بسم الله الرحمن الرحيم ،
الحمد لله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،
نكمل بإذن الله تعالى ما بدأناه من سلسلة الفقه الميسر ، ونعرض في هذا العدد إلى موضوع المسح على الخفين ، وفيه مسائل :
الأولى - الخف هو ما يلبس على الرجل من الجلود أو الصوف والقطن ونحوه مما يفيد الرجل التسخين .
الثانية- المسح على الخفين ثابت بالكتاب في قراءة الجر { وأرجلِكم إلى الكعبين } ، وبالسنة فقد تواتر عنه صلى الله عليه وسلم من حديث سبعين صحابياً ، كما ذكر الحسن البصري رحمه الله . كما انعقد إجماع الأمة على جوازه ، وقد خالف فيه بعض المبتدعة ، ولذا جاء ذكر المسح على الخفين في كتب الإيمان والعقيدة عند أهل السنة لإظهار هذا الشعار في وجه أهل البدع .
الثالثة - المسح على الخفين يجوز للمقيم يوماً وليلة ، وللمسافر ثلاثة أيام بلياليهن ، كما دل على ذلك حديث علي رضي الله عنه الذي أخرجه مسلم ، وحديث صفوان بن عسال .
ومدة المسح تبدأ من المسح بعد الحدث ، وصورته : لو أن إنساناً توضأ لصلاة الصبح ولبس خفيه ، ثم صلى الصبح وبقي على طهارته إلى صلاة الظهر ، ثم توضأ ومسح على الخف ، فهنا ابتدأت في حقه مدة المسح ، فإن كان مقيماً في بلده فله أن يمسح على خفيه يوماً وليلة ، وإن كان مسافراً مسح ثلاثة أيام بلياليهن .
الرابعة - شروط المسح على الخفين : يشترط للخف الممسوح عليه أن يكون مباحاً طاهراً ، والأحوط أن يكون ساتراً لمحل الفرض من الرجل ثابتاً بنفسه صفيقاً ،
كما يشترط المسح في المدة المحددة للمسافر وللمقيم . ويشترط المسح من الحدث الأصغر لا من الحدث الأكبر ، فلو أن إنساناً لبس خفيه على طهارة ثم أحدث حدثاً أصغر بنوم أو بغائط جاز له المسح ، فإن أحدث حدثاً أكبر كأن جامع أهله فإنه لا بد له من نزع الخف ،
ويدل عليه حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه .
كما يشترط أن يدخل رجليه طاهرتين من وضوء كامل ، كما دل عليه حديث المغيرة رضي الله عنه .
الخامسة - يدخل في حكم الخف الجوارب ( الشراب ) والأحذية ؛ لكونها ألبسة للرجل .
السادسة - مسائل تتعلق بالمسح على الخفين :
أولاً - من مسح في سفر ثم قدم بلده فإنه يتم مسح مقيم لا مسح مسافر .
ثانياً- من مسح في إقامته في بلده ثم سافر فله أن يتم مسح مسافر .
ثالثاً- لو توضأ ثم لبس الجوارب ( الشراب ) ثم مسح عليها في طهارة أخرى ، ولبس عليها الحذاء ، وأراد أن يمسح مرة أخرى لطهارة أخرى فله أن يمسح على الحذاء ، فإن مسح عليه ثم نزعه ، فالمدة باقية لتعلقها بالجوارب لا بالحذاء ،
رابعاً- يبطل المسح على الخفين بأمور :
انتهاء المدة أي مدة المسح ، وانتقاض الطهارة بحدث أكبر . أو خلع الخف الذي مسح عليه .
خامساً- انتهاء مدة المسح أو خلع الخف يبطل به المسح ولا تنتقض به الطهارة ،
مثاله : شخص مقيم مسح على خفه وانتهت مدة المسح في حقه يوماً وليلة لكنه لم يحدث فطهارته باقية ما لم ينقضها .
وكذا لو أن شخصاً توضأ ثم مسح على خفيه ثم خلعهما فإن المسح بطل في حقه وطهارته باقية لأنها لم تنتقض .
السابعة- إذا كانت العمامة على الرأس جاز المسح عليها ، وكذا يجوز المسح على الرأس إن كان ملبداً بحناء أو ما شابهه لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر عند الشيخين .
كما يجوز المسح على الجبيرة ، وهي ما وضع على موضع الطهارة لحاجة ، مثل الجبس على الكسر ، واللزقة على الجرح أو على ألم في الظهر ،،، فيجوز المسح عليها ، ولو من الحدث الأكبر ، وليس للمسح على الجبيرة أو للمسح على العمامة أو ما لبد به الرأس وقت محدد ، بل التحديد في مسح الخفين خاصة .
وهنا أنبه إلى خطأ بعض النساء اللاتي يضعن على أظفارهن ( المناكير ) ويتوضأن دون أن يزلنها مكتفيات بالمسح ، والمسح لا يكون إلا على ما ذكرناه لورود الدليل عليه . وقد كان صلى الله عليه وسلم في سفر فذهب يتوضأ وكانت عليه جبة شامية فلما أراد أن يحسر عن ذراعيه لم يستطع ، فأخرج يديه من الجبة وغسلهما ، فلو كان المسح عليهما جائزاً لفعله ، فدل فعله صلى الله عليه وسلم على أن المسح لا يكون إلا في الرأس والرجل والجبيرة للحاجة .
والله تعالى أعلم ، وللسلسة بقية ،،،