انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
الصفحة 2 من 13 الأولىالأولى 12345612 ... الأخيرالأخير
عرض النتائج 11 الى 20 من 126

الموضوع: (الــــــــــــوشم) رواية بقلمى .. رشا محمود

  1. #11
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الموقع
    مصــــــــــر
    الردود
    1,626
    الجنس
    أنثى
    تعقيب كتبت بواسطة وعود الخير عرض الرد
    قبل أن أبدأ بقراءة الرواية
    اسمحي لي بأن ارحب بك من جديد
    فقد اشتقنا لحروفك يا عسل

    وفقك الله
    غاليتى وعود الخير
    سلمتى لى غاليتى
    وشكرا لترحيبكِ الجميل
    وتشرفنى متابعتك
    تحيتى

  2. #12
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الموقع
    مصــــــــــر
    الردود
    1,626
    الجنس
    أنثى

    (4)


    تتشنج الملامح .. ترتعش الشفاة.. تنهمر أمطار العيون الرمادية المغلقة .. وترتجف الأطراف .. وصوت ضعيف يهمس بحروف تخنقها الدموع

    - أبى .. أبى .. تعال وخذنى إليك .. افتقدك بشدة .. رحلت حياتى معك وتركتنى حطام يتداعى .. بقايا تتنفس ولا تعيش .. لماذا لم تأخذنى معك؟ .. لماذا تركتنى لتلك الحياة القاسية وحدى؟

    ***

    يعبث القلم بين خصلات شعرى بينما تشرد عيناى فى أفق بعيد لا وجود له قبل أن تهبط احدى زميلاتى فوق رأسى كالحجر وهى تصيح
    - ضبطتكِ
    أجفلت وأنا أردد
    - ماذا؟
    - قلت ضبطتكِ .. لماذا أنتِ شاردة .. بم تفكرين؟
    - ....
    - أرأيتِ لا إجابة مع نظرة تائهة .. لا تحاولى .. لن تنجحى بخداعى
    وأقتربت من وجهى وقالت وهى تضغط على كل حرف
    - إنه الحب إذن
    انتفضت وقلت كأننى أنفى تهمة
    - ما هذا الهراء الذى تقولينه؟
    ابتسمت بثقة وهى تقول
    - أعرف ما أقول ومتأكدة منه .. إنه ذلك الوسيم الذى يقوم بتوصيلك يومياً بسيارته .. أليس كذلك؟
    - ماذا؟
    - لا تنكرى
    - هل جننتى؟
    - لماذا؟
    - عاصم هو ابن عمى وبمثابة أخى لقد تربينا معا .. لاشىء بيننا سوى صلة القربى فقط .. هل فهمتى؟ .. لا تطلقى الشائعات حولى مرة أخرى
    تراجعت وهى تردد
    - أنا لم أقصد مضايقتك .. أعتذر
    ثم اقتربت منى وقالت
    - هل يعنى هذا أنه غير مرتبط
    وغمزت بعينها بوقاحة جعلت الدماء تفور برأسى

    قمت من مكانى وجذبتها من ذراعها وأنا أحدجها بنظرة مرعبة وأقول
    - لاشأن لكِ بابن عمى حتى لا تندمى على التحاقك بتلك الجامعة ومقابلتك لى فى يوم من الأيام

    نظرت لى بفزع ولملمت شتات نفسها وهربت من أمامى فوراً .. أعرف كيف أكون مرعبة حين أريد .. العيون الرمادية الغاضبة تحيلنى كيان مخيف لا قبل لأحد به

    لا أدرى لم أثارنى تلميحها إلى هذا الحد .. صحيح أننى لا أطيق عاصم .. لكنى لن أسمح لفتاة ما أن تحاول استمالته إليها

    عاصم يخضع لنطاق سيطرتى .. يتبعنى .. يخصنى .. أحد ممتلكاتى .. لن أسمح لأحد أن يقترب منه .. لن ينطق لسانه باسم فتاة أخرى .. لن يحتل المقعد المجاور له سواى .. ولن ترتسم داخل عيناه السوداوان صورة أحد غيرى .. سمّه أنانية .. عشق امتلاك .. غيرة .. أو حتى جنون .. أنا هذا كله حين يتعلق الأمر بعاصم

    ***

    حرارة شديدة .. كأننى أحترق .. ورغم ذلك ترتجف كل ذرة فىّ .. أنا محمومة .. أنا أهذى .. أنا أموت .. ابتسمت للفكرة .. أخيراً سأرتاح .. سآتى إليك يا أبى .. انتظرنى

    ***
    جرس هاتفى يدق بإلحاح وأنا أتجاهله .. سألنى عاصم وهو ينظر للطريق أمامه
    - من؟
    - إحدى السخيفات
    - هل اقتنعتى أخيرا بسخافة زميلاتك؟
    - نعم
    - لماذا؟
    - أليس هذا ما تريده
    - ومنذ متى تستمعين لكلامى؟!
    - منذ اليوم
    ونظرت له تلك النظرة التى تجعله يصمت ثم يشيح بوجهه نحو الطريق ولا يعود لمضايقتى .. تأملته بصمت .. هو وسيم فعلا ويجذب الأنظار .. شعر أسود فاحم وعينان سوداوان تشعان قوة ورجولة وبشرة قمحية وطول فارع وقوام متناسق .. يحق لهن التحديق به كلما رأينه .. لكنى أعلم أنه لا يهتم .. فعلا لم يبد عاصم اهتمامه بأى فتاة من قبل .. لا توجد من يمكنها انتزاع إعجابه .. لكن إلى متى سيطول هذا .. ستأتى تلك الفتاة يوما ما .. ستهبط عليه من السماء .. أو تنشق عنها الأرض .. أو ترسلها إليه الرياح .. ستقابله يوما ولن أتمكن من فعل شىء وقتها .. جززت على أسنانى بغيظ وأنا أرسم لها ألف صورة فى خيالى .. كلها أتلفت أعصابى بشدة .. تباً لتلك السارقة سأمزقها بأسنانى حين أراها .. لن أتركها تبعث بما يخصنى وحدى .. سأجعلها تندم كثيراً


    ***

    طرقات .. طرقات
    تدوى بداخل رأسى .. قرع كالطبول .. من أين يأتى؟ .. لا يهم .. أنا لا أقو على محاولة معرفة شىء .. أنا على وشك الموت وأريد ذلك فى هدوء .. الطرقات تدوى على جدار عقلى .. هناك من يحاول اقتحام جمجمتى .. لن تجد بها ما يهم .. لا شىء سوى ذكريات وذكريات فقط .. هى كل ما تبقى منى وكل ما تبقى لى .. كف عن هذا الصخب .. أعصابى لا تحتمل .. لم لا ترحل؟ .. أنا بانتظار أبى سيأتى فى أى لحظة ليأخذنى معه .. لقد تعبت يا أبى .. لماذا تأخرت؟ .. لماذا؟

    #يُتبع
    إن شاء الله

  3. #13
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    الموقع
    غزة ..أرض الإباء والعزة
    الردود
    17,518
    الجنس
    امرأة
    التدوينات
    8
    التكريم
    • (القاب)
      • أميرة العيد
      • متألقة صيفنا إبداع 1431 هـ
      • مبدعة صيف1429 هـ
      • قلم الإخاء الفوّاح
      • حوارية مثقفة
      • بصمة أمل
      • عاشقة الوطن
      • متألقة ركن الديكور
    (أوسمة)
    قد بدأت الحرارة بالارتفاع
    ولكن لا نريدها أن ترتفع أكثر من اللازم
    تعابير جميلة وأحداث متلاحقة
    متابعين بارك الله بكِ
    ::
    يا رب إن أعداءك قد جمعوا جمعهم ضد المسلمين
    فيـا رب يا مجرى السحاب، ومنزل الكتاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وزلزلهم واجعل الدائرة عليهم.

    ::

  4. #14
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الموقع
    مصــــــــــر
    الردود
    1,626
    الجنس
    أنثى
    تعقيب كتبت بواسطة &أم محمد& عرض الرد
    قد بدأت الحرارة بالارتفاع
    ولكن لا نريدها أن ترتفع أكثر من اللازم
    تعابير جميلة وأحداث متلاحقة
    متابعين بارك الله بكِ

    دمتى بكل الخير غاليتى
    تسعدينى وأكثر

  5. #15
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الموقع
    مصــــــــــر
    الردود
    1,626
    الجنس
    أنثى
    (5)

    - مابكِ صغيرتى؟
    - ها
    - أنتِ تقضمين أظافركِ .. لم تفعلى ذلك منذ زمن .. من أغضب حبيبتى الصغيرة؟
    ابتسمت برقة وأنا أقول
    - ومن يجرؤ على إغضابى وأنت هنا يا أبى .. حفظك الله لى
    تغير وجهه قليلا ثم عاد لطبيعته وهو يقول
    - بم تفكرين إذن؟
    - لا شىء يا أبى لقد شردت فقط وأفسدت بعض الأظافر .. لا يهم

    ابتسم بحنان وهو يربت على كتفى ثم قام متجهاً إلى داخل البيت وتركنى فى الحديقة غارقة فى أفكارى السوداء التى تدور كلها حول فتاة عاصم القادمة من أعماق الجحيم لتقلب حياتى .. لا أتوقف عن التفكير بها لحظة واحدة .. عدت لقضم بعض الأظافر وأنا شاردة .. هل أبى يترنح فى مشيته .. يمسك برأسه .. يتوقف قليلاً .. يمشى ببطء .. اتسعت عيناى حتى كادتا تخرجان من مكانهما وأنا أرى هذا الكيان الكبير المهيب وهو يتهاوى أرضاً وقد ذهب وعيه

    ***

    دموع ساخنة تلسع وجهى .. أنا ما زلت هنا .. لكنى لا أستطيع أن أفتح عينى .. أصوات كثيرة .. متداخلة بشدة .. ماذا يحدث؟ .. حاولت أن أفتح عينىّ بلا جدوى .. هناك من يحركنى .. يقول شيئاً ما .. أشعر بجسدى يرتفع عن الفراش الذى بلله العرق الغزير .. هناك أغطية تلفنى .. هناك من يحملنى وينزل درجات السلم بسرعة .. اهتز مع كل درجة .. ما عاد شىء فى مكانه داخل رأسى .. كل الأشياء تنقلب فوق بعضها البعض .... خلاط كبير يهدر بقوة ويعتصر خلايا مخى جميعا لتمتزج وتذوب .. ربما ما عدت أعرف اسمى .. ربما ما عدت أذكر شىء .. ولا أذكر أحد .. فقط هو كل ما أعرف وما أذكر وما أشعر .. أبى
    .. انطلقت صرخة من أعماقى ولم أشعر بعدها بشىء

    ***

    أبى الحبيب ممدد بالفراش مغلق العينين .. وأنا لا أكاد أرى من شلالات الدموع التى تنهمر بلا توقف وتكاد تُغرق الحجرة بمن فيها .. لا أكاد أصدق أن يتعب هو .. أن يمرض .. أن يشعر بالألم .. كيف يحدث هذا .. هذا الكبير القوى القادر على حماية الكون بأسره .. كيف يجرؤ المرض على الاقتراب منه .. كيف يجرؤ؟

    عدت للبكاء بحرقة ويد تربت على كتفى ميزت بصعوبة صوت عادل وهو يدعونى لأهدأ قليلاً .. ويحاول أن يجعلنى أترك حجرة أبى .. لكنى رفضت بشدة وركعت على ركبتىّ وتشبثت بيد أبى الكبيرة القوية الحانية وقبلتها بدموعى .. لا لن أتركه .. لطالما أمسكت بتلك اليد وأنا أشعر بأمان لا حدود له .. تلك اليد كانت تدللنى وتربت علىّ .. كانت توجهنى وتعلمنى .. كانت تقودنى لأكون أفضل .. كانت تحمينى وتمنع عنى شرور العالم .. لن أترك تلك اليد حتى أموت .. ابتعد عادل وخرج من الحجرة وتركنى أتوسد يد أبى وأنام كطفلة يتملكها الخوف .. شعور أختبره للمرة الأولى .. أنا خائفة يا أبى .. ابق بجوارى أرجوك

    ***

    لا أعرف كم مضى من الوقت وأنا شاخصة نحوه بعينين لا تريان من فرط الدموع .. لم أغادره لحظة ورفضت تناول أى شىء رغم محاولات الجميع .. ولعلى توقفت عن التقاط أنفاسى ويبدو أن قلبى قد نسى كيف يخفق فى صدرى .. لقد كنت جثة حية بغيابه .. هو هنا لكنه بعيد جداً فى مكان لا أعرفه .. ليتنى أذهب إليه .. لقد كدت أتهاوى من جديد .. وتراخت أصابعى حول يده .. نفضت رأسى لأبقى منتبهة .. وأنا أتمسك بيده وأدعوه ليفيق .. شعرت بكفه يتحرك بين يدى .. نظرت نحوه بلهفة وإذ به يفتح عينيه ببطء وينظر نحوى وعلى وجهه المنهك ابتسامة أشرقت لها الدنيا كلها .. اقتربت منه وتفحصت فى وجهه كالبلهاء لأتأكد من كونى لا أحلم .. نعم هو عاد .. حقا لقد عاد مرة أخرى .. شكراً لك يا إلهى
    - أبى
    - صغيرتى
    - هل أنت بخير ؟ .. بماذا تشعر؟ .. هل هناك ما يؤلمك؟ .. ماذا حدث لك؟ .. كيف تسقط هكذا؟ .. هل تخفى عنى أمراً ما؟ .. هل .....
    قاطعنى بإشارة من كفه لانتبه كونى أمطره بأسئلتى السخيفة وهو متعب فابتسمت له ودفنت وجهى فى صدره وهو يربت على شعرى بحنان الكون ولم أشعر بعدها بشىء .. فقد سقطت فى ذلك البئر العميق الذى يدعى النوم والذى لم أنل قسطاً منه منذ زمن مضى أو ربما هو دهر بأكمله أو ما هذا الذى أقولــ ......


    ***

    ذاكرتى تتبعثر .. هل مازلت أغفو على صدرك أبى .. تحسست ما تحت رأسى .. إنها مجرد وسادة! .. وسادة صماء لا أسمع من خلالها نبضات قلبه .. لا أستشعر أنفاسه .. لايد لها تمسد شعرى بحنان وتربت على كتفى وتشعرنى بالأمان .. من أخذ أبى ووضع تلك الوسادة بدلاً منه .. افتقدك كثيرا يا وطنى .. لكم اغتربت من بعدك يا حبيبى

    #يُتبع
    إن شاء الله

  6. #16
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    الموقع
    غزة ..أرض الإباء والعزة
    الردود
    17,518
    الجنس
    امرأة
    التدوينات
    8
    التكريم
    • (القاب)
      • أميرة العيد
      • متألقة صيفنا إبداع 1431 هـ
      • مبدعة صيف1429 هـ
      • قلم الإخاء الفوّاح
      • حوارية مثقفة
      • بصمة أمل
      • عاشقة الوطن
      • متألقة ركن الديكور
    (أوسمة)
    هذه الحلقة مؤثرة
    وكأني عشتُ هذه الأحداث منذ فترة
    صعبٌ علينا أن نرى الصرح الكبير يتهاوى أمام ناظرينا عاجزين أن نفعل شيئا....
    فقط لأنها إرادة الله فوق الجميع

    ::
    يا رب إن أعداءك قد جمعوا جمعهم ضد المسلمين
    فيـا رب يا مجرى السحاب، ومنزل الكتاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وزلزلهم واجعل الدائرة عليهم.

    ::

  7. #17
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الموقع
    مصــــــــــر
    الردود
    1,626
    الجنس
    أنثى
    تعقيب كتبت بواسطة &أم محمد& عرض الرد
    هذه الحلقة مؤثرة
    وكأني عشتُ هذه الأحداث منذ فترة
    صعبٌ علينا أن نرى الصرح الكبير يتهاوى أمام ناظرينا عاجزين أن نفعل شيئا....
    فقط لأنها إرادة الله فوق الجميع

    شكرا لردك غاليتى
    وتفاعلك مع الأحداث
    لا أصعب من شعور الخوف على من نحب فعلاً

  8. #18
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الموقع
    مصــــــــــر
    الردود
    1,626
    الجنس
    أنثى

    (6)


    حين أفقت كنت فى فراشى .. قمت مذعورة وأنا أبحث عنه .. خرجت من حجرتى جرياً نحو حجرته وقد تعثرت مرات كثيرة حتى وصلت هناك .. كان عاصم يقف أمام الباب .. أزحته عن طريقى أو هكذا ظننت لكنه أمسك بيدى وهو يقول
    - اتركيه الآن
    نزعت يدى من يده ودفعته عنى وأنا أقول
    - ابتعد عنى .. لماذا تمنعنى من رؤيته؟
    حاول عاصم السيطرة على حركاتى العصبية وأنا أضربه كطفلة غاضبة وأخمشه كقطة مذعورة ليبتعد من أمام الباب حتى اضطر إلى حملى حملاً وتوجه بى نحو حجرتى .. دفع الباب بقدمه وأنا مازلت أصرخ به أن يتركنى .. ألقى بى على الفراش وقبل أن أقفز منه .. أمسك بى بشدة آلمتنى فاضطررت للتوقف عن الحركة وأنا أقول له
    - اتركنى يا عاصم أنت تؤلمنى
    - أنتِ من تضطرينى لذلك .. اهدأى قليلاً
    - لماذا لا تريدنى أن أرى أبى .. ماذا حدث له؟
    - لم يحدث له شىء .. الطبيب يفحصه الآن وسيكون بخير
    - يجب أن نكون معه إذن
    - عادل معه
    - ولم لا أكون معه؟
    - انتِ هيستيرية بطبعك ولا يمكنكِ السيطرة على انفعالاتك وهذا لا يناسب أبى حاليا
    - حقا ! وهل يجب علينا أن نتحول جميعا لقطع من الثلج مثلك .. ولماذا لم تظل معه أنت أيضا؟
    - كنت هناك لأمنعك من الدخول .. أعلم أن عادل لا يمكنه السيطرة عليكِ لذا تركته هناك مع الطبيب وهو سيخبرنا بكل شىء
    - لماذا تقرر عن الجميع .. من تظن نفسك

    قمت من مكانى بغيظ وأنا أحاول الهرب منه قبل أن يكبلنى من جديد ويعيدنى مكانى قائلاً
    - لا تحاولى
    - ومن أنت لتمنعنى .. ليس من حقك
    قال من بين أسنانه
    - اخفضى صوتك
    صرخت وأنا أتملص منه
    - لا تلق علىّ الأوامر .. سأرى أبى رغماًً عنك
    - لتجربى إذن
    واصلت محاولاتى الفاشلة للفكاك من بين ذراعيه اللتين تطوقانى بقوة قبل أن انتبه لما أنا فيه

    عاصم يحتوينى بالفعل .. أنفاسه تصطدم بوجهى .. عطره يغمرنى .. يمكننى رؤية خطوط قرنيتيه وشعيرات ذقنه وآثار أظافرى على صدره .. يمكننى سماع نبضات قلبه ولمس عضلات ذراعيه.. كيف حدث هذا .. لم يقترب عاصم منى لتلك المسافة من قبل .. ارتعشت أطرافى بشدة .. وتعالت نبضات قلبى .. ونبتت حبات من العرق فوق جبهتى .. أغمضت عينى حتى لا أرى المزيد من تفاصيله وحتى لا يرى هو ما يرتسم فى عينى وأخفيه بشدة .. قلت وأنا مغمضة العينين
    - حسناً يا عاصم .. اتركنى الآن .. أعدك ألا أتحرك من مكانى
    - لا أثق بكلامك
    ازداد ارتجاف جسدى حتى كاد يكشف مابى وأنا أقول له بتوسل
    - أرجوك يا عاصم .. أنت تؤلمنى .. أفلتنى أرجوك

    رأسى يدور بشدة .. ابعدنى عن مدارك يا عاصم إنه يجلب الجنون لمن يقترب منه .. تلك المنطقة حولك خطرة .. يجب أن تضع لافتة توضح ذلك للجميع .. أحسست برأسى يتهاوى فوق صدره .. ذلك الشعور يكاد يقتلنى .. كأنى ألقيت نفسى من فوق جبل شاهق .. أو ربما وسط موج بحر هائج .. أو عله قلب إعصار ما .. أو أى شىء آخر تعرف أنك لن تعود بعدها إلى نفسك .. لكننى أريد أن أبقى هناك للأبد

    ابتعد عاصم وهو يفلتنى ببطء .. فتحت عينى لتقابل عينيه .. كانت هناك نظرة غريبة لم أرها من قبل .. ظللت أنظر له وأنا أشعر كأنى ورقة شجر تعبث بها الرياح وتطيرها فى كل مكان .. مد يده ورتب خصلات شعرى المبعثرة على وجهى وهو يبتسم ويقول كمن يكلم طفلة
    - لن أغلق عليكِ الباب .. سأثق بكلامك تلك المرة

    وابتعد بهدوء وتوجه للخارج .. عله يتأكد أننى لن أتبعه لسبب واحد هو أننى لا أقو على استخدام قدمىّ الآن
    ما هذا الشعور العجيب .. ما تلك القوة الكاسحة التى تملكها يا عاصم .. من تلك التى يمكنها أن تتحمل طوفان جاذبيتكِ التى لا مثيل لها .. أنت لا تشبه أحد ممن يدعون رجال .. تلك الدمى البشرية التى أقابلها يوميا ولا تحرك شعرة منى .. كيف لك أن تبعث فىّ تلك المشاعر المتلاطمة .. كيف تثير الرجفة فى أوصالى كأنى أمسك بقطعة جليد لكنها فى الوقت نفسه تحرقنى كأنها قطعة جمر .. من يملك قوة الثلج والنار معا؟ً .. من أنت أيها الغريب؟

    ***

    لا أعرف كم من الوقت مضى وأنا فى هذا العالم الآخر .. استغرق الأمر طويلا حتى عدت لنفسى أو علها هى من عادت إلىّ
    قمت من فراشى وتوجهت نحو الباب .. بدت المسافة أطول بكثير وخطواتى ضيقة ومهتزة وكأننى أتعلم المشى
    لكننى وصلت أخيرا وقبل أمتار من غرفة أبى تجمدت مكانى
    لابد أن الطبيب انتهى من فحص أبى حيث كان هناك يتحدث مع عادل وهو يستمع له فى اهتمام
    بينما عاصم يتحدث معها هى

    علها المرة الأولى التى أجد فيها عاصم يتحدث لأنثى ما
    أغمضت عينىّ قليلا ثم فتحتهما لأتأكد من كونى لا أهذى
    لا أحتاج لذكاء كبير لأعرف من ملابسها البيضاء المميزة أنها ممرضة لكن هذا الشعور الغريب نحوها منعنى من إدراك ذلك لبعض الوقت
    كل ما رأيته هو أن امرأة ما تقف بجوار عاصم .. تستمع لكلماته .. ترتسم داخل عينيه .. تشغل حيز من عقله .. يتردد صوتها فى أذنيه .. هل تبتسم له أيضا؟ .. هذا كثير .. كثير جداً

    الآن عرفت لم منعنى عاصم من دخول غرفة أبى
    حتى لا أرى الملاك هذا الذى هبط على رؤوسنا بلا استئذان

    لا أدرى كيف حملتنى قدمىّ اللتين كانتا تدعيان نسيان كيف يكون المشى منذ قليل ووجدتنى أندفع نحو ملاك الجحيم هذه بلا تردد قبل أن تمنعنى ذراع فولاذية من اتمام مهمتى المجنونة وصوت عاصم يتردد
    - وهذه هى صغيرتنا حبيبة أبوها
    ابتسمت فى وجهى وهزت رأسها وهى تقول
    - تشرفت بمعرفتك
    وقبل أن يجيبها لسانى بما لن يسعدها بادر عاصم بشكرها وسحبنى من أمامها ببساطة كما تفعل طفلة صغيرة بدميتها ووجدتها تبتعد عن عينى وتدخل غرفة أبى وتغلق الباب خلفها بهدوء
    هل ما أفكر به صحيح .. ياللمصيبة!

    ***
    تتماوج الموجودات فى عينى .. أشعر بثقل جفونى التى ترغب فى البقاء مطبقة للأبد .. أحاول أن أعرف أين أنا .. تلك الأسلاك الموصلة بجسدى المنهك .. تلك الرائحة أيضا .. أنا فى المشفى .. هناك من أحضرنى هنا دون إرادتى .. هناك من حرمنى من الذهاب لأبى .. كنت أنتظر تلك اللحظة منذ زمن .. ليس من حق أحد أن يفعل بى هذا .. حاولت القيام من الفراش لكن كل شىء كان يدور من حولى بجنون .. رأيت خيال لشخص ما يقترب منى بملابس بيضاء مميزة .. رأيت مثلها من قبل .. أظنها كانت فى حياة أخرى بعيدة جداً ...

    #يُتبع
    إن شاء الله

  9. #19
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    الموقع
    غزة ..أرض الإباء والعزة
    الردود
    17,518
    الجنس
    امرأة
    التدوينات
    8
    التكريم
    • (القاب)
      • أميرة العيد
      • متألقة صيفنا إبداع 1431 هـ
      • مبدعة صيف1429 هـ
      • قلم الإخاء الفوّاح
      • حوارية مثقفة
      • بصمة أمل
      • عاشقة الوطن
      • متألقة ركن الديكور
    (أوسمة)
    ها قد بدأت "حبكة" القصة
    ويزداد معها لهفتنا لتتبعها
    متابعين معكِ ياغالية
    ::
    يا رب إن أعداءك قد جمعوا جمعهم ضد المسلمين
    فيـا رب يا مجرى السحاب، ومنزل الكتاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وزلزلهم واجعل الدائرة عليهم.

    ::

  10. #20
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الموقع
    مصــــــــــر
    الردود
    1,626
    الجنس
    أنثى
    تعقيب كتبت بواسطة &أم محمد& عرض الرد
    ها قد بدأت "حبكة" القصة
    ويزداد معها لهفتنا لتتبعها
    متابعين معكِ ياغالية
    شكرا لذوقك غاليتى أم محمد
    أتمنى فقط ممن يتابع الحلقات أن يشرفنى بإبداء رأيه فيها
    لم أعتد على الكتابة فى هكذا صمت
    شكراً لكِ مرة أخرى
    تحيتى

مواضيع مشابهه

  1. قبح وجمال أول رواية لابنة الفيض رشا محمود
    بواسطة ≈ احـتِـوٍآءْ ≈ في فيض القلم
    الردود: 13
    اخر موضوع: 09-02-2013, 05:20 AM
  2. ×O ×[رواية الغــد المشرق] ×O × معاناة خمس صديقات.., بقلمي^_^
    بواسطة همه تنآطح السحآب~ في فيض القلم
    الردود: 120
    اخر موضوع: 25-07-2009, 02:14 PM
  3. ×O ×[رواية الغــد المشرق] ×O × معاناة خمس صديقات.., بقلمي^_^
    بواسطة همه تنآطح السحآب~ في مواضيع فيض القلم المتميزة
    الردود: 12
    اخر موضوع: 03-04-2009, 12:39 PM

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ