ابتسامة الدموع



استيقظت مها مبكرة على غير عادتها منذ أن تخرجت..ملأت البيت بضحكاتها المرحة..تشاكس هذا وتمازح تلك..فاليوم يوم سعادتها..يوم تتويج تعبها ومعاناتها لخمس سنوات مضت..اليوم هو حفل تخرجها..

تناولت فطورها سريعا و لبست ملابسها..ثم خرجت من المنزل وهي تقول لأمها: لا تنسي أن تأتي على الموعد..الساعة الخامسة تماما تكوني في القاعة..أرجوك يا أمي لا تنسي..

ضحكت أمها وقالت: ما بكِ يا مها؟!..هذه المرة العشرين التي تذكريني فيها بالموعد..لا تقلقي يا حبيبتي سنكون في القاعة قبل الموعد إن شاء الله وسنشاهدك وأنتِ تُكرّمين ونصفق لكِ ..هيا هيا اذهبي كي لا تتأخري..


الساعة الآن الخامسة تماما..كل شيء جاهز لبدء الاحتفال..الذي حرصت الجامعة أن يخرج بحلة متميزة تُدخل البهجة والسرور على قلوب الطالبات وذويهم..وحتى يُحفر هذا اليوم في ذاكرتهم فلا ينسوه أبداً..


افتُتِح الاحتفال بآياتٍ عطرة من القرآن الكريم..ثم بدأ عريف الحفل يتلو أسماء الطالبات الخريجات؛ ليتسلمنّ شهادة التخرج من رئيس الجامعة..في هذا الوقت لم تكن مها تعي أو تسمع شيئا مما يدور حولها..فقد رحلت بعيدا بخيالها وأفكارها..سافرت إلى خمس سنوات مضت..خمس محطات من حياتها عاشتها بحلوها ومرّها..بمعاناتها وأفراحها..خمس سنوات عرفت فيهنّ قيمة العلم والتعلم..وتعلمت معنى أن يكون لديك هدف تسعى وتناضل من أجل تحقيقه بكل صبرٍ وإرادة..فذاقت في سبيل ذلك طعم الفشل مرات وطعم النجاح مرات..كان شعارها الذي تردده دائما..إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا..ومن طلب العلا سهر الليالي..لطالما حلمت أن تصبح مهندسة..وليست كأي مهندسة..بل تكون مثال المهندسة المسلمة..الملتزمة بحجابها..المتميزة بتفوقها..وها قد جاء اليوم الذي تحصد فيه ما زرعت طوال تلك السنين..

أفاقت مها على صوت عريف الحفل: الطالبة مها محمود من كلية الهندسة..فقامت لتستلم شهادتها..وفي طريقها إلى المنصة ألقت نظرة على المكان الذي تجلس فيه عائلتها..ها هي أمي وتلك أختي وعمتي وخالاتي..كلهم يبكون دموع الفرح والسعادة..حتى الطفلة الصغيرة ابنة أختي تبكي لبكائهم وتمسح دموع أمها بيدها الصغيرة..ابتسمتْ لهم..فردت عليها عيونهم المغرورقة بالدموع بأجمل ابتسامة رأتها عيناها..

بقلم الحبيبة/Ghadeer