رسالة إلى..
إلى أبي

أمسكت ريف بالقلم وجرته جراً لتخط هذه الحروف ودموعها تغالبها ولا
تجد سبيلاً لمنعها من الانحدار على وجنتي البراءة:
إلى أبى
أريدك أن تسمعني دون أن أتكلم
وتفهمني دون أن أتألم
أريدك أن تداوي جراحي التي تنزف وآهاتي التي تئن بين ضلوعي
سأبدأكلامي بلا مقدمات...
سأحيل مشكلتي إلى عبارات بعد أن كانت عبرات...
سأجعلها أحرفاً بعد أن كانت دموعاً...
مشكلتي أنك مشكلتي...
سامحك الله يا أبي
ألم تفكر بنا لحظة استمتاعك بعيداً عنا؟!
أم قلبك قاسي كالصخر؟!
لقد تعودت أنا على الحرمان منك وتعودت على البعد عنك...ولكن!
ارحم قلب هذا الصغير.لاتنظر له على أنه ولدك انظر إليه على أنه مجرد طفل يحب أباه ماذا سيكون حاله إذا فقده؟!
والله لو فقده سيكون أهون عليه من أن ينتظر ويشتاق كل يوم بلا فائدة...
إذا علم أنه توفي سينقطع أمله بعد فترة وتهدأنفسه بعد حزن.
وارحم قلب زوجتك الأم المسكينة ارحم ضعفها ولو بالسنين التي بينكما إنك لم ترها وهي تغالب دموعها الطاهرة لتسقط عل وجنتيها فتحفر أخاديد من حرقتها ولم ترها وهي تزين صورتك أمامنا وتجعل لك الأعذار وتحثنا على الدعوة لك بالهداية ولم ترها وهي تبذل النفس والنفيس لأجلنا وهذا النوع من الأمهات أصبح في عصرنا نادراً كالألماس حقاً!هي نعم الأم.
وارحم أولادك الشباب إنهم في مرحلة حرجة من عمرهم يدخل الشيطان فيها عليهم من كل باب،على من سيستندون وإلى من سيشتكون وعلى من سيعتمدون ومن من سيتعلمون
لقد بذلت المسكينة ما بوسعها ولقد حان الأن دورك
إنهم أصبحوا رجالاً يحتاجون رجلاً يفهمهم فكيف سيتعلمون من امرأة؟!
إل متى ستبقى لاهِ وغافل عنهم؟!
إلى متى ستبقى على هذه الحال؟!
وارحم قلب وحيدتك المسكينة فقد تبلد شعورها نحوك لم تعد تعلم أتحبك هي أو...!
وارحم قلب أم زوجتك هذه الجدة التي تساعد ابنتها بكل ما تملك فلم تجعلها تحتاج لأحد في حياتها وبعد مماتها،هاهي قد توفيت وهي على حال ابنتها الصغرى وأبنائها متحسرة وقلبها محترق ولكن بلا اعتراض على قضاء الله.
والله لو أنك رأيت هذه الحال في بيت من بيةت الكفار وأبناء القردة وا لخنازير لرق قلبك له وبذلت ما بوسعك لمساعتهم.
أبي أقولها لك بكل صراحة:
إني أصبحت أكره مالك وأعمالك أصحابك وأصدقائك زوجتك وبناتك اللاتي لن أسمح لأحد أن يضمني إليهم فأنا وحيدتك وسأبقى كذلك إلى أن يأخذ الله أمانتي.
أنا لاأطالبك بأن تبقى بيننا طوال الوقت.
أريد منك فقط أن تعطي كل ذي حق حقه.
أما سمعت قول الرسول صلى الله علي وسلم:"كلكم راع وكلكم مسؤل عن رعيته".
هذه أمانة حملتها وستسئل عنها يوم القيامة.
بماذا ستجيب إذا سألك الله عن ابنتك لم انحرفت؟!وابنك لم سرق؟!
إذا لم تكن قادر على تحمل المسؤلية لم أخترتها؟!
ولا أملك إلا أن أقول:حسبي الله ونعم الوكيل على تلك المنحطة السافلة الحقيرة التي بنت سعادتها وبناتها على أنقاض سعادتي وأمي وإخواني.
هل تتوقع أن أبنائك في هذه السن الحرجة يتصورونك الأب المثالي الأب العظيم الأب الرائع الأب الــ...
إنهم يتصورونك كما يتصورون أي إنسان لاتسمع عنه من الناس إلا شراً...
وفي الختام:
أدعوا لأمي بأن يجزيها خير الجزاء ويرفع درجتها عنده ويكرم نزلها ويعزها ويعوضها في أبنائها خيراً إنه على ذلك قدير.
وأدعوا لإخواني بأن يوفقهم الله ويأخذ بأيديهم ويدلهم على طريق الخير ويبعد عنهم رفاق وطرق السوء ويعلي منازلهم في الدنيا والاخرة
وأدعوا لجدتي بأن يغفر الله لها ويرفع منزلها في الجنة منع النبيين والصديقين والشهداء ويحسن إليها كما أحسنت إلينا.
أما أنت يا أبي فسامحك الله وهداك للحق.
اللهم أره الحق حقاً وأرزقه اتباعه وأره الباطل باطلاً وارزقه اجتنابه.