرة والشدة ـ بغزوة فاصلة يخوضها المسلمون ضد الرومانفي حدودهم، ولا يمهلونهم حتى يزحفوا إلى دار الإسلام‏.‏

    الإعلان بالتهيؤ لقتال الرومان‏‏
    ،أعلن الرسول القتا ل وابلغ الصحابة بالتهيؤ، وبعث إلى القبائل وأهل مكة يستنفرهم‏.‏ ، ونزل جزء من سورة براءة لحضهم علىالجهاد و رغبهمرسول اللّه في بذل الصدقات، وإنفاق كرائم الأموال في سبيلاللّه‏.‏
    المسلمون يتسابقون إلى التجهز للغزو‏‏
    ولم يسمع المسلمون صوت رسول اللّه يدعو إلى قتال الروم إلا وتسابقوا إلى امتثاله، فقاموا يتجهزون للقتال بسرعة ،وأخذت القبائل تهبط إلى المدينة من كل صوب ، ولم يرض أحد أن يتخلف عن الغزوة ـ إلا الذين في قلوبهم مرض وإلا ثلاثة نفر ـ حتى كان يجيءأهلالحاجة والفاقة يستحملون رسول اللّه ؛ ليخرجوا إلى قتالالروم، فإذا قال لهم‏:‏ ‏{‏لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْتَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ‏}‏[‏التوبة‏:‏92‏]‏‏.‏
    كما تسابق المسلمون في بذل الصدقات، كان عثمان بنعفان قد جهز عيراً للشام، مائتا بعير بأقتابها ا، ومائتا أوقية، فتصدق بها،ثم تصدق بمائة بعير بأحلاسها ، ثم جاء بألف دينار فنثرها في حجره صلى اللهعليه وسلم، فكان رسول اللّه يقلبها ويقول‏:‏ ‏(‏ما ضَرَّ عثمانما عمل بعد اليوم‏)‏ ، ثم تصدق وتصدق حتى بلغ مقدار صدقته تسعمائة بعير ومائة فرسسوى النقود‏.‏
    وجاء عبد الرحمن بن عوف بمائتي أوقية فضة، وجاء أبو بكر بماله كلّهولم يترك لأهله إلا اللّه ورسوله ـ وكانت أربعة آلاف درهم ـ وهو أول من جاءبصدقته‏.‏ وجاء عمر بنصف ماله، وجاء العباس بمال كثير، و طلحة وسعد بن عبادةومحمد بن مسلمة، كلهم جاءوا بمال‏.‏ وجاء عاصم بن عدي بتسعين وَسْقًا من التمر،وتتابع الناس بصدقاتهم ‏.‏ وبعثت النساء ما استطعن من مَسَك ومعاضد وخلاخل وقُرْطوخواتم‏.‏
    ولم يمسك أحد يده، إلا المنافقون{‏الَّذِينَ يَلْمِزُونَالْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَإِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ‏}‏‏[‏التوبة‏:‏ 79‏]‏‏.‏

    الجيش الإسلامي إلى تبوك‏‏
    وهكذا تجهز الجيش، فاستعمل رسول اللّه علىالمدينة محمد بن مسلمة الأنصاري، وقيل‏:‏ سِبَاع بن عُرْفُطَةَ، وخلف على أهله علىبن أبي طالب ، وغَمَصَ عليه المنافقون، فخرج فلحق بالرسول ، فرده وقال‏:‏ ‏(‏ألا ترضى أن تكون مني بمنزلةهارون من موسي، إلا أنه لا نبي بعدي‏)‏‏.‏
    وتحرك رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يوم الخميس نحو الشمال يريدتبوك، وبسبب كبر الجيش ـ ،لم يستطع المسلمون أن يجهزوهتجهيزاً كاملاً، بل كانت في الجيش قلة شديدة من الزاد والمراكب، فكانثمانية عشر رجلاً يعتقبون بعيراً واحداً، وربما أكلوا أوراق الأشجار حتى تورمتشفاههم، واضطروا إلى ذبح البعير ـ مع قلتها ـ ليشربوا ما في كرشه من الماء، ولذلكسمي هذا الجيش جيش العُسْرَةِ‏.‏
    ومر الجيش الإسلامي في طريقه إلى تبوك بالحِجْر ـ ديار ثمود الذينجابوا الصخر بالواد، أي وادي القُرَى ـ فاستقي الناس من بئرها، فلما راحوا قال رسولاللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لا تشربوا من مائها ولا تتوضأوا منه للصلاة، وماكان من عجين عجنتموه فاعلفوه الإبل، ولا تأكلوا منه شيئاً‏)‏، وأمرهم أن يستقوا منالبئر التي كانت تردها ناقة صالح رسول الله‏.‏
    تكونوا باكين‏)‏، ثم قَنعَ رأسه وأسرع وفي الصحيحين عن ابن عمر قال‏:‏ لما مر النبي صلى الله عليه وسلمبالحجر قال‏:‏ ‏(‏لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم إلا أنبالسير حتى جاز الوادي‏.‏
    واشتدت في الطريق حاجة الجيش إلى الماء حتى شكوا إلى رسول اللّه،فدعا اللّه، فأرسل اللّه سحابة فأمطرت حتى ارتوي الناس، واحتملوا حاجاتهم منالماء‏.‏
    وكان دأب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في الطريق أنه كان يجمع بينالظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء جمع التقديم وجمع التأخيركليهما‏.‏
    الجيش الإسلامي بتبوك‏‏
    عسكرالجيش الإسلامي بتبوك، ، وهو مستعد للقاء العدو، وقامرسول اللّه صلى الله عليه وسلم فيهم خطيباً، فخطب خطبة بليغةا ، حتى رفع معنوياتهم، وأما الرومانوحلفاؤهم فلما سمعوا بزحف رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أخذهم الرعب، فلم يجترئواعلى التقدم واللقاء، ، فكان لذلك أحسن أثرإلى سمعة المسلمين العسكرية ، وحصل بذلكالمسلمون على مكاسب سياسية كبيرة ، لعلهم لم يكونوا يحصلون عليها لو وقع هناكاصطدام بين الجيشين‏.‏
    جاء يُحَنَّةُ بن رُؤْبَةَ صاحب أيْلَةَ، فصالح الرسول صلى اللهعليه وسلم وأعطاه الجزية، وأتاه أهل جَرْبَاء وأهل أذْرُح، فأعطوه الجزية، وكتب لهمرسول اللّه كتاباً فهو عندهم، وصالحه أهل مِينَاء على ربعثمارها، وبعث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى أُكَيْدِرِدُومَة الجَنْدَل في أربعمائة وعشرين فارساً، ـ فتلقاه خالد في خيله، فأخذه وجاء بهإلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فحقن دمه، وصالحه ، وأقر بإعطاء الجزية، فقاضاه مع يُحَنَّة على قضيةدُومَة وتبوك وغيرهم‏.‏
    وأيقنت القبائل أن اعتمادها على الروم قد فات أوانه، فانقلبت لصالح المسلمين، وهكذا توسعت حدود الدولةالإسلامية، حتى لاقت حدود الرومان مباشرة الرومان
    الرجوع إلى المدينة‏‏
    ورجع الجيش الإسلامي من تبوك منتصرا، ، وكفيالله المؤمنين القتال، وفي الطريق عند عقبة حاول اثنا عشر رجلاً من المنافقين الفتكبالنبي صلى الله عليه وسلم، وذلك أنه حينما كان يمر بتلك العقبة كان معه عمار يقودبزمام ناقته، وحذيفة ابن اليمان يسوقها، وأخذ الناس ببطن الوادي ‏.‏ فبينما رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وصاحباه يسيران إذسمعوا وكزة القوم من ورائهم، قد غشوه وهم ملتثمون، فبعث حذيفة فضرب وجوه رواحلهمبمِحْجَن كان معه ، فأرعبهم اللّه، فأسرعوا في الفرار ، وأخبر رسولاللّه بأسمائهم، وبما هموا به، فلذلك كان حذيفة يسمي بصاحب سر الرسول ، وفي ذلك يقول اللّه تعالي‏:‏ {‏وَهَمُّواْ بِمَا لَمْيَنَالُوا‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏74‏]‏‏.‏
    ولما لاحت للنبي صلى الله عليه وسلم معالم المدينة من بعيد قال‏:‏‏(‏هذه طَابَةُ، وهذا أحُدٌ، جبل يحبنا ونحبه‏)‏، وتسامع الناس بمقدمه، فخرج النساءوالصبيان والولائد يقابلن الجيش بحفاوة بالغة ويقلن‏:‏
    طلع البـدر علينا ** من ثنيات الوداع
    وجب الشكر علينا ** ما دعا للع داع
    وكانت عودته صلى الله عليه وسلم من تبوك ودخوله في المدينة في رجبسنة 9هـ ، واستغرقت هذه الغزوة خمسين يوماً، أقام منها عشرين يوماً في تبوك،والبواقي قضاها في الطريق جيئة وذهوبًا‏.‏ وكانت هذه الغزوة آخر غزواته صلى اللهعليه وسلم‏.‏


    المُخَلَّفون‏‏
    وكانت هذه الغزوة اختباراً شديداً من اللّه،امتاز به المؤمنون من غيرهم، حيث يقول‏:‏{‏مَّا كَانَاللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَالْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ‏}‏‏[‏ آل عمران‏:‏179‏]‏‏.‏ فقد خرج لهذهالغزوة كل من كان مؤمناً صادقاً، حتى صار التخلف أمارة على نفاق الرجل، فكان الرجلإذا تخلف وذكروه لرسول اللّه قال لهم‏:‏ ‏(‏دعوه، فإن يكن فيهخير فسيلحقه اللّه بكم، وإن يكن غير ذلك فقد أراحكم منه‏)‏، فلم يتخلف إلا من حبسهمالعذر، أو الذين كذبوا اللّه ورسوله من المنافقين ‏.‏ نعم كان هناك ثلاثة نفر من المؤمنينالصادقين تخلفوا من غير مبرر، وهم الذين أبلاهم اللّه، ثم تاب عليهم‏.‏
    ولما دخل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم المدينة بدأ بالمسجد، فصليفيه ركعتين ثم جلس، فأما المنافقون فجاءوايعتذرون ، و يحلفون له، فقبل منهم علانيتهم، وبايعهم،واستغفر لهم، ووكل سرائرهم إلى اللّه‏.‏
    وأما النفر الثلاثة من المؤمنين ـ وهم كعب بن مالك،ومُرَارَة بن الربيع، وهلال بن أمية ـ فاختاروا الصدق، فأمر رسول اللّه صلى اللهعليه وسلم الصحابة ألا يكلموا هؤلاء الثلاثة، وجرت ضد هؤلاء الثلاثة مقاطعة شديدة ، حتى تنكرت لهم الأرض ،وبلغت بهم الشدة إلى أنهم بعد أن قضوا أربعين ليلة من بداية المقاطعة أمروا أنيعتزلوا نساءهم، حتى تمت على مقاطعتهم خمسون ليلة، ثم أنزل اللّه توبتهم‏:‏ ‏{‏وَعَلَىالثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَارَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَاللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَالتَّوَّابُ الرَّحِيمُ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏118‏]‏‏.‏
    وفرح المسلمون، و الثلاثة فرحاً شديدا ، وكان أسعد يوم من أيام حياتهم‏.‏
    وأما الذين حبسهم العذر فقد قال تعالى فيهم‏:‏ ‏{‏لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءوَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌإِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 91‏]‏‏.‏ وقال فيهمرسول اللّه حين دنا من المدينة‏:‏ ‏(‏إن بالمدينة رجالاً ما سرتم مَسِيراً، ولاقطعتم وادياً إلا كانوا معكم، حبسهم العُذْرُ‏)‏، قـالوا‏:‏ يا رسول اللّه، وهــمبالمدينة‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏وهم بالمدينة‏)‏‏.‏

    أثر الغزوة‏‏
    وكان لهذه الغزوة أعظم أثر في بسط نفوذ المسلمين على جزيرةالعرب، فقد تبين للناس أنه ليس لأي قوة من القوات أن تعيش في العرب سوي قوةالإسلام، وبطلت بقايا أمل وأمنية كانت تتحرك في قلوب بقايا الجاهليين والمنافقينولذلك لم يبق للمنافقين أن يعاملهم المسلمون بالرفق واللين، وقد أمراللّه بالتشديد عليهم، حتى نهي عن قبول صدقاتهم، وعن الصلاة عليهم، والاستغفار لهموالقيام على قبرهم، وأمر بهدم وكرة دسهم وتآمرهم التي بنوها باسم المسجد، وأنزلفيهم آيات افتضحوا بها افتضاحاً تاماً، لم يبق في معرفتهم بعدها أي خفاء، كأنالآيات قد نصت على أسمائهم لمن يسكن بالمدينة‏،
    و يجدر بنا الذكر ان اهم نتائج هذه الغزوة تتابعالوفود وتكاثرها بلغ إلى القمة بعد هذه الغزوة‏.‏

    نزول القرآن حول موضوع الغزوة‏
    نزلت آيات كثيرة من سورة براءة حول موضوع الغزوة، نزل بعضها قبلالخروج، وبعضها بعد الخروج ـ وهو في السفر ـ وبعض آخر منها بعد الرجوع إلى المدينة،وقد اشتملت على ذكر ظروف الغزوة، وفضح المنافقين، وفضل المجاهدين ، وقبولالتوبة من المؤمنين الصادقين، الخارجين منهم في الغزوة والمتخلفين، إلى غير ذلك منالأمور‏.‏
    بعض الوقائع المهمة في هذه السنة
    وفي هذه السنة وقعت عدة وقائع لها أهمية في التاريخ‏:‏
    1 ـ بعد قدوم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من تبوك وقع اللعان بينعُوَيْمِر العَجْلاني وامرأته‏.‏
    2 ـ رجمت المرأة الغامدية، التي جاءت فاعترفت على نفسها بالفاحشة،رجمت بعدما فطمت ابنها‏.‏
    3 ـ توفي النجاشي أصْحَمَة، ملك الحبشة، في رجب، وصلي عليه رسولالله صلاة الغائب في المدينة‏.‏
    4 ـ توفيت أم كلثوم بنت النبي صلى الله عليه وسلم فيشعبان، فحزنعليها حزناً شديداً، وقال لعثمان‏:‏ ‏(‏لو كانت عندي ثالثة لزوجتكها‏)‏‏.‏
    5 ـ مات رأس المنافقين عبد اللّه بن أبي بن سَلُول بعد مرجع رسولاللّه صلى الله عليه وسلم من تبوك، فاستغفر له رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وصليعليه وقد نزل القرآن بعد ذلك بعدم الصلاة عليه
    ‏.‏
    العبر والعظات والفوائد
    1-نلاحظ ان في مرحلة السرايا والبعوث انجز الرسول( صلى الله عليه وسلم)
    دعوة ربه وكانت تسير الدعوة بشكل دفاعي مع الشكل السلمي
    2- دخل الرسول( صلى الله عليه وسلم) في هذه المرحلة بقتال اولئك الذين بلغتهم الدعوة ففهموها ولكن استكبروا عن الايمان واللاذعان لها حقداًََ
    3- الاثر النفسي الرائع الذي خلفته غزوة مؤتة في نفوس المسلمين حيث لم يعبئوا بأعداد الروم والمشركين الهائلة وقدموا أنفسهم للشهادة الوحد تلو الآخر
    العبر والعظات بغزو تيوك
    1-حكمة الله عز وجل في هذه الغزوة بان يكتفي من جهاد المسلمين بالجهد العظيم الذي بذلوه والمشقات الجسمية التي تحملوها وبذاك برهنوا على صدق إيمانهم بالله ومحبتهم له
    2-أهمية الجهاد بالمال وتسابق المسلمين لتجهز للغزوة كل حسب استطاعته
    3-تبين رسول الله للمسلمين كراهة دخولهم ديار الأمم التي أهلكها الله بكفرهم
    4- تبين هذه الغزوة مشروعية اخذ الجزية من اهل الكتاب
    4- افتضاح أمر المنافقين وإظهار مدى خطورتهم على المسلمين إذ كان في هذه الغزوة تميز المنافقين عن الصادقين
    5- جواز الجمع بين الصلوات
    6- موقف رسول الله الشديد مع المسلمين الذين تخلفوا عن الغزوة وما يدل ذلك الا على تكريمهم وتشريفه بقبول التوبة من الصادقين
    7- الأثر الكبير الذي تركته غزوة تبوك في بسط نفوذ المسلمين على جزيرة العرب و كثرة تتابع الوفود بعد هذه الغزوة

  8. #298
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    الردود
    166
    الجنس
    أنثى

    coffee

    جزاكِ الله خير غاليتي
    ام لونة

    تلخيصكِ رائع وحسن التنسيق

    بوركِ فيكِ وسدد خطاكِ

  9. #299
    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    الموقع
    العين
    الردود
    1,115
    الجنس
    أنثى
    مشكورة قلم وورق

  10. #300
    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    الموقع
    في رحاب مكه ومن جوار الحرم
    الردود
    516
    الجنس
    أنثى
    جزاك الله خير اختي الغاليه وسدد خطاك

مواضيع مشابهه

  1. صفحة من كتــاب ..!
    بواسطة قلم صادق في فيض القلم
    الردود: 75
    اخر موضوع: 13-04-2010, 08:58 AM
  2. فرحة اللقاء برمضان - شــاركونـــا
    بواسطة قائدة الأمة الإسلامية في روضة السعداء
    الردود: 5
    اخر موضوع: 19-09-2007, 06:12 PM
  3. الردود: 315
    اخر موضوع: 12-02-2007, 01:08 AM
  4. الردود: 36
    اخر موضوع: 25-07-2006, 07:54 PM
  5. الردود: 36
    اخر موضوع: 25-07-2006, 07:54 PM

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ