هذهِ قِصّةُ رسالَةٍ بعثَتها أُمَّةٌ ضَلَّتْ إلى رَجُلٍ كانَ –وَحْدَهُ- أُمَّةً ..
وَأرسَلَتها قُلوبٌ ضَعُفَتْ ، إلى رَجُلٍ كانَ قَلْبُهُ –وَحْدَهُ- سَدّاً في وَجْهِ الأعداء ..
فحاوَلَ مُرْسِلوها التزويرَ وقَصدوا التَوْرِيَةَ وما عَلِموا حُكْمها في ذلك ..
فقالوا :
لا تَقْلَقْ
لا تقلق صلاح الدّينِ
فَأمّتُكَ لَمْ تَفْقِدْ بَعْدُ قُواها
لَمْ تنحنِ لِغَيرِ خالِقِها
لَمْ تُهمِل قَطُّ عَقيدَتَها
لن تنسى أبداً رَجُلاً
بِكُلِّ شجاعَةٍ وعَدْلٍ احتواها

لا تقلق
هي آلَةٌ تَحيكُ خُيوطَ الصَّبْرِ
تُطَرِّزُ أملاً
تَصْنَعُ بُسُطاً
تَفْرِدُها تَسْتَذكِرُ ذِكْراها

لا تقلق
القُدسُ آلَت إلى خَيْرِ مآلْ
لَو تَسْمَع ما يُقالُ فيها
لو تَسْمَع فقط ما يُقالْ !!
لَو تَسْمَع كَمْ قَصيدَةً نُظِمَت بِمساجِدِها
كَمْ خَبَراً يُتْلى عنها كُلَّ صباحٍ
لو ترى ما آلَتْ إليهِ قُراها !!

لا تقلق
مساجِدُها جنائنُ مَفْتوحَةٌ أبوابُها
يَدْخُلُها الغادي والرّائحْ !!
وساحاتُها لِتَدريبِنا العَسْكَريّ مَسارحْ !!
تَراها عامِرَةً بكلِّ الأجناسِ
يُصَلّونَ ويسجُدونَ لربٍّ
رَفَعَ السماءَ بِغَير عَمَدٍ
وَبَسَطَ الأرضَ فَسَوّاها !!

لا تقلق
عصاةُ اللهِ لَيسَ لَهم بيننا مكانْ
يَنْظرونَ للقُدْسِ خِلْسَةً ... وَبِحَسْرَةٍ
لا تقلق .. لَمْ يُدَنِّسْ أقصانا منهُم أيُّ إنسانْ
وإذا مَرَّ أحَدُهُم بِجانِبِ القُدسِ اكتفى
فَرَفَعَ يَدَهُ وَحيّاها !!

لا تقلق
فالدنيا بعدَك في أحْسَنِ حالْ
لَمْ يَعْلُ صُعلوكٌ ولَمْ يُعدَمْ بَطَلٌ
فالخيرُ فينا لا يزال !!
لا جِياعَ في أمَّتِنا ولا عطشى !!
ولا يُذِلُّ أحَدُنا نَفْسَهُ بالسؤالْ
فـ "البترول" يُغْرِقُ أرضَنا
وَوُلاةُ أمورِنا بالذّهبِ يَغْرَقون
وَنحنُ بنفائسِ الدُّنيا أُغْرِقْنا
لا يَشْغَلُنا غَير العبادة
لم يتْرُكْ أحدُنا دعاءً إلا دعاهُ
ولَمْ يَسمَعْ بصلاةٍ إلا صلاها

وكان أن فاضَ بهمْ هَمُّهُمْ ، وأحزَنَتهُم أنفُسُهم حَدَّ الضّيقِ والطَّيشِ ،
فَنَطَقَتْ ألسِنَتُهُم – دونَ أن تكونَ لَهُم عليها سُلْطَةٌ - بالحَريقِ فَكانَ الحَقّ .. !!
لا تقلق صلاح الدين
لا نناديكَ كُلَّ ساعَةٍ لأمْرٍ هامّ
هوَ شَوقٌ لِبَطَلٍ مثلك
جاهدَ ، حاربَ
وغيرَ نُصْرَةِ دينِهِ ما رامْ
هُوَ شَوق لبطلٍ غابَ عن أمَّتِنا
وَلَم يُولَدْ بَعْدَهُ رَجُلٌ إلا صاحَ وناحَ ضياعَ القدسِ
ورثى لِنَفْسِهِ وبَكاها ...

وما وَصَلَني أَثَرُ تِلْكَ الرِّسالَةِ ،
وإنْ كُنْتُ قَدْ أخُطُّ مِليارَ عَبْرَةٍ ذَرَفها صلاحُ الدِّين
سَخطاً على مليار مُسْلِمٍ ،
ما أنا سوى عَبْرَةٍ واحِدَةٍ مِنْها