ولنكثر من ( تبنا الى الله )
أحمد الله الذي قرَّب لنا أبواب الخير، وفَتَح باب التوبة لعباده. وأُصلي وأسلم على رسول الله .. وبعد ..
فهذه كلمات جمعتها لكل من أراد تغيير حالة وفِعاله ليُرضي خالقه ويَسْعَد في دنياه ومآله. أسأل الله أن ينفع بها قارئها والدال عليها. وأستغفر الله من الذنوب ظاهرها وباطنها.
أخي اختي فالله :
أهنئك بقدوم هذا الشهر المبارك ، شهر التوبة والمغفرة والعتق من النار .. شهر الخير والبركة .. شهر الجود والإحسان .. وأقول لي ولك ولكل مقصِّر مع ربِّه:
يا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجب *** حتى عصى ربَّه في شهر شعبان
لقد أظلك شهرُ الصبر بعدهما *** فلا تصيِّر أيضاً شهرَ عصيان
واتل الكتاب وسبِّح فيه مجتهداً *** فإنه شهرُ تسبيحٍ وقرآن
أَقْبَلَ .. فَأَقْبِل .. يا باغي الخير
قال : {
إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صُفِّدَت الشياطين ومَرَدَة الجِن ، وغُلِّقَت أبواب النار فلم يُفتح منها باب ، وفُتِّحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب ، وينادي منادٍ : يا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر ، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليله } [رواه الترمذي وابن ماجه بسند حسن].
وعن أبي هريرة أن النبي صعد المنبر فقال : {
آمين ، آمين ، آمين } فقيل : يا رسول الله ، إنك صعدت المنبر فقلت : {
آمين ، آمين ، آمين } ؟ فقال : {
إن جبرائيل عليه السلام أتاني فقال : من أدركه شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله قل آمين ، فقلت آمين } الحديث [رواه أحمد وهو صحيح].
نعم .. أقبل رمضان ، فأقبل على ربك - الذي عصيته - متضرعاً خاشعاً نادماً باكياً .. وقل:
يا إله الكون إني راجع...
ويا واهبَ الخيرات هبْ لي هداية *** فما عند فقدان الهداية نافع
أقل عثرتي عفواً ولطفاً ورحمة *** فما لجميل الصفح غيرك صانع
أخي اختي إنْ لم يُغفر لك ، وتذرف عيناك ، وينكسر قلبك أمام ربك في هذا الشهر .. فمتى إذن ؟
أخي اختي ... ألا ذرفت عينك من خشية ربك ولو مرة واحدة ؟ ألا تشعر أن قلبك قريب من ربك في هذا الشهر ؟ ألا تظن أنها فرصة لك لتزداد قرباً وخشوعاً ... وإنابة وخضوعاً ؟ وتكون بداية صادقة في الرجوع إلى الله تزداد بها صلة بالله ؟
وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ [محمد:17]
يا أيها الإنسان
ها هو الله سبحانه يعاتبنا فيقول :
يَاأَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ [الانفطار:6]. نعم أيها الإنسان ما الذي غرَّك بربك حتى تجرَّأت على معصيته وتعديت حدوده ؟ أهو تجاهل لنعمته ؟! أم نسيان لرقابته وعظمته ؟!
أنا الذي أغلق الأبوابَ مجتهداً *** على المعاصي وعينُ الله تنظرني
ما أحلمَ الله عني حين أمهلني *** وقد تماديت في ذنبي ويسترني
أخي اختي .. لا تنظر إلى صغر الخطيئة .. ولكن انظر إلى عظمة من عصيت. أخي .. لا تجعل الله أهون الناظرين إليك.
لك بشرى
ها أنا أقدم لك بشرى من ربك تعالى ورسوله . قال تعالى :
قُلْ يَاعِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [ الزمر:53]. وقال :
وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68)
يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69)
إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [ الفرقان:68-70].
يا له من فضل عظيم ، ويا له من مكسب كبير ، يبدل الله جميع سيئاتك حسنات ... الله أكبر ! إنه لا يفرط في هذا المكسب إلا جاهل أو زاهد في الفضل.
إذن فتب - أخي اختي - إن أردت هذا المكسب العظيم : يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ . ثم استمع إلى ما قاله حبيبك تشجيعاً للتوبة : {
لله أشد فرحاً بتوبة عبده ... } الحديث [متفق عليه].
وقال : { قال الله تعالى :
يا ابن آدم ، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أُبالي ، يا ابن آدم ، لو بَلَغَت ذنوبك عَنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أُبالي }.
وقال : { يقول الله تعالى :
يا عبادي ، إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم }.
وقال : {
إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها }.
وعندما رأي رسول الله امرأة تبحث عن ولدها في السبي فلما رأته احتضنته وألقمته ثديها ، فقال : {
أترون هذه ملقية ولدها في النار ؟ } قالوا : لا ، قال : {
لله أرحم بعباده من هذه بولدها }.
الله أكبر .. هل بعد هذا الفضل نتقاعس عن التوبة ؟!! هل بعد هذا الجود نسوِّف في التوبة ؟! اللهم سبحانك ما أرحمك ، سبحانك ما ألطفك ، سبحانك ما أجودك.
ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي *** جعلت الرجا مني لعفوك سُلما
تعاظمني ذنبي فلما قرنته *** بعفوك ربِّي كان عفوُكَ أعظما
فما زلت غفاراً عن الذنب لم تزل *** تجود وتعفو منةً وتكرما
الروابط المفضلة