نكمل التفسير بارك الله فيكم
نفس ما يبق من الاخت عبير
الايات (111-115)
الآيات ( البقره 111 : 113 )
يبين تعالى إغترار اليهود والنصارى بما هم فيه حيث ادعت كل طائفة من اليهود والنصارى أنه لن يدخل الجنة إلا من كان على ملتها .... فأكذبهم الله تعالى بما أخبرهم أنه معذبهم بذنوبهم ولو كانوا كما ادعوا لما كان الأمر كذلك وكما تقدم من دعواهم أنه لن تمسهم النار إلا أياما معدودة ثم ينتقلون إلى الجنة ورد عليهم تعالى في ذلك وهكذا قال لهم في هذه الدعوى التي ادعوها بلا دليل ولا حجة ولا بينة فقال ( تلك أمانيهم ) وقال أبو العالية أماني تمنوها على الله بغير حق وكذا قال قتادة والربيع بن أنس ثم قال تعالى ( قل ) أي يامحمد ( هاتوا برهانكم ) قال أبو العالية ومجاهد والسدي والربيع بن أنس حجتكم وقال قتادة بينتكم على ذلك ( إن كنتم صادقين ) أي فيما تدعونه ثم قال تعالى ( بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن ) أي من أخلص العمل لله وحده لا شريك له كما قال تعالى ( فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن ) الآية وقال أبو العالية والربيع ( بلى من أسلم وجهه لله ) يقول من أخلص لله وقال سعيد بن جبير ( بلى من أسلم ) أخلص ( وجهه ) قال دينه ( وهو محسن ) أي اتبع فيه الرسول صلى الله عليه وسلم فإن للعمل المتقبل شرطين أحدهما أن يكون خالصا لله وحده والآخر أن يكون صوابا موافقا للشريعة فمتى كان خالصا ولم يكن صوابا لم يتقبل ..........
وقال في هذه الآية الكريمة ( بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن ) وقوله ( فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) ضمن لهم تعالى على ذلك تحصيل الأجور وآمنهم مما يخافونه من المحذور ( فلا خوف عليهم ) فيما يستقبلونه ( ولا هم يحزنون ) على ما مضى مما يتركونه كما قال سعيد بن جبير ( فلا خوف عليهم ) يعني في الآخرة ( ولا هم يحزنون ) يعني لا يحزنون للموت وقوله تعالى ( وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب ) بين به تعالى تناقضهم وتباغضهم وتعاديهم وتعاندهم كما قال محمد بن إسحاق حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس قال لما قدم أهل نجران من النصارى على رسول الله صلى الله عليه وسلم أتتهم أحبار يهود فتنازعوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رافع بن حرملة ما أنتم على شيء وكفر بعيسى وبالإنجيل وقال رجل من أهل نجران من النصارى لليهود ما أنتم على شيء وجحد نبوة موسى وكفر بالتوراة فأنزل الله في ذلك من قولهما ( وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب ) قال إن كلا يتلو في كتابه تصديق من كفر به أن يكفر اليهود بعيسى وعندهم التوراة فيها ما أخذ الله عليهم على لسان موسى بالتصديق بعيسى وفي الإنجيل ما جاء به عيسى بتصديق موسى وما جاء من التوراة من عند الله وكل يكفر بما في يد صاحبه وقال مجاهد في تفسير هذه الآية قد كانت أوائل اليهود والنصارى على شيء .........
ولهذا قال تعالى ( وهم يتلون الكتاب ) أي وهم يعلمون شريعة التوراة والإنجيل كل منهما قد كانت مشروعة في وقت ولكنهم تجاحدوا فيما بينهم عنادا وكفرا ومقابلة للفاسد وبالفاسد كما تقدم عن ابن عباس ومجاهد وقتادة في الرواية الأولى عنه في تفسيرها والله أعلم وقوله ( كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم ) بين بهذا جهل اليهود والنصارى فيما تقابلوا به من القول وهذا من باب الإيماء والإشارة وقد اختلف فيمن عنى بقوله تعالى ( الذين لا يعلمون ) فقال الربيع بن أنس وقتادة ( كذلك قال الذين لا يعلمون ) قالا وقالت النصارى مثل قول اليهود وقيلهم وقال ابن جريج قلت لعطاء من هؤلاء الذين لا يعلمون قال أمم كانت قبل اليهود والنصارى وقبل التوراة والإنجيل وقال السدى كذلك ( قال الذين لا يعلمون ) فهم العرب قالوا ليس محمد على شيء واختار أبو جعفر بن جرير أنها عامة تصليح للجميع وليس ثم دليل قاطع يعين واحدا من هذه الأقوال والحمل على الجميع أولى والله أعلم وقوله تعالى ( فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ) أى أنه تعالى يجمع بينهم يوم المعاد ويفصل بينهم بقضائه العدل الذى لا يجور فيه ولا يظلم مثقال ذرة .......
الآيات ( البقره 114 )
الفسرون فى المراد من الذين منعوا مساجد الله وسعوا فى خرابها على قولين أحدهما ما رواه العوفي فى تفسيره عن ابن عباس في قوله ( ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه ) قال هم النصارى وقال مجاهد هم النصارى كانوا يطرحون فى بيت المقدس الأذى ويمنعون الناس أن يصلوا فيه وقال عبد الرزاق أخبرنا معمر عن قتادة فى قوله ( وسعى فى خرابها ) قال هو بختنصر وأصحابه خرب بيت المقدس وأعانه على ذلك النصارى وقال سعيد عن قتادة قال أولئك أعداء الله النصارى حملهم بغض اليهود على أن أعانوا بختنصر البابلي المجوسي على تخريب بيت المقدس وقال السدي كانوا ظاهروا بختنصر على خراب بيت المقدس حتى خربه وأمر أن تطرح فيه الجيف وإنما أعانه الروم على خرابه من أجل أن بني إسرائيل قتلوا يحيى بن زكريا وروي نحوه عن الحسن البصري.........
يتبع ...............
الروابط المفضلة