إن التفاؤل من الصفات الحميدة التي كان يحبها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن التفاؤل من آثار حسن الظن في الله، والرجاء فيه، وتوقع الخير بما يسمعه من الكلم الصالح، الحسن الطيب...

تعريف التفاؤل

مرادف للتيمن و هو مأخوذ من اليمن أي البركة و البشارة و أصله من اليمين ضدّ اليسار ..


وقيل ايضا:ضدّ الطّيرة وجمع الفأل: فئول، وتفاءلت به والفأل: أن يكون الرّجل مريضا فيسمع آخر يقول: يا سالم، أو يكون طالب ضالّة فيسمع آخر يقول: يا واجد فيقول: تفاءلت بكذا، ويتوجه له في ظنّه كما سمع أنّه يبرأ من مرضه أو يجد ضالّته. والفأل يكون فيما يحسن وفيما يسوء.


التفاؤل فى القرآن

التفاؤل للمؤمن صفة من صفاته ونعت من نعوته, يلازمه فى حله ولا يفارقه فى ترحاله.

قال تعالى :على لسان نبيه يعقوب عليه السلام:*ولا تيأسوا من روح الله انه لاييأس من روح الله الا القوم الكافرون*


يقول ابن كثير فى تفسير الاية ((وأمرهم ان لا ييئسوا من روح الله .اى:لايقطعوا رجاءهم وأملهم من الله فيما يرمونه ويقصدونه,فانه لا يقطع الرجاء ولا ييئس من روح الله الا القوم الكافرون))

وقال سبحانه وتعالى على لسان خليله إبراهيم عليه السلام:﴿ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ﴾

فالقلب الندى بالايمان,المتصل بالرحمن لاييئس ولا يقنط مهما احاطت به الشدائد, ومهما ادلهمت حوله الخطوب .


التفاؤل فى السنة

كان صلى الله عليه وسلم يدعو الى التفاؤل ,ويغرس الأمل فى نفوس أصحابه قولا وعملا .

وكان صلى الله عليه وسلم يطلق للأمل عنانه وللتفاؤل حبله وهو فى غربة وشدة


ويبلغ الفأل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم مبلغاً كبيراً وهو يرى المحن والشدائد تتوالى عليه من الأعداء فأهل مكة يؤذونه وأهل الطائف يطردونه، ومع ذلك يعلن ثقته بخالقه في أحلك الظروف وأقساها فعند رجوعه من الطائف قال
: (له زيد بن حارثة كيف تدخل عليهم يا رسول الله وقد أخرجوك فقال يا زيد إن الله جاعل لما ترى مخرجا وفرجا وإن الله مظهر دينه وناصر نبيه).

وعن ثوبان رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ان الله زوى لى الارض فرأيت مشارقها ومغاربها ,وان أمتي سيبلغ ملكها الى ما زوي لى منها) رواه مسلم

وعن ابى بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (بشر هذه الامة بالسناء والدين والرفعة والتمكين في الأرض ، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب ) رواه أحمد فما اعظمها من امال , ولا عجب من تفاؤل رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو الحق ويوحى اليه بالحق


صور من تفائل الرسول صلى الله عليه وسلم

عندما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مع أبو بكر الصديق رضي الله عنه وتبعهم سراقة بن مالك وغاصت قدما فرساه في التراب فقال له الرسول( إني أرى معك سواري كسرى )تفائل الرسول بإسلام سراقة وبأنه سيأخذ سوران من سواري كسرى.



وذكر فى قصة الأخشيبن عندما قال أحد الملائكة للرسول لو شئت لأطبقن عليهم الأخشبين فقال الرسول صلى الله عليه وسلم (لا لعل الله أن يظهر منهم من يعبد الله وحده لايشرك به شيئا)


النبى يغرس الامل

يمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بال ياسر وهم يعذبون بمكة من قبل كفار قريش فيطلقها كلمة خالدة تبقى بقاء الدنيا:((صبرا ال ياسر فان موعدكم الجنة )) رواه الحاكم

ويسهم صلى الله عليه وسلم يوم الخندق حينما اعترضت صخرة عظيمة طريق المسلمين , أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم المعول وضرب به ثلاث ضربات , وفتح باب الأمل للصحابة في انتصار الإسلام , قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحُدّثْت عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيّ ، أَنّهُ قَالَ ضَرَبْت فِي نَاحِيَةٍ مِنْ الْخَنْدَقِ ، فَغَلُظَتْ عَلَيّ صَخْرَةٌ وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَرِيبٌ مِنّي ؛ فَلَمّا رَآنِي أَضْرِبُ وَرَأَى شِدّةَ الْمَكَانِ عَلَيّ نَزَلَ فَأَخَذَ الْمِعْوَلَ مِنْ يَدِي ، فَضَرَبَ بِهِ ضَرْبَةً لَمَعَتْ تَحْتَ الْمِعْوَلِ بُرْقَةٌ قَالَ ثُمّ ضَرَبَ بِهِ ضَرْبَةً أُخْرَى ، فَلَمَعَتْ تَحْتَهُ بُرْقَةٌ أُخْرَى ؛ قَالَ ثُمّ ضَرَبَ بِهِ الثّالِثَةَ فَلَمَعَتْ تَحْتَهُ بُرْقَةٌ أُخْرَى . قَالَ قُلْت : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمّي يَا رَسُولَ اللّهِ مَا هَذَا الّذِي رَأَيْت لَمَعَ تَحْتَ الْمِعْوَلِ وَأَنْتَ تَضْرِبُ ؟ قَالَ أَوَقَدْ رَأَيْت ذَلِكَ يَا سَلْمَانُ ؟ قَالَ قُلْت : نَعَمْ قَالَ أَمّا الْأُولَى فَإِنّ اللّهَ فَتَحَ عَلَيّ بِهَا الْيَمَنَ ؛ وَأَمّا الثّانِيَةُ فَإِنّ اللّهَ فَتَحَ عَلَيّ بِهَا الشّامَ وَالْمَغْرِبَ وَأَمّا الثّالِثَةُ فَإِنّ اللّهَ فَتَحَ عَلَيّ بِهَا الْمَشْرِقَ قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي مَنْ لَا أَتّهِمُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّهُ كَانَ يَقُولُ حِينَ فُتِحَتْ هَذِهِ الْأَمْصَارُ فِي زَمَانِ عُمَرَ وَزَمَانِ عُثْمَانَ وَمَا بَعْدَهُ افْتَتِحُوا مَا بَدَا لَكُمْ فَوَاَلّذِي نَفْسِي أَبِي هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ مَا افْتَتَحْتُمْ مِنْ مَدِينَةٍ وَلَا تَفْتَتِحُونَهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إلّا وَقَدْ أَعْطَى اللّهُ سُبْحَانَهُ مُحَمّدًا صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَفَاتِيحَهَا قَبْلَ ذَلِكَ

وفي الختام نسأل الله أن نكون من المتفائلين دائماً