اللغَة: { تَضَرَّعُواْ } التضرع من الضراعة وهي الذلة يقال: ضرع فهو ضارع { ٱلْبَأْسَآءِ } من البؤس وهو الفقر { ٱلضَّرَّآءِ } من الضر وهو البلاء قال القرطبي: البأساء في الأموال، والضراء في الأبدان، هذا قول الأكثر { مُّبْلِسُونَ } المبلس: اليائس من الخير من أبلس الرجل إذا يئس ومنه " إبليس " لأنه أبلس من رحمة الله عز وجل { دَابِرُ } الدابر: الآخر ودابر القوم: خلفهم من نسلهم قال قطرب: يعني استؤصلوا وأهلكوا
التفسير :{ قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ ٱللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمْ ٱلسَّاعَةُ } استفهام تعجيب أي أخبروني إن أتاكم عذاب الله كما أتى من قبلكم أو أتتكم القيامة بغتة من تدعون؟ { أَغَيْرَ ٱللَّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } أي أتدعون غير الله لكشف الضر عنكم؟ إن كنتم صادقين في أن الأصنام تنفعكم { بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَآءَ } أي بل تخصونه تعالى بدعائكم في الشدائد فيكشف الضر الذي تدعونه إلى كشفه إن شاء كشفه { وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ } أي تتركون الآلهة فلا تدعونها لاعتقادكم أن الله تعالى هو القادر على كشف الضر وحده دون سواه { وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ } هذه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي والله لقد أرسلنا رسلاً إلى أمم كثيرين من قبلك فكذبوهم { فَأَخَذْنَاهُمْ بِٱلْبَأْسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ } أي بالفقر والبؤس والأسقام والأوجاع { لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ } أي لكي يتضرعوا إِلى الله بالتذلل والإِنابة { فَلَوْلاۤ إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ } لولا للتحضيض أي فهلا تضرعوا حين جاءهم العذاب، وهذا عتاب على ترك الدعاء وإخبارٌ عنهم أنهم لم يتضرعوا مع قيام ما يدعوهم إلى التضرع { وَلَـٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ } أي ولكن ظهر منهم النقيض حيث قست قلوبهم فلم تلن للإِيمان { وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ مَا كَانُواّ يَعْمَلُونَ } أي زين لهم المعاصي والإِصرار على الضلال { فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ } أي لما تركوا ما وُعظوا به { فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ } أي من النعم والخيرات استدراجاً لهم { حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوۤاْ } أي فرحوا بذلك النعيم وازدادوا بطراً { أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ } أي أخذناهم بعذابنا فجأة فإذا هم يائسون قانطون من كل خير { فَقُطِعَ دَابِرُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } أي استؤصلوا وهلكوا عن آخرهم { وَٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } أي على نصر الرسل وإهلاك الكافرين قال الحسن: مُكر بالقوم وربّ الكعبة، أُعطوا حاجتهم ثم أخذوا وفي الحديث
الروابط المفضلة