نعم أمي سورية ؟!
ألحظ الاستنكار في وجوه البعض .. والحمد لله أنهن البعض
ولكن يظل الأمر مزعجا أن تمري لتصطدم بك فتاة أو أخرى وتسألك وبطريقة عابرة:
أمك سورية ؟
ليس هذا ما أدهشني .. ربما لأن الملامح لا تحمل شيئا من بلاد الشام .. وربما هو عامل المفاجأة
ولكن الذي أدهشني تلك الفتاة التي قالت :
( على الأقل أبوك سعودي .. وشكلك بعد ! )
على الأقل !! ... استعجبت جدا منها .. نظرت إليها غير مدركة فلحد الآن لم أفهم سبب كل تلك الاستفسارات
وحتى صديقتي .. أ ترانا حقا لا نكبر ؟ لا نعقل ؟ لا نعلم !!
صديقتي منذ أيام المدرسة .. حملت صوتها إلي يوما أسلاك الهاتف وهاهي تزور جامعتنا في ذلك اليوم ..
الذي صادف أنه آخر يوم من اختباراتي .. كنا نعد لحفلة .. لتكريم فتاة منا كانت في منتهى التعاون طوال العام
وهناك وكعادة المتعارفين يطرحون الأسئلة ..
غادرنا الجامعة وقضينا معظم مشوارنا في العودة إلى المنزل نتكلم عن الموضوع ..
لن أقول ظننت .. فكثيرا ما أظن أمورا خاطئة ..
ولكن استنكاري محوره إسلامنا
أليس إسلامنا هو الذي قال ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم )
أو بعد كل شيء نقول أنا مسلمون؟
يا لعظم إسلامنا إذا !! إذا كنا لا نستطيع تطبيقه في صغائر الأمور ! ..
أ حقا يكفيني أن أصوم وأصلي و أحج و أدفع الزكاة لأكون مسلمة ! ..
وما معنى الإسلام من غير تطبيقه في (كل) شيء لا في (بعض) شيء !!
هذا الموضوع يرجعني إلى أيام قديمة .. (ذكرى صداقتنا) ..
أيام كنت فيها ابنة الثانية عشر وصديقتي تعرفت على شلتي ..
تعودنا أن نتجمع كل أربعاء في منزل فتاة منا .. و أخيرا وقع الدور عليها .
دعتنا وكانت سعيدة جدا .. ليس لأننا سنزورها فقط
ولكن لأننا صداقاتها الجديدة في هذه المنطقة فأبوها كان يعمل في جدة وكذلك كانت حياتها هناك ..
حتى جاء الأربعاء .. كنت قد مرضت .. واعتذرت لها في المدرسة أني قد لا آتي لمرضي ..
شغلتني أمور وعندما لاحظت الساعة كانت السادسة مساء والحفلة قد ابتدأت عند الرابعة ..
قلت لنفسي لأصلي ثم أذهب قليلا ..
أنهيت صلاتي وبعدها جاءتني مكالمة ... على الطرف الآخر كانت صديقتي ..
صوتها كان مختلفا ولم أعرف حينها أنها كانت تبكي ولكنها سألتني إن كنت سآتي وأجبتها أني قادمة
وصلت وتوقعت أن أتلقى مفاجأة عند باب المجلس ولكن المفاجأة كانت بالداخل .. لم يكن هناك أحد !
نعم .. لم يحضروا لزيارتها .. ولم يتعبوا أنفسهم بالاعتذار ..
جلست هي مع البوفية تنتظر وأحزنني الموضوع
بل وقتها شعرت بالألم و الكآبة .. وكرهت الناس جميعا !
تخيلت نفسي في مكانها وأعرف أنها كانت في أبهى حلتها ..
وربما قضت أمها فترة الظهر أو ليل أمس في الطبخ .. وهاهي تجلس مع الأطباق وحيدة
في المدرسة أيضا .. كان الموقف مشابها للجامعة رغم أنه يحمل قليلا من حرارة المراهقة حين قالوا :
أمك سورية وتتوقعين بنجي لبيتك ؟ .. ما نقدر
والأخرى تعبر كيف أن أخاها استهجن ذهابها لبيت فتاة غير سعودية مية بالمية !
لم أقوى وقتها على أن أرد ولم أفكر في الموضوع كثيرا ولكن اليوم ومع ما وصلت إليه من إدراك ..
أندهش أن بعض هذه العادات لا زال ساريا ..
وماذا يكون لو كانت أمها سورية ؟
ما يضحكني أكثر أن الفتاة التي تكلمت في ذلك اليوم كان خالها متزوجا من أمريكية ! ..
وابنة خالها جاكلين أو جاكي محبوبة جدا ! ..
أنظر إلى الحالتين وأستغرب .. نحن العرب لا تظهر نزعتنا القبلية إلا على أبناء جلدتنا ويا للأسف ..
يقتتل المسلمون فيما بينهم لأتفه الأسباب ..
كونها من سوريا لا يعيبها وليس شرط في الزواج أن يكونا من نفس البلد ..
ربما يكون أفضل لو كانا من جنسية واحدة لتزيد الألفة وتتقارب الطباع ولكن الأمر قد تم ..
وما نعيبه الآن هو ثمرة زواج شخصين ..
ويا ليت الجنسية تهم حقا ؟ ..
أخوتي حين نحشر يوم القيامة .. لن نحشر حسب بلادنا و لكن سنكون إما مسلمين أو غير ذلك ؟!
وإذا كنا نتكلم عن الوطنية فلتكن أختي وطنيتك إسلامية ..
لن أقول لكل من تنادي بفخر أنا سعودية .. لا تفعلي ذلك ..
ولكن قوليلي أخيتي : ما معنى السعودية بغير إسلام !
أو لو كانت دولتك غير مسلمة أناديتي بها بكل فخر وإعتزاز ؟
وأعتقد أن الجميع معي في أن الجواب حينها سيكون لا .. وطنيتي ليست لبلدي فقط ..
بل لبلدي الإسلامي شرعا ولغة وتفاهم .. وإلا فلا ..
الأوروبية المسلمة لن تنادي باسم بلدها بفخر لأن معظم قوانينه مسيحية إن لم تكن بشرية وضعية
وحينها لن تكون لهذه الأفكار ولا لهذا البلد أي صدى عندها ..
ربما ستحب بلدها وهذا أكيد ففيه ترعرعت وستحن لكثير من المناطق . ولنكن واقعيين ..
تلك المناطق ليست محصورة ببلدها وإنما بذكريات طفولتها ....
لقد وصلنا إلى اليوم الذي يكون فيه القابض على دينه كالقابض على الجمر .. اللهم ارحمنا واحفظنا باسلامنا
أخواتي
حال الإسلام لا يبشر اليوم خيرا .. لقد أصبحنا كـ ( مسلمين ) نحمل مزيجا من التناقضات ..
فها نحن نشابه الغرب .. ولو نظرنا لواقعنا بعين ترى لبكينا ألما ..
أختاه ليس هناك مانع من أن ترتدي ما تريدين .. تتكلمين وتتفوهين بما تريدين
ولكن ليكن لبسك إسلاميا .. ساترا لجميع البدن وليس ملاصقا لكل البدن ! ..
أختاه .. حافظي على حياءك .. وإن كنت تفتقدين إليه .. ادعي الحياء فالمسلمة حيية ..
أنظر اليوم إلى الفتيات فأرى العجب..
اختفت أيام الحياء من بيننا وأصبحت الفتاة جريئة وقحة .. و بالنسبة لي فقدت الفتاة جمالها ! ..
أصبحت سلعة تساوم عليها الألسن .. و لم يعد لها ثمن .. فقدت الفتاة أنوثتها .. رقتها الإلهية ..
فقدت عفاف خديجة بنت خويلد ..
طهر فاطمة بنت الرسول ...
فقدت الكثير من صفات تحلت بها نساء المؤمنين
وأصبحت صورة ليست طبق الأصل ولكن ( تقليد ) عن ( أختنا ) الأمريكية !
هذه حالنا ... جهلة وجاهلون ! ..
هذه كلمات كانت تضيق في نفسي .. فأحببت أن تشاركوني بعضها
اللهم احفظ لنا إسلامنا ..
( اللهم لا علم لي إلا ما علمتني سبحانك أنت الغفور الرحيم )
المحبة لكم / لميس
الروابط المفضلة