فرنسية باعت نفسها لله
نشأت الفرنسية كاترين في اسرة كاثوليكية متعصبة لدينها النصراني وكانا والداها متدينيين تدينا شديدا ولقد حرصا منذ صغرها على تلقينها وتعليمها اصول الدين النصراني في البيت وكانا يذهبان بها كل يوم احد الى الكنيسة وكانا يحفظانها الإنجيل ولم تكن تبلغ العاشر من عمرها حتى حفظت أكثره وكانت كاترين مطيعة تماما لوالديها في كل ما يفعلانه بها وكانت منذ طفولتها المبكرة مختلفة عن بقية قريناتها فقد كانت هادئة الطباع كثيرة الصمت بعيدة عن اللهو والعبث والمجون لقد كانت كاترين تشعر في داخلها برغبة عميقة في التدين تخرجت كاترين من ذلك المعهد الديني بتفوق وعلى الفور سارع والداها بالحاقها بدورة خاصة بالموهوبين لإعدادهم لتولي المركاز القيادية والمناصب المهمة أمضت كاترين في تللك الدورة 3سنوات ثم تخرجتمنها بتفوق وعرضت عليها عروض وظيفية مختلفة ولكنها اختارت الدعوة الى النصرانية فتم تعينها رئيسة لبعثة تنصيرية متوجهة الى افريقيا وبدات تلك الحملة التنصيرية تمارس نشاطاتها وتبث سمومها وافكارها بين الفقراء الأفارقة المسلمين تحت ستار تقديم المساعدات الإغاثية والمعونات الإنسانية للمنكوبين والفقراء ولقد كانت كاترين تبذل جهودا جبارة جدا في هذا المجال فقد كانت اول من يستيقظ من افراد البعثة التنصيرية قبل طلوع الفجر وكانت هي اخر من يعود في الليل الى مقر البعثة وكانت تعمل بحماس منقطع النظير ولقد تغير ملامحها كثيرا بفعل الجهد الشاق الذي تبذله وبعد مرور السنة تقريبا غادر جميع أفراد البعثة عائدين الى فرنسا في اجازة تستغرق 3 اشهر ولكن كاترين رفضت العودة معهم واصرت على البقاء في ذلك الأدغال الموحشة لتستمر في جهودها التنصيرية ورغم الحاح والدها ووالدتها الشديدين عليها عبر الهاتف والرسائل البريدية لكي تحضر اليهم ولكنها رفضت كل ذلك وضحت بسعادتها الأسرية والعائلية في سبيل هدفها الذي تسعى من اجل تحقيقه , وفي ذات مرة وصل الى اسماع كاترين ان وفدا من بعض الهيئات الخيرية الإسلامية يريد القيام بزيارة الى بعض القرى وحاولت كاترين منع تلك الزيارة بكل ما اوتيت من قوة وحيلة ولكنها لم تفلح في ذلك وتمت الزيارة وكانت الهيئة مكونا من ثلاثة اشخاص داعية مسلم من الهندفي منتصف العمر اسمه عبد القيوم واثنان من الأفارقة المسلمين وهنا احست كاترين ان مابنته في سنين وتحملت لأجله الغربة والمشقة يوشك على الانهيار والضياع فقررت ان تتخذ اجراءا حاسما حازما فقامت هي ومن معها بتهديد الوفد المسلم بالقتل ولكن الشيخ عبد القيوم تعامل مع الموقف بحكمة وحنكة فطلب مقابلة رئيس البعثة النصرانية وقد كانت كاترين فعرض عليها ان يجلس معها لمدة ساعة فوافقت كاترين على ذلك العرض واستفسر منها الشيخ عبد القيوم عن سبب عدائها للإسلام ولدعوته وامتدت الجلسة من بعد العشاء الى الفجرشرح فيها الشيخ لكاترين الصورة الحقيقية للإسلام وبين لها انه الدين الحق الذي لن تسعد الإنسانية الا به وصحح لها الصورة المشوهة التي رسمها الغربيون عن هذا الدين العظيم وما كاد نور الفجر يتنفس حتى كانت شمس الإسلام ونور الهداية قد اشرقا على قلب كاترين فانفجرت باكية حين سمعت آيات القرآن الكريم تتلى عليها واخذت تردد اريد ان اسلم هذا هو الدين الحق وبالفعل علمها الشيخ كيف تدخل الإسلام فاسلمت لله رب العالمين وغيرت اسمها الى اسماء ووصل خبر اسلامها الى افراد البعثة النصرانية الذين واجهوها به فاعترفت لهم باسلامها فهددوها بالقتل فقالت لهم افعلوا ماشتئم فانا لااخاف الا الله واكبت اسماء تتعلم دينها بكل حماسة وبجانب ذلك شرعت تدعو الى الله تعالى والى الإسلام وهدى الله على يديها الكثير من الناس ولسان حالها يقول لأكفرن عن كل لحظة قضيتها في الدعوة الى النصرانية ووصل الخبر الى مجلس البعثات التنصيرية فغضبوا لذلك اشد الغضب لا سيما وان كاترين من انشط الراهبات في عملها فقرروا ارسال مجموعة من القساوسة المناقشتها وردها الى الصواب او القبض عليها وارسالها الى فرنسا لتتم محكمتها هناك وسجنها ووصلت الأخبار الى الشيخ عبدالقيوم وأسماء بان القساوسة الصليبين سيصلون بعد ايام الى الأدغال الإفريقية واحس عبدالقيوم بالخطر الشديد الذي يتهدد هذه المؤمنة العائدة الى ربها فعرض عليها عبد القيوم ان يساعدها على الهرب الى اي بلد اخر ترغب في الذهاب اليه ولكن اسماء رفضت ذلك قائلة أأفر منهم وأنا على الحق ومه على الباطل ولكن الشيخ نجح في إقناعها بالهرب ولكن المشكلة انها كانت لاتعرف اين تذهب والى اين تهرب ولاكيف تتصرف وادرك الشيخ عبد القيوم ان من الخطا العظيم ترك فتاة شابة في مقتبل عمرها في عالم لاتهعرف عنه شيئا وهنا عرض عليها الشيخ ان يتزوجها ثم يهربان معا أي بلد مسلم ويعيشان هناك بسلام ووفقت أسماء فهي لن تجد زوجا افضل من هذا الرجل الصالح وفي اليوم التالي من الزواج سافرا الى بعض الأدغال البعيدة ومكثا فيها فترة من الزمن يدعوان الى الله تعالى وعاشا هناك حياة هانئة هاذئة ثم لما شعرا بأن خبرهما قد وصل الى مجلس البعثات التنصيرية وانهم ربما يقبضون عليهما بين ساعة وأخرى سارعا على السفر من تلك الأدغال الى بلد إفريقي عربي مسلم ليعيشا هناك بسلام ولكن لم يكد يمضي أسبوع على دخولهما لذلك البلدالعربي المسلم حتى ثم القبض عليهما وتم تسليمهما الى السلطات الفرنسية التي قامت بتسليمهما الى الكنيسة الفرنسية ليواجها المصير المجهول فأما الشيخ عبد القيوم فقد حبس فترة تقارب السنة تعرض خلالها لصور شتى من التعذيب الوحشي المرير ثم اطلقوا سراحه ورحلوه على الفور الى بلده, اما أسماء فقد حاولوا في البداية إقناعها بالرجوع عن الإسلام واحضروا لها كبار القساوية لمناقشتها فغلبتهم وخصمتهم فاستكبروا وعاندوا ثم احضروا لها والداها لعلها إذاراتهم ان ترق وتلين لهم ولكنها لم تتراجع عن دينها وإسلامها فانتقلوا الى اسلوب التهديد والترهيب فحبسوها في غرفة مظلمة ومارسوا معها ابشع صنوف التعذيب والوحشية حتى انهم لم يتركوا موضعا في جسدها إلا والدماء تنزف منه وهي مع كل ذلك صلبرة محتسبة قد فوضت امرها الى مولاها وكانت أسماء كلما اشتد عليها البلاء والعذاب تذكرت قدوتها العظيمة الصحابية سمية بنت خياط أم عمار رضي الله عنها التي كانت هي وزوجها وابنها يعذبون في رمضاء مكة فيمر عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم فيقول لهم صبرا آل فإنموعدكم الجنة ولقد كانت أسماء تتخيل دائما مشهد الصحابي الجليل بلال بن رباح رضي الله عنه يجر على رمضاء مكة في شدة الحر وتوضع الحجارة الثقيلة على صدره ليرجع عن إسلامه ودينه فكان يرددويقول أحد أحد , لقد كانت أسماء تتذكر دائما تلك الكلمات الخالدة التي قالها لها زوجها عبد القيوم حين راته لآخر مرة في حياتها حيث قال أسماء اصبري واحتسبي وقد لانلتقي بعد الآن في الدنيا ولكن الموعد جنات النعيم إن شاء الله وفي ذات صباح دخل احد الجلادين على غرفة اسماء ليبدا مهمته المعتادة في تعليقها بالسقف ثم ضربها بالسياط حتى يغمى عليها ولكنه جدها على غير عادتها نائمة في فرشها فركلها برجله الغليظة بقوة فلم تتحرك فكشف الغطاء عن وجهها فإذا عيناها شاخصتان فناداها وصرخ فيها بأعلىصوته فلم تجبه , لقد ماتتأسماء الفرنسية الطاهرة العفيفة التقية النقية لقد ماتت أسماء الفرنسية المؤمنة الصادقة الصابرة على البلاء بتأثير العذاب والتنكيل الوحشي الذي تعرضت له , لقد ذهبت الى ربها شهيدة إن شاء الله في سبيل الله عزوجل وتركت هذه الدنيا الفانية الزائلة لتصعد روحها الطاهرة الى جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر بإذن الله تعالى , لقد قدمت أسماء حياتها وروحها ثمنا لدينها الذي اعتنقته بصدق وإخلاص حين ذاقت حلاوة الإيمان وحين خالطت بشاشة الطاعة قلبها !! فرحمها الله رحمة واسعة.
منقول من كتاب نساء رباهن القرآن. بتصرف