الفتاة البدينة التي في المرآة
.
.


ثمانية أشهر مضت الآن على آخر مرة رأيت فيها تلك الفتاة البدينة ذات الوجه الشاحب ، ولا أظن أني أرغب في رؤيتها مجددا، فلقد كانت قد احتلت الجانب الآخر من مرآة غرفتي لثلاثة عشرة سنة تقريبا! فما أسعدني برحيلها مؤخرا!
دعوني أحدثكم عنها قليلا.. لقد كانت شديدة الشحوب لدرجة إنه كان يخيل إلي إنها مريضة بأحد الأمراض المزمنة، والذي أدى بدوره إلى جعلها قليلة الحراك كالنساء المسنات على الرغم من صغر سنها.. صدقوني فأنا لا أحاول أن أبالغ في وصفها لكم أبدا، ولكنها كانت حقا تبدو كما لو أنها في الخمسين من العمر بدلا من العشرين ! كنت نادرا ما أراها مبتسمة فلقد كانت عابسة الوجه في أغلب الأحيان، لم أكن أتعجب من هذا الأمر فلقد استشففت حزنها الدائم، والنابع من شعورها بعدم الرضا عن نفسها طوال السنين الماضية، فلا عجب إن لا تجد للسعادة سبيلا!. لقد كان خجلها الشديد أمرا لا يطاق أبدا، فكلما قدم أحد الزائرين أقفلت باب غرفتها بإحكام على نفسها حتى يذهب بسبب خجلها الشديد من شكل جسدها، لقد كانت تخشى الظهور أمام الآخرين لأنها كانت تدرك إنها ببدانتها المفرطة تلفت انتباه جميع ممن حولها إليها. في الحقيقة كانت كثيرا ما تشعرني بالسأم لأنها كانت تطيل الجلوس في الغرفة لساعات طويلة دونما عمل تنجزه..لقد كنت أكرها كثيرا! أجل! هذا صحيح، لقد كنت أكرها بشدة وكم تمنيت أن ترحل و تختفي و لا تعود مجددا!..و لحسن طالعي تحققت أمنيتي! لقد رحلت منذ ثمانية أشهر تقريبا و اختفت معالم وجودها كما لو أنها لم تكن تعيش في ذلك الجانب الآخر من المرآة...
هنالك أمر آخر أود أن أطلعكم به أيضا! منذ شهر واحد أو اثنان أو ثلاث، لا أعلم متى حدث هذا بالتحديد؟ إلا إنني بدأت أتعجب من أمر الشابة الجذابة ذات الابتسامة المفعمة بالثقة التي أراها واقفة أمامي لثوان معدودات من صباح كل يوم لتطير بعد ذلك بخفة الفراشة خارج الغرفة كلما نظرت إلى مرآة غرفتي..إنها حقا مذهلة!


مع محبتي
سيدة القلوب