ترك خالد زوجته حنان دون معيل أو مصدر رزق ، كانت تعمل بالخياطة وتحاول قدر استطاعتها تأمين الحياة الكريمة لابنتها عبير وابن زوجها عماد ، كانت تحب عماد حبا جما ، حتى أنها اسمت نفسها ام عماد ، ولم يدرك أحد أن عماد هذا ليس ابنها ...
كانت امرأة أمية ، لكنها كانت تتابع دراسة عماد ، تأمره أن ينسخ الدرس أكثر من مرة حتى يحفظه ، وقد كان عماد شعلة من الذكاء والجمال ، كان يطيع امه ويفعل ما تأمره به ، حتى أنها كانت أحيانا توبخه لأنه لم يرسم حرفا كما هو بالكتاب – امرأة أمية لا تعرف الأحرف فتتوقع ان يرسم طفلها الحرف كما هو بالكتاب ...
ومع ضيق الحال والأوضاع المادية وزواج حنان من رجل آخر ، وضعت عماد في مدرسة داخلية يديرها مجموعة من النصارى .... وابنتها في مدرسة داخلية خاصة بالبنات ... كانت ترى ابنها بين الفترة والأخرى ، خاصة أنها انتقلت للعيش بالأردن مع زوجها ، لكن الحدود لم تكن كما هو الحال الآن فكانت تزورهم كلما شدها الشوق لهم ، يمكننا القول يوميا لأنها كانت حزينة على بعدها عنهم ...
أما عماد ، فقد كان متفوقا في داسته يحبه مديره ومعلماته النصارى ، لكنه كان يعاني كما يعاني كل الطلاب في المدارس الداخلية في ذلك الوقت :
وهذه بعض الأحداث التي كان يرويها عماد :
في أحد الأيام حرم الأطفال من وجبة العشاء لسبب لم يعرفوه ، فحاول هو ومن معه التسلل للمطبخ لكنهم لم يفلحوا ، فباتوا جائعين بطونهم الصغيرة تصدر أصواتا تطالب بالطعام ، إلا ان المعلمة المسؤولة لم يرق قلبها لحالهم ، وفي اليوم التالي حرموا من وجبة الإفطار ( كان المسؤولين قاسين وما في بقلبهم رحمة ) ، وكانت حنان منقذة عماد وأصدقائه ، إذ زارته في صبيحة ذلك اليوم وأعطته مالا يكفي لشراء ( كعكة ) من كعك القدس ، وهو كعك بتتميز فيه مخابز القدس ، مقرمش من الخارج ، وطري كالخبز من الداخل ومغطى بالسمسم ... كان عماد يحب هذا الكعك ، وما أن أخذ المال من أمه حنان حتى ركض ليشتري كعكة وما أن وصل وقبل أن يتقاسمها مع زملائه رأته المعلمة وأخذتها منه.... يقول عماد ، أخدت الكعكة وأكلتها .... ( حسبي الله عليها )
موقف آخر : جمعوا الطلاب وألبسوهم أفضل الملابس لاستقبال أحد الرؤوس المهمة التي تتبرع لهم ، وفعلا حصلوا على التبرعات ، أموال ، طعام ، وملابس ، هجم عليها الأطفال فرحين لكن المسؤولين أخذوا يضربونهم ويبعدونهم عنها واستولوا على المساعدات التي لم ير الطلاب منها شيئا ... بل كانو يطبخون لهم ما لا يؤكل حتى أن عماد لم يكن يطيق الأكل وخاصة الملوخية ، الملفوف ، القرنبيط ، فقد كان يرى في أطباق هذه الخضار دودا يسير في الطبق اعزكم الله .... وطالما أصيب بامراض معوية ...
لكن ما كان يؤثر في عماد خاصة عندما كبر ، هو الوضع الديني هناك ، إذ يذكر أنه بلغ ال8 أو ال9 من عمره وهو لا يدرك شيئاً عن الصيام والصلاة ، ومرة من المرات كان يمر أمام مدرسة غير مدرسته يمسك بيده (ساندوشاً ) يأكله فسمع ضحكا من الطلاب وخرج له المعلم موبخا : شو هادا يا ولد ، مش عارف انو الدنيا رمضان والناس صايمة ، يعني مفطر وبتاكل بالطريق ....
هنا صدم عماد ، ولم يعرف بم يجيب ، حتى أنه لم يكمل طعامه ، في اليوم التالي وبعد أن سأل شيخا في المسجد الأقصى وفهم منه ماذا يعني صيام ورمضان ، قرر أن يصوم ، لكنه تلقى توبيخا من معلمته وكانت النتيجة أنه لن يأكل في موعد غير الموعد المقرر للوجبات ، فلم يكن له مفر من الإفطار في رمضان في تلك الأيام التي يضعف بها جسده الضعيف ....
في المرة القادمة إن شاء الله ساتكلم عن عماد ، وتعرفه على والده ...
الروابط المفضلة