بسم الله الرحمن الرحيم
طِفتُ في دَفترِ حياتي القصيرِ ِ بَحثاً عن صفحةٍ طُويت ..
فَاحَ منها شَذى
السعادةِ وأريجُها الدائم ..
فمَا اهتَديتُ لآثارِها من بينِ السطور ...
ولا أرشدني إليها قبسٌ مَسْطور !
هَا صفحةٌ نقشتُها .. ظَننتُ [ المال ] فيها ..
شمسُ سَعادةٍ لا تغيب
و أنَّ الغِنَى بالمال ِ سَيُجهضُ كلَّ همٍّ
حَملتهُ الأيام و ساقَتهُ الأزمان !
فنشَدتُ فيهِ سعادتي .. ويالبؤسي
فمَا هَو إلَّا أنْ زارني الملل .. و رافقَهُ ظلامُ السَأَم ْ
فما أَشْعلتْ لي القصور والزينة .. ولا الذهبُ ولا الدنانير
نورٌ تَلَمسَهُ الخافقُ لهفةً .. وَ عطشتْ إليهِ الروحُ تَوْقاً !
وذا صَفحةٌ أخرى ... رَسمتُ مَلامِحي عليها
و صَوَّرتُ صورتي فيها .. غُروراً و جهالة
أنَّ أبوابَ السعادةَ سَتفتحُ أمامَ
[ جمالي ] !
و أنَّ غمامةَ الحُزن لن تعود تُضللُّ أيامي !!
فَما هي إلاَّ و قَدْ أمطرتني غمًّا ..
أَغرقَ الجِنَانَ مني قلقاً و خوفاً
فأخمدتْ فيَّ كلُّ شُعاعٍ للفرحْ
و مَزقتْ رياحُ عَواصِفها ..
شِفاهً كانت للبسمةِ رَاغبة
ولونتها بِغُبارِ التَّرح .
و قدْ تُهْتُ و ضاقتْ بي وما عَرفْتها ...
حتى اهتديتُ إلى بابٍ من أبوابها
و عَثَرتُ على مُفتاحٍ من مفاتيحها
إذْ صَدَحَ في الكَونِ .. نِدآءُ [ اللهُ أكبر ] ..
حتى هامت النفسُ إلى خالقها ..
فما أنْ تَعَفرتِ الجِباهُ سُجوداً
حتى إستَطْعمت لذةَ المناجاة َ و القُربْ
و ذاقت حَلاوة الرَاحة و الطَمأنينة ..
فكانت » صلاتي « .. بَلسماً يَغمرُ روحي
بالسَكينةِ المَفقودة
و السعادة الضائعة ..
بعدَ أن تَوهمتُها سَراباً
و كانت دواءاً أَسْكَنَ إضطرابَ نَفسي ..
و أزالَ عنها مَرارةَ القَلقِ و الضياع
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حبب إلى من دنياكم : النساء والطيب ،
وجعلت قرة عيني في الصلاة "
[ صحيح الجامع الصغير ] .
ويقول ابن القيم ( أما الصلاة فشأنها في تفريح القلب وتقويته ،
وشرحه ، وابتهاجه ولذته أكبر شأن ، وفيها من اتصال القلب والروح بالله ،
وقربه والتنعم بذكره ، والابتهاج بمناجاته ، والوقوف بين يديه ،
واستعمال جميع البدن وقواه وآلاته في عبوديته ،
وإعطاء كل عضو حظه منها ، واشتغاله عن التعلق بالخلق
وملابستهم ومحاورتهم ، وانجذاب قوى قلبه وجوارحه
إلى ربه وفاطره ، وراحته من عدوه حالة الصلاة –
ما صارت به من أكبر الأدوية والمفرحات
والأغذية التي لا تلائم إلا القلوب الصحيحة .
وأما القلوب العلية ، فهي كالأبدان العليلة
لا تناسبها الأغذية الفاضلة .
فمَا أَعْجبُ ما رَأيتُ فيها من نورِ
إنشِراحِ الصَدرْ
و نَعِيم ٌ آنَسَ القلبَ حينَ أَقْبلتُ إليه .
فيا أحبتي هَلاَّ إحتفظتُمْ بهذا المُفتاح بين أيديكُم
عن الضياع ...
فالصلاة إنما هي جَنةٌ للرُوحِ
تَرْتعُ في نعيمها ..
عندَ السجُود قُرْباً للإلهِ و طَاعةً ..
و هي سِراجُ اليقين الـ يُضيءُ القلوب
وراحةُ المُتعَبين .. و نَبعٌ زُلالٌ للعَطاشى التائهين
و شِفاءٌ لِعِللِ النفوس
و بابٌ الدُخولِ للمحرومين إلى دار الأفراح الأبديةِ
و حياةِ السَعادة السَرمَديَّة .
.
دمتمُ في سَعادة .
الروابط المفضلة