خرج الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومر بعجوزٍ

خزاعية ( أم معبد ) في خيمةٍ معها عنز

مكسورة في جانب الخيمة .

فقال لها : هل من لبن ؟

قالت : غنمنا خلوف ، وأبونا مع الغنم .

قال صلى الله عليه وسلم : إليّ بهذه العنز .

فضحكت العجوز وقالت : عنز مكسورة حائل .

قال صلى الله عليه وسلم : أحلبها .

فأخذ - صلى الله عليه وسلم - إناءً كبيرًا ، وقال :

بسم الله ، فحلب فحلبت ،

فملأ الإناء فأعطاه أبا بكر فشربه ، ثم ملأه فأعطى

العجوز وشربت ، ثم ملأه

فشرب صلى الله عليه وسلم ، ثم ملأه ، فجعله

عند العجوز فدُهشت ، وقالت :

ما هذا الكلام الذي تقول ؟

فتبسم - عليه الصلاة والسلام - وخرج .

يقول شاعر الجن يخبر أهل مكة ؛ لأنهم خرجوا تلك

الليلة يبحثون عنه صلى الله عليه وسلم ،

ولم يعرفوا أين ذهب ، بالرغم من أنهم جعلوا عليه

حصارًا عالميًا ، وغلقوا المنافذ ، وأعلنوا حالة

الطوارئ في مكة ، فيقول شاعر الجان من على جبل أبي قبيس ينشد :

جزى الله رب الناس خير جزائه=رفيقان حلا خيمتا أم معبدِ

هما نزلا بالغار وارتحلا به=فأسعد من أمسى رفيق محمدِ

فيال قصيِ مات والله عنكمو=به من فعال لاتجازى وسؤددِ

سلوا أختكم عن شاتها وإنائها=فإنكمو إن تسألوا الشاة تشهدِ

وعندما وصل صلى الله عليه وسلم المدينة توالت

معجزاته ، وفائدة عرض المعجزات عدة أمور منها:

1- يزداد إيمانك فتثبت في قلبك شجرة الإيمان ،

وأكثر ما يزداد الإيمان إذا عرضت معجزات

محمد - صلى الله عليه وسلم - فإنك تزداد إيمانًا

ورسوخًا كلما سمعت أخباره .

2- يزيد حبك للرسول صلى الله عليه وسلم حبّا

عظيمًا يشاغف القلب ، ويدخل إلى الروح .

نسينا في ودادك كل غالِ=فأنت اليوم أغلى ما لدينا

يقول عمر : " يا رسول الله - والحديث في البخاري

- والذي نفسي بيده إنك أحب إلي من أهلي

ومالي إلا من نفسي " .

قال صلى الله عليه وسلم : " لا يا عمر حتى أكون

أحب إليك من نفسك " .

قال : " والذي نفسي بيده - وهم إذا حلفوا صدقوا -

إنك أحب إليّ من نفسي وأهلي ومالي ".

قال صلى الله عليه وسلم : " الآن يا عمر ، الآن

اكتمل إيمانك " أو كما قال عليه الصلاة والسلام .

3- أن تعلم قدرة الواحد الأحد ، فالمعجزات من قدرة

الله سبحانه وتعالى .





منقول من كتاب ( السفينة )
لفضيلة الشيخ الدكتور عائض القرني . حفـظه الله