بسم الله الرحمن الرحيم

يا ريت تشرح لى لماذا انقسمت الاحزاب الاسلاميه فى مصر ؟؟
أختى الفاضلة إن إنقسام الأحزاب الإسلامية فى مصر
أصله يرجع إلى إختلاف المفاهيم فى الفقه الإسلامى
خاصة فقه المعاملات و فقه الواقع بمعنى السياسة

و لمزيد من التوضيح لابد من تعريف الاحزاب الاسلامية
او بالمعنى الاصح الجماعات الاسلامية و افكارها التى تنتسب الى الدين عامة
و الى فقه الواقع خاصة

و حتى نشرح هذا الاختلاف لابد من شرح افكار الاحزاب و الجماعات

و نبدأ بجماعة الاخوان المسلمين

حيث أنها الجماعة الام التى انبثقت منها كل الجماعات المعاصرة
جماعة الاخوان المسلمين كانت حركة فى الاصل دعوية
و ليس لها علاقة بالسياسة ثم تطورت بعدما ازداد اعداد منتسبيها و اصبحت تنخرط فى الحياة السياسية
و كانت لهذه الجماعة اليد الطولى فى حرب 48 ايام الاسلحة الفاسدة
و بعد انتهاء الحرب اخذت الجماعة بشكل اخر فى التوغل فى السياسة
بمقتل زعيمها الشيخ حسن البنا رحمه الله

ثم خرجت الجماعات الإخرى بخروج البعض من جماعة الاخوان المسلمين
كالشيخ محمد رشيد رضا و الشيخ محب الدين الخطيب صاحب كتاب الخطوط الفاصلة
و بخروج هذان العالمان الكبيران


دفعهم لتأسيس الدعوة السلفية
اى فهم الكتاب و السنه على منهج السلف الصالح و ابتعدوا عن السياسة
و تركوها لجماعة الاخوان المسلمين

ثم خرجت الجماعة الاسلامية و جماعة الجهاد و التبيلغ و الدعوة
من رحم الدعوة السلفية و سبب خروج هؤلاء من رحم الدعوة السلفية
هو الفهم من النصوص الشرعية التى تتحمل هذا الاختلاف

بمعنى اوضح كل من هؤلاء فهم النص الشرعى عن طريق الاجتهاد
و اخذ برأيه هو بغض النظر عن مخالفة الاخرين
و كل منهم ظن انه على الحق و غيره على غير الحق

و هذا سبب النشئة و اصل الاختلاف

ثم اخذ طورا اخر الا و هو استقرار كل صاحب دعوة الى دعوته
و استقطاب اكبر عدد من المنتسبين لها

و تتميز جماعة الاخوان المسلمين
بحسن التنظيم و العمل الممنهج و الغاء رأى الفرد و تغليب رأى الجماعة

اما الجماعة السلفية
فهى تمتاز هى الاخرى بالدعوة الى كتاب الله و سنة رسوله
فدعت الناس الى الانكباب على العلم الشرعى و ترك الحياة السياسية

اما الجماعة الاسلامية و جماعة الجهاد
انشغلوا بإعداد المقاتلين و المجاهدين و بمسألة تكفير الحاكم و الانقضاض على السلطة
و غرهم فى ذلك اتفاقية كامب ديفيد مع السادات و اسرائيل
التى من اجلها باع السادات كل غالى و نفيس لاتمام الصفقة مع الكيان الصهيونى
و حبس معظم المصريين من الكتاب و الادباء و السياسين
و الاسلاميين بشكل عام
فأغتظات تلك الجماعات و اعتبروا ان السادات كافر و يجب تغيره بالقوة
حتى اواخر التسعينات

اما جماعة التبيلغ و الدعوة
فهى منذ انشئت و هى مستمرة على الدعوة فى سبيل الله
و لم تتغير كثيرا

أظن ان ما عرضته لك سبب كاف
لأن تفترق هذه الجماعات و تنقسم لإن كل جماعة منهم تظن انها على الحق
فى قسم المعاملات و فقه الواقع
لكن بخصوص اصل الدين فلا يوجد خلاف فى الاعتقاد الا فى بعض الامور الصغيرة
التى ليس هذا المقام مقامها


وعلى اى اثاث نضع ثقتنا ؟

نضع ثقتنا فيما نراه منهم
انه يتناول المواضيع السياسية التى تسمى بفقه الواقع
يعنى اذا رايتى جماعة الاخوان المسلمين هى الاحسن فى ادارة الشئون السياسية فبها و نعمة
و اذا رأيتى الجماعة السلفية هى الاحسن فبها و نعمة
و كذلك الباقين من التيار الاسلامى

نحن نتحدث عن إختلاف فى فقه الواقع
و إنزال النصوص الشرعية على الحياة السياسية



وكيف نفرق بين الانتقادت التى تحدث بين الاحزاب الاسلاميه ؟
أما بخصوص الانتقادات
هذا شئ طبيعى فى السياسة نحن نتقد اى فصيل سياسى
صاحب خلفية اسلامية او غير اسلامية
مع العلم انه من الممكن ان يكون الصواب فى مسألة سياسية ما مع حزب من غير ذوى المرجعية الاسلامية
لإن الانتقاد سياسى بالاصل
يعنى إذا أحسنوا قبلنا إحسانهم و إذا أسائوا رددنا عليهم إسائتهم
بإنهم لا يمثلون الدين و لكن يمثلون أرائهم السياسية من وجهة نظرهم
و لفهمهم للنصوص الشرعية


وليه مفيش مبادره لتوحيد الصفوف الاسلاميه ليه مش قادرين نعملها ؟؟
أختى أنتى تطلبين المستحيل بذاته
لإن الصحابة رضى الله عنهم إختلفوا فى فهمهم للنصوص الشرعية
فى عصر النبى و بعد عصر النبى
و لم ينكروا على انفسهم الاختلاف بل وصل حد الاختلاف الى الاقتتال
كما حدث فى موقعة الجمل مع العلم ان سبب الخلاف فى هذه المعركة كان سياسياً بالاصل
و قتل بعضهم بعضاً

و فى حياة النبى صلى الله عليه و سلم
قال من كان يؤمن بالله و اليوم الاخر ليصلين العصر فى بنى قريظة
و كان الوقت قريبا من العصر
و اختلف الصحابة فى فهم هذا النص الذى يبدو فى ظاهره انه سهل
و لكن الصحابة اختلفوا في فهمه
فمنهم من قال نأخذ النص على ظاهره و نصلى العصر فى بنى قريظة
حتى ان وصلنا بعد صلاة العشاء
و قال الاخرون نحن ندرك وقت الصلاة و نصليها فى وقتها
و نجد فى السير
و بعدما انتهت هذه المشكلة وصل الاختلاف الى النبى صلى الله عليه و سلم
و لم يفعل شيئاً
بل سكوت النبى صلى الله عليه وسلم اوجد اختلافاً اكبر منه
عند التابعين و تابعى التابعين الى يومنا هذا
و هذه سنة الاختلاف

نحن بشر و لسنا الالات تعمل
كل منا يفهم و يجتهد و يأخذ بإجتهاده و لا يلزم غيره بهذا الاجتهاد
و الله عز وجل سيحاسب الجميع

و هو أيضا قضى فى كتابه
و لا يزالون مختلفين الا من رحم ربك و لذلك خلقهم



وهل الاحزاب الاسلاميه مش قادره تشوف حالة الانقسام التى اصبح بها الشارع المصرى بسبب انقسامهم ؟؟
طبعا الاحزاب الاسلامية تشاهد و تدرك حجم هذا الانقسام
و تخبط الناس فى الفهم و السبب فى ذلك ان الناس اصلا
لم يكونوا مهتمين بالسياسة و لا بالاحزاب و بالجماعات

و من الغريب ان تجدى بعض المذيعين و الاعلاميين
لا يعرفون شيئاً عن السلفيين و معلوماتهم مشوشة عن الجماعة الاسلامية و جماعة الجهاد
و هذا الاعلام الذى نظن انه يعرف كل شئ فما بالك بعوام الناس

و لكن مع مرور الوقت و مع تواجد هذه الجماعات و تأثرهم و تأثيرهم فى المجتمع
هل يظلوا على نفس المواقف من اختلاف و انقسام ام سيتحدوا و يكونوا جسدا واحدا
و لا يتعرض للزوال كما حدث لمن قبلهم من فرق و جماعات

و كما قال الله عز وجل اما ما ينفع الناس فيمكث فى الارض .


//


الحلول العملية لمن أصابتهم الحيرة و التردد
و عدم الثقة و عدم القدرة على معرفة الصواب من الخطأ

1- أن يعرف أن أصل الاختلاف هو سياسى او فقه الواقع
فلا يغضب و لا يتأثر

2- لا يعطى الاحزاب تفويض على بياض
اى إذا أحسنوا تبعناهم و إذا أسائوا رددنا عليهم إسائتهم

3- حينما يذهب الى صناديق الاقتراع يعلم تماما من سيعطى صوته
و ما هو برنامج المرشح
سواء كان المرشح على الرئاسة او المجلس النيابى او المجلس المحلى

4- إذا تعذر عليه معرفة هذه الاشياء
أن يسأل أهل الثقة ممن يحبهم و يحترمهم
فيأخذ برأيه و يستريح

5- بخصوص الاعلام فنصيحتى للجميع
لا يعتمدوا على الاعلام الفاسد الذى ملئ مصر فلا يأخذ منه أى معلومة
بل لا يتابعه أصلاً و سيجد فى قلبه حلاوة الايمان و طمأنينة الصدر
فإن هؤلاء الاعلاميين الكاذبين الفاسدين
يمشون خلف من يعطيهم أكثر فالراحة كل الراحة فى البعد عنهم
و عما يقدمونه فهذه نصيحة غالية جدا و جربيها مدة 15 يوما

6- إذا تشبث معكى الاخرين برأيهم و حضوكى على ما وصلوا إليه من فهم
أنصحك تجنب هؤلاء و الجدال معهم فإن الجدال كله شر

7- أن يتسع صدر الانسان مع من يخالفه الراى بوجه عام

8- أن يدرك الانسان منا أنه يعمل لدينه و بلده بإخلاص و حب و يتوكل على الله
و لا ينتظر النتائج فإن الامر كله بيد الله عز وجل

9- أن يتحلى الانسان بالصبر و ان يحلم على من لم يفهم
عسى ان يفهم يوما ما

10- ان ندعوا الله جميعاً أن يصلح أحوال أنفسنا أولاً
و بلادنا و حكامنا و ان نحسن الظن بإخواننا المخالفين لنا فى الراى


و بهذا أرجوا أن اكون قد وفقت فى الاجابة على ما طرحتيه
على من أسئلة و هذا كل ما لدى

فإن وفقت فمن الله و ان أخطأت فمن نفسى و الشيطان
فأنا لا أمثل أحدا و لا أنتسب الى اى جماعة مما ذكرتهم و لا غيرهم

منهجى هو الكتاب و السنة بفهم سلف الامة هذا ما أدين لله به


و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته



,,